فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أو للاستدراج كقوله سبحانه: {إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًَا} [آل عمران: 178] وقيل: المراد بالآية الدعاء بالمد والتنفيس.
قال الزجاج: تأويله أن الله جعل جزاء ضلالته أن يتركه ويمدّه فيها، لأن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر كأن المتكلم يقول: أفعل ذلك وآمر به نفسي {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ} يعني: الذين مدّ لهم في الضلالة، وجاء بضمير الجماعة اعتبارًا بمعنى من، كما أن قوله: {كَانَ فِي الضلالة فَلْيَمْدُدْ لَهُ} اعتبار بلفظها، وهذه غاية للمدّ، لا لقول المفتخرين إذ ليس فيه امتداد {إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} هذا تفصيل لقوله: {ما يوعدون} أي هذا الذي توعدون هو أحد أمرين: إما العذاب في الدنيا بالقتل والأسر، وإما يوم القيامة وما يحلّ بهم حينئذٍ من العذاب الأخروي {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا} هذا جواب الشرط، وهو جواب على المفتخرين، أيّ هؤلاء القائلون: {أيّ الفريقين خير مقامًا} إذا عاينوا ما يوعدون به من العذاب الدنيوي بأيدي المؤمنين، أو الأخروي، فسيعلمون عند ذلك من هو شرّ مكانًا من الفريقين، وأضعف جندًا منهما، أي أنصارًا وأعوانًا.
والمعنى: أنهم سيعلمون عند ذلك أنهم شرّ مكانًا لا خير مكانًا، وأضعف جندًا لا أقوى ولا أحسن من فريق المؤمنين؛ وليس المراد أن للمفتخرين هنالك جندًا ضعفاء، بل لا جند لهم أصلًا كما في قوله سبحانه: {وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ الله وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا} [الكهف: 43].
ثم لما أخبر سبحانه عن حال أهل الضلالة، أراد أن يبين حال أهل الهداية فقال: {وَيَزِيدُ الله الذين اهتدوا هُدًى} وذلك أن بعض الهدى يجرّ إلى البعض الآخر، والخير يدعو إلى الخير وقيل: المراد بالزيادة: العبادة من المؤمنين، والواو في {ويزيد} للاستئناف، والجملة مستأنفة لبيان حال المهتدين وقيل: الواو للعطف على {فليمدد} وقيل: للعطف على جملة {من كان في الضلالة}.
قال الزجاج: المعنى أن الله يجعل جزاء المؤمنين أن يزيدهم يقينًا كما جعل جزاء الكافرين أن يمدّهم في ضلالتهم {والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَابًا} هي الطاعات المؤدية إلى السعادة الأبدية، ومعنى كونها خيرًا عند الله ثوابًا: أنها أنفع عائدة مما يتمتع به الكفار من النعم الدنيوية {وَخَيْرٌ مَّرَدًّا} المردّ هاهنا مصدر كالردّ، والمعنى: وخير مردًّا للثواب على فاعلها ليست كأعمال الكفار التي خسروا فيها، والمردّ: المرجع والعاقبة والتفضل للتهكم بهم للقطع بأن أعمال الكفار لا خير فيها أصلًا.
ثم أردف سبحانه مقالة أولئك المفتخرين بأخرى مثلها على سبيل التعجب فقال: {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بئاياتنا} أي أخبرني بقصة هذا الكافر واذكر حديثه عقب حديث أولئك، وإنما استعملوا أرأيت بمعنى أخبر، لأن رؤية الشيء من أسباب صحة الخبر عنه، والآيات تعمّ كل آية ومن جملتها آية البعث، والفاء للعطف على مقدّر يدل عليه المقام، أي أنظرت فرأيت، واللام في {لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} هي الموطئة للقسم، كأنه قال: والله لأوتينّ في الآخرة مالًا وولدًا، أي أنظر إلى حال هذا الكافر وتعجب من كلامه وتأليه على الله مع كفره به وتكذيبه بآياته.
ثم أجاب سبحانه عن قول هذا الكافر بما يدفعه ويبطله، فقال: {أَطَّلَعَ} على {الغيب} أي أعلم ما غاب عنه حتى يعلم أنه في الجنة {أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْدًا} بذلك، فإنه لا يتوصل إلى العلم إلا بإحدى هاتين الطريقتين وقيل: المعنى: أنظر في اللوح المحفوظ؟ أم اتخذ عند الرحمن عهدًا؛ وقيل: معنى {أم اتخذ عند الرحمن عهدًا} أم قال: لا إله إلا الله فأرحمه بها.
وقيل: المعنى أم قدّم عملًا صالحًا فهو يرجوه.
واطلع مأخوذ من قولهم: اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه.
وقرأ حمزة والكسائي ويحيى بن وثاب والأعمش: {وولدًا} بضم الواو، والباقون بفتحها، فقيل: هما لغتان معناهما واحد، يقال: ولد وولد كما يقال: عدم وعُدم، قال الحارث بن حلزّة:
ولقد رأيت معاشرا ** قد ثمروا مالًا وولدًا

وقال آخر:
فليت فلانًا كان في بطن أمه ** وليت فلانًا كان ولد حمار

وقيل: الولد بالضم للجمع وبالفتح للواحد.
