فصل: (سورة الحج: الآيات 75- 78):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الحج: الآيات 75- 78]:

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمور (76) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سَمَاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شهداء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}.

.الإعراب:

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} جملة مستأنفة مسوقة لتقرير اصطفائه تعالى الرسل و{اللّه} مبتدأ وجملة {يصطفي} خبر و{من الملائكة} حال لأنه كان في الأصل صفة لرسلا وتقدم عليه ولك أن تعلقه بيصطفي و{رسلا} مفعول به و{من الناس} عطف على {من الملائكة} وحذف من الثاني لدلالة الأول عليه أي ويصطفي من الناس رسلا وجملة {إن اللّه سميع بصير} تعليلية لما تقدم أي سميع لما يقولونه بصير بمن يتخذه رسولا وان واسمها و{سميع} خبرها الأول و{بصير} خبرها الثاني.
{يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمور} جملة {يعلم} خبر ثالث أو مستأنفة و{يعلم} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره هو و{ما} موصول مفعول به و{بين أيديهم} الظرف متعلق بمحذوف صلة و{ما خلفهم} عطف على {ما بين أيديهم} {وإلى اللّه} الواو عاطفة {وإلى اللّه} متعلقان بترجع و{ترجع} فعل مضارع مبني للمجهول و{الأمور} نائب فاعل.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} {يا أيها الذين آمنوا} تقدم إعرابها وجملة {آمنوا} صلة و{اركعوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{اسجدوا} عطف على {اركعوا} {واعبدوا ربكم} عطف أيضا.
{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} {وافعلوا الخير} عطف على ما تقدم وجملة {لعلكم تفلحون} حال من الواو في {اركعوا} وما عطف عليه أي افعلوا هذه الأمور حال كونكم راجين الفلاح.
{وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ} {وجاهدوا} عطف أيضا و{في اللّه} متعلقان بجاهدوا ولابد من حذف مضاف بعد حذف مفعول {جاهدوا} أي جاهدوا أعداءكم في ذات اللّه ومن أجله ففي للسببية و{حق جهاده} مفعول مطلق.
{هُوَ اجْتَباكُمْ وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} {هو} مبتدأ وجملة {اجتباكم} أي اختاركم خبر والجملة حال من {اللّه} {وما} الواو عاطفة و{ما} نافية و{جعل} فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو و{عليكم} متعلقان بمحذوف مفعول به ثان لجعل و{في الدين} حال و{من} حرف جر زائد و{حرج} مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول جعل الأول.
{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سَمَاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا} ملة في نصبها أوجه أظهرها ما ذكره الزمخشري ونصه: نصب الملة بمضمون ما تقدمها كأنه قيل وسع دينكم توسعة ملة أبيكم ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ويجوز نصبها على الاختصاص أي أخص بالدين ملة أبيكم. أو بتقدير فعل مضمر تقديره اتبعوا وهناك أوجه أخرى لا تخرج عن هذه الأوجه، و{أبيكم} مضاف إليه و{إبراهيم} بدل من {أبيكم} وهو مبتدأ وجملة {سماكم} خبر والجملة حال من {إبراهيم} و{سماكم} فعل وفاعل مستتر ومفعول به أول و{المسلمين} مفعول به ثان و{من قبل} حال أي من قبل هذا الكتاب {وفي هذا} عطف على {من قبل} أي وفي هذا القرآن.
{لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شهداء عَلَى النَّاسِ} اللام للتعليل وقيل للعاقبة ويكون فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام واللام ومدخولها متعلقة بسماكم و{الرسول} اسم {يكون} و{شهيدا} خبر {يكون} و{عليكم} متعلقان بشهيدا {وتكونوا شهداء على الناس} عطف على نظيرتها.
{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ} الفاء الفصيحة وأقيموا الصلاة فعل أمر وفاعل ومفعول به وما بعده عطف عليه.
{هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} الجملة حالية من {اللّه} و{هو} مبتدأ و{مولاكم} خبر {فنعم المولى} الفاء استئنافية {ونعم} فعل ماض جامد لانشاء المدح و{المولى} فاعل والمخصوص بالمدح محذوف أي هو، {ونعم النصير} عطف على {نعم المولى} اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الحج:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قوله تعالى: {إن زلزلة الساعة} الزلزلة مصدر يجوز أن يكون من الفعل اللازم أي تزلزل الساعة شيء، وأن يكون متعديا: أي أن زلزال الساعة الناس، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل في الوجهين، ويجوز أن يكون المصدر مضافا إلى الظرف، قوله تعالى: {يوم ترونها} هو منصوب بـ: {تذهل} ويجوز أن يكون بدلا من الساعة على قول من بناه. أو ظرف لعظيم، أو على إضمار اذكر، فعلى هذه الوجوه يكون تذهل حالا من ضمير المفعول، والعائد محذوف: أي تذهل فيها، ولا يجوز أن يكون ظرفا للزلزلة لأنه مصدر قد أخبر عنه، والمرضعة جاء على الفعل، ولو على النسب لقال مرضع، وما بمعنى من، ويجوز أن تكون مصدرية {وترى الناس} الجمهور على الخطاب وتسمية الفاعل، ويقرأ بضم التاء: أي وترى أنت أيها المخاطب، أو يا محمد صلى الله عليه وسلم، ويقرأ كذلك إلا أنه يرفع الناس، والتأنيث على معنى الجماعة، ويقرأ بالياء: أي ويرى الناس: أي يبصرون، و{سكارى} حال على الاوجه كلها، والضم والفتح فيه لغتان قد قرئ بهما، وسكرى مثل مرضى الواحد سكران أو سكر مثل زمن وزمنى، ويقرأ {سكرى} مثل حبلى، قيل هو محذوف من سكارى، وقيل هو واحد مثل حبلى كأنه قال: ترى الأمة سكرى.
قوله تعالى: {من يجادل} هي نكرة موصوفة، و{بغير علم} في موضع المفعول أو حال.
قوله تعالى: {إنه} هي وما عملت فيه في موضع رفع بكتب، ويقرأ كتب بالفتح أي كتب الله، فيكون في موضع نصب، و{من تولاه} في موضع رفع بالابتداء و{من} شرط، وجوابه {فإنه} يجوز أن يكون بمعنى الذى، وفإنه الخبر، ودخلت فيه الفاء لما في الذي من معنى المجازاة، وفتحت أن الثانية لأن التقدير: فشأنه أنه، أو فله أنه، وفيه كلام آخر قد ذكرنا مثله في أنه من يحادد الله، وقرئ للكسر فيها حملا على معنى قيل له.
قوله تعالى: {من البعث} في موضع جر صفة لريب، أو متعلق بـ ريب، وقرأ الحسن البعث بفتح العين وهي لغة {ونقر} الجمهور على الضم على الاستئناف،
إذ ليس المعنى خلقناكم لنقر، وقرئ بالنصب على أن يكون معطوفا في اللفظ، والمعنى مختلف لأن اللام في لنبين للتعليل، واللام المقدرة مع نقر للصيرورة، وقرئ بفتح النون وضم القاف والراء، أي نسكن، و{طفلا} حال وهو واحد في معنى الجمع، وقيل التقدير: نخرج كل واحد منكم طفلا كما قال تعالى: {فاجلدوهم ثمانين} أي كل واحد منهم، وقيل هو مصدر في الأصل، فلذلك لم يجمع {من بعد علم شيئا} قد ذكر في النحل {وربت} بغير همز من ربا يربوا إذا زاد، وقرئ بالهمز وهو من ربأ للقوم وهو الربيئة إذا ارتفع على موضع عال لينظر لهم، فالمعنى ارتفعت {وأنبتت} أي أشياء، أو ألوانا أو من كل زوج بهيج زوجا فالمفعول محذوف، وعند الأخفش من زائدة.
قوله تعالى: {ذلك} مبتدأ، و{بأن الله} الخبر، وقيل المبتدأ محذوف: أي الأمر ذلك، وقيل في موضع نصب: أي فعلنا ذلك.
قوله تعالى: {بغير علم} حال من الفاعل في يجادل، و{ثانى عطفه} حال أيضا، والإضافة غير محضة: أي معرضا {ليضل} يجوز أن يتعلق بثاني، وبيجادل {له في الدنيا} يجوز أن تكون حالا مقدرة، وأن تكون مقارنة: أي مستحقا، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى: {على حرف} هو حال: أي مضطربا متزلزلا {خسر الدنيا} هو حال: أي انقلب قد خسر، ويجوز أن يكون مستأنفا، ويقرأ {خاسر الدنيا} و{خسر الدنيا} على أنه اسم، وهو حال أيضا {والآخرة} على هذا بالجر.
قوله تعالى: {يدعو لمن ضره} هذا موضع اختلف فيه آراء النحاة، وسبب ذلك أن اللام تعلق الفعل الذي قبلها عن العمل إذا كان من أفعال القلوب، ويدعو ليس منها.
وهم في ذلك على طريقين: أحدهما أن يكون يدعو غير عامل فيما بعده لا لفظا ولاتقديرا، وفيه على هذا ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون تكريرا ليدعوا الأولى فلا يكون له معمول.
والثاني أن يكون ذلك بمعنى الذي في موضع نصب بيدعو: أي يدعو الذي هو الضلال، ولَكِنه قدم المفعول، وهذا على قول من جعل ذا مع غير الاستفهام بمعنى الذى.
