فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الطريق لبلوغ ذلك التوازن والتناسق تشيل كفة وترجح كفة. وقد يغلب على الأرض جبارون وظلمة وطغاة. وقد يغلب عليها همج ومتبربرون وغزاة.
وقد يغلب عليها كفار فجار يحسنون استغلال قوى الأرض وطاقاتها استغلالًا ماديًا.. ولَكِن هذه ليست سوى تجارب الطريق. والوراثة الأخيرة هي للعباد الصالحين، الذين يجمعون بين الإيمان والعمل الصالح. فلا يفترق في كيانهم هذان العنصران ولا في حياتهم.
وحيثما اجتمع إيمان القلب ونشاط العمل في أمة فهي الوارثة للأرض في أية فترة من فترات التاريخ. ولَكِن حين يفترق هذان العنصران فالميزان يتأرجح. وقد تقع الغلبة للآخذين بالوسائل المادية حين يهمل الأخذ بها من يتظاهرون بالإيمان، وحين تفرغ قلوب المؤمنين من الإيمان الصحيح الدافع إلى العمل الصالح، وإلى عمارة الأرض، والقيام بتكاليف الخلافة التي وكلها الله إلى هذا الإنسان.
وما على أصحاب الإيمان إلا أن يحققوا مدلول إيمانهم، وهو العمل الصالح، والنهوض بتبعات الخلافة ليتحقق وعد الله، وتجري سنته: {إن الأرض يرثها عبادي الصالحون}.. فالمؤمنون العاملون هم العباد الصالحون..
وفي النهاية يجيء إيقاع الختام في السورة مشابهًا لإيقاع الافتتاح!
{إن في هذا لبلاغًا لقوم عابدين وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين قل إنما يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون}..
{إن في هذا لبلاغًا لقوم عابدين}.. إن في هذا القرآن وما يكشفه من سنن في الكون والحياة. ومن مصائر الناس في الدنيا والآخرة. ومن قواعد العمل والجزاء.. إن في هذا لبلاغًا وكفاية للمستعدين لاستقبال هدى الله. ويسميهم {عابدين} لأن العابد خاشع القلب طائع متهيئ للتلقي والتدبر والانتفاع.
ولقد أرسل الله رسوله رحمة للناس كافة ليأخذ بأيديهم إلى الهدى، وما يهتدي إلا أولئك المتهيئون المستعدون. وإن كانت الرحمة تتحقق للمؤمنين ولغير المؤمنين..
إن المنهج الذي جاء مع محمد صلى الله عليه وسلم منهج يسعد البشرية كلها ويقودها إلى الكمال المقدر لها في هذه الحياة.
ولقد جاءت هذه الرسالة للبشرية حينما بلغت سن الرشد العقلي: جاءت كتابًا مفتوحًا للعقول في مقبل الأجيال، شاملًا لأصول الحياة البشرية التي لا تتبدل، مستعدًا لتلبية الحاجات المتجددة التي يعلمها خالق البشر، وهو أعلم بمن خلق، وهو اللطيف الخبير.
ولقد وضع هذا الكتاب أصول المنهج الدائم لحياة إنسانية متجددة. وترك للبشرية أن تستنبط الأحكام الجزئية التي تحتاج إليها ارتباطات حياتها النامية المتجددة، واستنباط وسائل تنفيذها كذلك بحسب ظروف الحياة وملابساتها، دون اصطدام بأصول المنهج الدائم.
وكفل للعقل البشري حرية العمل، بكفالة حقه في التفكير، وبكفالة مجتمع يسمح لهذا العقل بالتفكير. ثم ترك له الحرية في دائرة الأصول المنهجية التي وضعها لحياة البشر، كيما تنمو وترقى وتصل إلى الكمال المقدر لحياة الناس في هذه الأرض.
ولقد دلت تجارب البشرية حتى اللحظة على أن ذلك المنهج كان وما يزال سابقًا لخطوات البشرية في عمومه. قابلًا لأن تنمو الحياة في ظلاله بكل ارتباطاتها نموًا مطردًا. وهو يقودها دائمًا، ولا يتخلف عنها، ولا يقعد بها، ولا يشدها إلى الخلف، لأنه سابق دائمًا على خطواتها متسع دائمًا لكامل خطواتها.
