فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال أهل النظم: كأن سائلًا سأل: كيف يصح التخافت بين المجرمين والجبال حائلة مانعة؟ فلذلك قال: {ويسألونك عن الجبال} وقال الضحاك: إن مشركي مكة قالوا على سبيل الاستهزاء: يا محمد كيف يكون حال الجبال يوم القيامة؟ فنزلت. ويحتمل أن يكون هذا جواب شبهة تمسك بها منكرو البعث- منهم جالينوس- زعم أن الأفلاك لا تفنى لأنها لو فنيت لابتدأت بالنقصان حتى تنتهي إلى البطلان، وكذا الجبال وغيرها من الأجرام الكلية، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم هذه المسألة الأصولية من غير تأخير ولهذا أدخل فاء التعقيب في الجواب. والنسف القلع. وقال الخليل: التطيير والإذهاب كأنه يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها. وحاصل الجواب أن كل بطلًا لا يلزم أن يكون ذبوليًا بل قد يكون رفعيًا. والضمير في {فيذرها} للمضاف المحذوف أي فيدع مقارها ومراكزها وهو للأرض للعلم بها كقوله: {ما ترك على ظهرها} [فاطر: 45] والقاع المستوي من الأرض. وقيل: المكان المطمئن. وقيل: مستنقع الماء.
والصفصف الأرض الملساء المستوية. وقيل: التي لا نبات فيها. والأمت النتوّ اليسير. وقيل: التلال الصغار. قالوا: العوج بالكسر في المعاني وكأنه سبحانه نفى العوج الذي يدق عن الإحساس ولا يدرك إلا بالقياس الهندسي. وإذا كان هذا النوع من العوج الاعتباري منتفيًا فكيف بالعوج الحسي! وقد يستدل بالآية على أن الأرض يومئذ تكون كرة حقيقة إذ لو كانت مضلعة وقعت بين الأضلاع فصول مشتركة فيعوج الامتداد القائم عليها هناك. ثم إنه تعالى وصف ذلك اليوم بأن الخلائق فيه {يتبعون الداعي} قيل: هو النفخ في الصور وقوله: {لا عوج له} أي لا يعدل عن أحد بدعائه بل يحشر الكل. وقيل: إن إسرافيل أو ملكًا آخر يقوم على صخرة بيت المقدس ينادي: أيها العظام النخرة والأوصال المتفرقة واللحوم المتمزقة، قومي إلى ربك للحساب والجزاء فلا يعوج له مدعوّ بل يتبعون صوته من غير انحراف. {وخضعت الأصوات للرحمن} خفضت من شدة الفزع {فلا تسمع} أيها السامع {إلا همسًا} وهو الصوت الخفي. وذلك أن الجن والإنس علموا أن لا مالك لهم سواه، وحق لمن كان الله محاسبه أن يخشع طرفه ويضعف صوته ويختلط قوله ويطول غمه. وعن ابن عباس والحسن وعكرمة وابن زيد الهمس وطء الأقدام إلى المحشر. قوله: {إلا من أذن له الرحمن} يصلح أن يكون {من} منتصبًا على المفعولية وأن يكون مرفوعًا على البدلية بتقدير حذف المضاف أي لا تنفع الشفاعة إلا شفاعة من أذن له الرحمن {ورضي له} أي لأجله {قولًا}.
قال الإمام فخر الدين الرازي: الاحتمال الأول أولى لعدم التزام الإضمار، ولأن درجة الشافع درجة عظيمة فلا تصلح ولا تحصل إلا لمن أذن له فيها وكان عند الله مرضيًا. فلو حملنا الآية على ذلك كان من إيضاح الواضحات بخلاف ما لو حملت على المشفوع. وأقول: الاحتمالان متقاربان متلازمان لأن المشفوع لا تقبل الشفاعة في حقه إلا إذا أذن الرحمن لأجله فيعود إلى الثاني. قالت المعتزلة: الفاسق غير مرضي عند الله تعالى فوب أن لا ينتفع بشفاعة الرسول. وأجيب بأنه قد رضي لأجله قولًا واحدًا من أقواله وهو كلمة الشهادة. قالوا: هب أن الفاسق قد رضي الله قولًا لأجله، فلم قلتم إن الإذن حاصل للشافع في حقه؟ والجواب أنا أيضًا نمنع من أن الإذن غير حاصل في حقه على أنه قال في موضع آخر {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} [الأنبياء: 28] فلم يعتبر إلا أحد القيدين. ثم أخبر عن نهاية علمه بقوله: {يعلم ما بين أيديهم}. الضمير للذين يتبعون الداعي أي يعلم ما يقدمهم من الأحوال وما يستقبلونه {ولا يحيطون} بمعلومه {علمًا}. وقال الكلبي ومقاتل: الضمير للشافعين من الملائكة والأنبياء كما مر في آية الكرسي. وفيه تقريع لمن يعبد الملائكة ليشفعوا له أي يعلم ما كان قبل خلقهم وما كان منهم بعد خلقهم من أمر الآخرة والثواب العقاب وإنهم لا يعلمون شيئًا من ذلك فكيف يصلحون للمعبودية.
