فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والمجنون ليس له خُلق، والحق سبحانه يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 14].
والخُلق هو المَلَكة المستقرة للخير، فكيف يكون محمد مجنونًا، وهو على خلق عظيم؟ ثم هل جرَّبْتُم عليه شيئًا مما يفعله المجانين.
أما قولهم: إن رسول الله افترى هذا القرآن، كيف وأنتم لم تسمعوا منه قبل البعثة شِعْرًا أو خطبًا ولم يسبق أن قال شيئًا مثل هذا؟ كيف يفتري مثل هذا الأسلوب المعجز، وليس عنده صنعة الكلام؟ وإن كان محمد قد افترى القرآن فلماذا لا تفترون أنتم مثله وتعارضونه؟
{قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ} [يونس: 38].
وهكذا تقوم من نفس أقوالهم الأدلة على كذبهم وادعائهم على رسول الله.
ثم يقول تعالى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130].
والتسبيح هو التنزيه لله تعالى، وهو صفة لله قبل أنْ يخلق مَنْ يُسبِّحه ويُنزِّهه؛ لذلك يقول تعالى في استهلال سورة الإسراء: {سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]؛ لأن العملية مخالفة لمنطق القوانين، فقال: نزّه فعل الله عن أفعالك.
إذن: فسبحان معناها أن التنزيه ثابت لله، ولو لم يوجد المنزَّه، فلما خلق الله الكون سَبَّحتْ السموات والأرض وما فيهن لله.
فإذا كان التسبيح ثابتًا لله قبل أن يوجد المسبّح، ثم سبح لله أول خلقه، ولا يزالون يُسبِّحون، فأنت أيضًا سبِّح باسم ربك الأعلى. أي: نزّهه سبحانه ذاتًا وصفاتًا وأفعالًا وأقوالًا عَمَّا تراه من المخلوقات.
ومعنى {بِحَمْدِ رَبِّكَ} [طه: 130] لأن من لوازم الخلق أن يكون مختلفًا في الأهواء والأغراض والمصالح، يتشاكلون ويتحاربون على عَرَضٍ زائل، فمنهم الظالم والمظلوم، والقوي والضعيف.
إذن: لابد من وجود واحد لا توجد فيه صفة من هذه الصفات، ليضع القانون والقسطاس المستقيم الذي يُنظِّم حياة الخَلْق، فهذا التنزُّه عن مشابهة الأحداث كلها، وعن هذه النقائض نعمة يجب أن نشكر الله ونحمده على وجودها فيه، نحمده على أنه ليس كمثله شيء.
فذلك يجعل الكون كله طائعًا، إنما لو مثله شيء فلربما تأبَّى على الطاعة في {كُنْ فيكون}.
والتسبيح والتنزيه يعني المقياس الذي يضبط العالم ليس كمقياس العالم، إنما أصلح وأقوى، وهذا في صالح أنت، فساعةَ أن تُسبِّح الله اذكر أن التسبيح نعمة، فاحمد الله على أنه لا شيءَ مثلُه. سبِّح تسبيحًا مصحوبًا بحمْدِ ربك؛ لأن تنزيهه إنما يعود بالخير على مَنْ خلق، وهذه نعمة تستحق أن تحمدَ الله عليها.
ومثال ذلك ولله المثل الأعلى ربّ الأسرة، هذا الرجل الكبير العاقل صاحب كلمة الحق والعدل بين أفرادها، وصاحب المهابة بينهم تراهم جميعًا يحمدون الله على وجوده بينهم؛ لأنه يحفظ توازن الأسرة، ويُنظِّم العلاقات بين أفرادها. ألم نَقُلْ في الأمثال اللي ملوش كبير يشتري له كبير؟
حتى وإن كان هذا الكبير متعاليًا؛ لأن تعاليه لصالح أفراد أسرته، حيث سليزم كل واحد منهم حدوده.
لذلك من أسماء الله تعالى: المتعال المتكبر، وهذه الصفة وإنْ كانت ممقوتة بين البشر لأنها بلا رصيد، فهي محبوبة لله تعالى؛ لأنها تجعل الجميع دونه سبحانه عبدًا له، فتَكبُّره سبحانه وتعالى ه بحقٍّ: {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: 82].
إذن: لا يحفظ التوازن في الكون إلا قوة مغايرة للخَلْق.
