فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي كم الدالة على كثرة العدد إيماء إلى أن هذه الكثرة تستلزم عدم تخلف إهلاك هذه القرى، وبضميمة وصف تلك الأمم بالظلم أي الشرك إيماءٌ إلى سبب الإهلاك فحصل منه ومن اسم الكثرة معنى العموم، فيَعلم المشركون التهديد بأن ذلك حالٌّ بهم لا محالة بحكم العموم، وأن هذا ليس مرادًا به قرية معينة، فما روي عن ابن عباس: أن المراد بالقرية حَضوراء بفتح الحاء مدينة باليمن قتلوا نبيئًا اسمه شُعيب بن ذي مهدم في زمن أرمياء نبيء بني إسرائيل فسلط الله عليهم بختنصر فأفناهم. فإنما أراد أن هذه القرية ممن شملتهم هذه الآية، والتقدير: قصمنا كثيرًا.
وقد تقدم الكلام على قوله تعالى: {ألم يروا كم أهلَكِنا من قبلهم من قرن} في سورة [الأنعام: 6].
وأطلق القرية على أهلها كما يدل عليه قوله تعالى: {وأنشأنا بعدها قوما آخرين}.
ووجه اختيار لفظ {قرية} هنا نظير ما قدمناه آنفًا في قوله تعالى: {ما آمنت قبلهم من قرية أهلَكِناها} [الأنبياء: 6].
وحرف مِن في قوله تعالى: {من قرية} لبيان الجنس، وهي تدخل على ما فيه معنى التمييز وهي هنا تمييز لإبهام كم.
والقصْم: الكسر الشديد الذي لا يرجى بعده التئام ولا انتفاع. واستعير للاستيصال والإهلاك القوي كإهلاك عاد وثمود وسبأ.
وجملة {وأنشأنا بعدها قوما آخرين} معترضة بين جملة {وكم قصمنا من قرية} وجملة {فلما أحسوا بأسنا} إلخ.
فجملة {فلما أحسوا بأسنا}..إلخ. تفريع على جملة {وكم قصمنا من قرية}.
وضمير {منها} عائد إلى {قرية}.
والإحساس: الإدراك بالحس فيكون برؤية ما يزعجهم أو سماع أصوات مؤذنة بالهلاك كالصواعق والرياح. والبأس: شدة الألم والعذاب.
وحرف مِن في قوله: {منها يركضون} يجوز أن يكون للابتداء، أي خارجين منها، ويجوز أن يكون للتعليل بتأويل يركضون معنى يهربون، أي من البأس الذي أحسوا به فلابد من تقدير مضاف، أي من بأسنا الذي أحسوه في القرية. وذلك بحصول أشراط إنذار مثل الزلازل والصواعق.
والركض: سرعة سير الفرس، وأصله الضرب بالرّجل فيسمى به العدو، لأن العدو يقتضي قوة الضرب بالرّجل وأطلق الركض في هذه الآية على سرعة سير الناس على وجه الاستعارة تشبيهًا لسرعة سيرهم بركض الأفراس.
و{منها} ظرف مستقر في موضع الحال من الضمير المنفصل المرفوع.
ودخلت إذا الفجائية في جواب لما للدلالة على أنهم ابتدروا الهروب من شدة الإحساس بالبأس تصويرًا لشدة الفزع. وليست إذا الفجائية برابطة للجواب بالشرط لأن هذا الجواب لا يحتاج إلى رابط، وإذا الفجائية قد تكون رابطة للجواب خَلفًا من الفاء الرابطة حيث يحتاج إلى الرابط لأن معنى الفجاءة يصلح للربط ولا يلازمه.
وجملة {لا تركضوا} معترضة وهي خطاب للراكضين بتخيل كونهم الحاضرين المشاهَدين في وقت حكاية قصتهم، ترشيحًا لمِا اقتضى اجتلاب حرف المفاجأة وهذا كقول مَالك بن الرّيب:
دعَاني الهوى من أهل وُدي وجيرتِي ** بذِي الطبَسيْن فالتفتُّ ورائيا

أي لما دعاه الهوى، أي ذكّره أحبابَه وهو غازٍ بذي الطّبسين التفتَ وراءه كالذي يدعوه داع من خلفه فتخيل الهوى داعيًا وراءه.
وتكون هذه الجملة معترضة بين جملة {فلما أحسوا بأسنا} وبين جملة {قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين}.
