فصل: من الآيات الكونية في القرآن الكريم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد احتار المفسرون في شرح دلالة التعبيرين القرآنيين: {السماوات والأرض ومابينهما}، و{السماء والأرض ومابينهما} فمنهم من قال: إنها دلالة على أن جميع الموجودات هي من خلق الله تعالى، وملك يمينه، وتحت قهره، وسلطانه، لأن الله تعالي هو المالك لكل شيء، ومنهم من قال: إن هذا النص يشير إلي سائر أجرام السماء من نجوم وكواكب وأقمار وأتربة كونية، وغازات وطاقات يتألف الكون منها، ومنهم من مر بها في صمت ودون أدني تعليق، ولكن هناك آيتين من آيات القرآن الحكيم تلقيان الضوء علي دلالة هذا النص القرآني المعجز {السماوات والأرض وما بينهما}، أو {السماء والأرض وما بينهما} في الأولي منهما يقول ربنا تبارك وتعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وماأنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دآبة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون} [البقرة:164].
ومن هذه الآية الكريمة يتضح أن السحاب هو مما بين السماء والأرض.
وفي الآية الثانية يقول ربنا تبارك وتعالى: {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله علي كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} [الطلاق:12].
ومن هذه الآية الكريمة يفهم أن هناك مسافات بينية تفصل كل سماء عن التي تليها، كما تفصل كل أرض عن التي تليها، وتفصل كلا من السماء الدنيا، وباقي السماوات السبع عن الأرض، ولايتأتي ذلك إلا إذا كانت الأرض في مركز السماوات.
ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «سبحان الله عدد ما خلق في السماء، سبحان الله عدد ما خلق في الأرض، سبحان الله عدد ما خلق بينهما، سبحان الله عدد ما هو خالق».
وقوله صلى الله عليه وسلم: «أطت السماء أطا، وحق لها أن تئط...، ما من أربع أصابع إلا وفيها ملك قائم أو راكع أو ساجد يعبد ربه....».
ما بين السماوات والأرض في العلوم المكتسبة تجمع العلوم المكتسبة على أن كلا من المادة والطاقة يملأ فسحة الكون بتركيز مختلف، لأن خلق كل من المكان والزمان، والمادة والطاقة قد تزامن مع عملية الانفجار العظيم (فتق الرتق)، فلا يمكن تصور مكان بلا زمان، ولا زمان بلا مكان، كما لايمكن تصور مكان وزمان بغير مادة وطاقة. فكل من المادة والطاقة يتكثف في مختلف أجرام السماء بتركيز مختلف، كما يوجد بكثافات قليلة ومتباينة بين كل جرم والآخر، وتحرك المادة والطاقة بين السماء الدنيا وأجرامها من الأمور الثابتة علميا، التي أكدتها الدراسات الفلكية، ومن أمثلتها تخلق النجوم من الدخان الكوني، وعودتها إليه بانفجارها في دورة حياة النجوم، ومن أمثلتها كذلك انتثار الكواكب وعودة مادتها إلي الغبار الكوني أو إلي الشهب والنيازك التي إما أن تحترق أو تتهاوي علي عدد من أجرام السماء.
وقد فصلنا في مقال سابق تركيب كل نطاق من نطق الغلاف الغازي للأرض، وتناقص تركيز كل من المادة والطاقة بالارتفاع فيه حتي يتداخل في تركيب الجزء الأسفل من السماء الدنيا مكونا خليطا من مادتهما لعله المقصود بالبينية الفاصلة بين الأرض والسماء الدنيا، وهذه المادة الفاصلة بين السماء والأرض تكونت باختلاط ما تصاعد من فوهات البراكين مع ما كان حول الأرض من مادة ما بين الكواكب فتكون الخليط المعروف باسم الغلاف الغازي للأرض وهو خليط مكون من مادة الأرض، ومادة السماء الدنيا فحق له أن يفصل بين كل منهما بوصف القرآن الكريم له بصفة البينية (السماء والأرض وما بينهما).
وأول نطق الغلاف الغازي للأرض هو نطاق الرجع أو نطاق التغيرات الجوية أو نطاق الطقس، ويمتد من مستوي سطح البحر إلي ارتفاح نحو 17 كيلومترا فوق خط الاستواء (ويتناقص هذا السمك إلي مابين 8، 6 كيلومترات فوق القطبين، ويختلف فوق مناطق العروض الوسطي باختلاف ظروفها الجوية فينكمش إلي ما دون السبعة كيلومترات في مناطق الضغط المنخفض ويتمدد إلى نحو 13 كيلومترا في مناطق الضغط المرتفع).
