فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

1- المجاز المرسل فقد ذكر القرون وأراد الأمم التي تعيش عبرها والاعتبار بآثار الأمم البائدة، والقرون الخالية، كان مثارا لأخيلة الشعراء وخاصة في مقام الرثاء وأبرع من سما بخياله إلى هذا المعنى أبو الطيب المتنبي والبحتري فنكتفي بهما وسنورد أبياتا مختارة من قصيدتين لهما.
يقول عبد اللّه بن المعتز الشاعر العباسي الخليفة: لو لم يكن للبحتري إلا قصيدته في ايوان كسرى وقصيدته في وصف بركة المتوكل لكان أشعر الناس فقد زار البحتري بعد أن سئم الحياة في بغداد بعد مقتل المتوكل على اللّه المدائن وهي مدينة يقع فيها ايوان كسرى وقد أبدع في وصف الايوان إبداعا فريدا زاده روعة أنه من شعراء العرب أول من وصف الآثار القديمة الخالدة واستوحاها وصب عليها من روحه وهذه مختارات منها:
صنت نفسي عما يدنّس نفسي ** وترفعت عن جدا كلّ جبس

وتماسكت حيث زعزعني الدهـ ** ر التماسا منه لتعسي ونكسي

حضرت رحلي الهموم فوجه ** ت إلى أبيض المدائن عنسي

ذكرتنيهم الخطوب التوالي ** ولقد تذكر الخطوب وتنسي

حلل لم تكن كأطلال سعدى ** في فقار من البسابس ملس

فكأن الجرماز من عدم الأن ** س وإخلاله بنية رمس

لو تراه علمت أن الليالي ** جعلت فيه مأتما بعد عرس

فإذا ما رأيت صورة انطا ** كية ارتعت بين روم وفرس

والمنايا مواثل وانوشروان ** يزجي الصفوف تحت الدرفس

في اخضرار من اللباس على أص ** فر يختال في صبيغة ورس

عمرت للسرور دهرا فصارت ** للتعزي رباعهم والتأسي

فلها أن أعينها بدموع ** موفقات على الصبابة حبس

ولا يتسع المجال لا يراد القصيدة بكاملها، فهي نموذج حي معبر من أدبنا العربي، كما لا يتسع المجال لدراستها فنكتفي بإيراد بعض الملاحظات السريعة عليها:
1- تشعر حين تقرأ السينية بروعة موسيقاها الناتجة عن خفة الجر وجماله {الخفيف} وتلاؤمه مع العواطف والمعاني والألفاظ والروي المهموس وهو السين وترداد الحروف المهموسة كالسين والصاد والتاء.
2- تشعر بتأثر الشاعر بالعظمة حين قدم لوصف الايوان ثم ما تعتم أن تأسى وتحزن حين تقرأ أن الليالي جعلت فيه مأتما بعد عرس وهذا التجاوب النفسي بين ما يصفه الشاعر وبين ما يصف ميزة فنية بحتة.
3- تشعر أن الشاعر يعجب بكل ما هو عظيم في الدنيا ولو كان من غير قومه فنراه هنا معجبا بالفرس فبكاهم أصدق بكاء ورثاهم أحر رثاء وهكذا الفن يسمو ليستحيل انسانية صرفا.
4- وأخيرا تعجب من أن الشاعر يطرق في الأدب العربي فنا جديدا لم يطرقه أحد من قبله وهو رثاء الممالك الزائلة والآثار الباقية، ولم يشر إليه قبل القرآن أحد فيقول اللّه تعالى {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى}.
وننتقل إلى عينية أبي الطيب المتنبي وهي القصيدة التي رثى بها أبا شجاع فاتك وفيها تحدث عن شعور الإنسان حيال الآثار المتخلفة عن أصحابها فقال منها:
إني لأجبن عن فراق أحبتي ** وتحسّ نفسي بالحمام فأشجع