ويجوز جعل الجملة مقول قول محذوف خوطبوا به حينئذ بأن سمعوه بخلق من الله تعالى أو من ملائكة العذاب. وهذا ما فسر به المفسرون ويبعده استبعادُ أن يكون ذلك واقعًا عند كل عذاب أصيبت به كل قرية. وأيًا ما كان فالكلام تهكم بهم.
والإتراف: إعطاء الترف، وهو النعيم ورفه العيش، أي ارجعوا إلى ما أعطيتم من الرفاهية وإلى مساكنكم.
وقوله تعالى: {لعلكم تسألون} من جملة التهكم. وذكر المفسرون في معنى {تُسألون} احتمالات ستة. أظهرها: أن المعنى: ارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعيم لتروا ما آل إليه فلعلكم يسألكم سائل عن حال ما أصابكم فتعلموا كيف تجيبون لأن شأن المسافر أن يسأله الذين يقدَم إليهم عن حال البلاد التي تركها من خصب ورخاء أو ضد ذلك، وفي هذا تكملة للتهكم.
وجملة {قالوا يا ويلنا} إن جَعَلْتَ جملة {لا تركضوا} معترضة على ما قررتُه آنفًا تكون هذه مستأنفة استئنافًا بيانيًا عن جملة {إذا هم منها يركضون} كأن سائلًا سأل عما يقولونه حين يسرعون هاربين لأن شأن الهارب الفزِع أن تصدر منه أقوال تدل على الفزع أو الندم عن الأسباب التي أحلت به المخاوف فيجاب بأنهم أيقنوا حين يرون العذاب أنهم كانوا ظالمين فيُقرون بظلمهم ويُنشئون التلهف والتندم بقولهم {يا ويلنا إنا كنا ظالمين}.
وإن جَعَلتَ جملة {لا تركضوا} مقول قول محذوف على ما ذهب إليه المفسرون كانت جملة {قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين} جوابًا لقول من قال لهم {لا تركضوا} على وجه التهكم بهم ويكون فصل الجملة لأنها واقعة في موقع المحاورة كما بيّناه غير مرة، أي قالوا: قد عرفنا ذنبنا وحق التهكم بنا. {فاعترفوا بذنبهم}.
قال تعالى: {فاعترفوا بذنبهم فسحقًّا لأصحاب السعير} في سورة [الملك: 11].
{فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)}.
تفريع على جملة {قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين} [الأنبياء: 14]، فاسم {تلك} إشارة إلى القول المستفاد من قوله تعالى: {قالوا يا ويلنا} [الأنبياء: 14]، وتأنيثه لأنه اكتسب التأنيث من الإخبار عنه بدعواهم، أي ما زالوا يكررون تلك الكلمة يَدعون بها على أنفسهم.
وهذا الوجه يرجح التفسير الأول لمعنى قوله تعالى: {لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه} [الأنبياء: 13] لأن شأن الأقوال التي يقولها الخائف أن يكررها إذ يغيب رأيه فلا يهتدي للإتيان بكلام آخر، بخلاف الكلام المسوق جوابًا فإنه لا داعي إلى إعادته.
والمعنى: فما زالوا يكررون مقالتهم تلك حتى هلكوا عن آخرهم.
وسمي ذلك القول دعوى لأن المقصود منه هو الدعاء على أنفسهم بالويل، والدعاء يسمى دعوى كما في قوله تعالى: {دعواهم فيها سبحانك اللهم} في [سورة يونس: 10].
أي فما زال يُكرر دعاؤهم بذلك فلم يكفّوا عنه إلى أن صيرناهم كالحصيد، أي أهلَكِناهم.
وحرف {حتى} مؤذن بنهاية ما اقتضاه قوله تعالى: {فما زالت تلك دعواهم}.
والحصيد: فعيل بمعنى مفعول، أي المحصود، وهذه الصيغة تلازم الإفراد والتذكير إذا جرت على الموصوف بها كما هنا.
والحَصد: جَزُّ الزرع والنبات بالمنجل لا باليد.
وقد شاع إطلاق الحصيد على الزرع المحصود بمنزلة الاسم الجامد.
والخامد: اسم فاعل من خَمدت النار تخمُد بضم الميم إذا زال لهيبها.
شُبهوا بزرع حُصِد، أي بعد أن كان قائمًا على سوقه خضرا، فهو يتضمن قبل هلاكهم بزرع في حسن المنظر والطلعة، كما شبه بالزرع في قوله تعالى: {كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع} في سورة [الفتح: 29].
ويقال للناشىء: أنبته الله نباتًا حسنًا، قال تعالى: {وأنبتها نباتًا حسنًا} في سورة [آل عمران: 37].
