فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الثاني: أنه أراد في الدنيا، وهو قول الجمهور؛ وفيه وجهان محتملان: أحدهما: إن أقمت على دين آبائي وعبادة آلهتي لأوتين مالًا وولدًا.
الثاني: ولو كنت على باطل لما أوتيت مالًا وولدًا.
قلت: قول الكلبي أشبه بظاهر الأحاديث، بل نصها يدل على ذلك؛ قال مسروق: سمعت خبّاب بن الأرتّ يقول: جئت العاص بن وائل السَّهْميّ أتقاضاه حقًا لي عنده. فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد. فقلت: لا حتى تموت ثم تبعث. قال: وإني لميت ثم مبعوث؟! فقلت: نعم. فقال: إن لي هناك مالًا وولدًا فأقضيك؛ فنزلت {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} الآية؛ قال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح.
قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الغيب} ألفه ألف استفهام لمجيء {أم} بعدها، ومعناه التوبيخ، وأصله أاطلع فحذفت الألف الثانية لأنها ألف وصل.
فإن قيل: فهلا أتوا بمدّة بعد الألف فقالوا: آطلع كما قالوا: {آلله خير} {ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ} [الأنعام: 143] قيل له: كان الأصل في هذا {أالله} {أالذكرين} فأبدلوا من الألف الثانية مدة ليفرقوا بين الاستفهام والخبر؛ وذلك أنهم لو قالوا: الله خير بلا مدّ لالتبس الاستفهام بالخبر، ولم يحتاجوا إلى هذه المدّة في قوله: {أطلع} لأن ألف الاستفهام مفتوحة وألف الخبر مكسورة، وذلك أنك تقول في الاستفهام: أطلع؟ أفترى؟ أصطفى؟ أستغفرت؟ بفتح الألف، وتقول في الخبر: اِطلع، اِفترى، اِصطفى، اِستغفرت لهم بالكسر، فجعلوا الفرق بالفتح والكسر ولم يحتاجوا إلى فرق آخر.
قوله تعالى: {كَلاَّ} ليس في النصف الأول ذكر {كلاّ} وإنما جاء ذكره في النصف الثاني. وهو يكون بمعنيين: أحدهما: بمعنى حقًّا. والثاني: بمعنى لا. فإذا كانت بمعنى حقًا جاز الوقف على ما قبله، ثم تبتدىء {كلا} أي حقًّا. وإذا كانت بمعنى لا، كان الوقف على {كلا} جائزًا، كما في هذه الآية؛ لأن المعنى: لا ليس الأمر كذا. ويجوز أن تقف على قوله: {عَهْدًا} وتبتدىء {كلا} أي حقًا {سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}. وكذا قوله تعالى: {لعلي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ} [المؤمنون: 100] يجوز الوقف على {كلا} وعلى {تركت}. وقوله: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ قَالَ كَلاَّ} [الشعراء: 14] الوقف على {كلا} لأن المعنى؛ لا وليس الأمر كما تظن {فاذهبا}. فليس للحق في هذا المعنى موضع.
وقال الفراء: {كلا} بمنزلة سوف لأنها صلة، وهي حرف ردّ فكأنها (نعم) و لا في الاكتفاء. قال: وإن جعلتها صلة لما بعدها لم تقف عليها؛ كقولك: كلاّ ورَبّ الكعبة؛ لا تقف على كلاّ؛ لأنه بمنزلة إي ورب الكعبة. قال الله تعالى: {كَلاَّ والقمر} [المدثر: 32] فالوقف على {كلاّ} قبيح لأنه صلة لليمين. وكان أبو جعفر محمد بن سعدان يقول في {كلا} مثل قول الفراء. وقال الأخفش: معنى كلا الردع والزجر. وقال أبو بكر بن الأنباري: وسمعت أبا العباس يقول: لا يوقف على {كلا} في جميع القرآن؛ لأنها جواب والفائدة تقع فيما بعدها.
والقول الأول هو قول أهل التفسير.
قوله تعالى: {سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} أي سنحفظ عليه قوله فنجازيه به في الآخرة. {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدًّا} أي سنزيده عذابًا فوق عذاب. {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} أي نسلبه ما أعطيناه في الدنيا من مال وولد.
وقال ابن عباس وغيره: أي نرثه المال والولد بعد إهلاكنا إياه.
وقيل: نحرمه ما تمناه في الآخرة من مال وولد، ونجعله لغيره من المسلمين.
{وَيَأْتِينَا فَرْدًا} أي منفردًا لا مال له ولا ولد ولا عشيرة تنصره.
قوله تعالى: {واتخذوا مِن دُونِ الله آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزًّا} يعني مشركي قريش. و{عِزًّا} معناه أعوانًا ومنعة؛ يعني أولادًا. والعِزّ المطر الجُودُ أيضًا؛ قاله الهروي. وظاهر الكلام أن {عِزًّا} راجع إلى الآلهة التي عبدوها من دون الله. ووحد لأنه بمعنى المصدر؛ أي لينالوا بها العز ويمتنعون بها من عذاب الله؛ فقال الله تعالى: {كَلاَّ} أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا بل يكفرون بعبادتهم؛ أي ينكرون أنهم عبدوا الأصنام، أو تجحد الآلهة عبادة المشركين لها؛ كما قال: {تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كانوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} [القصص: 63]. وذلك أن الأصنام جمادات لا تعلم العبادة.
{وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} أي أعوانًا في خصومتهم وتكذيبهم.
عن مجاهد والضحاك: يكونون لهم أعداء.
ابن زيد: يكونون عليهم بلاء فتحشر آلهتهم، وتركب لهم عقول فتنطق، وتقول: يا رب عذِّبْ هؤلاء الذين عبدونا من دونك.
و{كلا} هنا يحتمل أن تكون بمعنى لا، ويحتمل أن تكون بمعنى حقًّا؛ أي حقًا {سيكفرون بِعِبادتهِم}.
وقرأ أبو نهيك: {كَلًا سيكفرون} بالتنوين. وروي عنه مع ذلك ضم الكاف وفتحها.
قال المهدوي: {كلا} ردع وزجر وتنبيه ورد لكلام متقدم، وقد تقع لتحقيق ما بعدها والتنبيه عليه كقوله: {كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى} [العلق: 6] فلا يوقف عليها على هذا، ويوقف عليها في المعنى الأول؛ فإن صلح فيها المعنيَان جميعًا جاز الوقف عليها والابتداء بها. فمن نوّن {كلا} من قوله: {كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} مع فتح الكاف فهو مصدر كَلَّ؛ ونصبه بفعل مضمر؛ والمعنى كَلَّ هذا الرأي والاعتقاد كَلًا، يعني اتخاذهم الآلهة {لِيكونوا لهم عِزا} فيوقف على هذا على {عِزا} وعلى {كَلًا}. وكذلك في قراءة الجماعة، لأنها تصلح للرد لما قبلها، والتحقيق لما بعدها. ومن روى ضم الكاف مع التنوين، فهو منصوب أيضًا بفعل مضمر، كأنه قال: سيكفرون {كُلًا سيكفرون بِعِبادتهِم} يعني الآلهة.
قلت: فتحصل في {كلاّ} أربعة معان: التحقيق وهو أن تكون بمعنى حقًا، والنفي، والتنبيه، وصلة للقسم، ولا يوقف منها إلا على الأول.
وقال الكسائي: لا تنفي فحسب، و(كلا) تنفي شيئًا وتثبت شيئًا، فإذا قيل: أكلت تمرًا، قلت: كلا إني أكلت عسلًا لا تمرًا، ففي هذه الكلمة نفي ما قبلها، وتحقق ما بعدها. والضد يكون واحدًا ويكون جمعًا، كالعدوّ والرسول. وقيل: وقع الضد موقع المصدر؛ أي ويكونون عليهم عونًا؛ فلهذا لم يجمع، وهذا في مقابلة قوله: {لِيكونوا لهم عِزًا} والعز مصدر، فكذلك ما وقع في مقابلته. ثم قيل: الآية في عبدة الأصنام، فأجرى الأصنام مجرى من يعقل؛ جريًا على توهم الكفرة. وقيل: فيمن عبد المسيح أو الملائكة أو الجن أو الشياطين؛ فالله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشياطين عَلَى الكافرين}.
أي سلطناهم عليهم بالإغواء، وذلك حين قال لإبليس: {واستفزز مَنِ استطعت مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64].
وقيل: {أرسلنا} أي خلينا؛ يقال: أرسلت البعير أي خليته، أي خلينا الشياطين وإياهم ولم نعصمهم من القبول منهم. الزجاج: قَيَّضنا.
{تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} قال ابن عباس: تزعجهم إزعاجًا من الطاعة إلى المعصية. وعنه: تغريهم إغراء بالشر: امض امض في هذا الأمر، حتى توقعهم في النار. حكى الأول الثعلبي، والثاني الماوردي، والمعنى واحد. الضحاك: تغويهم إغواء. مجاهد: تشليهم إشلاء، وأصله الحركة والغَلَيان، ومنه الخبر المرويّ أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم: «قام إلى الصلاة ولجوفه أزيز كأزيز المِرْجل من البكاء» وائتزت القِدر ائتزازًا اشتد غليانها. والأَزُّ التّهييج والإغراء، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشياطين عَلَى الكافرين تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} أي تغريهم على المعاصي. والأز الاختلاط. وقد أززت الشيء أؤزّه أزًّا أي ضممتُ بعضه إلى بعض.
قاله الجوهري:
قوله تعالى: {فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ} أي تطلب العذاب لهم.
{إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} قال الكلبي: آجالهم؛ يعني الأيام والليالي والشهور والسنين إلى انتهاء أجل العذاب. وقال الضحاك: الأنفاس.
ابن عباس: أي نعدّ أنفاسهم في الدنيا كما نعدّ سنيهم. وقيل: الخطوات. وقيل: اللذات. وقيل: اللحظات. وقيل: الساعات. وقال قطرب: تعدّ أعمالهم عدًّا. وقيل: لا تعجل عليهم فإنما نؤخرهم ليزدادوا إثمًا.
روي: أن المأمون قرأ هذه السورة، فمرّ بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء، فأشار برأسه إلى ابن السماك أن يعظه، فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد، ولم يكن لها مدد، فما أسرع ما تنفد. وقيل في هذا المعنى:
حياتُك أنفاسٌ تُعدّ فكلّما ** مَضَى نَفَسٌ منك انتقصت به جُزْءَا

