فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: لكل واحد من السيارات فلك، وفلك الأفلاك يحركها حركة واحدة من المشرق إلى المغرب.
وقال الضحاك: الفلك ليس بجسم وإنما هو مدار هذه النجوم، والظاهر أنه جسم وفيه الاختلاف المذكور والظاهر أن كلًا يسبح في فلك واحد.
قيل: ولكل واحد فلك يخصه فهو كقولهم: كساهم الأمير حلة أي كسى كل واحد، وجاء {يسبحون} بواو الجمع العاقل، فأما الجمع فقيل ثم معطوف محذوف وهو والنجوم، ولذلك عاد الضمير مجموعًا ولو لم يكن ثم معطوف محذوف لكان يسبحان مثنى.
وقال الزمخشري: الضمير للشمس والقمر، والمراد بهما جنس الطوالع كل يوم وليلة جعلوها متكاثرة لتكاثر مطالعها وهو السبب في جمعها بالشموس والأقمار، وإلاّ فالشمس واحدة والقمر واحد انتهى.
وحسن ذلك كونه جاء فاصلة رأس آية، وأما كونه ضمير من يعقل ولم يكن التركيب يسبحن.
فقال الفراء: لما كانت السباحة من أفعال الآدميين جاء ما أسند إليهما مجموعًا من يعقل كقوله: {رأيتهم لي ساجدين} قال أبو عبد الله الرازي: وعلى قول أبي على بن سينا سبب ذلك أنها عنده تعقل انتهى.
وهذه الجملة يحتمل أن تكون استئناف إخبار فلا محل لها، أو محلها النصب على الحال من {الشمس والقمر} لأن {الليل والنهار} لا يتصفان بأنهما يجريان {في فلك} فهو كقولك: رأيت زيدًا وهندًا متبرجة والسباحة: العوم والذي يدل عليه الظاهر أن الشمس والقمر هما اللذان يجريان في الفلك، وأن الفلك لا يجري.
{وما جعلنا} الآية.
قيل: إن بعض المسلمين قال: إن محمدًا لن يموت وإنما هو مخلد، فأنكر ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت.
وقيل: طعن كفار مكة عليه بأنه بشر يأكل الطعام ويموت فكيف يصح إرساله.
وقال الزمخشري: كانوا يقدرون أنه سيموت فيشمتون بموته فنفى الله عنه الشماتة بهذا أي قضى الله أن لا يخلد في الدنيا بشرًّا فلا أنت ولا هم إلاّ عرضة للموت فإن مت أيبقى هؤلاء؟ وفي معناه قول الإمام الشافعي رضي الله عنه:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ** فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ** تزود لأخرى مثلها فكأن قد

وقول الآخر:
فقل للشامتين بنا أفيقوا ** سيلقى الشامتون كما لقينا

والفاء في {أفإن متّ} للعطف قدّمت عليها همزة الاستفهام لأن الاستفهام له صدر الكلام، دخلت على إن الشرطية والجملة بعدها جواب للشرط، وليست مصب الاستفهام فتكون الهمزة داخلة عليها، واعترض الشرط بينهما فحذف جوابه هذا مذهب سيبويه.
وزعم يونس أن تلك الجملة هي مصب الاستفهام والشرط معترض بينهما وجوابه محذوف.
قال ابن عطية: وألف الاستفهام داخلة في المعنى على جواب الشرط انتهى.
وفي هذه الآية دليل لمذهب سيبويه إذ لو كان على ما زعم يونس لكان التركيب {أفإن مت} هم {الخالدون} بغير فاء، وللمذهبين تقرير في علم النحو.
{كل نفس ذائقة الموت} تقدم تفسير هذه الجملة {ونبلوكم} نختبركم وقدم الشر لأن الابتلاء به أكثر، ولأن العرب تقدم الأقل والأردأ، ومنه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات.
وعن ابن عباس: الخير والشر هنا عام في الغنى والفقر، والصحة والمرض، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال.
قال ابن عطية: هذان الأخيران ليسا داخلين في هذا لأن من هدى فليس هذه اختيارًا ولا من أطاع. بل قد تبين خيره. والظاهر أن المراد من الخير والشر هنا كل ما صح أن يكون فتنة وابتلاء انتهى.