ثم ذكر غاية قدرته فقال: {وعنت الوجوه} أي زلت رقاب الممكنات منقادين لأمره كالأسارى. عنا يعنو عنوًّا إذا صار أسيرًا. وقيل: أراد وجوه العصاة في القيامة كقوله: {سيئت وجوه الذي كفروا} [الملك: 27] ولعله خص الوجوه بالذكر لأن أثر الذل والانكسار فيها أبين وأظهر، قال جار الله: {وقد خاب} وما بعده اعتراض أي كل من ظلم فهو خائب خاسر. ولأهل السنة أن يخصوا الظلم هاهنا بالشرك أو يعارضوا هذا العموم بعمومات الوعد. من قرأ {فلا يخاف} بالرفع فعلى الاستئناف أي فهو لا يخاف كقوله: {فينتقم الله منه} [المائدة: 95] ومن قرأ {فلا يخف} فمعناه فليأ من له لأن النهي عن الخوف أمر بالأمن. من فسر الظلم بأنه الأخذ فوق حقه بالنقص من حقه كصفة المطففين فيقدر مضافًا محذوفًا أي فلا يخاف جزاء ظلم ولا هضم لأنه لم يظلم ولم يهضم، ومن فسر الظلم بأنه العقاب لا على جريمة والهضم بأنه النقص من الثواب فلا يحتاج إلى تقدير المضاف. قال أبو مسلم: الظلم أن ينقص من الثواب والهضم أن لا يوفى حقه من التعظيم لأن الثواب مع كونه من اللذات لا يكون ثوابًا إلا إذا قارنه التعظيم.
قال جار الله: {وكذلك} عطف على قوله: {كذلك نقص} أي ومثل ذلك الإنزال وعلى نهجه، وكما أنزلنا عليك هؤلاء الآيات المضمنة للوعيد أنزلنا القرآن كله عربيًا لأن العرب أصل وغيرهم تبع لأن النبي عربي. {وصرفنا فيه من الوعيد} كررناه وفصلناه ويدخل في ضمنه الفرائض والمحارم لأن الوعيد يتعلق بترك أحدهما وبفعل الآخر {لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرًا} حمل جار الله الأول على إرادة ترك المعاصي والثاني على فعل الخبر والطاعة، لأن الذكر قد يطلق على الطاعة والعبادة. قلت: لا ريب أن القرآن ينفر عن السيئات ويبعث على الطاعات من حيث إن فهم معانيه يؤدّي إلى ذلك، وإنما قدم الأول على الثاني لأن التخلية مقدمة على التحلية. ويحتمل أن تكون التقوى عبارة عن فعل الخيرات وترك المنكرات جميعًا. والذكر يكون محمولًا على ضد النسيان أي إن نسوا شيئًا من التروك والأفعال أحدث لهم ذكرًا إذا تأملوا معانية. وكلمة {أو} على الأول للتخيير والإباحة لا للتنافي، وعلى الثاني يجوز أن تكون للتنافي. وقيل: أراد أنزلنا القرآن ليتقوا فإن لم يحصل ذلك فلا أقل من أن يوجب القرآن لهم ذكرًا أي شرفًا ومنصبًا كقوله: {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف: 44] وعلى التقديرين يكون في إنزال القرآن نفع. ثم عظم شأن القرآن من وجه آخر وهو عظمة شأن منزلة قائلًا {فتعالى الله الملك الحق} ارتفع صفاته عن صفات المخلوقين أنزل القرآن ليحترزوا عما لا ينبغي وأنه منزه عن الانتفاء والتضرر بطاعاتهم ومعاصيهم.
