فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26)}.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال: قالت اليهود: إن الله عز وجل صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة. فقال الله تكذيبًا لهم {بل عباد مكرمون} أي الملائكة ليس كما قالوا، بل هم عباد أكرمهم الله بعبادته {لا يسبقونه بالقول} يثني عليهم {ولا يشفعون} قال: لا تشفع الملائكة يوم القيامة {إلا لمن ارتضى} قال: لأهل التوحيد.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إلا لمن ارتضى} قال: لمن رضي عنه.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {إلا لمن ارتضى} قال: قول لا إله إلا الله.
واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إلا لمن ارتضى} قال: الذين ارتضاهم لشهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في البعث، عن جابر رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} فقال: إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».
وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليلة أسري بي مررت بجبريل، وهو بالملأ الأعلى ملقى كالحلس البالي من خشية الله».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {ومن يقل منهم} يعني من الملائكة {إني إله من دونه} قال: ولم يقل ذلك أحد من الملائكة إلا إبليس، دعا إلى عبادة نفسه وشرع الكفر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {ومن يقل منهم إني إله من دونه} الآية. قال: إنما كانت هذه خاصة لإبليس.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقًا ففتقناهما} قال: فتقت السماء بالغيث، وفتقت الأرض بالنبات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقًا} قال: لا يخرج منهما شيء {ففتقناهما} قال: فتقت السماء بالمطر وفتقت الأرض بالنبات.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية من طريق عبدالله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلًا أتاه فسأله عن {السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ثم تعالَ فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله قال: نعم، كانت السماء رتقاء لا تمطر وكانت الأرض رتقاء لا تنبت، فلما خلق الله الأرض فتق هذه بالمطر وفتق هذه بالنبات. فرجع الرجل على ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر: الآن علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علمًا، صدق ابن عباس هكذا كانت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقًا} قال: ملتصقتين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد حميد وابن المنذر وأبو الشيخ، عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن الليل، كان قبل أم النهار؟ قال: الليل. ثم قرأ {إن السماوات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كانتا رتقًا ففتقناهما} قال: فتق من الأرض ست أرضين معها، فتلك سبع أرضين بعضهن تحت بعض، ومن السماء سبع سموات منها معها، فتلك سبع سموات بعضهن فوق بعض ولم تكن الأرض والسماء مماستين.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله: {كانتا رتقًا ففتقناهما} قال: كانت السماء واحدة ففتق منها سبع سموات، وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله: {كانتا رتقًا ففتقناهما} قال: كانتا جمعًا ففصل الله بينهما بهذا الهواء.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كانت السموات والأرضون ملتزقتين، فلما رفع الله السماء وابتزها من الأرض، فكان فتقها الذي ذكر الله.
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قلت: يا رسول الله، إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، قال: كل شيء خلق من الماء».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال: نطفة الرجل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال: خلق كل شيء من الماء، وهو حياة كل شيء.
{وَجَعَلْنَا فِي الأرض رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وجعلنا فيها فجاجًا سبلًا} قال: بين الجبال.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فجاجًا} أي أعلامًا {سبلًا} أي طرقًا.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد في قوله: {وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا} قال: مرفوعًا {وهم عن آياتها معرضون} قال: الشمس والقمر والنجوم من آيات السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة، «أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما يوم الجمعة؟ قال: خلق الله في ساعتين منه الليل والنهار».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كل في فلك} قال: دوران {يسبحون} قال: يجرون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كل في فلك} قال: فلكة كفلكة المغزل {يسبحون} قال: يدورون في أبواب السماء ما تدور الفلكة في المغزل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كل في فلك} قال: هو فلك السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال: الشمس والقمر والنجوم مسخرة في فلك بين السماء والأرض.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {كل في فلك} قال: الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم والشمس والقمر. وفي قوله: {يسبحون} قال: يجرون.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن الكلبي رضي الله عنه قال: كل شيء يدور فهو فلك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كل في فلك يسبحون} النجوم والشمس والقمر. قال: كفلكة المغزل، قال: هو مثل حسبان، قال: فلا يدور الغزل إلا بالفلكة، ولا تدور الفلكة إلا بالمغزل، ولا يدور الرحى إلا بالحسبان، ولا يدور الحسبان إلا بالرحى، كذلك النجوم والشمس والقمر لا يدرن إلا به ولا يدور إلا بهن، قال: والحسبان والفلك يصيران إلى شيء واحد، غير أن الحسبان في الرحى كالفلكة في المغزل.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كل في فلك} قال: الفلك كهيئة حديدة الرحى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {كل في فلك يسبحون} قال: يجرون في فلك السماء كما رأيت.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال: هو الدوران.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال: المغزل قال كما تدور الفلكة في المغزل.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال: وكان عبدالله يقرأ {كل في فلك يعملون}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كل في فلك يسبحون} قال: يجرون.
