فصل: بصيرة في لولا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



لَكِن قومى وإِن كانوا ذوى عَدَدٍ ** ليسوا من الشرِّ في شيء وإِن هانا

وقال آخر:
رأَين فتى لا صيدُ وحشٍ يهمّه ** فلو صافحت إِنسا لصافحنه معا

ولَكِن أَرباب المخاض يشفَّهم ** إِذا اقتفروه واحدا أَو مشيّعا

وقال آخر:
ولو خفت أَنى إِن كففت تحيتى ** تنكّبت عنى رُمْت أَن تتنكبا

ولَكِن إِذا ما حلَّ كرهٌ فسامحت ** به النفس يوما كان للكره أَذهبا

وقال آخر:
فلو كان حمدٌ يُخلد الناسَ لم تَمُتْ ** ولَكِن حمد الناس ليس بِمُخْلِدِ

فهذه الأَماكن وأَمثالها صريحة في أَنها للامتناع، لأَنها عُقّبت بحرف الاستدراك داخلًا على فعل الشرط منفيًّا لفظًا أَو معنى، فهى بمنزلة: {وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِن اللَّهَ رَمَى}.
فإِذا كانت دالَّة على الامتناع ويصحّ تعقيبها بحرف الاستدراك دلَّ على أَن ذلك عامّ في جميع مواردها، وإِلاَّ يلزم الاشتراك، وعدم صحّة تعقيبها بالاستدراك.
وذلك ظاهر كلام سيبويه، فلم يخرج عنه. وأَمَا قول مَن قال: إِنه ينتقض كونه للامتناع بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} الآية، وبالأَثر العُمَرىّ: لو لم يخف، وبقول النبى صلى الله عليه وسلم: «لو لم تكن ربيبتى في حجرى لما حلَّت لى» فإِنه يمكن ردّ جميع ذلك إِلى الامتناع.
وإِيضاح ذلك بأَن تقول: إِذا قلنا: امتنع طلوع الشمس لوجود الليل فليس معناه انتفاءُ طلوع الشمس رأْسًا بل انتفاؤه لوجود الليل. وفَرْق بين انتفائه لذلك وانتفائه المطلق، فإِن الأول أَخصّ من الثانى. ولا يلزم من ارتفاع الخاص ارتفاع العام. فاذا قلنا: لو حرف امتناع لامتناع كان المعنىّ به أَن التالى يمتنع امتناعًا مضافًا إِلى امتناع المقدَّم. وليس المعنىّ به أَنه يمتنع مطلقا.
وإِذا قلت فيمن قيل لك انتقض وضوءُه لأَنه مسّ ذكره: لم ينتقض لأَنه مسّ، فإِنه لم يمسّ، ولَكِن لناقض آخر غير المسّ، صحّ؛ ولذلك لك أَن تقول: لم ينتقض لأَنه لم يمسّ. كلَّ هذا كلام صحيح، وإِن كان وضوءه منتقِضًا عندك بناقض آخر؛ فإِن حاصل كلامك أَن الانتقاض بالنسبة إِلى المسّ لم يحصل، ولا يلزم من ذلك انتفاء أَصل الانتقاض، فإِنما يلزم مطلقًا الامتناع في لو الشرطية لو قلنا: إِن مقتضاه الامتناع مطلقا، ونحن لم نقل ذلك، وإِنما قلنا: يقتضى امتناعًا منكَّرًا لامتناع منكَّر، فالمنفىّ خاصّ لا عامّ.
إِذا عرفت هذا فنقول: قد يؤتى بلَوْ مسلَّطة على ما يحسب العقل كونه إِذا وُجد مقتضِيًا لوجود شيء آخر، مرادًا بها أَن ذلك لا يلزم تحقيقا لاستحالة وجود ذلك الشىء الآخر الذي ظُنَّ أَنه يوجد عند وجود ما يحسبُه العقل مقتضِيا؛ كما تقول لعابد الشمس: لو عبدتها أَلف سنة ما أَغنت عنك من الله شيئًا، فإِن مرادك أَن عبادتها لا تغنى.
وفى الحقيقة الازدياد من عبادتها ازدياد من عدم الإِغناء، ولَكِن لمَا كان الكلام خطابا لمن يعتقدها مغنِية حسن إِخراجه في هذا القالَب.
وكذلك تقول للسائل إِذا أَحكمت أَمر منعه: لو تضرعت إِلىّ بألف شفيع ما قضيتُ لك سُؤلا.
ولذلك إِذا كان بصيغة إِن الشرطيّة لم يكن له مفهوم عند المعترفين بمفهوم الشرط؛ كما في قوله تعالى: {إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}، لأَن المراد قطع الإِياس.
