فصل: فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السماء وَالأرض} كلية وجزئية جلية وخفية {إِنَّ ذلِكَ} العلم مثبت {فِي كِتابٍ} عظيم عند اللّه تعالى هو الوجه المكنون الحاوي على ما كان وسيكون قبل كونه {إِنَّ ذلِكَ} العلم العظيم جميعه {عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (7) سهل كعلم شيء واحد {وَيَعْبُدُونَ} بعض خلقه مع علمهم بأن شيئا لا يستحق العبادة غيره وأن لا ربّ على الحقيقة سواه {مِنْ دُونِ اللَّهِ} الجليل الذي خلقهم وسواهم وعلمهم {ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطانًا} عليهم من حجة أو برهان أو دليل أو أمارة {وما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ} أن يعبد بل جهل مركب، لأنهم يزعمون ما يعبدونه من الأوثان يشفع لهم عند اللّه يوم القيامة وينصرهم في الدّنيا من النّاس {وما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} (71) ينصرهم من عذابه إذا حل بهم في الدّنيا والآخرة.
وإنما سماهم ظالمين لظلمهم أنفسهم بذلك الاعتقاد فيما تعمله أيديهم من الأصنام.
قال تعالى: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ} عند سماع تلاوتها أي تظهر على وجوههم علائم الكراهة فتراها عابسة مكفهرّة {يَكادُونَ يَسْطُونَ} يثبون ويبطشون {بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا} أي بمحمد وأصحابه من شدة الغيظ والحنق عليهم، وهذه حكاية حال من أحوال بعض الكفرة المشركين وكفرة أهل الكتابين القائلين بنبوة عزير وعيسى وآلهتهما والملائكة وكونه ثالث ثلاثة {قُلْ} لهم يا سيد الرّسل {أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ} لكم {مِنْ ذلِكُمُ} الخير الذي تكرهونه الآن وتعرضون عن سماعه هو {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أمثالكم فهي مصيركم ومصيرهم {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (72) هي لمن يصير إليها {يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ} حال مستغربة جديرة بأن تسمى مثلا تشبها ببعض الأمثال السّائرة {فَاسْتَمِعُوا لَهُ} وأصغوا إليه وتدبروه واعقلوه، وهو أن المشركين جعلوا لي شبيبة إليه إذ قد {ضَعُفَ الطَّالِبُ} الذباب السّالب {وَالْمَطْلُوبُ} 73 المسلوب منه وهي أوثانهم لأن منها ما هو جماد وهو أضعف من الذباب بدرجات كثيرة وعابدوها أجهل من كلّ جاهل داخل من كلّ مثال، لأن الذي لا يحمي نفسه من الذباب كيف تطلب منه الحماية، وكيف يعبد، وكيف يرجى منه جلب نفع أو دفع ضر؟ وإن كان حيوانا فهو كذلك أيضا بل أكثر شرا لاحتياجه للأكل والشّرب والحراسة، وإن كان إنسانا فكذلك، لأنه لا يقدر أن يحرس نفسه من أقدار اللّه ولا يتحرك إلّا بإذن اللّه وأرادته، وهو متبرئ من عبادتهم، وان اللّه خالقهم وخالق كلّ شيء، أفلا يعبدونه مع كمال عظمته وبالغ قدرته ويركنون إليه عند حاجتهم في الشّدة والرّخاء، ولهذا فاتركهم يا سيد الرّسل فإنهم جهال {ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ولا عرفوه حق معرفته ولا مجدوه حق تمجيده وما علموا غاية قبح فعلهم إذ أشركوا به وسموا باسم ما هو أبعد الأشياء عنه، تقدم مثل هذه الجملة في الآية 68 من سورة الزمر والآية 91 من الأنعام ج 2 ولفظ الذباب لم يكرر في القرآن {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ} على خلق الممكنات بأسرها وإفناء الموجودات كلها {عَزِيزٌ} 74 غالب قاهر لجميع الأشياء وهذه الجملة تعليل لما قبلها من نفي معرفتهم له تعالى.
قال ابن عباس كانوا يطلبون الأصنام طيبا فيقع الذباب عليها فيسلبها طيبها فلا تقدر على منعه ولا يقدر الكفرة حراسها على استرداد ما سلبه منها فكيف يقدرون على خلقه، ثم ساق حكاية أخرى من أحوال الكفرة من قولهم {لولا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا} الآية 22 من سورة الفرقان ج 1 وقولهم {ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا} الآية 31 من سورة المؤمنين ج 2 وهي مكررة كثيرا في القرآن، فأخبرهم اللّه بمعرض الرّد عليهم بأنه يجتبي من هؤلاء وهؤلاء ما يشاء بقوله: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا} كجبريل وإخوانه {وَمِنَ النَّاسِ} رسلا أيضا كمحمد وإخوانه عليهم الصّلاة والسّلام ومن قبلهم ممن شاء وخصته السّعادة ولهذا لا يعبا بأقوالهم التافهة {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} لها وعالم بوقوعها منهم قبل خلقهم {بَصِيرٌ} بمن يختصه للملكية والرّسالة.
قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ} الآية 135 من الأنعام ج 2 وهو {يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ} وجميع ما هو كائن وما سيكون من رسل الفريقين والمرسل إليهم أجمع {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمور} (73) كلها ويحاسب أهلها عليها قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} بجميع أنواعه وأصنافه وأجناسه قولا وفعلا ونية {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (77) فتفوزون بأنواع الخير عند اللّه في الدّنيا والآخرة.
واعلم أن الخير كله مجموع في أربعة: النظر والحركة والنّطق والصّمت، فكل نطق لا يكون في عبرة فهو غفلة، وكلّ حركة لا تكون في عبادة فهي فترة، وكلّ نطق لا يكون في ذكر فهو لغو، وكلّ صمت لا يكون في فكر فهو سهو.
هذا وتقدم البحث فيما يتعلق بالسجود في الآية 15 من سورة الرّعد المارة، وفيها ما يرشدك لبحثه في غيرها.
واعلم أن السّجدات المتفق عليها في القرآن العظيم أربع عشرة ليس منها هذه، والسّجود فيها واجب وقال بعض الأئمة بسنية السّجود عند تلاوة هذه الآية مستدلا بما أخرجه الترمذي وأبو داود عن عتبة بن عامر قال قلت يا رسول اللّه أفي الحج سجدتان؟ قال نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما.
وأخرج مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب أنه قرأ الحج فسجد فيها سجدتين، وقال ان هذه السّورة، فقلت بسجدتين وناهيك به قدوة، وقد أخذ بهذا الشّافعي رحمه اللّه وقال أبو حنيفة ومالك والحسن وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وسفيان الثوري إنها سجدة صلاة بدليل اقترانها بالركوع، ولو كانت سجدة تلاوة لما اقترنت به كسائر سجدات القران، وقد مرت السّجدة الأولى في الآية 16 منها قال تعالى: {وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ} بأن تستفرغوا جهدكم تبذلوا طاقتكم ووسعكم فيه.
ومن الجهاد أن لا يخاف الرّجل في قول الحق لومة لا ثم وتقدم بيان فضله في الآية 191 من سورة البقرة {هُوَ اجْتَباكُمْ} أيها النّاس واختاركم لدينه وخدمته، والاجتباء رتبة عظيمة ومنقبة كريمة خصنا اللّه بها، فهي سعادة ما فوقها سعادة، قال الأبوصيري:
بشرى لنا معشر الإسلام ** إن لنا من العناية ركنا غير منهدم

موهذا الاختيار من عناية اللّه تعالى بهذه الأمة ومن عنايته اختيار محمد صلى الله عليه وسلم رسولا لنا واختيارنا لشريعته، ولهذا قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية 110 من آل عمران والحمد للّه على أفضاله وعلى هذه المزية الكريمة والمنحة المثلى، وعلى قوله جل قوله: {وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} لأنها ميزة جليلة لنا أيضا إذ لم يصيق وبشدد علينا فيما عرضه، بل رخص وسهل، ويسر عليكم أيها المؤمنون في صومكم وصلاتكم وحجكم وزكاتكم وتوبتكم وطهارتكم وجعل ملّتكم {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم} سمحة نقية وهذا الخليل جدكم {هُوَ سَمَاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} (78) لقوله تعالى حكاية عنه وعن ابنه إسماعيل عليهما الصّلاة والسّلام.
{رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً} الآية 138 من البقرة وهذه التسمية ثابتة لكم {مِنْ قَبْلُ} في الكتب المتقدمة {وَفِي هذا} القران لأنها مذكورة في اللّوح المحفوظ، ولهذا فضلكم على سائر الأمم وجعل دينكم الإسلام وسماكم المسلمين {لِيَكُونَ الرَّسُولُ} محمد صلى الله عليه وسلم {شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} يوم القيامة بأنه بلغكم رسالته {وَتَكُونُوا شهداء عَلَى النَّاسِ} بأن الرّسل بلغو أممهم رسالات ربهم بناء على أخبار نبيكم لكم في كتابكم واخباره حق أكثر من المشاهدة وأقوى، لأن العين قد تخطئ المبصر فلا تعرفه حقيقة، والرّسول لا يخطى في التبليغ البتة لعصمته من قبل اللّه تعالى، وهذا من المخصوص، لأن الشّهادة لا تكون إلّا في هذا عن الغيب، وقد تكون على السّماع في أمور مخصصة أيضا كما أشرنا إليها في الآية 143 من سورة البقرة المارة {فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ} في كلّ أموركم وثقوا بما وعدكم به على لسان رسولكم {هُوَ مَوْلاكُمْ} وناصركم وحافظكم لا مولى لكم غيره {فَنِعْمَ الْمَوْلى} هو لمن يتولى أموره {وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (79) لمن يفوض أمره إليه، فإنه ينصره ويسدد أموره ويسبغ عليه رحمة ويمده من فضله ويوفقه لما به صلاحه ونجاحه.
ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به.
هذا واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم.
وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا والحمد للّه رب العالمين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة الحج:
مكية إلا قوله: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} الآيتين وقيل إلا {هذان خصمان} فمدني.
{اتقوا ربكم} كاف.
{شيء عظيم} أكفى منه.
{شديد} تام.
{مريد} حسن.
{السعير} تام.
{لنبين لكم} حسن لمن قرأ {ونقر} بالرفع وليس بوقف لمن قرأه بالنصب.
{أشدكم} حسن.
{شيئا} تام.
{بهيج} كاف.
{في القبور} تام.
{عن سبيل الله} حسن.
{له في الدنيا خزي} وكذا {الحريق}.
{للعبيد} تام.
{حرف} صالح وكذا {اطمأن به} و{على وجهه} والوقف عليه أصلحها.
{الدنيا والآخرة} كاف.
{الخسران المبين} حسن.
{وما لا ينفعه} كاف.
{البعيد} حسن وكذا {أقرب من نفعه} واللام في {لمن ضره} لام اليمين أو زائدة ومن محل نصب أي يدعو والله من ضره أقرب من نفعه.
{ولبئس العشير} تام.
{من تحتها الأنهار} حسن.
{ما يريد} تام.
{ما يغيظ} حسن.
{من يريد} تام.
{يوم القيامة} حسن.
{شهيد} تام وكذا {وكثير من الناس} إن جعل ما بعده مبتدأ وخبرا وليس بوقف إن جعل معطوفا عليه.
{حق عليه العذاب} حسن وكذا {من مكرم}.
{ما يشاء} تام.
{في ربهم} كاف وكذا {والجلود} و{من حديد} و{أعيدوا فيها}.
{عذاب الحريق} تام.
{الأنهار} كاف وكذا {من ذهب} لمن قرأ {ولؤلؤا} بالنصب أي ويحلون لؤلؤا وليس بوقف لمن قرأه بالجر قاله أبو حاتم وأنا لا أحب الوقف عليه بحال فان وقف عليه كان جائزا لمن قرأ بالنصب وقبيحا لمن قرأه بالجر.
{ولؤلؤا} حسن.
{حرير} كاف.
{الحميد} تام.
{الذي جعلناه للناس} تام إن جعل {جعلناه} بمعنى نصبناه لاكتفائه بمفعول واحد والا فليس بوقف سواء قرئ بالنصب مفعولا ثانيا وما بعده مرفوع به أم بالرفع خبر الما بعده والجملة مفعول ثان وخبر {ان الذين كفروا} محذوف أي هلكوا.
{والباد} حسن.
{أليم} تام.
{الركع السجود} كاف.
{عميق} صالح.
{بهيمة الانعام} حسن.
{البائس الفقير} صالح.
{بالبيت العتيق} حسن.
{ذلك} زعم بعضهم انه وقف بجعله مبتدأ حذف خبره وخبره المبتدأ محذوف أي ذلك لازم لكم أو الأمر ذلك أو مفعولا لمحذف أي افعلوا ذلك واحفظوا عند ربه صالح وكذا {ما يتلى عليكم} و{قول الزور}.
{مشركين به} كاف وكذا {سحيق} {ذلك} تقدم نظيره آنفا.
{فإنها من تقوى القلوب} كاف.
{أجل مسمى} جائز.
{العتيق} حسن.
{من بهيمة الانعام} كاف.
{اله واحد} جائز.
{فله أسلموا} حسن.
{ينفقون} حسن.
{لكم فيها خير} صالح. وكذا {صواف}.
{والمعتر} كاف.
{تشكرون} حسن.
{منكم} كاف وكذا {هداكم}.
{المحسنين} تام.
{الذين آمنوا} حسن.
{كفور} تام وكذا {ظلموا} و{لقدير} إن جعل ما بعده في محل رفع بانه خبر مبتدأ محذوف فان جعل نعتا لـ: {للذين يقاتلون} كان الوقف على {ظلموا} حسنا وعلى {لقدير} صالحا.
{ربنا الله} حسن.
{كثيرا} تام.