{وما جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)}.
أخرج ابن المنذر عن جريج قال: لما نعى جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه قال: يا رب، فمن لأمتي فنزلت {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبو بكر رضي الله عنه في ناحية المدينة، فجاء فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يقبله ويبكي ويقول: بأبي وأمي طبت حيًا وطبت ميتًا، فلما خرج مرّ بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقول: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين وحتى يخزي الله المنافقين. قال: وكانوا قد استبشروا بموت النبي صلى الله عليه وسلم فرفعوا رؤوسهم فقال: أيها الرجل، أربع على نفسك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات... ألم تسمع الله يقول: {إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر: 30] وقال: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون} قال: ثم أتى المنبر فصعده فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إن كان محمد صلى الله عليه وسلم إلهكم الذي تعبدون، فإن محمدًا قد مات؛ وإن كان إلهكم الذي في السماء، فإن إلهكم لم يمت ثم تلا {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} [آل عمران: 144] حتى ختم الآية. ثم نزل وقد استبشر المسلمون بذلك واشتد فرحهم وأخذت المنافقين الكآبة.
قال عبدالله بن عمر: فوالذي نفسي بيده، لكأنما كانت على وجوهنا أغطية فكشفت.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن عائشة قالت: دخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وقد مات، فقبله وقال: وانبياه!... واخليلاه!... واصفياه!... ثم تلا {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} الآية. وقوله: {إنك ميت وإنهم ميتون}.
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة، عن ابن عباس في قوله: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} قال: نبتليكم بالشدة والرخاء والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلالة. والله أعلم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَجَعَلْنَا السماء سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)}.
قوله: {وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا}: جملةٌ استئنافيةٌ، ويَضْعُفُ جَعْلُها حالًا مقدرةً. وقرأ مجاهد وحميد {عن آيتِها} بلفظِ الإِفراد. جَعَلَ الخلقَ آيةً، وهي مشتملةٌ على آياتٍ، أو أطلق الواحدَ وأراد به الجنسَ.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}.
قوله: {كُلٌّ}: أي: كلُّ منهما أي: من الشمس والقمر، أو مِنها أي: من الليل والنهار والشمس والقمر. و{يَسْبَحون} يجوز أن يكونَ خبرَ {كلٌ} على المعنى. و{في فلك} متعلق بـ ه، ويجوزُ أن يكونَ حالًا. والخبرُ الجارُّ وهو {في فَلك}. وهذا الذي: ذَكَرْتُه من كونِ المضافِ إليه يجوزُ أَنْ يُقَدَّرَ بالأربعةِ الأشياءِ المذكورةِ. ذكره أبو البقاء. وأمَا غيرُه فلم يذكرْ إلاَّ أنَّ المضافَ إليه الشمسُ والقمرُ. وهو الظاهر؛ لأنَّ السباحةَ من صفتِهما دونَ الليلِ والنهار، وعلى هذا فيُعْتَذَر عن الإِتيانِ بضميرِ الجمعِ، وعن كونِه جَمْعَ مَنْ يَعْقِلُ.
أمَا الأول فقيل: إنما جُمِع لأنَّ ثَمَّ معطوفًا محذوفًا تقديرُه: والنجومُ، كما دَلَّتْ عليه آياتٌ أُخَرُ. وقال الزمخشري: الضميرُ للشمسِ والقمرِ، والمرادُ بهما جنسُ الطوالِع كلَّ يومٍ وليلةٍ، جعلوها متكاثرةً لتكاثُرِ مَطالِعِها، وهو السببُ في جمعهما بالشموسِ والأقمارِ. انتهى. والذي حَسَّن ذلك كونُه رأسَ آيةً.
