فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- الحال إما مؤسسة وإما مؤكدة فالمؤسسة هي التي لا يستفاد معناها بدونها نحو جاء خالد راكبا، وأكثر ما تأتي الحال من هذا النوع، والمؤكدة هي التي يستفاد معناها بدونها وانما يؤتى بها للتوكيد، وهذه أنواع ثلاثة:
أ- ما يؤتى بها لتوكيد عاملها وهي التي توافقه معنى فقط أو معنى ولفظا فالأول نحو: {تبسم ضاحكا} ومنه قوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الأرض مُفْسِدِينَ} والثاني كقوله تعالى: {وَأرسلناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} وقول الشاعر:
أصخ مصيخا لمن أبدى نصيحته ** والزم توقي خلط الجد باللعب

ب- ما يؤتى بها لتوكيد صاحبها كقوله تعالى: {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا}.
ج- ما يؤتى بها لتوكيد مضمون جملة معقودة من اسمين معرفتين جامدين نحو: هو الحق بينا أو صريحا، وقول الشاعر:
أنا ابن دارة معروفا بها نسبي ** وهل بدارة يا للناس من عار

2- لما ذا أنث الضمير في فإنها:
في قوله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
سؤال مهم وهو لما ذا أنث الضمير؟ وعلى أي شيء يعود؟ والجواب لا يستقيم إلا بتقدير مضافات محذوفة ولا يستقيم المعنى إلا بتقديرها لأن الضمير يعود على الشعائر أي فإن تعظيمها من أفعال تقوى القلوب والعائد على من محذوف أي منه ويجوز أن الضمير ضمير مصدر مؤنث تقديره فإن العظمة أو الحرمة أو الخصلة.

.[سورة الحج: الآيات 34- 38]:

{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (35) وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلَكِن يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هداكم وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)}.

.اللغة:

{مَنْسَكًا}: بفتح السين وكسرها فالفتح على أنها مصدر ميمي والكسر على أنها اسم مكان وفي المصباح نسك للّه ينسك من باب قتل تطوع بقربة والنسك بضمتين اسم منه وفي التنزيل: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} والمنسك بفتح السين وكسرها يكون زمانا ومصدرا ويكون اسم المكان الذي تذبح فيه النسيكة وهي الذبيحة وزنا ومعنى، ومناسك الحج عباداته وقيل مواضع العبادات ومن فعل كذا فعليه نسك أي دم يريقه، ونسك تزهد وتعبد فهو ناسك والجمع نساك مثل عابد وعباد.
وفي القاموس: المنسك بفتح السين المكان المألوف والمنسك بالفتح أيضا مصدر نسك والمنسك بالكسر شرعة النسك وموضع تذبح فيه النسيكة.
{الْمُخْبِتِينَ}: المطيعين المتواضعين والإخبات نزول الخبت وهو المكان المنخفض وسيأتي في باب البلاغة بحث قيم حول هذا الوصف.
{الْبُدْنَ}: بضم الباء جمع بدنة سميت بذلك لعظم بدنها وهي خاصة بالإبل كما قال الأزهري أو هي تشمل الإبل والبقر كما قال صاحب الصحاح قال القسطلاني: البدن عند الشافعي خاصة بالإبل وعند أبي حنيفة من الإبل والبقر فكلام الشافعية موافق لكلام الأزهري وكلام الحنفية موافق لكلام الصحاح.
{صَوافَّ}: قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن وقرئ {صوافن} من صفون الفرس وهو أن يقوم على ثلاث وينصب الرابعة على طرف سنبكه لأن البدنة تعقل إحدى يديها.
{وَجَبَتْ جُنُوبُها}: وجوب الجنوب وقوعها على الأرض من وجب الحائط وجبة إذا سقط ووجبت الشمس وجبة غربت قال أبو تمام:
فالشمس طالعة من ذا وقد غربت ** والشمس واجبة من ذا ولم تجب