والإِتيان بصيغة لو فيما ضَرَبناه مَثَلا لتحقَّق الامتناع لا لمقابله.
وأَمَا ما أَوردوه نقضًا، وأَنه يلزم نفاد الكلمات عند انتفاء كون ما في الأرض من شجرة أَقلاما، وهو الواقع؛ فيلزم النَفَاد وهو مستحيل؛ فالجواب أَن النَفَاد إِنما يلزم انتفاؤه لو كان المقدّم ممَا لا يتصور العقل أَنه مقتضٍ للانتفاء.
أَما إِذا كان ممَا قد يتصوّره العقل مقتضيًا فألاَّ يلزم عند انتفائه أَولى وأَحرى.
وهذا لأَن الحكم إِذا كان لا يوجد مع وجود المقتضِى فأَلاَّ يوجد عند انتفائه أَولى.
فمعنى لو في الآية أَنه لو وجد الحكم المقتضِى لما وُجد الحكم، لَكِن لم يوجد فكيف يوجد.
وليس المعنى: لَكِن لم يوجد فوجد؛ لاِمتناع وجود الحكم بلا مقتضٍ.
فالحاصل أَن ثمّ أَمرين: أَحدهما: امتناع الحكم لامتناع المقتضِى.
وهو مقرر في بدائه العقول؛ وثانيهما: وجوده عند وجوده، وهو الذي أَتت لو للتنبيه على انتفائه مبالغة في الامتناع.
فلولا تمكُّنها في الدلالة على الامتناع مطلقا لما أُتى بها.
فمن زعم أَنها والحالة هذه لا تدل عليه فقد عكس ما يقصده العرب بها، فإِنها إِنما تأْتى بلو هنا للمبالغة في الدلالة على الانتفاء؛ لما للو من التمكُّن في الامتناع.
فإِذا تبين هذا أَنقله إِلى الأَثر وغيره، فنقول: لو لم يخف اللهَ لم يعصه لِمَا عنده من إِجلال الله تعالى والخشية، وإِذا لم يخف يكون المانع واحدا وهو الإِجلال.
فالمعصية منتفية على التقديرين، وجئ بلو تنبيها على الامتناع بالطريقة التي قدَّمناها لا على مطلق الامتناع.
فإِن قلت: قوله لو لم يخف لم يعص إِذا جعلنا لو للامتناع صريح في وجود المعصية، مستندا إِلى وجود الخوف، وهذا لا يقبله العقل.
قلنا: المعنى: لو انتفى خوفه انتفى عصيانه، لَكِن لم ينتف خوفه فلم ينتف عصيانه مستندًا إِلى أَمر وراءَ الخوف.
وأَما قوله: ترد للتمنِّى فشاهده قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً}، أَى فليت لنا كرّة؛ ولهذا نصب فيَكُونَ في جوابها، كما انتصب فأَفُوزَ في جواب كنت في قوله تعالى: {يالَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
وأَما العَرْض فمثاله: لو تنزل عندنا فتصيب خيرًا.
وأَما التقليل فذكره بعض النحاة؛ وكثر استعمال الفقهاء له، وشاهده قوله تعالى: {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}، وقوله صلى الله عليه وسلم: «أَوْلِم ولو بشاة»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «اتَّقوا النار ولو بشِق تمرة»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «التمِس ولو خاتما من حديد»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «تصدَّقوا ولو بظِلف مُحْرَق».
وقد يُسأَل عن قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ}، ويقال: إِن الجملتين يَتَركَّب منهما قياس وحينئذ ينتج: لو علم الله فيهم لتولَّوْا وهذا مستحيل.
الجواب أَن التقدير: لأَسمعهم إِسماعًا نافعا، ولو أَسمعهم إِسماعا غير نافع لتولَّوْا.
جواب ثان: أَن يقدّر ولو أَسمعهم على تقدير عدم علم الخير فيهم.
جواب ثالث: أَن التقدير: ولو علم الله فيهم خيرًا وقتاما لتولَّوا بعد ذلك.
قال الشيخ أَثِير الدين:
وقد ركَّب أَبو العبَّاس بن مرَيسُح ما دخلت عليه لو تركيبًا غريبًا غير عربىّ فقال:
ولو كلَّما كلب عوى مِلْتُ نحوَه ** أَجاوبه إِنّ الكلاب كثير

