فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو حيان:

{يا أيها الناس إِن كُنتُمْ في رَيْبٍ مّنَ البعث}.
وقرأ الحسن {من البَعث} بفتح العين وهي لغة فيه كالحلب والطرد في الحلب والطرد، والكوفيون إسكان العين عندهم تخفيف يقيسونه فيما وسطه حرف حلق كالنهر والنهر والشعر والشعر، والبصريون لا يقيسونه وما ورد من ذلك هو عندهم مما جاء فيه لغتان.
والمعنى إن ارتبتم في البعث فمزيل ريبكم أن تنظروا في بدء خلقكم {من تراب} أي أصلكم آدم وسلط الفعل عليهم من حيث هم من ذريته، أو باعتبار وسائط التولد لأن المني ودم الطمث يتولدان من الأغذية والأغذية حيوان ونبات، والحيوان يعود إلى النبات، والنبات من الأرض والماء والنطفة المني.
وقيل {نطفة} آدم قاله النقاش.
والعلقة قطعة الدم الجامدة ومعنى {وغير مخلقة} أي ليست كاملة ولا ملساء فالمضغ متفاوتة لذلك تفاوتوا طولًا وقصرًا وتمامًا ونقصانًا.
وقال مجاهد {غير مخلقة} هي التي تستسقط وقاله قتادة والشعبي وأبو العالية.
ولما كان الإنسان فيه أعضاء متباينة وكل واحد منها مختص بخلق حسن تضعيف الفعل لأن فيه خلقًا كثيرة.
وقرأ ابن أبي عبلة {مخلقة} بالنصب وغير بالنصب أيضًا نصبًا على الحال من النكرة المتقدمة، وهو قليل وقاسه سيبويه.
قال الزمخشري: و{لنبين لكم} بهذا التدريج قدرتنا وإن من قدر على خلق البشر {من تراب} أولًا {ثم من نطفة} ثانيًّا ولا تناسب بين التراب والماء، وقدر على أن يجعل النطفة {علقة} وبينهما تباين ظاهر ثم يجعل العلقة {مضغة} والمضغة عظامًا قدر على إعادة ما أبداهـ. بل هذا أدخل في القدرة وأهون في القياس وورود الفعل غير معدي إلى المبين إعلام بأن أفعاله هذه يتبين بها من قدرته وعلمه ما لا يكتنهه الفكر ولا يحيط به الوصف. انتهى.
و{لنبين} متعلق بـ خلقناكم. وقيل {لنبين} لكم أمر البعث.
قال ابن عطية: وهو اعتراض بين الكلامين.
وقال الكرماني: يعني رشدكم وضلالكم.
وقيل {لنبين لكم} أن التخليق هو اختيار من الفاعل المختار، ولولاه ما صار بعضه غير مخلق.
وقرأ ابن أبي عبلة ليبين لكم ويقر بالياء.
وقرأ يعقوب وعاصم في رواية {ونقر} بالنصب عطفًا على {لنبين}.
وعن عاصم أيضًا ثم يخرجكم بنصب الجيم عطفًا على {ونقر} إذا نصب.
وعن يعقوب {ونقر} بفتح النون وضم القاف والراء من قر الماء صبه.
وقرأ أبو زيد النحوي ويقر بفتح الياء والراء وكسر القاف وفي الكلام لابن حبار {لنبين} {ونقر} {ونخرجكم} بالنصب فيهن.
المفضل وبالياء فيهما مع النصب، أبو حاتم وبالياء والرفع عمر بن شبة انتهى.
قال الزمخشري: والقراءة بالرفع إخبار بأنه تعالى يقر في الأرحام ما يشاء أن يقره من ذلك.
{إلى أجل مسمى} وهو وقت الوضع وما لم يشأ إقراره مجته الأرحام أو أسقطته.
والقراءة بالنصب تعليل معطوف على تعليل والمعنى {خلقناكم} مدرجين هذا التدريج لغرضين أحدهما: أن نبين قدرتنا والثاني أن {نقر في الأرحام} من نقر حتى يولدوا وينشؤوا ويبلغوا حد التكليف فأكلفهم.