والثالث أن يكون التقدير: ذلك هو الضلال البعيد يدعوه فذلك مبتدأ وهو مبتدأ ثان، أو بدل أو عماد، والضلال خبر المبتدأ، ويدعوه حال والتقدير: مدعوا وفيه ضعف، وعلى هذه الأوجه الكلام بعده مستأنف، ومن مبتدأ والخبر {لبئس المولى} والطريق الثاني أن يدعو متصل بما بعده، وفيه على هذا ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يدعو يشبه أفعال القلوب لأن معناه يسمى من ضره أقرب من نفعه إلها، ولا يصدر ذلك إلا عن اعتقاد فكأنه قال يظن، والأحسن أن تقديره يزعم، لأن يزعم قول مع اعتقاد.
والثاني: أن يكون {يدعو} بمعنى يقول، ومن مبتدأ، و{ضره} مبتدأ ثان، و{أقرب} خبره والجملة صلة {من} وخبر من محذوف تقديره: إله أو إلهى، وموضع الجملة نصب بالقول، ولبئس مستأنف لأنه لا يصح دخوله في الحكاية لأن الكفار لا يقولون عن أصنامهم لبئس المولى.
والوجه الثالث: قول الفراء وهو أن التقدير يدعو من لضره، ثم قدم اللام على موضعها، وهذا بعيد لأن {ما} في صلة الذي لا يتقدم عليها.
قوله تعالى: {من كان} هو شرط، والجواب فليمدد، و{هل يذهبن} في موضع نصب بينظر، والجمهور على كسر اللام في ليقطع، وقرئ بإسكانها على تشبيه ثم بالواو والفاء لكون الجميع عواطف.
قوله تعالى: {وأن الله يهدى} أي وأنزلنا أن الله يهدى، والتقدير: ذكر أن الله، ويجوز أن يكون التقدير: ولأن الله يهدى بالآيات من يشاء أنزلناها.
قوله تعالى: {إن الذين آمنوا} خبر {أن} إن الثانية واسمها وخبرها، وهو قوله: {إن الله يفصل بينهم}.
وقيل أن الثانية تكرير للأولى، وقيل الخبر محذوف تقديره: مفترقون يوم القيامة أو نحو ذلك، والمذكور تفسير له.
قوله تعالى: {والدواب} يقرأ بتخفيف الباء وهو بعيد لأنه من الدبيب، ووجهها أنه حذف الباء الأولى كراهية التضعيف والجمع بين الساكنين {وكثير} مبتدأ، و{من الناس} صفة له، والخبر محذوف تقديره مطيعون أو مثابون أو نحو ذلك، ويدل على ذلك قوله: {وكثير حق عليه العذاب} والتقدير: وكثير منهم، ولا يكون معطوفا على قوله: {من في السماوات} لأن الناس داخلون فيه، وقيل هو معطوف عليه، وكرر للتفصيل {من مكرم} بكسر الراء، ويقرأ بفتح الراء، وهو مصدر بمعنى الإكرام.
قوله تعالى: {خصمان} هو في الأصل مصدر، وقد وصف به، وأكثر الاستعمال توحيده، فمن ثناه وجمعه على الصفات والأسماء و{اختصموا} إنما جمع حملا على المعنى، لأن كل خصم فريق فيه أشخاص.
قوله تعالى: {يصب} جملة مستأنفة، ويجوز أن تكون خبر ثانيا، وأن تكون حالا من الضمير في لهم {يصهر} بالتخفيف، وقرئ بالتشديد للتكثير، والجملة حال من الحميم.
قوله تعالى: {كلما} العامل فيها {أعيدا} و{من غم} بدل بإعادة الخافض بدل الاشتمال، وقيل الأولى لابتداء الغاية، والثانية بمعنى من أجل {وذوقوا} أي وقيل لهم فحذف القول.
قوله تعالى: {يحلون} يقرأ بالتشديد من التحلية بالحلى، ويقرأ بالتخفيف من قولك أحلى ألبس الحلى، وهو بمعنى المشدد، ويقرأ بفتح الباء والتخفيف، وهو من حليت المرأة تحلى إذا لبست الحلى، ويجوز أن يكون من حلى بعينى كذا إذا حسن، وتكون {من} زائدة، أو يكون المفعول محذوفا، و{من أساور} نعت له، وقيل هو من حليت بكذا إذا ظفرت به، و{من ذهب} نعت لأساور {ولؤلؤا} معطوف على أساور لا على ذهب، لأن السوار لا يكون من لؤلؤ في العادة، ويصح أن يكون حليا، ويقرأ بالنصب عطفا على موضع {من أساور} وقيل هو منصوب بفعل محذوف تقديره: ويعطون لؤلؤا، والهمز أو تركه لغتان قد قرئ بهما.