ويزيدني غضب الأعادي قسوة ** ويلمّ بي عتب الصديق فأجزع

تصفو الحياة لجاهل أو غافل ** عما مضى فيها وما يتوقع

ولمن يغالط في الحقائق نفسه ** ويسومها طلب المحال فتطمع

أين الذي الهرمان من بنيانه ** ما قومه ما يومه؟ ما المصرع

تتخلّف الآثار عن أصحابها ** حينا ويدركها الفناء فتتبع

ويظهر أن أبا الطيب كان يحب القائد فاتكا أبا شجاع حبا خالصا قائما على الاعجاب فهو يرثيه بقصيدتين يجعل منهما وسيلة إلى الإبانة عما في نفسه من هموم ومحن وترى من خلالهما بعض النظرات الفلسفية فهو كما ترى يرى الحياة لا تصفو إلا للجاهل أو الغافل أما الشجاع الأبي فقلما تخطئه سهامها ونراه هنا معاني مظلمة قاتمة في نفسه حتى ليكاد يلقي سلاحه أمام عوادي الزمان لولا بقية من قوة يستمسك بها:
المجد أخسر والمكارم صفقة ** من أن يعيش لها الهمام الأروع

والناس أنزل في مكانك منزلا ** من أن تعايشهم وقدرك أرفع

2- وفي قوله: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} الآية فن المناسبة وهي على ضربين معنوية ولفظية والمعنوية هي أن يبتدئ المتكلم بمعنى ثم يتمم كلامه بما يناسبه معنى دون لفظ فالآية موعظتها سمعية فختمها بأشد مناسبة معنوية بقوله: {أَفَلا يَسْمَعُونَ} وقال في الآية التي موعظتها مرئية وهي آية السجدة: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ} فقد ختمها بقوله: {أَفَلا يُبْصِرُونَ} لأن ذلك مما يتبين بالرؤية وما فوق هذه المناسبة مناسبة. ومن بديع ما ورد فيها شعرا قول القاضي الفاضل:
وبدر بأفلاك الخواطر طالع ** وغصن بريحان الغدار وريق

لئن بت في بحر من الفكر سابحا ** فإنسان عيني في الدموع غريق

فالمناسبة في الشطر الاول في البدر والافلاك والطلوع وفي الشطر الثاني بين الغصن والريحان ووريق وفي الثالث بين البحر وسابحا وفي الرابع بين إنسان العين والدموع وغريق ففي كل شطر من البيتين مناسبات عديدة، وأما المناسبة اللفظية فهي دون رتبة المعنوية وهي الإتيان بكلمات متزنات وهي أيضا على ضربين: تامة وغير تامة فالتامة تكون الكلمات مع الاتزان مقفاة والناقصة موزونة غير مقفاة فمن شواهد التامة من القرآن العظيم قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} ومن الشعر قول ابن هانئ الأندلسي:
وعوابس وقوابس وفوارس ** وكوانس وأوانس وعقائل

ومن غير التامة قول ابن خلوف المغربي:
كالورد خدا والغزالة بهجة ** والغصن قدا والغزال مقلدا

وقد اجتمعت التامة والناقصة في قول أبي تمام:
مها الوحش إلا أن هاتا أوانس ** قنا الحظ إلا أن تلك ذوابل

فبين قنا ومها مناسبة لفظية تامة وبين الوحش والحظ وأوانس وذوابل مناسبة غير تامة.

.الفوائد:

النسخ في القرآن:
في قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ} مبحث هام جدير بالتأمل وهو أن معظم المفسرين درجوا على القول إن هذه الآية منسوخة بآية القتال والصواب انها ليست منسوخة بل هي أمر بالصبر المحمود على كل حال وهو عدم الاضطراب ومساورة الجزع لما يقولون ولما يصدر عنهم من الأذية وليس فيها أية اشارة أو تلميح إلى عدم القتال حتى يكون الأمر بالقتال ناسخا لها.
وموضوع النسخ في القرآن الكريم من الموضوعات الشائكة الصعبة، والاختلاف حوله كثير وما علم في هذا الباب من استقراء كلام الصحابة والتابعين أنهم كانوا يستعملون النسخ بإزالة المعنى اللغوي الذي هو إزالة شيء بشيء لا بإزاء مصطلح الأصوليين فمعنى النسخ عندهم إزالة بعض الأوصاف من الآية بآية أخرى إما بانتهاء مدة العمل أو بصر الكلام عن المعنى المتبادر إلى غير المتبادر، أو بيان كون قيد من القيود اتفاقيا أو تخصيص عام أو بيان الفارق بين المنصوص وما قيس ظاهرا عليه أو ازالة عادة الجاهلية أو الشريعة السابقة فاتسع باب النسخ عندهم وكثر جولان العقل هنالك واتسعت دائرة الاختلاف.
أما المنسوخ باصطلاح المتأخرين فهو قليل جدا وقد ذكر الشيخ جلال الدين السيوطي في الإتقان بتقرير مبسوط، كما ينبغي، بعض ما ذكره العلماء ثم حرر المنسوخ الذي فيه رأي المتأخرين على وفق الامام الحافظ القاضي أبي بكر محمد بن عبد اللّه ابن العربي المعافري الأندلسي فعنده قريبا من عشرين آية، وأتى في العصر الحديث الشيخ الامام محمد عبده فأنكر النسخ في القرآن وقال أن كل ما زعموا أنه منسوخ يمكن تأويله كما رأيت في قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ} وهو ظاهر في هذه الآية يطيح بالقول القديم أن الآيات المنسوخة تبلغ حوالي خمسمائة آية وهو قول ظاهر البطلان بالبداهة. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة طه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{طه} قد ذكر الكلام عليها في القول الذى جعلت فيه حروفا مقطعة، وقيل معناه يارجل، فيكون منادى، وقيل طا فعل أمر وأصله بالهمز، ولكن أبدل من الهمزة ألفا، وها ضمير الأرض، ويقرأ طه، وفي الهاء وجهان:
أحدهما أنها بدل من الهمزة كما أبدلت في أرقت فقيل هرقت.
والثانى أنه أبدل من الهمزة ألفا ثم حذفها للبناء وألحقها هاء السكت.
قوله تعالى: {إلا تذكرة} هو استثناء منقطع: أي لكن أنزلناه تذكرة: أي للتذكرة، وقيل هو مصدر: أي لكن ذكرنا به تذكرة، ولايجوز أن يكون مفعولا له لانزلنا المذكورة، لأنها قد تعدت إلى مفعول له: وهو {لتشقى} فلا يتعدى إلى آخر من جنسه، ولا يصح أن يعمل فيها لتشقى لفساد المعنى، وقيل تذكرة مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى: {تنزيلا} هو مصدر: أي أنزلناه تنزيلا، وقيل هو مفعول يخشى، ومن متعلقة به و{العلى} جمع العليا.
قوله تعالى: {له ما في السموات} مبتدأ وخبر، أو تكون {ما} مرفوعة بالظرف.
وقال بعض الغلاة {ما} فاعل استوى وهو بعيد، ثم هو غير نافع له في التأويل، إذ يبقى قوله: {الرحمن على العرش} كلاما تاما، ومنه هرب، وفي الآية تأويلات أخر لا يدفعها الإعراب.
قوله تعالى: {وأخفى} يجوز أن يكون فعلا ومفعوله محذوف: أي وأخفى السر عن الخلق، ويجوز أن يكون اسما: أي وأخفى منه.
قوله تعالى: {إذ رأى} {إذ} ظرف للحديث أو مفعول به، أي اذكر {لأهله} بكسر الهاء وضمها وقد ذكر، ومن ضم أتبعه ما بعده، و{منها} يجوز أن يتعلق بآتيكم أو حالا من {قبس} والجيد في هذا هنا أن يكتب بألف، ولايمال لأن الألف بدل من التنوين في القول المحقق، وقد أمالها قوم وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون شبه ألف التنوين بلام الكلمة: إذ اللفظ بهما في المقصور واحد.
والثانى: أن تكون لام الكلمة ولم يبدل من التنوين شيئا في النصب كما جاء:
وآخذ من كل حى عصم