وقوله: {قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النهار لَعَلَّكَ ترضى} [طه: 130].
أي: تسبيحًا دائمًا مُتواليًا، كما أن نعم الله عليك متوالية لا تنتهي، فكلُّ حركة من حركاتك نعمة، النوم نعمة، والاستيقاظ نعمة، الأكل نعمة، والشرب نعمة، البصر والسمع، كل حركة من حركات الأحداث نعمة تستحق الحمد، وكل نعمة من هذه ينطوي تحتها نِعَم.
خُذْ مثلًا حركة اليد التي تبطش بها، وتأمّل كم هي مرِنة مِطْواعة لك كما شئت دون تفكير منك، أصابعك تتجمع وتمسك الأشياء دون أن تشعر أنت بحركة العضلات وتوافقها، وربما لا يلتفت الإنسان إلى قدرة الله في حركة يده، إلا إذا أصابها شلل والعياذ بالله، ساعتها يعرف أنها عملية صعبة، ولا يقدر عليها إلا الخالق عز وجل.
لذلك؛ فالحق سبحانه وتعالى يعطينا زمن التسبيح، فيعيشه في كل الوقت {قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النهار} [طه: 130].
وآناء: جمع إنْى، وهو الجزء من الزمن، وهذا الجزء يترقَّى حسْب تنبهك لتسبيح التحميد، فمعنى التسبيح آناء الليل، يعني أجزاء الليل كله، فهل يعني هذا أن يظل الإنسانُ لا عملَ له إلا التسبيح؟
المناطقة يقولون عن الجزء من الوقت: مقول بالتشكيك، فيمكن أن تُجزّىء الليل إلى ساعات، فتُسبِّح كل ساعة، أو تترقّى فتسبح كل دقيقة، أو تترقّى فتُسبِّح كل ثانية، وهكذا حسْب مقامات المسبّح الحامد وأحواله.
فهناك من عباد الله مَنْ لا يفتر عن تسبيحه لحظة واحدة، فتراه يُسبِّح الله في كل حركة من حركاته؛ لأنه يعلم أنه لا يؤديها بذاته بدليل أنها قد تُسْلَب منه في أي وقت.
إذن: فأجزاء الوقت تختلف باختلاف المقامات والأحوال، أَلاَ تراهم في وحدة القياس يقيسون بالمتر، ثم بالسنتيمتر، ثم بالمللي متر، وفي قياس الوقت توصّل اليابانيون إلى أجهزة تُحدِّد جزءًا من سبعة آلاف جزء من الثانية.
ثم يقول: {وَأَطْرَافَ النهار} [طه: 130] ليستوعب الزمن كله ليله ونهاره، والمقامات والأحوال كلها؛ لذلك يقول بعض العارفين في نصائحه التي تضمن سلامة حركة الحياة:
اجعل مراقبتك لمن لا تخلو عن نظره إليك فهذا الذي يستحق المراقبة، وعلى المرء أنْ يتنبه لهذه المسألة، فلا تُكنْ مراقبته لمن يغفل عنه، أو ينصرف، أو ينام عنه.
{واجعل شكرك لمن لا تنقطع نعمه عنك} فإذا شربتَ كوب ماءٍ فقُلْ: الحمد لله أن أرواك، فساعةَ تشعر بنشاطها في نفسك قل: الحمد لله. وساعةَ أنْ تُخرجها عرقًا أو بولًا قل: الحمد لله، وهكذا تكون موالاة حمد الله، والمداومة على شُكْره.
{واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه} فطالما أنك لا تستغني عنه، فهو الأَوْلَى بطاعتك.
{واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن مُلْكه وسلطانه} وإلاَّ فأين يمكنك أن تذهب؟
لكن، لماذا أطلق زمن التسبيح بالليل، فقال: {آنَاءِ الليل} [طه: 130] وحدده في النهار فقال: {وَأَطْرَافَ النهار} [طه: 130]؟
قالوا: لأن النهار عادة يكون محلًا للعمل والسَّعْي، فربما شغلك التسبيح عن عملك، وربنا يأمرك أن نضربَ في الأرض ونُسهِم في حركة الحياة، والعمل يُعين على التسبيح، ويُعين على الطاعة، ويُعينك أنْ تلبي نداء: الله أكبر.
