فصل: مطلب فوائد تكرار القصص:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



تشير هذه الآية بأن الجهر ليس لإسماعه تعالى بل لفرض آخر من تصوير النفس بالذكر، ومنعها من الاشتغال بغيره قطعا للوسوسة، وهذا أولى من قول من قال إنه نهى عن الجهر كقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} الآية 204 من الأعراف المارة لأن غايته الإرشاد وهضم النفس بالتضرع إلى خالقها، وهذا المالك الجليل والعالم العظيم هو {اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} 8 الدالة على معنى التقديس والتحميد والتبجيل لتعظيم الربوبية والأفعال التي هي نهاية في الحسن من الأسماء التي فضلت على سائر الأسماء، واللّه تعالى واحد في ذاته وإن افترقت عبارات صفاته، وفيها رد على قول الكفرة القائلين حينما سمعوا حضرة الرسول يقول يا رحمن.
إنك تنهانا عن تعدد الآلهة وتدعو آلهة متعددة.
فأجابهم بأن الإله واحد وهو المعني بقوله لا إله إلا هو وإن له أسماء أخر، هنّ صفاته جل شأنه وعظمت صفاته، قال صلى اللّه عليه وسلم: «إن للّه تسعة وتسعين اسما من أحصاها» وفي رواية: «من حفظها دخل الجنة» وكلها موجودة في القرآن صراحة، ويوجد اسم آخر له مكنون في غيبه وعلمه يعلمه الراسخون في العلم وهو اسمه الأعظم الذي لا يرد من دعاه به، وهي هو اللّه لا إله إلا هو:
1- الرحمن.
2- الرحيم.
3- الملك.
4- القدّوس.
5- السلام.
6- المؤمن.
7- المهيمن.
8- العزيز.
9- الجبار.
10- المتكبر.
11- الخالق.
12- البارئ.
13- المصور.
14- الغفار.
15- القهار.
16- الوهاب.
17- الرزاق.
18- الفتاح.
19- العليم.
20- القابض.
21- الباسط.
22- الخافض.
23- الرافع.
24- المعز.
25- المذل.
26- السميع.
27- البصير.
28- الحكم.
29- العدل.
30- اللطيف.
31- الخبير.
32- الحليم.
33- العظيم.
34- الغفور.
35- الشكور.
36- العلي.
37- الكبير.
38- الحفيظ.
39- المغيث.
40- الحسيب.
41- الجليل.
42- الكريم.
43- الرقيب.
44- المجيب.
45- الواسع.
46- الحكيم.
47- الودود.
48- المجيد.
49- الباعث.
50- الشهيد.
51- الحق.
52- الوكيل.
53- القوي.
54- المتين.
55- الوليّ.
56- المجيد.
57- المحيي.
58- المميت.
59- المحصي.
60- المبدي.
61- الباقي.
62- المعيد.
63- الحي.
64- القيوم.
65- الواجد.
66- الماجد.
67- الواحد.
68- الأحد.
69- الصمد.
70- المقتدر.
71- القادر.
72- المقدم.
73- المؤخر.
74- الأول.
75- الآخر.
76- الظاهر.
77- الباطن.
78- الوالي.
79- المتعالي.
80- البر.
81- التواب.
82- المنتقم.
83- العفو.
84- الرؤوف.
85- مالك الملك.
86- ذو الجلال والإكرام.
87- المقسط.
88- الجامع.
89- الغني.
90- المغني.
91- المعطي.
92- المانع.
93- الضار.
94- النافع.
95- النور.
96- الهادي.
97- البديع.
98- الوارث.
99- الصبور.
100- المرشد.
واعلم أن بعضهم لم يعد المعطي من الأسماء الحسنى، لذلك بلغت هنا 100 وبحذفه تبقى 99 وسنأتي على معانيها في محالها كل في موضعه إن شاء اللّه من آيات الذكر الحكيم، فمن هذه الأسماء الدالة على المعاني الحسنة ما يستحقه اللّه تعالى بحقائقه كالقديم قبل كل شيء والباقي بعد كل شيء، والقادر على كل شيء، والعالم بكل شيء، والواحد الذي ليس كمثله شيء، ومنها ما تستحسنه الأنفس لآثارها، كالغفور والرحيم والشكور والحليم، ومنها ما يوجب التخلق به كالكرم والعفو والصبر والستر، ومنها ما يوجب مراقبة الأحوال كالسميع والبصير والمقتدر والرقيب، ومنها ما يوجب الإجلال كالعظيم والجبار والمتكبر والجليل.
واللّه جل شأنه له أسماء غير هذه لا تعد ولا تحصى لأنه له في كل شيء اسم كما أن له في كل شيء آية على وحدانيته وعلى كل أحد حجة في معانيها، وقد سبق أن بينا في الآية 179 من سورة الأعراف المارة شيئا من هذا فراجعه.
قال تعالى: {وَهَلْ أَتاكَ} يا سيد الخلق {حَدِيثُ مُوسى} في بداية نبوته وما لاقاه من قومه عند إرساله إليهم.