وقد ذهب الجمهور إلى أن هذا الكافر أراد بقوله: {لأوتينّ مالًا وولدًا} أنه يؤتى ذلك في الدنيا.
وقال جماعة: في الجنة، وقيل: المعنى: إن أقمت على دين آبائي لأوتين.
وقيل: المعنى: لو كنت على باطل لما أوتيت مالًا وولدًا.
{كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}: {كلا} حرف ردع وزجر، أي ليس الأمر على ما قال هذا الكافر من أنه يؤتى المال والولد، سيكتب ما يقول أي سنحفظ عليه ما يقوله فنجاز به في الآخرة، أو سنظهر ما يقول، أو سننتقم منه انتقام من كتبت معصيته {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدًّا} أي نزيده عذابًا فوق عذابه مكان ما يدّعيه لنفسه من الإمداد بالمال والولد، أو نطوّل له من العذاب ما يستحقه وهو عذاب من جمع بين الكفر والاستهزاء.
{وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} أي نميته فنرثه المال والولد الذي يقول إنه يؤتاه.
والمعنى: مسمى ما يقول ومصداقه.
وقيل: المعنى نحرمه ما تمناه ونعطيه غيره.
{وَيَأْتِينَا فَرْدًا} أي يوم القيامة لا مال له ولا ولد، بل نسلبه ذلك، فكيف يطمع في أن نؤتيه.
وقيل: المراد بما يقول: نفس القول لا مسماه، والمعنى: إنما يقول هذا القول ما دام حيًا، فإذا أمتناه حلنا بينه وبين أن يقوله ويأتينا رافضًا له منفردًا عنه، والأوّل أولى.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أَىُّ الفريقين خَيْرٌ مَّقَامًا} قال: قريش تقوله لها ولأصحاب محمد.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {خَيْرٌ مَّقَامًا} قال: المنازل {وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} قال: المجالس، وفي قوله: {أَحْسَنُ أَثَاثًا} قال: المتاع والمال {ورئيًا} قال: المنظر.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {قُلْ مَن كَانَ فِي الضلالة فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرحمن مَدًّا}: فليدعه الله في طغيانه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب بن أبي ثابت قال في حرف أبيّ: {قل من كان في الضلالة فإنه يزيده الله ضلالة}.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما في قوله: {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ} من حديث خباب بن الأرت قال: كنت رجلًا قينًا وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: فإني إذا متّ ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد فأعطيك، فأنزل الله فيه هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْدًا} قال: لا إله إلا الله يرجو بها.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} قال: ماله وولده. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66)}.
أخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {ويقول الإنسان} الآية قال: قالها العاصي بن وائل.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {لسوف أخرج} برفع الألف {أولا يذكر الإنسان} خفيفة بنصب الياء ورفع الكاف.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {جثيًا} قال: قعودًا. وفي قوله: {عتيًا} قال: معصية.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عتيا} قال: عصيا.
وأخرج الحاكم، عن ابن عباس قال: لا أدري كيف قرأ النبي صلى الله عليه وسلم {عتيًا} أو {جثيًا} فإنهما جميعًا بالضم.
وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد والبيهقي في البعث، عن عبدالله بن باباه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين».
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {جثيًا} برفع الجيم {وعتيًا} برفع العين وصليا برفع الصاد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله: {حول جهنم جثيًا} قال: قيامًا.
وأخرج ابن المنذر. عن ابن جريج {ثم لننزعن} قال لنبدأن.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {ثم لننزعن} الآية: قال: {لننزعن من كل} أهل دين قادتهم ورؤوسهم في الشر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {أيهم أشد على الرحمن عتيًا} قال: في الدنيا.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي الأحوص {ثم لننزعن من كل شيعة} الآية. قال: يبدأ بالأكابر فالأكابر جرمًا.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن مسعود قال: يحشر الأوّل على الآخر، حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعًا، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرمًا، ثم قرأ {فوربك لنحشرنهم} إلى قوله: {عتيًا}. وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن مجاهد في قوله: {لننزعن من كل شيعة} قال: من كل أمة أشد على الرحمن {عتيًا} قال: كفرًا.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليًا} يقول: إنهم أولى بالخلود في جهنم.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة وابن جرير بسند حسن عن ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد، جنهم وإنسهم، فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، ولأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزعوا إليهم فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم ويقولون: سبحان ربنا! ليس فينا وهو آت. ثم تقاض السماء الثانية، ولأهل السماء الثانية وحدهم، أكثر من أهل السماء الدنيا، ومن جميع أهل الأرض، بضعف جنهم وإنسهم، فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، ويقولون: سبحان ربنا! ليس فينا وهو آت، ثم تقاض السموات: سماء سماء، كلما قيضت سماء عن أهلها، كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها، ومن جميع أهل الأرض بضعف، فإذا نثروا على أهل الأرض، يفزع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم مثل ذلك، فيرجعون إليهم مثل ذلك، حتى تقاض السماء السابعة، فلأهل السماء السابعة، أكثر من أهل ست سموات، ومن جميع أهل الأرض بضعف، فيجيء الله فيهم، والأمم جثيّ صفوف، فينادي مناد: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحمادون لله على كل حال، فيقومون، فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الذين كانت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون} [السجدة: 16] فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثالثة، ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم؟ أين الذين {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار} [النور: 37] فيقومون فيسرحون إلى الجنة. فإذا أخذ كل من هؤلاء ثلاثة، خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح فيقول: إني وكلت منكم بثلاثة: بكل جبار عنيد، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فتحبس بهم في جهنم، ثم تخرج ثانية فتقول: إني وكلت منكم بمن آذى الله تعالى ورسوله، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حَبَّ السمسم، فتحبس بهم في جهنم، ثم تخرج ثالثة فتقول: إني وكلت بأصحاب التصاوير، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فتحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة، ومن هؤلاء ثلاثة: نشرت الصحف، ووضعت الموازين ودعي الخلائق للحساب.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم: يدخلونها جميعًا {ثم ينجي الله الذين اتقوا} فلقيت جابر بن عبدالله، فذكرت له فقال: وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه صمتًا، إن لم أكن سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا، كما كانت على إبراهيم، حتى أن للنار ضجيجًا من بردهم {ثم ينجّي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيًا}».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن مجاهد قال: خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس فقال ابن عباس: الورود الدخول: وقال نافع: لا.