ألاَ تقرأ قول الله عز وجل في سورة الجمعة: {يا أيها الذين آمنوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجمعة فاسعوا إلى ذِكْرِ الله وَذَرُواْ البيع ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِي الأرض وابتغوا مِن فَضْلِ الله واذكروا الله كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 910].
ذلك لأن حركة الحياة هي التي تُعينك على أداء فَرْض ربك عليك، فأنت مثلًا تحتاج في الصلاة إلى سٍَتْر العورة، فانظر إلى هذا الثواب الذي تستر به عورتك: كم يَدٌ ساهمتْ فيه؟ وكم حركة من حركات الحياة تضافرتْ في إخراجه على هذه الصورة؟
أمّا في الليل فأنتم مستريح، يمكنك التفرغ فيه لتسبيح الله في أيِّ وقت من أوقاته.
ويلفتنا قوله تعالى: {قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النهار} [طه: 130] فأيّ طلوع؟ وأيّ غروب؟ وأيُّ ليل؟ وأيّ نهار؟ أهي لمصر أم للجزائر أم للهند أم لليابان؟ إنها ظواهر متعددة وممتدة بامتداد الزمان والمكان لا تنتهي، فالشمس في كل أوقاتها طالعة غاربة، ففي هذا إشارة إلى أن ذِكْر الله وتسبيح الله دائمٌ لا ينقطع.
ثم يذكر سبحانه الغاية من التسبيح، فيقول {لَعَلَّكَ ترضى} [طه: 130] ونلحظ أن الحق سبحانه يحثُّ على العمل بالنفعية، فلم يقُل: لعلِّي أرضى، قال: لعلك أنت ترضى، فكأن المسألة عائدة عليك ولمصلحتك.
والرضا: أنْ تصلَ فيما تحب إلى ما تؤمِّل، والإنسان لا يرضى إلا إذا بلغ ما يريد، وحقّق ما يرجو، كما تقول لصاحبك: أأنت سعيد الآن؟ يقول: يعني: يقصد أنه لم يصل بعد إلى حَدِّ الرضا، فإنْ تحقَّق له ما يريد يقول لك: سعيد والحمد لله.
فإنْ أحسنتَ إليه إحسانًا يفوق ما يتوقعه منك يأخذك بالأحضان ويقول: ربنا يُديم عمرك، جزاك الله خيرًا.
إذن: رضا الإنسان له مراحل؛ لذلك فالحق سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي كما روى النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يتجلى على خَلْقه في الجنة: يا عبادي هل رضيتم؟ فيقولون: وكيف لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحدًا من العالمين، قال: أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا رب، وهل يوجد أفضل من ذلك؟ قال: نعم، أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط بعده عليكم أبدًا».
وهكذا يكون الرضى في أعلى مستوياته. الغاية من التسبيح إذن الذي كلّفك ربك به أنْ ترضى أنت، وأن يعودَ عليك بالنفع، وإلا فالحق سبحانه مُسبَّح قبل أن يخلق، أنت مُسبّح قبل أن يخلق الكون كله، ولا يزيد تسبيح في ملكه تعالى شيئًا. ويتم لك هذا الرضا حين تُرضِي الله فيرضيك.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا}.
بعد أن قال الحق سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فاصبر على مَا يَقُولُونَ} [طه: 130] حذره أن ينظر إلى هؤلاء الجبابرة والمعاندين على أنهم في نعمة تمتد عينه إليها. ومعنى مَدِّ العين ألاَّ تقتصر على مجرد النظر على قَدَر طاقتها، إنما يُوجهها باستزادة ويوسعها لترى أكثر مما ينبغي، ومَدُّ العين يأتي دائمًا بعد شغل النفس بالنعمة وتطلّعها إليها، فكأن الله يقول: لا تشغل نفسك بما هم فيه من نعيم؛ لأنه زهرة الدنيا التي سرعان ما تفنى.
وقوله: {إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ} [طه: 131] الأزواج لا يُراد بها هنا الرجل والمرأة، إنما تعني الأصناف المقترنة، كما في قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [فصلت: 25].
كل واحد له شيطان يلازمه لا يفارقه. هذه هي الزوجية المرادة، كذلك في قوله تعالى: {قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} [الصافات: 51].