.مطلب فوائد تكرار القصص:

والقصد من تكرار هذه القصص ونحوها طورا باختصار، وتارة بإسهاب، ومرة بتوسط، أمور: التفنن بالبلاغة لأن إفادة المعنى بالموجز منها بوجه أبلغ كإفادته بصورة مطنبة من نوع الإعجاز والتحدّي تسلية حضرة الرسول صلى اللّه عليه وسلم بإطلاعه على ما قاسته الأنبياء قبله من أقوامهم ليهون عليه ما يلاقيه من قومه أن تكون العاقبة بالنصر والظفر لحضرته كما كانت للأنبياء الذين يعلم بقصصهم على طريق البشارة إعلام قومه بأن ما يوحى إليه هو من الإخبار بالغيب وإنه من اللّه حق لأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ولم يفارقهم ليظن به أنه تعلم أو سمعه من الغير أن يعلم حضرة الرسول أن الصبر على الشدائد وتحمل الأذى هو من شأن الأنبياء كلهم لا من خصائصه وحده.
هذا، وقد سبق أن بيّنا فوائد التكرار وأسبابه في الآية 17 من الأعراف المارة فراجعها، واعلم أن قصة السيدين موسى وهرون مع قومهما وقصة آدم عليه السلام وإبليس عليه اللعنة تكررت في المكي والمدني من القرآن العظيم، أما قصص سائر الأنبياء فلم تكرر إلا بالمكي منه على التفصيل وقد يأتي ذكرها في المدني في بعض السور إشارة وإلماعا بسائق تعداد ما وقع للأنبياء مع قومهم وسياق تعداد فضائلهم وما منحهم اللّه من الكرامات، وسنأتي على بيان هذا أن شاء اللّه عند ذكر كل قصة {إِذْ رَأى نارًا} حال مجيئه وأهله من مدين بلدة شعيب عليه السلام وذهابه إلى مصر لزيارة أمه وأخيه {فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا} مكانكم هذا لا تبرحوه، وكان الوقت ليلا وشتاء باردا {إِنِّي آنَسْتُ} أبصرت ما يؤنس به ورأيت هناك {نارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ} شعلة تستدنؤن بها، وقد جمع الضمير لأنه كان مع أهله ولد وخادم أو على طريق التفخيم كقوله:
وإن شئت حرمت النساء سواكم

{أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً} نهتدي به إلى الطريق لأنهم ضلّوه بسبب ظلمة الليل، وكأن اللّه تعالى أنطقه بهذا اللفظ إلى التوصل للهدى الحقيقي الذي هو سبب تشريفه بالنبوة العظمى والرسالة الكبرى، وكان كذلك لأنه عليه السلام لما قضى الأجل إلى عمه السيد شعيب كما سيأتي ذكره في الآية 49 من سورة القصص الآتية فما بعدها، وتزوج ابنته وبقي مدة بعد زواجه بها، استأذنه بالرجوع إلى مصر بلده ومسقط رأسه فخرج بأهله ونعمه، وأخذ يمشي بهم على غير الطريق المسلوكة ليلا لئلا يتعرضه أحد لعدم أمن الطريق، وكانت امرأته في شهرها لا يدري أتضع ليلا أم نهارا، فألجأه السير إلى جانب الطور الغربي الأيمن بالنسبة له، لأن الجبل لا يمين له ولا شمال، فأخذ امرأته الطلق وولدت، فجمع حطبا وصار يقدح زنده وتسميه العامة زنادا ويقال أورى إذا قدح، وصلد إذا لم يقدح فلم يور فنظر إلى جهة الطور، فإذا هو بنور ظنه نارا، وما أحسن هذا الضلال إذ كان فيه الهدى، وكان ابن الفارض رحمه اللّه ألمع إلى هذا بقوله:
ما بين ظال المنحنى وظلاله ** ضل الميتم واهتدى بضلاله

وما أحسن هذا الجناس والمقابلة ** بين ظال وضل وظلاله وضلاله

{فَلَمَّا أَتاها} أي النار التي رآها عن بعد ليقتبس منها فنأت عنه، فنأى عنها، فدنت إليه، فوقف متحيرا، إن أقدم إليها تأخرت وإن تأخر عنها دنت منه، فعند ذلك {نُودِيَ} من قبل حضرة القدس {يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} وهذا هو الإرهاص بعينه، راجع معناه في بحث الوحي في المقدمة، وذلك لأنه لم يتنبأ بعد حتى تظهر له الخوارق على طريق التحدي الذي هو من شأن النبوّة، فوقف ولم يعلم ما يفعل، فأمره ربه بقوله {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} لتباشر رجلاك الأرض المقدسة فتصيبها بركة الوادي الذي هو فيه إذ انتشر فيه نور الإله، وإجلالا لنور تلك الحضرة المقدسة، إذ لا يليق أن يخوض ذلك النور وهو متنعّل.
وما قيل إنها كانتا من جلد حمار ميت فغير ثابت، وما استدل به على هذا في الحديث الذي أخرجه الترمذي بسنده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: كان على موسى عليه السلام يوم كلمه ربه كساء صوف وجبّة صوف وكمة صوف أي قلنسوة صغيرة وسراويل صوف وكانت نعلاه من جلد حمار.
ولم يذكر فيه أنه ميت والرواية التي فيها لفظة ميت غريبة لم تثبت، وأنه عليه السلام خلعهما حالا وطرحهما وراء الوادي، يدل على هذا قوله عز قوله: {إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} 12 فإن هذه الآية جاءت تعليلا لذلك الأمر، إذ لا ينبغي أن يداس هذا الوادي المقدس بنور الإله من قبل أحد ما وهو متنعل {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ} من قومك ومن الناس أجمعين، لأن أشرفك بنبوتي ورسالتي وأرسلك لهداية خلقي {فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى} إليك فيما يتعلق بأمرها، قال وهب بن منبه: قال موسى عليه السلام بعد أن وطنه ربه بما تقدم من النداء والأمر والاصطفاء رب إني اسمع كلامك ولا أراك ولا أعلم مكانك، فأين أنت رب؟ فقال يا موسى أنا فوقك ومعك وأمامك وخلفك وأقرب إليك منك {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} وحدي فأنا المستحق للعبادة وأرفض ما سواي، فإنهم خلقي وصنع خلقي.