فصل: تفسير الآيات (40- 41):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (40- 41):

قوله تعالى: {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ثم ذكر ظرف الصنع فقال: {إذ} أي حين {تمشي أختك} أي في الموضع الذي وضعوك به لينظروا لك مرضعة {فتقول} بعد إذ رأتك، لآل فرعون: {هل أدلكم على من يكفله} أي يقوم بمصالحه من الرضاع والخدمة، ناصحًا له، فقالوا: نعم! فجاءت بأمك فقبلت ثديها {فرجعناك} أي فتسبب عن قولها هذا أن رجعناك {إلى أمك} حين دلتهم عليها {كي تقر} أي تبرد وتسكن {عينها} وتربيك آمنة عليك غير خائفة، ظاهرة غير مستخفية {ولا تحزن} بفراقك أو بعدم تربيتها لك وبذلها الجهد في نفعك {وقتلت نفسًا} أي بعد أن صرت رجلًا من القبط دفعًا عن رجل من قومك فطلبت بها وأرادوا قتلك {فنجيناك} بما لنا من العظمة {من الغم} الذي كان قد نالك بقتله خوفًا من جريرته، بأن أخرجناك مهاجرًا لديارهم نحو مدين {وفتناك فتونًا} أي خلصناك من محنة بعد محنة مرة بعد مرة، على أنه جمع فتن أو فتنة، على ترك الاعتداد بالتاء، ويجوز أن يكون مصدرًا كالشكور، إذن الفتون ولادته عام الذبح وإبقاؤه في البحر ثم منعه الرضاع من غير ثدي أمه ثم جره لحية فرعون، ثم تناوله الجمرة بدل الدرة، ثم قتله القبطي، ثم خروجه إلى مدين في الطريق الهيع خائفًا يترقب، ثم إيجار نفسه عشر سنين، ثم إضلاله الطريق، ثم تفرق غنمه في ليلة مظلمة {فلبثت سنين} أي كثيرة {في أهل مدين} مقيمًا عند نبينا شعيب عليه السلام يربيك بآدابه، وصاهرته على ابنته {ثم جئت} أي الآن {على قدر} أي وقت قدّرته في الأزل لتكليمي لك، وهو بلوغ الأشد والاستواء، وإرسالك إلى فرعون لأمضي فيه قدري الذي ذبح أبناء بني اسرائيل خوفًا منه، فجئت غير مستقدم ولا مستأخر {يا موسى واصطنعتك} أي ربيتك بصنائع المعروف تربية من يتكلف تكوين المربى على طريقة من الطرائق {لنفسي} أي لتفعل من مرضاتي في تمهيد شرائعي وإنفاذ أوامري ما يفعله من يصنع للنفس من غير مشارك، فهو تمثيل لما حوله من منزلة التقريب والتكريم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