ولَكِن مبالاتى بمن صاح أَو عَوى ** قليل فإِنِّى بالكلاب بصير

.بصيرة في لولا:

وهى على أَربعة أَوجه:
أَحدها: أَن يدخل على اسمية ففعليَّة لربط امتناع الثانية بوجود الأولى، نحو: لولا زيد لأَكرمتك، أَى لولا زيد موجود.
وأَمَا قوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أَن أَشُقَّ على أُمَّتى لأَمرتهم بالسواك عند كل صلاة»، فالتقدير: لولا مخافة أَن أَشق لأَمرتهم أَمر إِيجاب، وإِلاَّ لا نعكس معناها؛ إِذ الممتنع المشقَّة والموجود الأَمر. والمرفوع بعد لولا مبتدأ، والخبر يكون كونًا مطلقا.
الثانى: يكون للتحضيض والعَرْض، فيختص بالمضارع أَو ما في تأْويله؛ نحو: {لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ} ونحو: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} والفرق بينهما أَن التحضيض طلب بحثٍّ، والعَرْض طلب برفع وتأَدّب.
الثالث: أَن تكون للتوبيخ والتنديم، فتختصّ بالماضى؛ نحو قوله تعالى: {لَّوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}، {فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةَ}، ومنه: {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ}، الاَّ أَن الفعل أُخّر، وقوله:
تعدُّون عَقْرَ النِّيب أَفضلَ مجدكم ** بنى ضَوْطَرَى لولا الكِمىَّ المقنَّعا

إِلاَّ أَن الفعل أضمر، أَى لولا عددتم. وقد فُصلت من الفعل بإِذا وإِذا معمولين له، وبجملة شرط معترَضة. فالأول نحو: {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ}، {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ}، والثانى والثالث: {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَآ}، المعنى: فهلاَّ ترجعون الروح إِذا بلغت الحلقوم إِن كنتم غير مربوبين وحالتكم أَنكم تشاهدون ذلك. ولولا الثانية تكرار للأُولى.
الرابع: الاستفهام؛ نحو: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}، {لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} هكذا مثَّلوا. والظاهر أَن الأولى للعَرْض، والثانية مثل: {لَّوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}.
وذكر بعضهم قسمًا خامسًا وهو: أَنها تكون نافية بمعنى لَمْ، وجعل منه: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ}، والظاهر أَن المعنى على التوبيخ، أَى فهَلاَّ كانت قرية واحدة من القرى المهلَكة تابت عن الكفر قبل مجئ العذاب فنفعها ذلك؛ وهو تفسير الأَخفش والكسائىّ والفرّاء وعلى بن عيسى والنحاس.
ويؤيده قراءَة أُبَى وعبدالله؛ فَهَلاَّ، ويلزم من هذا المعنى النفى؛ لأَن التوبيخ يقتضى عدم الوقوع.
وذكر الزمخشرى في قوله تعالى: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ}: لَكِنه جئ بلولا ليفاد أَنهم لم يكن لهم عذر في ترك التضرع، إِلاَّ عنادهم وقسوة قلوبهم وإِعجابهم بأَعمالهم التي زيَّنها الشيطان لهم.
وقول القائل:
أَلا زعمت أَسماءُ أَن لا أحبّها ** فقلتُ بَلَى لولا ينازعنى شُغلى