يميتك ما يحييك في كل ليلة ** ويَحدُوك حَادٍ ما يُريد به الهُزءا

ويقال: إن أنفاس ابن آدم بين اليوم والليلة أربعة وعشرون ألف نفس: اثنا عشر ألف نفس في اليوم، واثنا عشر ألفًا في الليلة والله أعلم فهي تعد وتحصى إحصاء، ولها عدد معلوم، وليس لها مدد، فما أسرع ما تنفد. اهـ.

.قال أبو حيان:

{أفرأيت الذي كفر بآياتنا}.
نزلت في العاص بن وائل عمل له خباب بن الأرث عملًا وكان قينًا، فاجتمع له عنده دين فتقاضاه فقال: لا أنصفك حتى تكفر بمحمد، فقال خباب: لا أكفر بمحمد حتى يميتك الله ويبعثك. فقال العاصي: أو مبعوث أنا بعد الموت؟ فقال خباب: نعم، قال: فائت إذا كان ذلك فسيكون لي مال وولد وعند ذلك أقضيك دينك.
وقال الحسن: نزلت في الوليد بن المغيرة وقد كانت للوليد أيضًا أقوال تشبه هذا الغرض، ولما كانت رؤية الأشياء سبيلًا إلى الإحاطة بها وصحة الخبر عنها استعملوا أرأيت بمعنى أخبر، والفاء للعطف أفادت التعقيب كأنه قيل: أخبر أيضًا بقصة هذا الكافر عقيب قصة أولئك، والآيات: القرآن والدلالات على البعث.
وقرأ الجمهور: {ولدًا} أربعتهن هنا، وفي الزخرف بفتح اللام والواو ويأتي الخلاف في نوح. وقرأ الأعمش وطلحة والكسائي وابن أبي ليلى وابن عيسى الأصبهاني بضم الواو وإسكان اللام، فعلى قراءة الجمهور يكون المعنى على الجنس لا ملحوظًا فيه الإفراد وإن كان مفرد اللفظ، وعلى هذه القراءة فقيل هو جمع كأسد وأسد، واحتج قائل ذلك بقول الشاعر:
ولقد رأيت معاشرًا ** قد ثمروا مالًا وولدًا

وقيل: هو مرادف للولد بالفتحتين واحتجوا بقوله:
فليت فلانًا كان في بطن أمه ** وليت فلانًا كان ولد حمار

وقرأ عبد الله ويحيى بن يعمر بكسر الواو وسكون اللام والهمزة في اطلع للاستفهام، ولذلك عادلتها {أم}.
وقرىء بكسر الهمزة في الابتداء وحذفها في الوصل على تقدير حذف همزة الاستفهام لدلالة {أم} عليها كقوله:
بسبع رمين الجمر أم بثمان

يريد أبسبع، وجاء التركيب في أرأيت على الوضع الذي ذكره سيبويه من أنها تتعدى لواحد تنصبه، ويكون الثاني استفهامًا فأطلع وما بعده في موضع المفعول الثاني لأرأيت، وما جاء من تركيب أرأيت بمعنى أخبرني على خلاف هذا في الظاهر ينبغي أن يرد إلى هذا بالتأويل. قال الزمخشري: {أطلع الغيب} من قولهم: أطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه واطلع الثنية. قال جرير:
لاقيت مطلع الجبال وعورًا