المنة الرابعة: قوله: {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ} واعلم أن العامل في إذ تمشى ألقيت أو تصنع، يروى أنه لما فشا الخبر بمصر أن آل فرعون أخذوا غلامًا في النيل وكان لا يرتضع من ثدي كل امرأة يؤتى بها لأن الله تعالى قد حرم عليه المراضع غير أمه اضطروا إلى تتبع النساء فلما رأت ذلك أخت موسى جاءت إليهم متنكرة فقالت: {هَلْ أَدُلُّكُمْ على أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} [القصص: 12] ثم جاءت بالأم فقبل ثديها فرجع إلى أمه بما لطف الله تعالى له من هذا التدبير.
أما قوله تعالى: {فرجعناك إلى أُمّكَ} أي رددناك، وقال في موضع آخر: {فرددناه إلى أُمّهِ} [القصص: 13] وهو كقوله: {قَالَ رَبّ ارجعون} [المؤمنون: 99] أي ردوني إلى الدنيا، أما قوله: {كَي تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ} فالمراد أن المقصود من ردك إليها حصول السرور لها وزوال الحزن عنها، فإن قيل: لو قال كي لا تحزن وتقر عينها كان الكلام مفيدًا لأنه لا يلزم من نفي الحزن حصول السرور لها، وأما لما قال أولًا كي تقر عينها كان قوله بعد ذلك: {وَلاَ تَحْزَنْ} فضلًا لأنه متى حصل السرور وجب زوال الغم لا محالة، قلنا: المراد أنه تقر عينها بسبب وصولك إليها فيزول عنها الحزن بسبب عدم وصول لبن غيرها إلى باطنك.
والمنة الخامسة: قوله: {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فنجيناك مِنَ الغم} فالمراد به وقتلت بعد كبرك نفسًا وهو الرجل الذي قتله خطأ بأن وكزه حيث استغاثه الإسرائيلي عليه وكان قبطيًا فحصل له الغم من وجهين، أحدهما: من عقاب الدنيا وهو اقتصاص فرعون منه ما حكى الله تعالى عنه: {فَأَصْبَحَ في المدينة خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: 18] والآخر من عقاب الله تعالى حيث قتله لا بأمر الله فنجاه الله تعالى من الغمين، أما من فرعون فحين وفق له المهاجرة إلى مدين وأما من عقاب الآخرة فلأنه سبحانه وتعالى غفر له ذلك.
المنة السادسة: قوله: {وفتناك فُتُونًا} وفيه أبحاث:
البحث الأول: في قوله: {فُتُونًا} وجهان: أحدهما: أنه مصدر كالعكوف والجلوس والمعنى وفتناك حقًا وذلك على مذهبهم في تأكيد الأخبار بالمصادر كقوله تعالى: {وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، والثاني: أنه جمع فتن أو فتنة على ترك الاعتداد بتاء التأنيث كحجوز وبدور في حجزة وبدرة أي فتناك ضروبًا من الفتن وهاهنا سؤالان.
السؤال الأول: إن الله تعالى عدد أنواع مننه على موسى عليه السلام في هذا المقام فكيف يليق بهذا الموضع قوله: {وفتناك فُتُونًا}.
الجواب عنه من وجهين: أحدهما: أن الفتنة تشديد المحنة، يقال فتن فلان عن دينه إذا اشتدت عليه المحنة حتى رجع عن دينه قال تعالى: {فَإِذَا أُوذِىَ في الله جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ الله} [العنكبوت: 10] وقال تعالى: {الم أَحَسِبَ الناس أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبين} [العنكبوت: 1 3] وقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البأساء والضراء وَزُلْزِلُواْ حتى يَقُولَ الرسول والَّذِينَ آمَنُوا مَعهُ متَى نَصْرَ الله} [البقرة: 214] فالزلزلة المذكورة في الآية ومس البأساء والضراء هي الفتنة والفتون، ولما كان التشديد في المحنة مما يوجب كثرة الثواب لا جرم عده الله تعالى من جملة النعم.
وثانيها: {فتناك فُتُونًا} أي خلصناك تخليصًا من قولهم: فتنت الذهب من الفضة إذا أردت تخليصه وسأل سعيد بن جبير ابن عباس عن الفتون فقال: نستأنف له نهارًا يا ابن جبير.