والثالث: أن تكون على رأى من وقف في الأحوال الثلاثة من غير إبدال.
قوله تعالى: {نودى} المفعول القائم مقام الفاعل مضمر: أي نودى موسى، وقيل هو المصدر: أي نودى النداء ومابعده مفسر له و{يا موسى} لا يقوم مقام الفاعل لأنه جملة {إنى} يقرأ بالكسر: أي فقال إنى أو لأن النداء قول، وبالفتح أي نودى بأنى كما تقول: ناديته باسمه، و{أنا} مبتدأ أو توكيد أو فصل.
قوله تعالى: {طوى} يقرأ بالضم والتنوين، وهو اسم علم للوادي، وهو بدل منه، ويجوز أن يكون رفعا، أي هو طوى، ويقرأ بغير تنوين على أنه معرفة مؤنث اسم للبقعة، وقيل هو معدول، وإن لم يعرف لفظ المعدول عنه، فكأن أصله طاوى فهو في ذلك كجمع وكتع، ويقرأ بالكسر على أنه مثل عنب في الأسماء، وعدا وسوى في الصفات.
قوله تعالى: {وأنا اخترتك} على لفظ الإفراد، وهو أشبه بما قبله: ويقرأ وإنا اخترناك، على الجمع، والتقدير: لأنا اخترناك فاستمع، فاللام تتعلق باستمع، ويجوز أن يكون معطوفا على أنى أي بأنى أنا ربك، وبأنا اخترناك.
قوله تعالى: {لذكرى} اللام تتعلق بأقم، والتقدير عند ذكرك إياى، فالمصدر مضاف إلى المفعول، وقيل هو إلى الفاعل: أي لذكرى إياك أو إياها.
قوله تعالى: {أخفيها} بضم الهمزة وفيه وجهان: أحدهما أسترها أي من نفسي لأنه لم يطلع عليها مخلوقا.
والثانى أظهرها، قيل هو من الأضداد، وقيل الهمزة للسلب: أي أزيل خفاءها، ويقرأ بفتح الهمزة ومعناه أظهرها، يقال: خفيت الشئ: أي أظهرته {لتجزى} اللام تتعلق بأخفيها، وقيل بآتية، ولذلك وقف عليه بعضهم وقفة يسيرة إيذانا بانفصالها عن أخفيها، وقيل لفظه لفظ كى، وتقديره: القسم: أي لتجزين، ومامصدرية، وقيل بمعنى الذى: أي تسعى فيه.
قوله تعالى: {فتردى} يجوز أن يكون نصبا على جواب النهى، ورفعا أي فإذا أنت تردى.
قوله تعالى: {وما تلك} {ما} مبتدأ، وتلك خبره، وهو بمعنى هذه، و{بيمينك} حال يعمل فيها معنى الإشارة، وقيل هو بمعنى الذى، فيكون بيمينك صفة لها.
قوله تعالى: {عصاي} الوجه فتح الياء لالتقاء الساكنين، ويقرأ بالكسر وهو ضعيف لاستثقاله على الياء، ويقرأ عصى، وقد ذكر نظيره في البقرة، و{أتوكأ} وما بعده مستأنف، وقيل موضعه حال من الياء أو من العصا، وقيل هو خبر هي، وعصاى مفعول بفعل محذوف، وقيل هي خبر، وأتوكأ خبر آخر، وأهش بالشين المعجمة: أي أقوم بها على الغنم أو أهول ونحو ذلك، ويقرأ بكسر الهاء: أي أكسر بها على غنمي عاديتها من قولك: هششت الخبز إذا كسرته بعد يبسه، ويقرأ بضم الهاء وسين غير معجمة من قولك: هس الغنم يهسها إذا ساقها، وعدى بعلى لأن معناه أقوم بها أو أهول، و{أخرى} على تأنيث الجمع، ولو قال أخر لكان على اللفظ، {تسعى} يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا، وإذا للمفاجأة ظرف مكان، فالعامل فيها تسعى أو محذوف، وقد ذكر ذلك.