وتقول: مر مطلعًا لذلك الأمر أي عاليًا له مالكًا له، ولاختيار هذه الكلمة شأن تقول: أو قد بلغ من عظمة شأنه أن ارتقى إلى علم الغيب الذي توحد به الواحد القهار، والمعنى أن ما ادعى أن يؤتاه وتألى عليه لا يتوصل إليه إلاّ بأحد هذين الطريقين، إما علم الغيب، وإما عهد من عالم الغيب فبأيهما توصل إلى ذلك. والعهد. قيل كلمة الشهادة. وقال قتادة: هل له عمل صالح قدمه فهو يرجو بذلك ما يقول. وعن الكلبي: هل عهد الله إليه أن يؤتيه ذلك.
و{كلا} ردع وتنبيه على الخطأ الذي هو مخطىء فيما تصوره لنفسه ويتمناه فليرتدع عنه.
وقرأ أبو نهيك {كلا} بالتنوين فيهما هنا وهو مصدر من كلّ السيف كلًا إذا نبا عن الضريبة، وانتصابه على إضمار فعل من لفظه وتقديره كلوا كلًا عن عبادة الله أو عن الحق. ونحو ذلك، وكنى بالكتابة عن ما يترتب عليها من الجزاء. فلذلك دلت السين التي للاستقبال أي سنجازيه على ما ما يقول. وقال الزمخشري: فيه وجهان. أحدهما: سيظهر له ونعلمه أنّا كتبنا قوله على طريقه قوله:
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمةٌ

أي تبين وعلم بالانتساب أني لست ابن لئيمة.
والثاني: أن المتوعد يقول للجاني سوف أنتقم منك يعني أنه لا يبخل بالانتصار وإن تطاول به الزمان، واستأخر فجردها هنا لمعنى الوعيد انتهى.
وقرأ الجمهور: {سنكتب} بالنون والأعمش بياء مضمومة والتاء مفتوحة مبنيًا للمفعول، وذكرت عن عاصم {ونمد} أي نطول له {من العذاب} الذي يعذب به المستهزئون أو نزيده من العذاب ونضاعف له المدد. وقرأ عليّ بن أبي طالب {ونمد له} يقال مده وأمده بمعنى {ونرثه ما يقول} أُي نسلبه المال والولد فنكون كالوارث له. وقال الكلبي: نجعل ما يتمنى من الجنة لغيره. وقال أبو سهيل: نحرمه ما يتمناه من المال والولد ونجعله لغيره. قال الزمخشري: ويحتمل أنه قد تمنى وطمع أن يؤتيه الله في الدنيا مالًا وولدًا، وبلغت به أشعبيته أن تألّى على الله في قوله: {لأوتين} لأنه جواب قسم مضمر، ومن يتألَّ على الله يكذبه فيقول الله عز وعلا: هب أنّا أعطيناه ما اشتهاه أما نرثه منه في العاقبة {ويأتينا فردًا} غدًا بلا مال ولا ولد كقوله تعالى: {ولقد جئتمونا فرادى} الآية فما يجدي عليه تمنيه وتأليه.
ويحتمل أن هذا القول إنما يقوله ما دام حيًا، فإذا قبضناه حلنا بينه وبين أن يقوله: {ويأتينا} رافضًا له {منفردًا} عنه غير قائل له انتهى.
وقال النحاس: {ونرثه ما يقول} معناه نحفظه عليه للعاقبة ومنه العلماء ورثة الأنبياء أي حفظة ما قالوه انتهى.
و{فردًا} تتضمن ذلته وعدم أنصاره، و{يقول} صلة {ما} مضارع، والمعنى على الماضي أي ما قال. والضمير في {واتخذوا} لعبادة الأصنام وقد تقدم ما يعود عليه وهم الظالمون في قوله: {ونذر الظالمين} فكل ضمير جمع ما بعده عائد عليه إن كان مما يمكن عوده عليه، واللام في {ليكونوا} لام كي أي {ليكونوا} أي الآلهة {لهم عزًا} يتعززون بها في النصرة والمنفعة والإنقاذ من العذاب. {كلا} قال الزمخشري: {كلا} ردع لهم وإنكار لتعززهم بالآلهة.
وقرأ ابن نهيك {كلا سيكفرون بعبادتهم} أي سيجحدون {كلا سيكفرون بعبادتهم} كقولك: زيد مررت بغلامه وفي محتسب ابن جنيّ {كلا} بفتح الكاف والتنوين، وزعم أن معناه كل هذا الرأي والإعتقاد كلًا، ولقائل أن يقول إن صحت هذه الرواية فهي {كلا} التي للردع قلب الواقف عليها ألفها نونًا كما في قواريرًا انتهى. فقوله وقرأ ابن نهيك الذي ذكر ابن خالويه وصاحب اللوامح وابن عطية وأبو نهيك بالكنية وهو الذي يحكى عنه القراءة في الشواذ وأنه قرأ {كلا} بفتح الكاف والتنوين وكذا حكاه عنه أبو الفتح.