فصل: قال الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الغزنوي:

ومن سورة الأنبياء:
1 {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ} لقلّة ما بقي بالإضافة إلى ما مضى، أو لأنّ كلّ آت قريب. وحساب اللّه العبد إظهاره تعالى ما للعبد وما عليه للجزاء.
2 {مُحْدَثٍ} أي: في التنزيل.
3 {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} مشتغلة، من لهيت ألهى لهوا ولهيّا. أو طالبة للّهو، من لهوت ألهو، وإذا تقدّمت الصّفة انتصب، كقول الشّاعر:
لميّة موحشا طلل ** يلوح كأنّه خلل

{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} تمّ الكلام عليه، ثم كأنه فسّره فقال: هم الذين {ظلموا} كقوله: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُم}.
{أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ} أفتقبلونه؟
10 {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} شرفكم إن عملتم به.
12 {يَرْكُضُونَ} يسرعون ويستحثون.
13 {لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ} لتسألوا عما كنتم تعملون.
15 {حَصِيدًا خامِدِينَ} خمدوا كالنّار وحصدوا كما يحصد الزّرع.
19 {لا يَسْتَحْسِرُونَ} لا يتعبون ولا ينقطعون عن العمل، من البعير الحسير.
21 {يُنْشِرُونَ} يحيون. أنشر اللّه الموتى فنشروا.
29 {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِله}: قيل: إنّه إبليس في دعائه إلى طاعته.
30 {كانَتا رَتْقًا} ملتصقتين، ففتق اللّه بينهما بالهواء، أو فتق السماء بالمطر والأرض بالنبات.
36 {يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ}: يعيبهم. قال عنترة:
لا تذكري فرسي وما أطعمته ** فيكون جلدك مثل جلد الأجرب

37 {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَل}: فسر بالجنس، أي: خلق على حبّ العجلة في أمره، كقوله: {وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا} وفسّر بآدم- عليه السلام- وأنّه لمّا نفخ فيه الرّوح فقبل أن استكمله نهض. وقال الأخفش: معناه: خلق الإنسان في عجلة. وقيل العجل: الطين وتلفيقه بقوله: {فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} أن من خلق الإنسان مع ما فيه من بديع الصّنعة لا يعجزه ما استعجلوه من الآيات.
40 {فَتَبْهَتُهُمْ} فتفجؤهم أو تحيّرهم.
46 {نَفْحَةٌ} دفعة يسيرة. وقيل: نصيب، نفح له من عطائه.
47 {الْمَوازِينَ الْقِسْطَ} أي: ذوات القسط، والقسط: العدل، مصدر يوصف به، يكون للواحد وللجميع.
58 {جُذاذًا} قطعا، جمع جذاذة، كـ: زجاجة وزجاج. و{جذاذا} جمع جذيذ، كخفيف وخفاف.
63 {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} أي: يجب أن يفعله كبيرهم أن لو كان معبودا لئلا يعبد معه غيره على إلزام الحجة لا الخبر، أو هو خبر معلق بشرط لا يكون، وهو نطق الأصنام فيكون نفيا للمخبر به.
وإذا وقفت على {بَلْ فَعَلَهُ} كان المعنى: بل فعله من فعله، ثم الابتداء بقوله: {كَبِيرُهُمْ هذا}.
68 {حَرِّقُوه}: قاله رجل من أكراد فارس، ولم تحرق النّار إلّا وثاقة، ولما أوثقوه قال: لا إله إلّا أنت سبحانك ربّ العالمين، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك.
69 {كُونِي بَرْدًا} قيل: أحدث فيها البرد بدلا من الحرّ. وقيل: حيل بينها وبينه فلم تصل إليه.
71 {إِلَى الأرض الَّتِي بارَكْنا فِيها}: أرض الشّام. وبركتها أنّ أكثر الأنبياء منها، وهي أرض خصيب يطيب فيها عيش الغنيّ والفقير.
74 {الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِث}: قرية سدوم، وخبائثهم إتيان الذكران وتضارطهم في أنديتهم.
78 {نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} رعت ليلا، نفشت الغنم، ونفشها أهلها، وأسداها أيضا باللّيل، وأهملها بالنهار.