قوله تعالى: {سيرتها الأولى} هو بدل من ضمير المفعول بدل الاشتمال، لأن معنى سيرتها صفتها أو طريقتها، ويجوز أن يكون ظرفا: أي في طريقتها، وقيل التقدير إلى سيرتها، و{بيضاء} حال، و{من غير سوء} يجوز أن يتعلق بتخرج، وأن يكون صفة لبيضاء أو حالا من الضمير في بيضاء، و{آية} حال أخرى بدل من الأول أو حال من الضمير في بيضاء: أي تبيض آية أو حال من الضمير في الجار وقيل منصوبة بفعل محذوف: أي وجعلناها آية أو أتيناك آية، و{لنريك} متعلق بهذا المحذوف، ويجوز أن يتعلق بما دل عليه آية أي دللنا بها لنريك، ولا يتعلق بنفس آية لأنها قد وصفت، و{الكبرى} صفة لآيات، وحكمها حكم مآرب ولو قال الكبر لجاز، ويجوز أن تكون الكبرى نصبا بنريك.
ومن آياتنا حال منها: أي لنريك الآية الكبرى من آياتنا.
قوله تعالى: {ويسر لى} يقال يسرت له كذا، ومنه هذه الآية، ويسرته لكذا ومنه قوله تعالى: {فسنيسره لليسرى} و{من لساني} يجوز أن يتعلق باحلل، وأن يكون وصفا لعقدة.
قوله تعالى: {وزيرا} الواو أصل لأنه من الوزر والموازرة، وقيل هي بدل من الهمزة لأن الوزير يشد أزر الموازر، وهو قليل وفعيل هنا بمعنى المفاعل، كالعشير والخليط، وفى مفعولي أجعل ثلاثة أوجه: أحدها أنهما وزير وهارون، ولكن قدم المفعول الثاني، فعلى هذا يجوز أن يتعلق {لى} باجعل، وأن يكون حالا من وزير.
والثانى أن يكون وزيرا مفعولا أول، و{لى} الثاني، وهارون بدل أو عطف بيان، وأخى كذلك.
والثالث أن يكون المفعول الثاني من أهلى، ولى تبيين مثل قوله: {ولم يكن له كفوا أحد} وهارون أخى على ما تقدم، ويجوز أن ينتصب هارون بفعل محذوف: أي اضمم إلى هارون.
قوله تعالى: {اشدد} يقرأ بقطع الهمزة {وأشركه} بضم الهمزة وجزمها على جواب الدعاء، والفعل مسند إلى موسى، ويقرآن على لفظ الأمر.
قوله تعالى: {كثيرا} أي تسبيحا كثيرا أو وقتا كثيرا، والسؤال والسؤلة بمعنى المفعول مثل الأكل بمعنى المأكول.
قوله تعالى: {إذ أوحينا} هو ظرف لمننا {اقذفيه} يجوز أن تكون {أن} مصدرية بدلا من ما يوحى، أو على تقدير هو أن اقذفيه: ويجوز أن تكون بمعنى: أي {فليلقه} أمر للغائب، و{منى} تتعلق بألقيت، ويجوز أن تكون نعتا لمحبة {ولتصنع} أي لتحب ولتصنع، ويقرأ على لفظ الأمر: أي ليصنعك غيرك بأمرى ويقرأ بكسر اللام وفتح التاء والعين: أي لتفعل ما أمرك بمرأى منى {إذ تمشى} يجوز أن يتعلق بأحد الفعلين: وأن يكون بدلا من إذ الأولى لأن مشى أخته كان منة عليه، وأن يكون التقدير: اذكر إذ تمشى، و{فتونا} مصدر مثل القعود، ويجوز أن يكون جمعا تقديره: بفتون كثيرة: أي بأمور تختبر بها، و{على قدر} حال: أي موافقا لما قدر لك.
قوله تعالى: {أن يفرط} الجمهور على فتح الياء وضم الراء فيجوز أن يكون التقدير: أن يفرط علينا منه قول فأضمر القول لدلالة الحال عليه كما تقول: فرط منى قول، وأن يكون الفاعل ضمير فرعون كما كان في {يطغى}.