فللإشارة إلى الشبهين شَبَه البهجة وشبَه الهلك أوثر تشبيههم حين هلاكهم بالحَصيد.
وكذلك شبهوا حين هلاكهم بالنار الخامدة فتضمن تشبيههم قبل ذلك بالنار المشبوبة في القوة والبأس كما شبه بالنار في قوله تعالى: {كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله} في سورة [المائدة: 64]، وقوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا} في سورة [البقرة: 17].
فحصل تشبيهان بليغان وليسا باستعارتين مكنيتين لأن ذكر المشبه فيهما مانع من تقوّم حقيقة الاستعارة خلافًا للعلاَّمتين التفتازاني والجرجاني في شرحيهما للمفتاح مُتمسكين بصيغة جمعهم في قوله تعالى: {جعلناهم} فجَعَلا ذلك استعارتين مكنيتين إذ شبهوا بزرع حين انعدامه ونار ذهب قوتُها وحذف المشبهُ بهما ورُمز إليهما بلازم كل منهما وهو الحصد والخمود فكان {حصيدًا} وصفًا في المعنى للضمير المنصوب في {جعلناهم} فالحصيد هنا وصف ليس منزلًا منزلة الجامد كالذي في قوله تعالى: {وحَبّ الحصيد} [ق: 9]، وبذلك لم يكن قوله تعالى: {حصيدًا} من قبيل التشبيه البليغ إذ لم يشبهوا بحصيد زرع بل أثبت لهم أنهم محصودون استعارة مكنية مثل نظيره في قوله تعالى: {خامدين} الذي هو استعارة لا محالة كما هو مقتضى مجيئه بصيغة الجمع المذكر، ومبنى الاستعارة على تناسي التشبيه.
وهذا تكلف منهما ولم أدر ماذا دعاهما إلى ارتكاب هذا التكلف.
وانتصب {حصيدًا خامدين} على أن كليهما مفعول ثان مكرر لفعل الجَعل كما يخبر عن المبتدأ بخبرين وأكثر، فإن مفعولي جعل أصلهما المبتدأ والخبر وليس ثانيهما وصفًا لأولهما كما هو ظاهر. اهـ.

.قال الشعراوي:

{لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ}.
الحق سبحانه يخاطب المكذِّبين للنبي: ما أنزلتُ إليكم آية بعيدة عن معرفتكم، إنما أرسلتُ إليكم رسولًا بآية من جنس ما نبغتُم فيه، ولما نزل فهمتموه وعرفتم مراميه، بدليل أن في القرآن ألفاظًا تُستقبل بالغرابة ولم تعترضوا أنتم عليها، ولم تُكذِّبوا محمدًا فيها مع أنكم تتلمسون له خطأ، وتبحثون له عن زلة.
فمثلًا لما نزلتْ الم ما سمعنا أحدًا منهم قال: أيها المؤمنون بمحمد، إن محمدًا يدَّعي أنه أتى بكتاب مُعْجز فاسألوه: ما معنى ألم؟ مما يدل على أنهم فهموها وقبلوها، ولم يجدوا فيها مَغْمزًا في رسول الله؛ لأن العرب في لغتهم وأسلوبهم في الكلام يستخدمون هذه الحروف للتنبيه.
فالكلام سفارة بين المتكلَّم والسامع، المتكلِّم لا يُفَاجأ بكلامه إنما يعدّه ويُحضره قبل أن ينطق به، أمّا السامع فقد يُفَاجأ بكلام المتكلم، وقد يكون غافلًا يحتاج إلى مَنْ يُوقِظه ويُنبِّهه حتى لا يفوته شيء.
وهكذا وُضِعَتْ في اللغة أدوات للتنبيه، إنْ أردتَ الكلام في شيء مهم تخشى أنْ يفوتَ منه شيء تُنبِّه السامع، ومن ذلك قول عمرو ابن كلثوم:
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبِحينَا

وقول آخر:
أَلاَ أنعِمْ صَبَاحًا أُيُّها الطَّلَلُ البَالي ** وَهَلْ يَنْعَمَنْ مَنْ كَانَ في العَصْر الخالي

إذن: ألا هنا أداة للتنبيه فقط يعني: اسمعوا وانتبهوا لما أقول.
وكذلك أسلوب القرآن: {ألا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5].
إذن: عندما نزل القرآن عليهم فهموا هذه الحروف، وربما فهموا منها أكثر من هذا، ولم يردُّوا على رسول الله شيئًا من هذه المسائل مع حرصهم الشديد على نقده والأخذ عليه.