قيل: إِنها الامتناعية، والفعل بعدها على إِضمار أَن، على حدّ قولهم: تسمعُ بالمُعَيدِىّ خير من أَن تراه.
وقيل: ليس من أَقسام لولا، قيل: هما كلمتان بمنزلة قولك: لو لم، والجواب محذوف، أَى لولم ينازعنى شغلى لزرتك.
و لَوما بمعنى لولا تقول: لوما زيد لأَكرمتك، ومنه قوله تعالى: {لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ}: وزعم بعضهم أَن لوما لا يستعمل إِلا للتحضيض. والله أَعلم.
بصيرة في لا:
وهى على ثلاثة أَوجه: نافية، وموضوعة لطلب الترك، وزائدة.
فأَمَا النافية فعلى خمسة أَوجه:
أَحدها: أَن تكون عاملة عمل إِنَّ.
وإِنما يظهر نصب اسمها إِذا كان خافضا، نحو: لا صاحب جود ممقوت، وقول المتنبِّى:
فلا ثوب مجدٍ غيرَ ثوب ابن ** أَحمد على أَحد إِلاَّ بلؤم مرقَّع

أَو رافعًا، نحو: لا حَسَنًا فعلُه مذموم؛ أَو ناصبًا، نحو: لا طالعًا جبلًا حاضر ومنه لا خيرًا من زيد عندنا، وقول المتنبِّى:
قِفا قليلا بها علىّ فلا ** أَقلَّ من نظرة أَزوّدها

والثانى: العاملة عمل ليس، فمثَّلوا بقوله:
مَن صَدّ عن نيرانها ** فأَنا ابن قيس لا براحُ

الوجه الثالث: أَن تكون عاطفة، ولها ثلاثة شروط:
أَحدها: أَن يتقدّمها إِثبات، نحو: جاءَ زيد لا عمرو؛ أَو نداء، نحو: يا ابن أَخى لا ابن عمِّى.
الثانى: أَلاَّ تقترن بعاطف.
الثالث: أَن يتعاند متعاطِفاها، فلا يجوز جاءَنى رجل لا زيد؛ لأَنه يصدق على زيد اسمُ الرّجل، بخلاف جاءَنى رجل لا امرأَة.
قالوا: فإِن كان ما بعدها جملة اسميّة صدرُها معرفة أَو نكرة ولم تعمل فيها، أَو فعلًا ماضيًا لفظًا أَو تقديرًا، وجب تكرارها.
مثال المعرفة: {لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القَمَرَ وَلاَ الْلَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ}؛ ومثال النكرة: {لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ}، والتكرار هنا واجب بخلاف: {لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ}، ومثال الفعل الماضى: {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى}، وفى الحديث: «فإِنَّ المُنْبَتَّ لا أَرضا قَطَع ولا ظَهْرًا أَبقى».
الثانى من أَوجه لا: أَن تكون موضوعة لطلب الترك، وتختص بالمضارع؛ نحو: قوله تعالى: {لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ}، {لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ}.
الوجه الثالث: لا الزَّائدة للتأْكيد، نحو قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواْ أَلاَّ تَتَّبِعَنِ}، وقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} وتوضِّحه الآية الأخرى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ}.
واختلف في لا في مواضع من التنزيل هل هي نافية أَو زائدة:
أَحدها: قوله تعالى: {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فقيل: نافية لما تقدّم منهم من إِنكار البعث.
وقيل: زائدة لمجرّد التوكيد وتقوية الكلام.
الموضع الثانى: قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}، فقيل: لا النافية.
وقيل: ناهية، وقيل: زائدة.
والجمع محتمل.
وحاصل القول في الآية: أَن ما خبريَّة بمعنى الذي منصوبة بـ أَتْلُ، وحرَّم رَبُّكُمْ صلة، وعليكم متعلق بـ حرَّم.
الموضع الثالث: قوله تعالى: {وما يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ} فيمن فَتَح الهمز، فقال الخليل والفارسىّ: لا زائدة، وإِلاَّ لكان عُذرًا لهم أَى للكفَّار.
وردّه الزجَّاج بأَنهّا نافية في قراءَة الكسر، فيجب ذلك في قراءَة الفتح.
وقيل: نافية وحُذف المعطوف، أَى أَو أَنهم يؤمنون وقال الخليل مرّة: أَنَّ بمعنى لعل. وهى لغة فيه.
الموضع الرابع: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكِناهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ}، وقيل: زائدة.
والمعنى: ممتنع على أَهل قرية قدَّرنا إِهلاكهم كفرهم أَنهم يرجعون عن الكفر إِلى القيامة.
وقيل: نافية، والمعنى: ممتنع عليهم أَنهم لا يرجعون إِلى الآخرة.