ويضم نطاق الرجع نحو ثلث كتلة الغلاف الغازي للأرض (66%)، وتتناقص درجة الحرارة فيه باستمرار مع الارتفاع حتي تصل إلي ستين درجة مئوية تحت الصفر فوق خط الاستواء، وذلك في قمة هذا النطاق المعروفة باسم مستوي الركود الجوي، ويتناقص عنده الضغط إلى نحو عشر قيمته عند سطح البحر.
وفي هذا النطاق يتكثف بخار الماء الصاعد من الأرض مكونا السحب، ومنها يهطل كل من المطر والبرد والثلج بإذن الله، وتحدث ظواهر الرعد والبرق، والعواصف، والدوامات وتيارات الحمل الهوائية، وغير ذلك من حركات الرياح، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: {والسحاب المسخر بين السماء والأرض} [البقرة:164].
وعلي ذلك فإن نطاق الرجع ومن فوقه بقية نطق الغلاف الغازي للأرض حتي حدود النطاق المغناطيسي يمثل فاصلا حقيقيا بين الأرض والسماء الدنيا، وسبق القرآن الكريم بالإشارة إلي هذه (البينية) من قبل ألف وأربعمائة سنة يعتبر ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في كتاب الله، لم يصل إليها علم البشر إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين.
الأهمية العلمية للتعبير القرآني السماوات والأرض ومابينهما إضافة إلي سبق القرآن الكريم بالإشارة في عشرين موضعا منه إلي (ما بين السماء والأرض) أو (ما بين السماوات والأرض)، وهو سبق علمي حقيقي لم تدركه العلوم المكتسبة إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين، فإن هذه الإشارة المعجزة تحوي من الحقائق العلمية ما يفوق هذا الكشف العلمي أهمية وجدارة، وذلك لأن أول ما يمكن استنتاجه من هذا النص القرآني هو توسط الأرض للسماء الدنيا وللسماوات السبع كلها، لأنها متطابقة يغلف الخارج منها الداخل، وهي حقيقة لايمكن للإنسان أن يصل إليها لأنه- على الرغم من تقدمه العلمي، والتقني المذهل- محدود بحدود حسه وعقله، وبحدود مكانه (أي وجوده على كوكب الأرض)، وبحدود زمانه أي عمره، ومن هنا فإن الإنسان لايستطيع أن يدرك من الكون إلا جزءا صغيرا من السماء الدنيا، وهذا الجزء الصغير ملئ بالغيوب من مثل الثقوب السود، المادة الداكنة، الكتل المفقودة، وغيرها مما يرغم علماء الفلك والفيزياء الفلكية علي الاعتراف بان أقصي مايمكن إدراكه في الجزء المشاهد من الكون لا يتعدي العشرة بالمائة من مجموع المادة والطاقة الموجودة فيه.
القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يؤكدان توسط الأرض للكون.
إن مقابلة القرآن الكريم (في مئات من آياته) للأرض مع السماء أو مع السماوات- علي ضآلة أبعاد الأرض بالنسبة إلي أبعاد السماوات- يؤكد أهمية موقع الأرض من الكون.
إن ذكر القرآن الكريم للنصين {السماوات والأرض وما بينهما}، و{السماء والأرض وما بينهما} في عشرين موضعا منه يؤكد مركزية الأرض من السماء الدنيا، ومن مجموع السماوات السبع، وذلك لأن هذه البينية لايمكن أن تتم لو لم تكن الأرض في مركز السماوات السبع.
ويؤكد ذلك جمع القرآن الكريم لأقطار السماوات والأرض في وصف واحد كما جاء في قول الحق تبارك وتعالى: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لاتنفذون إلا بسلطان} [الرحمن:33].
وذلك لأن قطر أي شكل هندسي هو الخط الواصل بين طرفيه، مرورا بمركزه، فإذا توحدت أقطار السماوات والأرض فمعني ذلك أن الأرض لابد وأن تكون في مركز الكون.
ويؤكد ماسبق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه مجاهد عنه بقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الحرم حرم مناء من السماوات السبع والأرضين السبع» أي في وضع متوسط منها، لأن الوصف مناء معناه قصده وعلى حذاه.
ومن أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت المعمور منا مكة أي في مقابلتها وبمحاذاتها.
ويروي كل من قتادة والسدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لأصحابه: «هل تدرون ما البيت المعمور؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنه مسجد في السماء السابعة بحيال الكعبة، لو خر لخر عليها، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم».