وهو في تلبيته لرغبة البشرية في النمو والتقدم لا يكبت طاقاتها في صورة من صور الكبت الفردي أو الجماعي، ولا يحرمها الاستمتاع بثمرات جهدها وطيبات الحياة التي تحققها.
وقيمة هذا المنهج أنه متوازن متناسق. لا يعذب الجسد ليسمو بالروح، ولا يهمل الروح ليستمتع الجسد. ولا يقيد طاقات الفرد ورغائبه الفطرية السليمة ليحقق مصلحة الجماعة أو الدولة. ولا يطلق للفرد نزواته وشهواته الطاغية المنحرفة لتؤذي حياة الجماعة، أو تسخرها لإمتاع فرد أو أفراد.
وكافة التكاليف التي يضعها ذلك المنهج على كاهل الإنسان ملحوظ فيها أنها في حدود طاقته، ولمصلحته؛ وقد زود بالاستعدادات والمقدرات التي تعينه على أداء تلك التكاليف، وتجعلها محببة لديه مهما لقي من أجلها الآلام أحيانًا لأنها تلبي رغيبة من رغائبه، أو تصرف طاقة من طاقاته.
ولقد كانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لقومه ورحمة للبشرية كلها من بعده والمبادئ التي جاء بها كانت غريبة في أول الأمر على ضمير البشرية، لبعد ما كان بينها وبين واقع الحياة الواقعية والروحية من مسافة. ولَكِن البشرية أخذت من يومها تقرب شيئًا فشيئًا من آفاق هذه المبادئ. فتزول غرابتها في حسها، وتتبناها وتنفذها ولو تحت عنوانات أخرى.
لقد جاء الإسلام لينادي بإنسانية واحدة تذوب فيها الفوارق الجنسية الجغرافية. لتلتقي في عقيدة واحدة ونظام اجتماعي واحد.. وكان هذا غريبًا على ضمير البشرية وتفكيرها وواقعها يومذاك. والأشراف يعدون أنفسهم من طينة غير طينة العبيد.. ولَكِن ها هي ذي البشرية في خلال نيف وثلاثة عشر قرنًا تحاول أن تقفو خطى الإسلام، فتتعثر في الطريق، لأنها لا تهتدي بنور الإسلام الكامل. ولَكِنها تصل إلى شيء من ذلك المنهج ولو في الدعاوى والأقوال وإن كانت ما تزال أمم في أوربا وأمريكا تتمسك بالعنصرية البغيضة التي حاربها الإسلام منذ نيف وثلاث مائة وألف عام.
ولقد جاء الإسلام ليسوي بين جميع الناس أمام القضاء والقانون. في الوقت الذي كانت البشرية تفرق الناس طبقات، وتجعل لكل طبقة قانونًا. بل تجعل إرادة السيد هي القانون في عهدي الرق والإقطاع.. فكان غريبًا على ضمير البشرية يومذاك أن ينادي ذلك المنهج السابق المتقدم بمبدأ المساواة المطلقة أمام القضاء. ولَكِن ها هي ذي شيئًا فشيئًا تحاول أن تصل ولو نظريًا إلى شيء مما طبقة الإسلام عمليًا منذ نيف وثلاث مائة وألف عام.
وغير هذا وذلك كثير يشهد بأن الرسالة المحمدية كانت رحمة للبشرية وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم إنما أرسل رحمة للعالمين. من آمن به ومن لم يؤمن به على السواء. فالبشرية كلها قد تأثرت بالمنهج الذي جاء به طائعة أو كارهة، شاعرة أو غير شاعرة؛ وما تزال ظلال هذه الرحمة وارفة، لمن يريد أن يستظل بها، ويستروح فيها نسائم السماء الرخية، في هجير الأرض المحرق وبخاصة في هذه الأيام.
وإن البشرية اليوم لفي أشد الحاجة إلى حس هذه الرحمة ونداها. وهي قلقة حائرة، شاردة في متاهات المادية، وجحيم الحروب، وجفاف الأرواح والقلوب..