وعن ابن عباس أيضًا: بالشدة والرخاء أتصبرون على الشدة وتشكرون على الرخاء أم لا.
وقال الضحاك: الفقر والمرض والغنى والصحة.
وقال ابن زيد: المحبوب والمكروه، وانتصب {فتنة} على أنه مفعول له أو مصدر في موضع الحال، أو مصدر من معنى {نبلوكم} {وإلينا ترجعون} فنجازيكم على ما صدر منكم في حالة الابتلاء من الصبر والشكر، وفي غير الابتلاء.
وقرأ الجمهور {تُرجعون} بتاء الخطاب مبنيًا للمفعول.
وقرأت فرقة بالتاء مفتوحة مبنيًا للفاعل.
وقرأت فرقة بضم الياء للغيبة مبنيًا للمفعول على سبيل الالتفات. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَجَعَلْنَا السماء سَقْفًا مَّحْفُوظًا}.
من الوقوع بقدرتنا القاهرةِ أو من الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيئتنا أو من استراق السمعِ بالشُهُب {وَهُمْ عَنْ ءاياتها} الدالةِ على وحدانيته تعالى وعلمِه وحكمتِه وقدرتِه وإرادتِه التي بعضُها محسوسٌ وبعضُها معلومٌ بالبحث عنه في علمَي الطبيعة والهيئة {مُّعْرِضُونَ} لا يتدبرون فيها فيبقَون على ما هم عليه من الكفر والضلال.
وقوله تعالى: {وَهُوَ الذي خَلَقَ الليل والنهار والشمس والقمر} اللذين هما آيتاهما بيانٌ لبعض تلك الآياتِ التي هم عنها معرضون بطريق الالتفاتِ الموجب لتأكيد الاعتناءِ بفحوى الكلام، أي هو الذي خلقهن وحده {كُلٌّ} أي كلُّ واحد منهما على أن التنوينَ عوضٌ عن المضاف إليه {فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي يجْرون في سطح الفلك كالسبْح في الماء، والمرادُ بالفَلَك الجنسُ كقولك: كساهم الخليفةُ حُلّةً، والجملة حالٌ من الشمس والقمر وجاز انفرادُهما بها لعدم اللَّبْس، والضميرُ لهما والجمعُ باعتبار المطالعِ، وجُعل الضميرُ واوَ العقلاء لأن السباحة حالُهم.
{وما جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الخلد} أي في الدنيا لكونه مخالفًا للحكمة التكوينيةِ والتشريعية {أفَإن مِتَ} بمقتضى حكمتِنا {فَهُمُ الخالدون} نزلت حين قالوا: نتربّص به ريبَ المَنون، والفاءُ لتعليق الشرطيةِ بما قبلها والهمزةُ لإنكار مضمونِها بعد تقرّر القاعدةِ الكلية النافية لذلك بالمرة، والمرادُ بإنكار خلودِهم ونفيه إنكارُ ما هو مدارٌ له وجودًا وعدمًا من شماتتهم بموته عليه السلام، فإن الشماتةَ بما يعتريه أيضًا مما لا ينبغي أن يصدُرَ عن العاقل كأنه قيل: أفإن متَّ فهم الخالدون حتى يشمتوا بموتك وقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الموت} أي ذائقةٌ مرارةَ مفارقتِها جسدَها، برهانٌ على ما أُنكِرَ من خلودهم.
{وَنَبْلُوكُم} الخطابُ إما للناس كافة بطريق التلوينِ أو للكفرة بطريق الالتفات أي نعاملكم معاملة من يبلوكم {بالشر والخير} بالبلايا والنعم هل تصبرون وتشكرون أو لا {فِتْنَةً} مصدرٌ مؤكد لنبلوَكم من غير لفظِه {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} لا إلى غيرنا لا استقلالًا ولا اشتراكًا فنجازيكم حسبما يظهر منكم من الأعمال، فهو على الأول وعد ووعيدٌ وعلى الثاني وعيدٌ محضٌ وفيه إيماءٌ إلى أن المقصود من هذه الحياة الدنيا الابتلاءُ والتعريضُ للثواب والعقاب، وقرئ {يُرجعون} بالياء على الالتفات. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَجَعَلْنَا السماء سَقْفًا مَحْفُوظًا}.