ويزيد ذلك تأكيدا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يروي عنه أنه قال فيه: «كانت الكعبة خشعة علي الماء، فدحيت منها الأرض، والخشعة هي أكمة متواضعة».
وتأتي أبحاث الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين (رحمه الله رحمة واسعة) لتؤكد توسط مكة لليابسة، فتبرز جانبا من جوانب التكريم المادي الملموس لهذا المكان الطيب الطاهر الذي فضله ربنا تبارك وتعالى علي كل أماكن الأرض فجعل فيه كعبته المشرفة أول بيت عبد الله فيه علي الأرض، وجعلها قبلة للمصلين حيثما كانوا، وللحج والعمرة للقادرين من المسلمين، ولو لمرة واحدة في العمر ليتعرضوا لبركات هذا المكان الذي جعل الله سبحانه وتعالى الصلاة فيه بمائة ألف صلاة كما أخبرنا الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم.
ويأتي العلم في أوج عطائه ليؤكد لنا توسط مكة ليابسة الأرض، وتأتي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكدة قيام موقع الكعبة المشرفة الذي هو أصل اليابسة علي حيال البيت المعمور في السماء السابعة، ويأتي القرآن الكريم مؤكدا توسط الأرض للسماوات السبع حتي تبقي الكعبة المشرفة مركز الكون بأسره، وهي حقيقة لايمكن للعلوم المكتسبة أن تصل إليها أبدا...!! فسبحان الذي خلق الأكوان وأنشأ نظمها بعلمه وجعل الكعبة مركزا لكونه...!!
وسبحان الذي أنزل القرآن، أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله، وتعهد بحفظه فحفظ بنفس لغة وحيه (اللغة العربية)، وحفظ حفظا كاملا: كلمة كلمة، وحرفا حرفا، وآية آية، وسورة سورة بنفس الترتيب الذي جمع به علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والموجود في بلايين المصاحف والاسطوانات والأشرطة الممغنطة، والذي نقل لنا متواترا عبر بلايين الصدور ولايزال يحفظ في البلايين منها وذلك خلال الألف والأربعمائة سنة الماضية، وإلي أن يرث الله تعالي الأرض ومن عليها...!
فالحمد لله منزل القرآن الكريم، والصلاة والسلام علي الرسول الخاتم الذي تلقاه، ونقله إلينا بأمانة، وعاش به... وله، فأقام أعظم دولة عرفها التاريخ، ولعل الله تعالي أن يعيننا على أن نعيد للقرآن الكريم دولته وسط الفوضي العالمية التي اجتاحت الأرض كلها في غيبة الاحتكام إلي شريعة الله...!! ووسط السقوط بين مخالب طواغيت الأرض....!!! وما ذلك علي الله بعزيز، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. محتوى الملفات المرفقة تم ترتيبه بمعرفة الدكتور زغلول النجار، وهو الذي أعطانا هذا الـ CD وفقه الله.
شبكة التفسير والدراسات القرآنية.

.من الآيات الكونية في القرآن الكريم:

بقلم الدكتور: زغلول النجار:
41776... السنة 125-العدد... 2001... ابريل... 23... 29 من محرم 1422 هـ... الإثنين في مطلع الحديث عن كتاب الله لابد من تحديد عدد من معالمه الثابتة التي منها أنه كلام الله المعجز، الموحي به إلي خاتم الأنبياء والمرسلين بلسان عربي مبين، والمنقول عنه (صلوات الله وسلامه عليه) نقلا متواترا بلا أدني شبهة، بنفس النص الذي نجده في المصاحف التي خطت أو طبعت علي مر العصور، ومسجلا في صدور الحفاظ جيلا بعد جيل، ومن ثم علي مختلف صور الأشرطة والاسطوانات الممغنطة، والذي نزلت آياته منجمة علي مدي ثلاث وعشرين سنة، وكتبت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الوحي بكل مجموعة منها مباشرة ثم رتبت تلك الآيات في مائة وأربع عشرة (114) سورة بتوقيف من الله سبحانه وتعالى الذي تعهد بحفظ آخر كتبه المنزلة فحفظه حفظا كاملا، بنفس اللغة التي نزل بها، كلمة كلمة، وحرفا حرفا، بينما تعرضت الكتب السماوية السابقة كلها إما للضياع التام، أو للتحريف والتبديل والتغيير، ولذلك فالقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يتعبد بتلاوته، والذي لاتصلح الصلاة الا بقراءة فاتحته وعدد من آياته، والذي لايغني عنه من الاحاديث أو الأذكار أو