ومعنى الحق قد مر في البسملة. قال جار الله: فيه استعظام له ولما يصرّف عليه عباده من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده والإدارة بين ثوابه وعقابه وغير ذلك كما يجري عليه أمر ملكوته. قال أبو مسلم: إن قوله: {ويسئلونك عن الجبال} إلى هاهنا كلام تام. وقوله: {ولا تعجل} خطاب مستأنف. وقال آخرون: إنه صلى الله عليه وسلم كان يخاف أن يفوته شيء فيقرأ مع الملك، فإنه تعالى حين شرح كيفية نفع القرآن للمكلفين وبين أنه سبحانه متعال عن الانتفاع والتضرر بالطاعات والمعاصي. وأنه موصوف بالملك الدائم والعز بالباقي، وكل من كان كذلك وجب أن يصون رسوله عن السهو والنسيان في أمر الوحي وما يتعلق بصلاح العباد في المعاش والمعاد. قال: {ولا تعجل بالقرآن} لأنه حصل لك الأمان من السهو والنسيان {من قبل أن يقضي إليك وحيه} أي من قبل أن تتم قراءة جبريل ونحوه قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] قاله مقاتل والسدي وابن عباس في رواية عطاء. وقال مجاهد وقتادة: أراد ولا تعجل بالقرآن فتقرأ على أصحابك من قبل أن يوحى إليك بيان معانية أي لا تبلغ ما كان مجملًا حتى يأتيك البيان. وقال الضحاك: إن أهل مكة وأسقف نجران قالوا: يا محمد، أخبرنا عن كذا وكذا وقد ضربنا لك أجلًا ثلاثة أيام فأبطأ الوحي عليه وفشت المقالة أن اليهود قد غلبوا فنزلت هذه الآية. أي لا تعجل بنزول القرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه من اللوح المحفوظ إلى إسرافيل ومن جبرائيل ومنه إليك. وعن الحسن: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: زوجي لطم وجهي فقال: بينكما القصاص فنزلت الآية فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القصاص. وإنما نشأت هذه الأقوال لأن قوله: {ولا تعجل بالقرآن} يحتمل التعجيل بقراءته في نفسه، أو في تأديته إلى غيره، أو في اعتقاده ظاهره، أو في تعريف الغير ما يقتضيه الظاهر. وقوله: {من قبل أن يقضى إليك وحيه} احتمل أن يراد من قبل أن يقضى إليك تمامه، أو من قبل أن يقضى إليك بيانه فقد يجوز أن يحصل عقيبه استثناء أو شرط أو غيرهما من المخصصات والمبينات ويؤكد هذه المعاني قوله: {وقل رب زدني علمًا} لأن معرفة البيان علم زائد على معرفة الإجمال. والظاهر أن هذا الاستعجال كان أمرًا اجتهاديًا وكان الأولى تركه فلذلك نهى عنه. قال جار الله: هذا الأمر متضمن للتواضع لله والشكر له عندما علم من ترتيب التعلم أي علمتني يا رب لطيفة في باب التعلم وأدبًا جميلًا ما كان عندي فزدنى علمًا إلى علم. ومن فضائل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أمر بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم.
وفيه إشارة إلى أن أسرار القرآن غير متناهية، اللَّهم إن هذا العبد الضعيف معترف بقصوره ونقصانه فأسألك مما سألك به نبيك أن ترزقني بتبعيته علمًا ينفعني في الدارين. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102)}.
الظرف وهو: {يَوْمَ يُنفَخُ} متعلق بمقدّر هو اذكر.
وقيل: هو بدل من يوم القيامة، والأوّل أولى.
قرأ الجمهور: {ينفخ} بضم الياء التحتية مبنيًا للمفعول، وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق بالنون مبنيًا للفاعل، واستدلّ أبو عمرو على قراءته هذه بقوله: {ونحشر} فإنه بالنون، وقرأ ابن هرمز: {ينفخ} بالتحتية مبنيًا للفاعل على أن الفاعل هو الله سبحانه أو إسرافيل، وقرأ أبو عياض: {في الصور} بفتح الواو جمع صورة، وقرأ الباقون بسكون الواو.
وقرأ طلحة بن مصرف والحسن: {يُحْشَرُ} بالياء التحتية مبنيًا للمفعول ورفع {المجرمين} وهو خلاف رسم المصحف، وقرأ الباقون بالنون.
وقد سبق تفسير هذا في الأنعام.
والمراد بالمجرمين: المشركون والعصاة المأخوذون بذنوبهم التي لم يغفرها الله لهم، والمراد ب {يَوْمَئِذٍ}: يوم النفخ في الصور.
وانتصاب {زرقًا} على الحال من المجرمين، أي زرق العيون، والزرقة الخضرة في العين كعين السنور والعرب تتشاءم بزرقة العين، وقال الفراء: {زرقًا} أي عميا.
وقال الأزهري: عطاشًا، وهو قول الزجاج، لأن سواد العين يتغير بالعطش إلى الزرقة.
وقيل: إنه كني بقوله: {زرقًا} عن الطمع الكاذب إذا تعقبته الخيبة.
وقيل: هو كناية عن شخوص البصر من شدّة الخوف، ومنه قول الشاعر:
لقد زرقت عيناك يا بن معكبر ** كما كل ضبي من اللؤم أزرق

والقول الأوّل أولى، والجمع بين هذه الآية وبين قوله: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمّا} [الإسراء: 97].