ثم لما أصبح أخذ ابن عباس يقرأ عليه الآيات الواردة في شأن موسى عليه السلام من ابتداء أمره فذكر قصة فرعون وقتله أولاد بني إسرائيل ثم قصة إلقاء موسى عليه السلام في اليم والتقاط آل فرعون إياه وامتناعه من الإرتضاع من الأجانب، ثم قصة أن موسى عليه السلام أخذ لحية فرعون ووضعه الجمرة في فيه، ثم قصة قتل القبطي، ثم هربه إلى مدين وصيرورته أجيرًا لشعيب عليه السلام، ثم عوده إلى مصر وأنه أخطأ الطريق في الليلة المظلمة واستئناسة بالنار من الشجرة وكان عند تمام كل واحدة منها يقول هذا من الفتون يا ابن جبير.
السؤال الثاني: هل يصح إطلاق اسم الفتان عليه سبحانه اشتقاقًا من قوله: {وفتناك فُتُونًا} والجواب لا لأنه صفة ذم في العرف وأسماء الله تعالى توقيفية لاسيما فيما يوهم ما لا ينبغي.
المنة السابعة: قوله تعالى: {فَلَبِثْتَ سِنِينَ في أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ على قَدَرٍ ياموسى} واعلم أن التقدير: {وفتناك فُتُونًا} فخرجت خائفًا إلى أهل مدين فلبثت سنين فيهم، أما مدة اللبث فقال أبو مسلم: إنها مشروحة في قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ} [القصص: 22] إلى قوله: {فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل} [القصص: 29] وهي إما عشرة وإما ثمان لقوله تعالى: {على أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ} [القصص: 27] وقال وهب: لبث موسى عليه السلام عند شعيب عليه السلام ثمانيًا وعشرين سنة منها عشر سنين مهر امرأته، والآية تدل على أنه عليه السلام لبث عنده عشر سنين وليس فيها ما ينفي الزيادة على العشر، واعلم أن قوله: {فَلَبِثَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} بعد قوله: {وفتناك فُتُونًا} كالدلالة على أن لبثه في مدين من الفتون وكذلك كان، فإنه عليه السلام تحمل بسبب الفقر والغربة محنًا كثيرة، واحتاج إلى أن آجر نفسه، أما قوله تعالى: {ثُمَّ جِئْتَ على قَدَرٍ يا موسى} فلابد من حذف في الكلام لأنه على قدر أمر من الأمور، وذكروا في ذلك المحذوف وجوهًا:
أحدها: أنه سبق في قضائي وقدري أن أجعلك رسولًا لي في وقت معين عينته لذلك فما جئت إلا على ذلك القدر لا قبله ولا بعده، ومنه قوله: {إِنَّا كُلَّ شَىْء خلقناه بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وثانيها: على مقدار من الزمان يوحى فيه إلى الأنبياء، وهو رأس أربعين سنة.
وثالثها: أن القدر هو الموعد فإن ثبت أنه تقدم هذا الموعد صح حمله عليه، ولا يمتنع ذلك لاحتمال أن شعيبًا عليه السلام أو غيره من الأنبياء كانوا قد عينوا ذلك الموعد، فإن قيل: كيف ذكر الله تعالى مجيء موسى عليه السلام في ذلك الوقت من جملة مننه عليه، قلنا: لأنه لولا توفيقه له لما تهيأ شيء من ذلك.
المنة الثامنة: قوله تعالى: {واصطنعتك لِنَفْسِي} والاصطناع اتخاذ الصنعة، وهي افتعال من الصنع.
يقال: اصطنع فلان فلانًا أي اتخذه صنيعه، فإن قيل: إنه تعالى غني عن الكل فما معنى قوله لنفسي.
والجواب عنه من وجوه: الأول: أن هذا تمثيل لأنه تعالى لما أعطاه من منزلة التقريب والتكريم والتكليم مثل حاله بحال من يراه بعض الملوك لجوامع خصال فيه أهلًا لأن يكون أقرب الناس منزلة إليه وأشدهم قربًا منه.
وثانيها: قالت المعتزلة: إنه سبحانه وتعالى إذا كلف عباده وجب عليه أن يلطف بهم ومن جملة الألطاف ما لا يعلم إلا سمعًا فلو لم يصطنعه بالرسالة لبقي في عهدة الواجب فصار موسى عليه السلام كالنائب عن ربه في أداء ما وجب على الله تعالى، فصح أن يقول: واصطنعتك لنفسي، قال القفال واصطنعتك أصله من قولهم اصطنع فلان فلانًا إذا أحسن إليه حتى يضاف إليه فيقال: هذا صنيع فلان وجريح فلان وقوله لنفسي: أي لأصرفك في أوامري لئلا تشتغل بغير ما أمرتك به وهو إقامة حجتي وتبليغ رسالتي وأن تكون في حركاتك وسكناتك لي لا لنفسك ولا لغيرك. اهـ.