الأدعية شيء، لانه الوحي السماوي الوحيد الموجود بين أيدي الناس اليوم محفوظا بحفظ الله كلمة كلمة وحرفا حرفا بنفس اللغة التي أوحي بها وقدتحدي ربنا تبارك وتعالى كلا من الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن مجتمعين متظاهرين فقال عز من قائل: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء:88]. كما سخر ربنا تبارك وتعالى ممن ادعي من المشركين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد افتراه، وهو النبي الأمي الذي لايعرف القراءة أو الكتابة لحكمة يعلمها الله، فقد تحدي الله تعالي العرب علي ما كانوا عليه من علم بأسرار العربية وأسباب البلاغة- أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات، أو حتي بسورة من مثله، ولايزال هذا التحدي قائما دون أن يستطيع بشر مجابهته على الرغم من مضي أكثر من أربعة عشر قرنا علي مجئ التنزيل بقول الله تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا اله الا هو فهل انتم مسلمون} [هود:13 و14] وعلي قول الحق تبارك وتعالى: {وان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} [البقرة:23]. وقد عجزت القدرات البشرية، ولا تزال عاجزة عن أن تداني كتاب الله في روعة بيانه، أو في كمال صفاته، ودقة دلالاته، وصدق أنبائه، وسمو معانيه، وعدالة تشريعه، أو في نهجه وصياغته، وتمام أحاطته بطبائع النفس البشرية، وقدرته علي التعامل معها وهدايتها، ودقة استعراضه لمسيرة البشرية من لدن أبينا آدم (عليه السلام) إلي بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين (عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي التسليم) ومن هنا كان القول (بإعجاز القرآن).

.أوجه الإعجاز في القرآن الكريم:

تتعدد أوجه الإعجاز في كتاب الله بتعدد جوانب النظر فيه، فكل آية من آياته فيها اعجاز لفظي وبياني ودلالي، وكل مجموعة من الآيات، وكل سورة من السور طالت أم قصرت، بما فيها من قواعد عقدية، أو أوامر تعبدية، أو قيم أخلاقية، أو ضوابط سلوكية، أو إشارات علمية، إلي شيء من أشياء هذا الكون الفسيح ومافيه من ظواهر وكائنات، وكل تشريع، وكل قصة، وكل واقعة تاريخية، وكل وسيلة تربوية، وكل نبوءة مستقبلية، كل ذلك يفيض بجلال الربوبية، ويتميز عن كل صياغة انسانية ويشهد للقرآن بالتفرد كما يشهد بعجز الإنسان عن أن يأتي بشيء من مثله.
وقد أفاض المتحدثون عن أوجه الإعجاز في كتاب الله، وكان منهم من رأي ذلك في جمال بيانه، ودقة نظمه، وكمال بلاغته، أو في روعة معانيه وشمولها واتساقها ودقة صياغتها، وقدرتها علي مخاطبة الناس علي اختلاف مداركهم وأزمانهم، واشعاعها بجلال الربوبية في كل آية من آياته.
ومنهم من أدرك أن إعجاز القرآن في كمال تشريعه، ودقة تفاصيل ذلك التشريع وحكمته وشموله، أو في استعراضه الدقيق لمسيرة البشرية ولتاريخ عدد من الأمم السابقة من لدن أبينا آدم (عليه السلام) إلي خاتم الأنبياء والمرسلين (عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي السلام)، مما لم يكن يعلم تفاصيله أحد من الناس.
ومنهم من رأي إعجاز القرآن الكريم في منهجه التربوي الفريد، وأطره النفسية السامية والعلمية في نفس الوقت، والثابتة علي مر الأيام، أو في إنبائه بالغيب مما تحقق بعد نزوله بسنوات طويلة، أو في إشاراته إلي العديد من حقائق الكون وسنن الله فيه مما لم يكن معروفا لأحد من البشر وقت نزول القرآن ولالمئات من السنين بعد ذلك النزول، ومنهم من رأي إعجاز القرآن في صموده علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا لكل محاولات التحريف التي قامت بها قوي الشر المتعددة متمثلة في الكفرة والمشركين والملاحدة علي مدي تلك القرون العديدة وذلك لأن الله تعالي تعهد بحفظه فحفظ قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: آية 9] ومن العلماء من يري إعجاز القرآن في ذلك كله وفي غيره مما يقصر الحديث دونه.