وقال أبو البقاء: {يَسْبَحُون} خبر {كلٌ} على المعنى؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ إذا سَبَح فكلُّها تَسْبَحُ. وقيل: يَسْبَحُون على هذا الوجهِ حالٌ. والخبر {في فَلَكٍ}. وقيل: التقدير: كلُّها، والخبر {يَسْبَحُون}، أتى بضميرِ الجمعِ على معنى {كل}. وفي هذا الكلامِ نظرٌ: من حيث إنه لمَا جَوَّز أن يكونَ المضافُ إليه شيئين جَعَل الخبرَ الجارَّ، و{يَسْبَحون} حالًا، فِرارًا من عدم مطابقةِ الخبر للمبتدأ، فَوَقَعَ في تخالُفِ الحالِ وصاحبِها.
وأمَا الثاني فلأنَّه لَمَا أَسْنَدَ إليها السباحةَ التي هي مِنْ أفعالِ العقلاء جَمَعَها جَمْعَ العقلاءِ كقوله: {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] و{أَتَيْنَا طَآئِعِينَ} [فصلت: 11].
وهذه الجملةُ يجوز أن تكونَ لا محلَّ لها من الإعراب لاستئنافِها. ويجوزُ أَنْ يكونَ محلُّها النصبَ على الحال. فإنْ قُلْنا: إن السباحةَ تُنْسَبُ إلى الليل والنهار، كما تقدَّم نَقْلُه عن أبي البقاء في أحدِ الوجهين فتكونُ حالًا من الجميع. وإن كان لا يَصِحُّ نِسْبَتُها إليهما كانت حالًا من الشمسِ والقمرِ. وتأويلُ الجمعِ قد تقدَّم. قال الشيخ: أو مَحَلُّها النصبُ على الحالِ من الشمس والقمر؛ لأنَّ الليلَ والنهارَ لا يَتَّصِفان بأنهما يَجْرِيان في فَلَكٍ، فهو كقولك: رأيتُ زيدًا وهندًا متبرِّجةً. انتهى. وهذا قد سبقه إليه الزمخشري فَنَقَله عنه، يعني أنه قد دَلَّ دليلٌ على أنَّ الحالَ من بعضِ ما تقدَّم كما في المثالِ المذكور.
والسِّباحةُ: العَوْمُ في الماء. وقد يُعَبَّر به عن مطلقِ الذهابِ، وقد تقدَّم اشتقاقُه في سُبْحانك.
{وما جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)}.
قوله: {أَفَإِيْن مِّتَّ}: قد تقدَّم نظيرُ ذلك في آل عمران عند قوله: {أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم} [الآية: 144]. وفي هذه الآيةِ دليلٌ لمذهب سيبويه: وهو أنه إذا اجتمع شرطٌ واستفهام أُجيب الشرطُ. فتكونُ الآيةُ قد دَخَلَتْ فيها همزةُ الاستفهامِ على جملةِ الشرطِ. والجملةُ المقترنةُ بالفاءِ جوابُ الشرطِ، وليسَتْ مَصَبَّ الاستفهامِ، وزَعَمَ يونس أنَّ الاستفهامَ مُنْصَبٌّ على الجملةِ المقترنةِ بالفاء، وأنَّ الشرطَ معترضٌَ بين الاستفهامِ وبينَها، وجوابه محذوف. وليس بشيءٍ إذ لو كان كما قال لكان التركيبُ: أفإن مِتَّ هم الخالدون، بغير فاء. وكأنَّ ابنَ عطية نحا منحى يونسَ فإنه قال: وألفُ الاستفهامِ داخلةٌ في المعنى على جوابِ الشرطِ.
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)}.
قوله: {فِتْنَةً}: في نصبِه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه مفعولٌ من أجله. الثاني: أنه مصدرٌ في موضعِ الحالِ أي: فاتِنين. الثالث: أنَّه مصدرٌ مِنْ معنى العاملِ لا من لفظِه؛ لأن الابتلاءَ فتنةٌ فكأنَّه قيل: نَفْتِنُكم فتنةً.
وقرأ العامَّة: {تُرْجَعُوْن} بتاءِ الخطابِ مبنيًا للمفعول. وغيرُهم بياءِ الغَيْبة على الالتفات. اهـ.