وقوله تعالى: {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} [الأنبياء: 10] الذكر: سبق أنْ أوضحنا أن الذكر يُطلق بمعنى: القرآن، أو بمعنى: الكتب المنزّلة، أو بمعنى: الصِّيت والشرف. أو بمعنى: التذكير أو التسبيح والتحميد.
والذكر هنا قد يُرَاد به تذكيرهم بالله خالقًا، وبمنهجه الحق دستورًا، ولو أنكم تنبهتم لما جاء به القرآن لعرفتُم أن الفطرة تهدي إليه وتتفق معه، ولعرفتم أن القرآن لم يتعصّب ضدكم، بدليل أنه أقرَّ بعض الأمور التي اهتديتم إليها بالفطرة السليمة ووافقكم عليها.
ومن ذلك مثلًا الدِّيَة في القتل هي نفس الدية التي حدَّدها القرآن، مسائل الخطبة والزواج والمهر كانت أموراص موجودة أقرها القرآن، كثيرون منهم كانوا يُحرِّمون الخمر ولا يشربونها، هكذا بالفطرة، وكثيرون كانوا لا يسجدون للأصنام، إذن: الفطرة السليمة قد تهتدي إلى الحق، ولا تتعارض ومنهجَ الله.
أو: يكون معنى {ذِكْرُكُمْ} [الأنبياء: 10] شرفكم وصيْتكم ومكانتكم ونباهة شأنكم بين الأمم؛ لأن القرآن الذي نزل للدنيا كلها نزل بلغتكم، فكأن الله تعالى يثني عقول الناس جميعًا، ويثني قلوبهم للغتكم، ويحثّهم على تعلّمها ومعرفتها والحديث بها ونشرها في الناس، فمَنْ لم يستطع ذلك ترجمها، وأيُّ شرف بعد هذا؟!
وقوله تعالى: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10] أفلا تُعملِون عقولكم وتتأملون أن خيركم في هذا القرآن، فإنْ كنتم تريدون خُلقًا ودينًا ففي القرآن، وإنْ كنتم تريدون شرفًا وسُمعة وصيتًا ففي القرآن، وأيُّ شرف بعد أن يقول الناس: النبي عربي، والقرآن عربي؟
ثم يقول الحق سبحانه: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوما آخَرِينَ}.
قصمنا: القَصْم هو الكَسْر الذي لا جَبْرَ فيه، وكأن الحق سبحانه وتعالى يضع أمام أعينهم القُرَى المكذِّبة الظالمة، ليأخذوا منها عِبْرة وعِظَة، فليس بِدَعًا أنْ نقصم ظهور المكذِّبين، بل لها سوابق كثيرة في التاريخ.
لذلك قال: {وَكَمْ قَصَمْنَا} [الأنبياء: 11] وكم هنا خبرية تفيد الكثرة التي لا تُعَدُّ، فأحذروا إنْ لويتُم أعناقكم أَنْ يُنزِل بكم ما نزل بهم.
وقوله: {وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوما آخَرِينَ} [الأنبياء: 11] أي: خَلف بعدهم خَلْف آخرون. {فَلَمَا أَحَسُّواْ بَأْسَنَا}.
أي: حين أحسُّوا العذاب {إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} [الأنبياء: 12] حتى لا يلحقهم العذاب. والركْضُ: الجَرْى السريع بهَرْولة، والأصل فيه: رَكْضُ الدابة. يعني: ضَرْبها برِجلْه كي تُسرع. ومنها: {اركض بِرِجْلِكَ} [ص: 42] يعني: اضرب الأرض برِجلْك لِتُخرج الماء {هذا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42].
وفي هذه الآية مَلْمحٌ من ملامح الإعجاز القرآني، فقد أصاب أيوبَ عليه السلام مرضٌ في جلده، وأراد له ربُّه- عز وجل- الشفاء. فقال له: اضرب الأرض برِجْلك تُخرج لك ماءً باردًا، منه مُغْتَسل ومنه شراب، فالماء هنا دواء يعالج أمرين: يعالج الظاهر والباطن.
وآفةُ المعالجين أنهم إذا رأوا مثلًا البثور والدمامل في الجلد يعالجونها بالمراهم التي يندمِلُ معها الجُرْح، لَكِنها لا تعالج أسباب الظاهرة من الداخل، أما العلاج الإلهي فمغتسلٌ لعلاج الظاهرة، وشرابٌ لعلاج أسباب الظاهرة في الجوف.