{الْقانِعَ}: السائل المتذلل والخارج من مكان إلى مكان وخادم القوم وأجيرهم والجمع قانعون وقنّع أو بمعنى القنع أي الراضي بما قسم له يقال قنع يقنع من باب تعب تعبا قنعا وقناعة وقنعانا: رضي بما قسم له يقال قنع يقنع من باب تعب تعبا: قنعا وقناعة وقنعانا: رضي بما قسم له وقنع يقنع من باب فتح قنوعا: سأل وتذلل وفي الأساس واللسان: العز في القناعة والذل في القنوع وهو السؤال وفلان قنع بالمعيشة وقنيع وقنوع وقانع، أنشد الكسائي:
فإن ملكت كفاك قوطا فكن به ** قنيعا فإن المتقي اللّه قانع

وقنع بالشيء واقتنع وتقنّع، وأقنعك اللّه بما أعطاك، وفلان حريص ما يقنعه شيء وبيت شوقي المشهور:
شباب قنع لا خير فيهم ** وبورك بالشباب الطامحينا

يدل على ضلاعته باللغة وتمكنه منها.
{الْمُعْتَرَّ}: المعترض بسؤال وعرّه وعرّاه بمعنى واحد وقيل القانع السائل والمعتر المعترض من غير سؤال وقال قوم بالعكس وفي المصباح: المعتر الضيف الزائر والمعتر: المعترض للسؤال من غير طلب يقال عره واعتره وعراه واعتراه إذا تعرض للمعروف من غير مسألة.
وفي القاموس والمعتر الفقير والمعترض للمعروف من غير أن يسأل عرّه، عرّا واعتره وبه. وفي الأساس واللسان: وعن عائشة رضي اللّه عنها: «مال اليتيم عرة لا أدخله في مالي ولا أخلطه به». ولا تفعل هذا لا تصبك منه معرّة وفي الحديث: «كلما تعاررت ذكرت اللّه» وكان سلمان رضي اللّه عنه إذا تعارّ في الليل قال: سبحان رب النبيين وإله المرسلين، وهو أن يهب من النوم مع كلام من عرار الظليم وهو صياحه و{أطعموا القانع والمعتر} أي المعترض بسؤاله.

.الإعراب:

{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لتقرير التشريع الخاص بكل أمة ونوع التعبد الذي يتقربون به إلى اللّه {ولكل أمة} متعلقان بمحذوف مفعول {جعلنا} الثاني المقدم و{جعلنا} فعل وفاعل و{منسكا} مفعول {جعلنا} الأول و{ليذكروا} اللام للتعليل ويذكروا مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بجعلنا و{اسم اللّه} مفعول به و{على ما رزقهم} متعلقان بيذكروا وجملة {رزقهم} صلة و{من بهيمة الأنعام} متعلقان برزقهم.
{فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} الفاء الفصيحة وإلهكم مبتدأ و{إله} خبره و{واحد} صفة {فله} الفاء عاطفة وله متعلقان بأسلموا و{أسلموا} فعل أمر وفاعل {وبشر} الواو عاطفة و{بشر} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت و{المخبتين} مفعول به.
{الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} {الذين} نعت للمخبتين أو بدل منه و{إذا} ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه وجملة {ذكر اللّه} مضاف إليها وجملة {وجلت قلوبهم} لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وإذا وفعلها وجوابها لا محل لها لأنها صلة و{الصابرين} عطف على الذين و{على ما} متعلقان بالصابرين وجملة {أصابهم} صلة للموصول {والمقيمي الصلاة} عطف أيضا وحذفت النون للإضافة {ومما} متعلقان بينفقون وجملة {رزقناهم} صلة وجملة {ينفقون} صلة أيضا.
{وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ} الواو عاطفة و{البدن} مفعول لفعل محذوف فهي منصوبة على الاشتغال أي وجعلنا البدن، و{جعلناها} فعل وفاعل ومفعول به و{لكم} متعلقان بجعلناها و{من شعائر اللّه} مفعول به ثان لجعلناها التي هي بمعنى التصيير.
{لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ} {لكم} خبر مقدم و{فيها} حال و{خير} مبتدأ مؤخر والجملة مستأنفة مسوقة لتقرير ما قبلها ويجوز جعلها حالا من الهاء في {جعلناها} {فاذكروا} الفاء الفصيحة واذكروا فعل أمر وفاعل و{اسم اللّه} مفعول به و{عليها} متعلقان باذكروا و{صواف} حال من الهاء أي بعضها إلى جنب بعض.
{فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل وجملة {وجبت جنوبها} مضافة إلى الظرف والفاء رابطة لجواب إذا وجملة كلوا منها لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم {وأطعموا القانع والمعتر} عطف على جملة كلوا منها.
{كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} {كذلك} الكاف نعت لمصدر محذوف أي سخرها تسخيرا مثل ذلك التسخير و{سخرناها} فعل وفاعل ومفعول به والجملة حال و{لكم} متعلقان بسخرناها ولعل واسمها وجملة {تشكرون} خبرها والجملة في محل نصب على الحال من الكاف في لكم.
{لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلَكِن يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ} {لن} حرف نفي ونصب واستقبال و{ينال} فعل مضارع منصوب بلن ولفظ الجلالة مفعول به مقدم و{لحومها} فاعل {ينال} {ولا دماؤها} عطف على {لحومها} والمعنى لن تبلغ مرضاته ولن تقع منه موقع القبول والمراد أصحاب اللحوم والدماء قال أبو حيان في البحر: أراد المسلمون أن يفعلوا فعل المشركين من الذبح وتشريح اللحم منصوبا حول الكعبة وتضميخ الكعبة بالدم تقربا إلى اللّه تعالى فنزلت هذه الآية. {ولَكِن} الواو عاطفة و{لَكِن} حرف استدراك مهمل لأنه مخفف و{يناله} فعل مضارع ومفعول به و{التقوى} فاعل و{منكم} حال من {التقوى} أي يرفع إليه منكم العمل الصالح الخالص له مع الايمان.
{كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هداكم وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} الكاف نعت لمصدر محذوف وقد تقدمت نظائره و{سخرها} فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به و{لكم} متعلقان بسخرها {ولتكبروا} اللام للتعليل وتكبروا منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل واللام وما في حيزها متعلقة بسخرها وتكبروا فعل مضارع وفاعل ولفظ الجلالة مفعول به، {على ما هداك}: {ما} مصدرية أو موصولة أي على هدايته إياكم أو على ما هداكم إليه و{على} متعلقة بتكبروا لتضمينه معنى الشكر {وبشر} الواو استئنافية و{بشر} فعل أمر وفاعل مستتر و{المؤمنين} مفعول به.
{إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} جملة مستأنفة مسوقة لتأكيد البشرى للمؤمنين بالنصر المحتوم و{إن اللّه} ان واسمها وجملة {يدافع} خبر و{عن الذين} متعلقان بيدافع وجملة {آمنوا} صلة ومفعول {يدافع} محذوف تقديره: عوادي المشركين وغوائلهم، وجملة {إن الذين} تعليل للجملة السابقة وان واسمها وجملة {لا يحب} خبرها و{كل خوان} مفعول به و{كفور} صفة لخوان.

.[سورة الحج: الآيات 39- 41]:

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يقولوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلولا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الأمور (41)}.

.اللغة:

{صَوامِعُ}: الصوامع جمع صومعة وصومع وهو جبل أو مكان مرتفع يسكنه الراهب أو المتعبد قصد الانفراد ثم أطلقت الكلمة على الدير، والصومعة أيضا: العقاب والبرنس وأعلى كل جبل إذا كان مستدقّ الرأس.
{بِيَعٌ}: جمع بيعة بكسر الباء المعبد للنصارى واليهود والجمع بيع وبيعات بكسر الباء وفتح الياء وبيعات بكسر الباء وسكون الياء.
{وَصَلَواتٌ}: بفتح الصاد واللام جمع صلاة وسميت الَكِنيسة صلاة لأنه يصلّى فيها وقيل هي كلمة معربة أصلها بالعبرية صلوثا بفتح الصاد والثاء المثلثة كما في الخفاجي على البيضاوي قال: وبه قرئ في الشواذ ومعناه في لغتهم المصلى فلا يكون مجازا.