79 {فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ} دفع الغنم إلى صاحب الحرث لينتفع بدرها ونسلها ودفع الحرث إلى صاحب الغنم، وجعل عليه عمارته حتى إذا نبتت في السنة القابلة ترادّا.
78 {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ} جمع في موضع التثنية لإضافته إلى المحكوم لهم ومن حكم.
79 {وَكُنَّا فاعِلِينَ} نقدر على ما نريد.
82 {وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ} كثّف أجسام الجن حتى أمكنهم تلك الأعمال معجزة لسليمان. وسخّر الطير له بأن قوّى إفهامها كصبياننا الذين يفهمون التخويف.
83 {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرّ}: لم يكن ما نزل به من المرض فعلا للشّياطين كما ذكره في سورة ص، ولَكِن إنّما آذاه بالوسوسة ونحوها.
84 {وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ} ابن عباس قال: أبدل بكل شيء ذهب له ضعفين. ذو الكفل رجل صالح كفل لنبيّ بصيام النّهار وقيام اللّيل وألّا يغضب ويقضي بالحق.
{وذَا النُّونِ} صاحب الحوت، {إِذْ ذَهَبَ مُغاضِبًا} أي: مغاضبا لقومه حين استبطأ وعد اللّه، فخرج بغير أمر ولم يصبر بدليل قوله: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ}.
87 {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْه}: لن نضيّق، كقوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أو {فظنّ أن لن نقدّر عليه} البلاء من القدر لا القدرة، كأنه: فظن أن لن نقدر عليه ما قدرنا من كونه في بطن الحوت، أو هو على تقدير الاستفهام، أي: أفظنّ؟.
{فِي الظُّلُماتِ} ظلمة اللّيل والبحر وبطن الحوت.
{إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} أي: لنفسي في خروجي قبل الإذن.
90 {وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ} كانت عقيما فجعلها اللّه ولودا. وقيل: كان في خلقها سوء فحسّن اللّه خلقها.
91 {فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا} أجرينا فيها روح المسيح كما يجري الهواء بالنّفخ.
92 {إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ} دينكم، أُمَّةً واحِدَةً: دينا واحدا، ونصبه على القطع، أو أنكم خلق واحد فكونوا على دين واحد.
93 {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} اختلفوا في الدين وتفرقوا.
95 {وَحَرام}: واجب، {عَلى قَرْيَةٍ} على أهل قرية، {أَهْلَكِناها}: بالعذاب، أو وجدناها هالكة بالذنوب، كقولك: أعمرت بلدة وأخربتها: وجدتها كذلك، {أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} لا يؤمنون.
96 {حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوج} أي: جهة يأجوج. والحدب: فجاج الأرض.
{يَنْسِلُونَ} يخرجون ويسرعون، من نسلان الذئب.
98 {حَصَبُ جَهَنَّمَ} حطبها. وقيل: يحصبون فيها بالحصباء.
100 {لا يَسْمَعُونَ} أي: لا يسمعون ما ينتفعون به وإن سمعوا ما يسؤوهم.
101 {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى}: الطاعة للّه. وقيل: إنّهم عيسى وعزير والملائكة عبدوا وهم كارهون. والحسيس: الصوت الذي يحسّ.
103 {الْفَزَعُ الأكبر}: النفخة الأخيرة. وقيل: إطباق باب النّار على أهلها.
{كَطَيِّ السِّجِلِّ} الصّحيفة: فيكون الكتاب مصدرا كالكتابة.
{كَما بَدَأْنا} العامل في {كَما}: {نُعِيدُهُ} أي: نعيد الخلق كما بدأناه.
{وَعْدًا} مصدر، والعامل فيه معنى {نُعِيدُهُ}.
105 {وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ} الكتب المزبورة المنزلة على الأنبياء.
{والذِّكْرِ} أم الكتاب.
109 {آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ} أمر بيّن سويّ، أو سواء في البلاغ، لم أظهر بعضكم على شيء كتمته عن غيره، فيدلّ على إبطال مذهب الباطنية لعنهم اللّه.
111 {لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ} أي: إبقاؤكم على ما أنتم عليه كناية عن مدلول غير مذكور.