.قال الجصاص:

قَوْله تعالى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْله تعالى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} فَقال: اسْتَأْنِفْ لَهَا نَهَارًا يَا ابْنَ جُبَيْرٍ ثُمَّ ذَكَرَ فِي مَعْنَاهُ وُقُوعَهُ فِي مِحْنَةٍ بَعْدَ مِحْنَةٍ خَلَّصَهُ اللَّهُ مِنْهَا، أَوَّلُهَا أَنَّهَا حَمَلَتْهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي كَانَ فِرْعَوْنُ يَذْبَحُ الْأَطْفَالَ، ثُمَّ إلْقَاؤُهُ فِي الْيَمِّ، ثُمَّ مَنْعُهُ الرَّضَاعَ إلَّا مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ، ثُمَّ جَرُّهُ لِحْيَةَ فِرْعَوْنَ حَتَّى هَمَّ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ تَنَاوُلُهُ الْجَمْرَةَ بَدَلَ الدُّرَّةِ فَدَرَأَ ذَلِكَ عَنْهُ قَتْلَ فِرْعَوْنَ، ثُمَّ مَجِيءُ رِجْلٍ مِنْ شِيعَتِهِ يَسْعَى لِيُخْبِرَهُ عَمَّا عَزَمُوا عَلَيْهِ مِنْ قَتْلِهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْله تعالى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} مَعْنَاهُ: خَلَّصْنَاكَ خَلَاصًا.
وقوله تعالى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} فَإِنَّ الِاصْطِنَاعَ الْإِخْلَاصُ بِالْأَلْطَافِ.
وَمَعْنَى: {لِنَفْسِي} لِتُصْرَفَ عَلَى إرَادَتِي وَمَحَبَّتِي. اهـ.

.قال الماوردي:

{كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحزَنَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: تقر عينها بسلامتك ولا تحزن بفراقك.
الثاني: تقر بكفالتك ولا تحزن بنفقتك.
{وَقَتَلْتَ نَفْسًا} يعني القبطي.
{فَنَجَّينَاكَ مِنَ الْغَمِّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: سلمناك من القَوَد.
الثاني: أمناك من الخوف.
{وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أخبرناك حتى صلحت للرسالة.
الثاني: بلوناك بلاء بعد بلاء، قاله قتادة.
الثالث: خلصناك تخليصًا محنة بعد محنة، أولها أنها حملته في السنة التي كان يذبح فرعون فيها الأطفال ثم إلقاؤه في اليم، ومنعه الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم جره بلحية فرعون حتى همّ بقتله، ثم تناوله الجمرة بدل التمرة، فدرأ ذلك عنه قتل فرعون، ثم مجيىء رجل من شيعته يسعى بما عزموا عليه من قتله قاله ابن عباس.
وقال مجاهد: أخلصناك إخلاصًا.
{ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} فيه وجهان:
أحدهما: على قدر الرسالة والنبوة، قاله قاله قتادة.
الثاني: على موعدة، قاله قتادة، ومجاهد.
ويحتمل ثالثًا: جئت على مقدار في الشدة وتقدير المدة، قال الشاعر:
نال الخلافة أو كانت له قدرًا ** كما أتى ربه موسى على قدر

{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}.
يحتمل وجهان:
أحدهما: خلقتك، مأخوذ من الصنعة.
الثاني: اخترتك، مأخوذ من الصنيعة. {لِنَفْسِي} فيه وجهان:
أحدهما: لمحبتي.
الثاني: لرسالتي. اهـ.

.قال ابن عطية:

{إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ}.
العامل في {إذ} فعل مضمر تقديره ومننا إذ، وتقدم تفسير هذه الآية في القصص المذكرور آنفًا. وقرأت فرقة {تقَر} بفتح القاف، وقرأت فرقة بكسر القاف والنفس هي نفس القطبي الذي كان يقاتل الإسرائيلي فوكزه موسى فقضى عليه، و{الغم} هم النفس وكان هم موسى بأمر من طلبه ليثأر به. وقوله: {فتناك فتونًا} معناه خلصناك تخليصًا. هذا قول جمهور المفسرين. وقالت فرقة معناه اختبرناك وعلى هذا التأويل لا يراد إلا ما اختبر به موسى بعد بلوغه وتكليفه وما كان قبل ذلك فلا يدخل في اختبار موسى وعده سنيه {في أهل مدين} عشرة أعوام لأنه إنما قضى أوفى الأجلين وقوله: {على قدر} أي بميقات محدودة للنبوة التي قد أرداها الله بك ومنه قول الشاعر: البسيط:
نال الخلافة إذ كانت له قدرًا ** كما أتى ربه موسى على قدر

{واصطنعتك} معناه جعلتك موضع الصنيعة ومقر الإجمال والإحسان، وقوله: {لنفسي} إضافة تشريف، وهكذا كما تقول بيت الله ونحوه والصيام لي وعبر بالنفس عن شدة القرب وقوة الاختصاص. اهـ.