ما قيل من أن ليوم القيامة حالات ومواطن تختلف فيها صفاتهم ويتنوع عندها عذابهم، وجملة {يتخافتون بَيْنَهُمْ} في محل نصب على الحال، أو مستأنفة لبيان ما هم فيه في ذلك اليوم، والخفت في اللغة السكون، ثم قيل لمن خفض صوته: خفته.
والمعنى يتساررون، أي يقول بعضهم لبعض سرًّا: {إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْرًا} أي ما لبثتم في الدنيا إلا عشر ليالِ.
وقيل: في القبور.
وقيل: بين النفختين، والمعنى: أنهم يستقصرون مدة مقامهم في الدنيا، أو في القبور، أو بين النفختين لشدّة ما يرون من أهوال القيامة.
وقيل: المراد بالعشر: عشر ساعات.
ثم لما قالوا هذا القول قال الله سبحانه: {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً} أي أعدلهم قولًا وأكملهم رأيًا وأعلمهم عند نفسه: {إن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْمًا} أي ما لبثتم إلا يومًا واحدًا، ونسبة هذا القول إلى أمثلهم؛ لكونه أدلّ على شدّة الهول، لا لكونه أقرب إلى الصدق.
{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الجبال} أي عن حال الجبال يوم القيامة، وقد كانوا سألوا النبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأمره الله سبحانه أن يجيب عنهم فقال: {فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفًا} قال ابن الأعرابي وغيره: يقلعها قلعًا من أصولها، ثم يصيرها رملًا يسيل سيلًا، ثم يصيرها كالصوف المنفوش تطيرها الرياح هكذا وهكذا، ثم كالهباء المنثور.
والفاء في قوله: {فَقُلْ} جواب شرط مقدّر، والتقدير: إن سألوك فقل، أو للمسارعة إلى إلزام السائلين.
والضمير في قوله: {فَيَذَرُهَا} راجع إلى الجبال باعتبار مواضعها، أي فيذر مواضعها بعد نسف ما كان عليها من الجبال {قَاعًا صَفْصَفًا} قال ابن الأعرابي: القاع الصفصف: الأرض الملساء بلا نبات ولا بناء، وقال الفراء: القاع: مستنقع الماء، والصفصف: القرعاء الملساء التي لا نبات فيها.
وقال الجوهري: القاع: المستوي من الأرض، والجمع أقوع وأقواع وقيعان.
والظاهر من لغة العرب أن القاع: الموضع المنكشف، والصفصف: المستويّ الأملس، وأنشد سيبويه:
وكم دون بيتك من صفصف ** ودكداك رمل وأعقادها

وانتصاب: {قاعًا} على أنه مفعول ثانٍ ليذر على تضمينه معنى التصيير، أو على الحال والصفصف صفة له.
ومحل: {لاَّ ترى فِيهَا عِوَجًا} النصب على أنه صفة ثانية ل {قاعًا}، والضمير راجع إلى الجبال بذلك الاعتبار.
والعوج بكسر العين: التعوّج، قاله ابن الأعرابي.
والأمت: التلال الصغار.
والأمت في اللغة: المكان المرتفع.
وقيل: العوج: الميل، والأمت: الأثر مثل الشراك.
وقيل: العوج: الوادي، والأمت: الرابية.
وقيل: هما الارتفاع.
وقيل: العوج: الصدوع، والأمت: الأكمة.
وقيل: الأمت: الشقوق في الأرض.
وقيل: الأمت: أن يغلظ في مكان ويدق في مكان.
ووصف مواضع الجبال بالعوج بكسر العين ها هنا يدفع ما يقال: إن العوج بكسر العين في المعاني وبفتحها في الأعيان، وقد تكلف لذلك صاحب الكشاف في هذا الموضع بما عنه غني، وفي غيره سعة.
{يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الداعى لاَ عِوَجَ لَهُ} أي يوم نسف الجبال يتبع الناس داعي الله إلى المحشر.
وقال الفراء: يعني صوت الحشر، وقيل: الداعي هو إسرافيل إذا نفخ في الصور لا عوج له، أي لا معدل لهم عن دعائه فلا يقدرون على أن يزيغوا عنه، أو ينحرفوا منه بل يسرعون إليه كذا قال أكثر المفسرين.
وقيل لا عوج لدعائه {وَخَشَعَتِ الأصوات للرحمن} أي خضعت لهيبته، وقيل: ذلت.
وقيل: سكتت، ومنه قول الشاعر:
لما أتى خبر الزبير تواضعت ** سور المدينة والجبال الخشع

{فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا} الهمس: الصوت الخفي.
قال أكثر المفسرين: هو صوت نقل الأقدام إلى المحشر، ومنه قول الشاعر:
وهنّ يمشين بنا هميسا