من البلى والتغير على طول الدهر كما روي عن قتادة، والمراد أنها جعلت محفوظة عن ذلك الدهر الطويل، ولا ينافيه أنها تطوي يوم القيامة طي السجل للكتب وإلى تغيرها ودثورها ذهب جميع المسلمين ومعظم أجلة الفلاسفة كما برهن عليه صدر الدين الشيرازي في اسفاره وسنذكره إن شاء الله تعالى في محله.
وقيل: من الوقوع، وقال الفراء: من استراق السمع بالرجوم، وقيل عليه: انه يكون ذكر السقف لغوًا لا يناسب البلاغة فضلا عن الإعجاز، وذكر في وجهه أن المراد أن حفظها ليس كحفظ دور الأرض فإن السراق ربما تسلقت من سقوفها بخلاف هذه، وقيل: إنه للدلالة على حفظها عمن تحتها ويدل على حفظا عنهم على أتم وجه، وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماء فقال: «إن السماء سقف مرفوع وموج مكفوف تجري كما يجري السهم محفوظة من الشياطين» وهو إذا صح لا يكون نصًا في معنى الآية كما زعم أبو حيان، وقيل: من الشرك والمعاصي، ويرد عليه ما أورد على سابقه كما لا يخفى من البلى والتغير على طول الدهر كما روي عن قتادة، والمراد أنها جعلت محفوظة عن ذلك الدهر الطويل، ولا ينافيه أنها تطوي يوم القيامة طي السجل للكتب وإلى تغيرها ودثورها ذهب جميع المسلمين ومعظم أجلة الفلاسفة كما برهن عليه صدر الدين الشيرازي في اسفاره وسنذكره إن شاء الله تعالى في محله.
وقيل: من الوقوع، وقال الفراء: من استراق السمع بالرجوم، وقيل عليه: انه يكون ذكر السقف لغوًا لا يناسب البلاغة فضلا عن الإعجاز، وذكر في وجهه أن المراد أن حفظها ليس كحفظ دور الأرض فإن السراق ربما تسلقت من سقوفها بخلاف هذه، وقيل: إنه للدلالة على حفظها عمن تحتها ويدل على حفظا عنهم على أتم وجه، وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماء فقال: «إن السماء سقف مرفوع وموج مكفوف تجري كما يجري السهم محفوظة من الشياطين» وهو إذا صح لا يكون نصًا في معنى الآية كما زعم أبو حيان، وقيل: من الشرك والمعاصي، ويرد عليه ما أورد على سابقه كما لا يخفى.
{وَهُمْ عَنْ ءاياتها} الدالة على وحدانيتنا وعلمنا وحكمتنا وقدرتنا وإرادتنا التي بعضها ظاهر كالشمس وبعضها معلوم بالبحث عنه {مُّعْرِضُونَ} ذاهلون عنها لا يجيلون قداح الفكر فيها، وقرأ مجاهد.
وحميد {عَنْ أَيَّتُهَا} بالافراد ووجه بأنه لما كان كل واحد مما فيها كافيًا في الدلالة على وجوع الصانع وصفات كماله وحدت الآية لذلك، وجعل الأعراض على هذه القراءة بمعنى إنكار كونها آية بينة دالة على الخالق معرضون وليس بلازم.
{وَهُوَ الذي خَلَقَ الليل والنهار والشمس والقمر}.
اللذين هما آيتاهما ولذا لم يعد الفعل بيانًا لبعض تلك الآيات التي هم عنها معرضون بطريق الالتفات الموجب لتأكيد الاعتناء بفحوى الكلام، ولما كان إيجاد الليل والنهار ليس على نمط إيجاد الحيوانات وإيجاد الرواسي لم يتحد اللفظ الدال على ذلك بل جيء بالجعل هناك وبالخلق هنا كذا قيل وهو كما ترى، وقوله تعالى: {كُلٌّ} مبتدأ وتنوينه عوض عن المضاف إليه، واعتبره صاحب الكشاف مفردًا نكرة أي كل واحد من الشمس والقمر.