فقرأ ابن عباس {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98] وقال: وردوا أم لا، وقرأ {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار} [هود: 98] أوردوا أم لا، أما أنا وأنت فسندخلها، فانظر هل نخرج منها أم لا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وإن منكم إلا واردها} قال: يردُهَا البَرّ والفاجر. ألم تسمع قوله: {فأوردهم النار وبئس الورد المورود} [هود: 98] وقوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا} [مريم: 86].
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس: أن رجالًا من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- كانوا يطلبون العاص بن وائل بدين فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبًا وفضة وحريرًا ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى. قال: فإن موعدكم الآخرة. والله لأوتين مالًا وولدًا، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به. فقال الله: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} الآيات.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال: كان لرجل من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- دين على رجل من المشركين فأتاه يتقاضاه، فقال ألست مع هذا الرجل؟ قال: نعم. قال أليس يزعم أن لكم جنة ونارًا وأموالًا وبنين؟ قال: بلى. قال: اذهب، فلست بقاضيك إلا ثمة. فأنزلت {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} إلى قوله: {ويأتينا فردًا}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أطلع الغيب} يقول: أطلعه الله الغيب؟ يقول: ما له فيه {أم اتخذ عند الرحمن عهدًا} بعمل صالح قدمه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما {أم اتخذ عند الرحمن عهدًا} قال: لا إله إلا الله، يرجو بها. والله أعلم.
{وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)}.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ونرثه ما يقول} قال: ماله وولده.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ونرثه ما يقول} قال: ماله وولده، وذاك الذي قال العاص بن وائل.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ونرثه ما يقول} قال: ما عنده. وهو قوله: {لأوتين مالًا وولدًا} في حرف ابن مسعود {ونرثه ما عنده ويأتينا فردًا} لا مال له ولا ولد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي نهيك أنه قرأ {كلا سيكفرون بعبادتهم} برفع الكاف. قال: يعني الآلهة كلها، إنهم {سيكفرون بعبادتهم}.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {ويكونون عليهم ضدًا} قال: أعوانًا.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {ويكونون عليهم ضدًا} قال: أوثانهم يوم القيامة في النار، تكون عليهم عونًا، يعني أوثانهم تخاصمهم وتكذبهم يوم القيامة في النار.
وأخرج عبد بن حميد، عن ابن عباس رضي الله عنهما- في قوله: {ويكونون عليهم ضدًا} قال: حسرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة مثله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {ويكونون عليهم ضدًا} قال: قرناء في النار يلعن بعضهم بعضًا، ويتبرأ بعضهم من بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {ويكونون عليهم ضدًا} قال: أعداء.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ويكونون عليهم ضدًا} ما الضد؟ قال: قال فيه حمزة بن عبد المطلب:
وان تكونوا لهم ضدًا نكن لكم ** ضدا بغلباء مثل الليل مكتوم

{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)}.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزًا} قال: تغويهم إغواء.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {تؤزهم} قال: تحرض المشركين على محمد وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {تؤزهم أزًا} تشليهم أشلاء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {تؤزهم أزًا} قال: تزعجهم إزعاجًا إلى معاصي الله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله: {ألم تر أنَّا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزًا} قال: كقوله: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا} [الزخرف: 36].
وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {تؤزهم أزًا} قال: توقدهم وقودًا. قال فيه الشاعر:
حكيم أمين لا يبالي بخلبة ** إذا أزه الأقوام لم يترمرم

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {إنما نعد لهم عدًا} يقول: أنفاسهم التي يتنفسون في الدنيا، فهي معدودة، كسنهم وآجالهم.
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله: {إنما نعد لهم عدًا} قال: كل شيء حتى النفس. اهـ.