وعن الرّبيع بن أنس أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به رأى فلانا- وهو بعض بني أميّة على المنبر يخطب النّاس- فشق عليه، فنزل: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ}.
112 {رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} بحكمك الحق، أو افصل بيننا بإظهار الحق وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا شهد حربا قرأها. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الأنبياء:
عدد 23 و73- 21:
نزلت بمكة بعد سورة إبراهيم.
وهي مائة واثنتا عشرة آية، وألف وثمانمائة وثمانية وستون كلمة، وأربعة آلاف وثمانمائة وتسعون حرفا.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ:
قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ} على ما عملوه في الدنيا، لأن القرب إما زماني، وإما مكاني، وكونه مكانيا يتعذر هنا. فلزم أن يكون زمانيّا، ولا يقال إنه مرّ عليه ما يقرب من أربعة عشر قرنا ولم يأت لأن يوما عند ربك كألف سنة مما نعدّه، والمراد أن وقت الحساب صار قريبا، ولذلك عبر بالماضي لتحقق وقوعه وقربه وقلة ما بقي بالنسبة لما مضى، لأن كل آت قريب. والبعيد ما وقع ومضى.
وقيل في المعنى:
فلا زال ما تهواه أقرب من غد ** ولا زال ما تخشاه أبعد من أمس

ومناسبة هذه السورة لما قبلها ظاهرة، إذ ما بعد الإنذار بالجزاء إلا الوقوع.
وقد أخبر اللّه تعالى بقربه ليتيقظ المسيء ويتعظ، ويكثر المحسن ويستزيد من إحسانه، وليكون كل منهما بحالة أدعى للتأهب، وليتنبه الغافل من رقدته، ويتذكر الناس أجمع ويسرعوا بالإقلاع عن المعاصي والإقدام على الطاعات، ولَكِن مع الأسف لا يتذكرون {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} 1 عن الاستعداد لما يراد بهم في ذلك اليوم، لا هون عنه، غارقون في بحر النسيان، وتراهم يا سيد الرسل {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} إنزاله أي ما يحدث اللّه تعالى من تنزيل القرآن شيئا فشيئا، ليذكرهم به تدريجا، ويعظهم أولا فأولا ليتشوقوا إليه ويعره ويعقلوه {إِلَّا اسْتَمَعُوهُ} منك {وَهُمْ يَلْعَبُونَ} 2 فيسخرون به ويستهزئون عند سماعه {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} عنه ساهية أفئدتهم عن معناه كأنه لم ينزل لخيرهم {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} فيما بينهم بالباطل عند سماعه.
وأعلم أن الضمير في أسروا صرف دال على الجمع فقط لأن فاعله {الَّذِينَ} وصلته جملة {ظَلَمُوا} ومن هنا صحت لغة أكلوني البراغيث، ثم بين هذه النّجوى التي بالغوا في إخفائها بينهم بقوله جل قوله: {هَلْ هذا} الذي يدعي رسالة اللّه ويأمركم باتباعه وإبطال دين آبائكم {إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} أيها الناس ليس بملك ولا إله وإنما بسحركم بما أوتي من بلاغة في المعنى وفصاحة في القول {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ} بمطلق ادعائه الرسالة وتقبلون قوله بمجرد أن قال لكم إن الذي أتلوه عليكم من اللّه {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} 3 بأم أعينكم أنه بشر مثلكم وتعقلون ببصائركم أن ما يأتيكم به سحر، قل يا أكمل الرسل لهؤلاء الكفرة الذين يحوكون لك الدسائس فيما بينهم، ويظنون أنا لا نطلعك على حقيقة أمرهم، والقراءة التي عليها المصاحف {قالَ} لهم جوابا لما تناجوا به {رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ} قليله وكثيره، وخفيه وظاهره، من كل ما وقع أو يقع {فِي السماء وَالأرض} فكيف تناجون فيّ ولا يطلعني على نجواكم {وَهُوَ السَّمِيعُ} لكل ما يقع في أرضه وسمائه مهما رق ودق {الْعَلِيمُ} 3 به سره وجهره وما تضمرونه إلى في أي مكان وزمان كان لا يخفى عليه شيء.