واعترض بأنه قد صرح ابن هشام في المغنى بأن المقدر إذا كان مفردًا يجب الافراد في الضمير العائد على كل كما لو صرح به وهنا قد جمع فيجب على هذا اعتباره جمعًا معرفًا أي كلهم ومتى اعتبر كذلك وجب عند ابن هشام جمع العائد وإن كان لو ذكر لم يجب، ووجوب الافراد في المسألة الأولى والجمع في الثانية للتنبيه على حال المحذوف.
وأبو حيان يجوز الافراد والجمع مطلقًا فيجوز هنا اعتبار المضاف إليه مفردًا نكرة مع جمع الضمير بعد كما فعل الزمخشري وهو من تعلم علو شأنه في العربية، وقوله سبحانه: {فِى فَلَكٍ} خبره، ووجه افراده ظاهر لأن النكرة المقدرة للعموم البدلي لا الشمولي، ومن قدر جمعًا معرفًا قال: المراد به الجنس الكلي المؤل بالجمع نحو كساهم حلة بناءًا على أن المجموع ليس في فلك واحد.
وقوله عز وجل: {يَسْبَحُونَ} حال؛ ويجوز أن يكون الخبر و{فِى فَلَكٍ} حالًا أو متعلقًا به وجملة {كُلٌّ} الخ حال من الشمس والقمر والرابط الضمير دون واو بناء على جواز ذلك من غير قبح، ومن استقبحه جعلها مستأنفة وكان ضميرهما جمعا اعتبارًا للتكثير بتكاثر المطالع فيكون لهما نظرًا إلى مفهومهما الوضعي أفراد خارجية بهذا الاعتبار لا حقيقة، ولهذا السبب يقال شموس وأقمار وإن لم يكن في الخارج الأشمس واحد وقمر واحد والذي حسن ذلك هنا توافق الفواصل، وزعم بعضهم أنه غلب القمران لشرفهما على سائر الكواكب فجمع الضمير لذلك.
وقيل: الضمير للنجوم وإن لم تذكر لدلالة ما ذكر عليها.
وقيل: الضمير للشمس والقمر والليل والنهار، وفيه أن الليل والنهار لا يحسن وصفهما بالسباحة وإن كانت مجازًا عن السير، واختيار ضمير العقلاء اما لأنهما عقلاء حقيقة كما ذهب إليه بعض المسلمين كالفلاسفة، واما لأنهما عقلاء ادعاء وتنزيلا حيث نسب إليهما السباحة وهي من صنائع العقلاء، والفلك في الأصل كل شيء دائر ومنه فلكة المغزل والمراد به هنا على ما روي عن ابن عباس والسدى رضي الله تعالى عنهم السماء.
وقال أكثر المفسرين: هو موج مكفوق تحت السماء يجري فيه الشمس والقمر.
وقال الضحاك: هو ليس بجسم وإنما هو مدار هذه النجوم، والمشهور ما روي عن ابن عباس.