والزَّهْرة إشارة إلى سرعة النهاية والحياة القصيرة، وهي زَهْرة لحياة دنيا، وأيّ وصف لها أقل من كَوْنها دنيا؟ وهذا الذي أعطيناهم من متاع الدنيا الزائل فأخذوا يزهُون به، ما هو إلا فتنة واختبار {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه: 131].
والاختبار يكون بالخير كما يكون بالشر، يقول تعالى: {وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً} [الأنبياء: 35].
ويقول تعالى: {فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ} [الفجر: 15].
ويشكر أنه عرفها لله {وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ ربي أَهَانَنِ} [الفجر: 16].
وهنا يُصحِّح لهم الحق سبحانه هذه الفكرة، يقول: كلاكما كاذب في هذا القول، فلا النعمةَ دليلُ الإكرام، ولا سلبها دليلُ الإهانة: {كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم وَلاَ تَحَآضُّونَ على طَعَامِ المسكين وَتَأْكُلُونَ التراث أَكْلًا لَّمًّا} [الفجر: 1719].
فهَبْ أن الله أعطاك نعمة ولم تُؤَدِّ شكْرها وحقَّها، فأيُّ إكرام فيها؟
ثم يقول تعالى: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأبقى} [طه: 131] أي: لا تشغل بالك بما أعطاهم الله؛ لأنه سبحانه سيعطيك أعظم من هذا، ورِزْق ربك خير من هذا النعيم الزائل وأبْقى وأخلد؛ لأنه دائم لا ينقطع في دار البقاء التي لا تفوتها ولا تفوتك، أما هؤلاء فنعيمهم موقوت، إمّا أنْ يفوتهم بالفقر، أو يفوتوه هم بالموت. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله: {وكذلك نجزي من أسرف} قال: من أشرك.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أفلم يهد لهم} قال: ألم نبين لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أفلم يهد لهم} قال: أفلم نبين لهم {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم. وفي قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزامًا وأجل مسمى} قال: هذا من مقاديم الكلام يقول: لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزامًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزامًا} قال: لكان أخذًا، ولكنا أخرناهم إلى يوم بدر وهو اللزوم، وتفسيرها {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزامًا وأجل مسمى} لكان لزامًا، ولكنه تقديم وتأخير في الكلام.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: الأجل المسمى، الكلمة التي سبقت من ربك {لكان لزامًا وأجل مسمى} قال: أجل مسمى الدنيا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {لكان لزامًا} قال: موتًا.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: هي الصلاة المكتوبة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس} قال: هي صلاة الفجر {وقبل غروبها} قال: صلاة العصر {ومن آناء الليل} قال: صلاة المغرب والعشاء {وأطراف النهار} قال: صلاة الظهر.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن جرير، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: «{قبل طلوع الشمس} صلاة الصبح {وقبل غروبها} صلاة العصر».
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: كان هذا قبل أن تفرض الصلاة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وابن مردويه، عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا» ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها}.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي، عن عمارة بن رومية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها».
وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «حافظ على العصرين. قلت: وما العصران؟ قال: صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله: {ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار} قال: بعد الصبح وعند غروب الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {لعلك ترضى} قال: الثواب فيما يزيدك الله على ذلك.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن، أنه قرأ {لعلك ترضى} برفع التاء.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن راهويه والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق، وأبو نعيم في المعرفة عن أبي رافع قال: أضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيفًا ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم ما يصلحه، فأرسلني إلى رجل من اليهود أن بعنا أو أسلِفْنا دقيقًا إلى هلال رجب. فقال: لا، إلا برهن. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: «أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض، ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه، اذهب بدرعي الحديد» فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم} كأنه يعزيه عن الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله: {ولا تمدن عينيك} الآية. قال: تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن أخوف ما أخاف عليكم، ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا. قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بركات الأرض».
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله:. قال: زينة الحياة الدنيا {لنفتنهم فيه} قال: لنبتليهم فيه {ورزق ربك خير وأبقى} قال: مما متع به هؤلاء من زهرة الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ورزق ربك خير وأبقى} يقول: رزق الجنة.
وأخرج المرهبي في فضل العلم عن زياد الصدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلب العلم تكفل الله برزقه».
وأخرج المرهبي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غدا في طلب العلم، أظلت عليه الملائكة، وبورك له في معيشته ولم ينقص من رزقه وكان عليه مباركًا» اهـ.