وبعد إبراز معنى الرحمة وتقريره يؤمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يواجه المكذبين المستهزئين، بخلاصة رسالته التي تنبع منها الرحمة للعالمين:
{قل إنما يوحى إلى أنَّما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون}.
فهذا هو عنصر الرحمة الأصيل في تلك الرسالة. عنصر التوحيد المطلق الذي ينقذ البشرية من أوهام الجاهلية، ومن أثقال الوثنية، ومن ضغط الوهم والخرافة. والذي يقيم الحياة على قاعدتها الركينة، فيربطها بالوجود كله، وفق نواميس واضحة وسنن ثابتة، لا وفق أهواء ونزوات وشهوات. والذي يكفل لكل إنسان أن يقف مرفوع الرأس فلا تنحني الرؤوس إلا لله الواحد القهار.
هذا هو طريق الرحمة.. {فهل أنتم مسلمون}.
وهذا هو السؤال الواحد الذي يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقيه على المكذبين المستهزئين.
{فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء}..
أي كشفت لكم ما عندي فأنا وأنتم على علم سواء. والإيذان يكون في الحرب لإنهاء فترة السلم، وإعلام الفريق الآخر أنها حرب لا سلام.. أما هنا والسورة مكية ولم يكن القتال قد فرض بعد فالمقصود هو أن يعلنهم بأنه قد نفض يده منهم، وتركهم عالمين بمصيرهم، وأنذرهم عاقبة أمرهم. فلم يعد لهم بعد ذلك عذر، فليذوقوا وبال أمرهم وهم عالمون..
{وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون}..
آذنتكم على سواء. ولست أدري متى يحل بكم ما توعدون. فهو غيب من غيب الله. لا يعلمه إلا الله. وهو وحده يعلم متى يأخذكم بعذابه في الدنيا أو في الآخرة سواء. وهو يعلم سركم وجهركم، فما يخفى عليه منكم خافية:
{إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون}..
فأمركم كله مكشوف له، وحين يعذبكم يعذبكم بما يعلم من أمركم ظاهره وخافيه. وإذا أخر عنكم العذاب فحكمة تأخيره عند الله:
{وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين}.
وما أدري ما يريد الله بهذا التأخير. فلعله يريد أن يكون فتنة لكم وابتلاء، فيمتعكم إلى أجل، ثم يأخذكم أخذ عزيز مقتدر.
وبهذا التجهيل يلمس قلوبهم لمسة قوية، ويدعهم يتوقعون كل احتمال، ويتوجسون خيفة من المفاجأة التي تأخذهم بغتة. وتوقظ قلوبهم من غفلة المتاع فلعل وراءه الفتنة والبلاء. وتوقع العذاب على غير موعد مضروب كفيل بأن يترك النفس متوجسة، والأعصاب متوفزة، ترتقب في كل لحظة أن يرفع الستار المسدل، عن الغيب المخبوء.
وإن القلب البشري ليغفل عما ينتظره من غيب الله، وإن المتاع ليخدع، فينسى الإنسان أن وراء الستار المسدل ما وراءه مما لا يدريه ولا يكشف عنه إلا الله في موعده المغيب المجهول.
فهذا الإنذار يرد القلوب إلى اليقظة، ويعذر إليها بين يدي الله قبل فوات الأوان.
الدرس السادس: الحكم والفصل بيد الله والإستعانة به:
وهنا يتوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه. وقد أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. وآذنهم على سواء، وحذرهم بغتة البلاء.. يتوجه إلى ربه الرحمن يطلب حكمه الحق بينه وبين المستهزئين الغافلين، ويستعينه على كيدهم وتكذيبهم. وهو وحده المستعان:
{قالرب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون}..
وصفة الرحمة الكبيرة هنا ذات مدلول. فهو الذي أرسله رحمة للعالمين، فكذب به المكذبون واستهزأ به المستهزئون. وهو الكفيل بأن يرحم رسوله ويعينه على ما يصفون.
وبهذا المقطع القوي تختم السورة كما بدأت بذلك المطلع القوي. فيتقابل طرفاها في إيقاع نافذ قوي مثير عميق. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَواء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109)}.
أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {على سواء} قال: على مهل.
{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111)}.
أخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: لما أسري بالنبي- صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله: {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} يقول هذا الملك.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل، عن الشعبي قال: لما سلم الحسن بن على- رضي الله عنه- الأمر إلى معاوية، قال له معاوية: قم فتكلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هذا الأمر تركته لمعاوية. إرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} ثم استغفر ونزل.
وأخرج البيهقي، عن الزهري قال: خطب الحسن رضي الله عنه فقال: أما بعد: أيها الناس إن الله هداكم بأوّلنا، وحقن دمائكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول، وإن الله تعالى قال لنبيه: {وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} إلى قوله: {ومتاع إلى حين} الدهر كله. وقوله: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} [الإنسان: 1] الدهر: الدهر كله. وقوله: {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} [إبراهيم: 25] قال: هي النخلة من حين تثمر إلى أن تصرم. وقوله: {ليسجننه حتى حين} [يوسف: 35].
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس {وإن أدري لعله فتنة لكم} يقول: ما أخبركم به من العذاب والساعة، أن يؤخر عنكم لمدتكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله: {قل رب احكم بالحق} قال: لا يحكم الله إلا بالحق، ولَكِن إنما يستعجل بذلك في الدنيا، يسأل ربه على قومه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة: إن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان إذا شهد قتالًا قال: {رب احكم بالحق}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة قال: كانت الأنبياء تقول: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} [الأعراف: 89] فأمر الله نبيه أن يقول: {رب احكم بالحق} أي اقض بالحق. وكان رسول الله- صلى عليه وسلم- يعلم أنه على الحق، وأن عدوّه على الباطل، وكان إذا لقي العدوّ قال: {رب احكم بالحق} والله أعلم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَواء}.
قوله: {آذَنتُكُمْ}: أي: أَعْلَمْتُكم. فالهمزةُ فيه للنقلِ. قال الزمخشري: آذن منقولٌ مِنْ أَذِنَ إذا عَلِمَ، ولَكِنه كَثُرَ استعمالُه في الجَرْيِ مجرى الإِنذار. ومنه قوله تعالى: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ} [البقرة: 279] وقول ابن حِلِّزَة:
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أسماءُ

قلت: وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في البقرة.
قوله: {على سَواء} في محلِّ نصبٍ على الحال من الفاعل والمفعول معًا، أي: مُسْتَوِين في العلم بما أَعْلَمْتُكم به لم يَطْوِه عن أحدٍ منهم.
قوله: {وَإِنْ أدري} العامَّةُ على إرسالِ الياء ساكنةً، إذ لا مُوْجِبَ لغيرِ ذلك. ورُوي عن أبن عباس أنه قرأ: {وإنْ أَدْريَ أقريبٌ}، {وَإِنْ أَدْرِيَ لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ} بفتح الياءَيْن. وخُرِّجَتْ على التشبيهِ بياءِ الإضافة. على أن ابنَ مجاهدٍ أنكر هذه القراءةَ البتة. وقال ابن جني: هو غَلَطٌ، لأنَّ أن نافيةٌ لا عملَ لها. ونَقَل أبو البقاء عن غيرِه أنه قال في تخريجها: إنه ألقى حركةَ الهمزةِ على الياءِ فتحرَّكَتْ وبقيتْ الهمزةُ ساكنةً، فأُبْدِلَتْ ألفًا لانفتاحِ ما قبلها، ثم أُبْدِلَتْ همزةً متحركةً؛ لأنها في حُكْمِ المبتدأ بها، والابتداءُ بالساكنِ مُحالٌ. وهذا تخريجٌ متكلِّفٌ لا حاجةَ إليه. ونِسْبَةُ راويها عن ابن عباس إلى الغلطِ أَوْلَى من هذا التكلُّفِ، فإنها قراءةٌ شاذةٌ مُنْكَرَة. وهذا التخريجُ وإنْ نَفَعَ في الأولى فلا يُجْدي في الثانيةِ شيئًا. وسيأتي لك قريبٌ من ادِّعاء قَلْبِ الهمزةِ ألفًا ثم قَلْبِ الألفِ همزةً في قوله: {مِنسَأَتَهُ} [سبأ: 14] إنْ شاء اللهُ تعالى، وبذلك يَسْهُلُ الخَطْبُ في التخريج المذكور.