والسدى وفيه القول باستدارة السماء وفي {كُلٌّ في فَلَكٍ} رمز خفي إليه فإنه لا يستحيل بالانقلاب وعليه أدلة جمة وكونها سقفًا لا يأبى ذلك، وقد وقع في كلام الفلاسفة اطلاق الفلك على السماء ووصفوه بأنه حي عالم متحرك بالإرادة حركة مستديرة لا غير ولا يقبل الكون والفساد والنمو والذبول والخرق والالتئام ونوعه منحصر في شخصه وأنه لا حار ولا بارد ولا رطب ولا يابس ولا خفيف ولا ثقيل، وأكثر هذه الأوصاف متفرع على أنه ليس في طباعه ميل مستقيم، وقد رد ذلك في الكتب الكلامية وبنوا على امتناع الخرق والالتئام أن الكوكب لا يتحرك إلا بحركة الفلك ولما رأوا حركات مختلفة قالوا بتعدد الأفلاك، والمشهور أن الأفلاك الكلية تسعة سبعة للسبع السيارة وواحد للثوابت وآخر لتحريك الجميع الحركة اليومية، والحق أنه لا قاطع على نفي ما عدا ذلك ألا ترى أن الشيخ الرئيس لم يظهر له أن الثوابت في كرة واحدة أو في كرات منطو بعضها على بعض، وقولهم إن حركات الثوابت متشابهة ومتى كانت كذلك كانت مركوزة في فلك واحد غير يقيني أما صغراه فلأن حركاتها وإن كانت في الحس متشابهة لَكِن لعلها لا تكون في الحقيقة كذلك لأنا لو قدرنا أن الواحدة منها تتمم الدورة في ست وثلاثين ألف سنة والأخرى تتممها في هذا الزمان لَكِن بنقصان عاشرة أو أقل فالذي يخص الدرجة الواحدة من هذا القدر من التفاوت يقل جدًّا بحيث لا تفي أعمارنا بضبطه وإذا احتمل ذلك سقط القطع بالتشابه، ومما يزيد ذلك سقوطًا والاحتمال قوة وجدان المتأخرين من أهل الأرصاد كوكبًا أسرع حركة من الثوابت وأبطأ من السيارة سموه بهرشل ولم يظفر به أحد من المتقدمين في الدهور الماضية، وأما كبراه فلاحتمال اشتراك الأشياء المختلفة في كثير من اللوازم فيجوز أن لكل فلكًا على حدة وتكون تلك الأفلاك متوافقة في حركاتها جهة وقطبًا ومنطقة وبطنًا، ثم إن الاحتمال غير مختص لفلك الثوابت بل حاصل في كل الأفلاك فيجوز أن يكون بين أفلاك السيارة أفلاك أخر، وما يقال في إبطاله من أن أقرب قرب كل كوكب يساوي أبعد بعد كل الكواكب التي فرضت تحته ليس بشيء لأن بين أبعد بعد القمر وأقرب قرب عطارد ثخن فلك جوزهر القمر، وقد ذكر المحققون من أصحاب الهيئة أن لفلك التدوير لكل من العلوية ثلاث أكر محيط بعضها ببعض وجرم الكوكب مركوز في الكرة الداخلة فيكون مقدار ثخن أربع كرات من تلك التداوير من كل واحد من السافل والعالي ثخن كرتين حائلًا بين أقرب قرب العالي وأبعد بعد السافل، وأثبتوا للسفلية خمسة تداوير فيكون بين أقرب قرب الزهرة وأبعد بعد عطارد ثخن ثمان كرات على أنهم إنما اعتقدوا أن أقرب قرب العالي مساو لأبعد بعد السافل لاعتقادهم أولًا أنه ليس بين هذه الأفلاك ما يتخللها فليس يمكنهم بناء ذلك عليه والالزم الدور بل لابد فيه من دليل آخر، وقولهم لا فضل في الفلكيات مع أنه كما ترى يبطله ما قالوا في عظم ثخن المحدد؛ ويجوز أيضًا أن يكون فوق التاسع من الأفلاك ما لا يعلمه إلا الله تعالى بل يحتمل إن يكون هذا الفلك التاسع بما فيه من الكرات مركوزًا في ثخن كرة أخرى عظيمة ويكون في ثخن تلك الكرة ألف ألف كرة مثل هذه الكرات وليس ذلك مستبعدًا فإن تدوير المريخ أعظم من ممثل الشمس فإذا عقل ذلك فأي بأس بأن يفرض مثله مما هو أعظم منه ويجوز أيضًا كما قيل أن تكون الأفلاك الكلية ثمانية لإمكان كون جميع الثوابت مركوزة في محدب ممثل زحل أي في متممه الحاوي على أن يتحرك بالحركة البطيئة والفلك الثامن يتحرك بالحركة السريعة بل قيل من الجائز أن تكون سبعة بأن تفرض الثوابت ودوائر البروج على محدب ممثل زحل ونفسان تتصل إحداهما بمجموع السبعة وتحركها إحدى الحركتين السريعة والبطيئة والأخرى بالفلك السابع وتحركه الأخرى فلا قاطع أيضًا على نفي أن تكون الأفلاك أقل من تسعة.