ويعضد هذه القراءة قوله: {ثم لتبلغوا أشدكم} انتهى.
وقرأ يحيى بن وثاب {ما نشاء} بكسر النون والأجل المسمى مختلف فيه بحسب جنين جنين فساقط وكامل أمره خارج حيًّا ووحد {طفلًا} لأنه مصدر في الأصل قاله المبرد والطبري، أو لأن الغرض الدلالة على الجنس، أو لأن معنى يخرجكم كل واحد كقولك: الرجال يشبعهم رغيف أي يشبع كل واحد.
وقال الزمخشري: الأشد كمال القوة والعقل والتمييز، وهو من ألفاظ الجموع التي لم يستعمل لها واحد كالأشدة والقيود وغير ذلك وكأنها مشدة في غير شيء واحد فبنيت لذلك على لفظ الجمع انتهى.
وتقدم الكلام في الأشد ومقداره من الزمان.
وإن من الناس من قال إنه جمع شدة كأنعم جمع نعمة وأما القيود: فعن أبي عمرو الشيباني إن واحدة قيد {ومنكم من يتوفى} وقرئ {يتوفى} بفتح الياء أي يُسْتَوْفَى أجله، والجمهور بالضم أي بعد الأشد وقبل الهرم، وهو {أرذل العمر} والخرف، فيصبر إلى حالة الطفولية ضعيف البنية سخيف العقل، ولا زمان لذلك محدود بل ذلك بحسب ما يقع في الناس وقد نرى من علت سنه وقارب المائة أو بلغها في غاية جودة الذهن والإدراك مع قوة ونشاط، ونرى من هو في سن الاكتهال وقد ضعفت بنيته أوضح تعالى أنه قادر على إنهائه إلى حالة الخرف كما أنه كان قادرًا على تدريجه إلى حالة التمام، فكذلك هو قادر على إعادة الأجساد التي درجها في هذه المناقل وإنشائها النشأة الثانية.
و{لكيلا} يتعلق بقوله: {يرد} قال الكلبي {لكيلا} يعقل من بعد عقله الأول شيئًا.
وقيل {لكيلا} يستفيد علمًا وينسى ما علمه.
وقال الزمخشري: أي ليصير نسَّاءً بحيث إذا كسب علمًا في شيء لم ينشب أن ينساه ويزل عنه علمه حتى يسأل عنه من ساعته، يقول لك من هذا؟ فتقول: فلان فما يلبث لحظة إلا سألك عنه.
وروى عن أبي عمرو ونافع تسكين ميم {العمر}.
{وترى الأرض هامدة} هذا هو الدليل الثاني الذي تضمنته، والدليل الأول الآية، ولما كان الدليل الأول بعض مراتب الخلقة فيه غير مرتبين قال: {إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم} فلم يحل في جميع رتبه على الرؤية، ولما كان هذا الدليل الثاني مشاهدًا للأبصار أحال ذلك على الرؤية فقال: {وترى} أيها السامع أو المجادل {الأرض هامدة} ولظهوره تكرر هذا الدليل في القرآن و{الماء} ماء المطر والأنهار والعيون والسواني واهتزازها تخلخلها واضطراب بعض أجسامها لأجل خروج النبات {وربت} أي زادت وانتفخت.
وقرأ أبو جعفر وعبد الله بن جعفر وخالد بن إلياس وأبو عمرو في رواية {وربأت} بالهمز هنا وفي فصلت أي ارتفعت وأشرفت، يقال: فلان يربأ بنفسه عن كذا: أي يرتفع بها عنه.
قال ابن عطية: ووجهها أن يكون من ربأت القوم إذا علوت شرفًا من الأرض طليعة فكان الأرض بالماء تتطاول وتعلو انتهى. ويقال ربيء وربيئة. وقال الشاعر:
بعثنا ربيئًا قبل ذلك مخملًا ** كذئب الغضا يمشي الضراء ويتقى

ذلك الذي ذكرنا من خلق بني آدم وتطورهم في تلك المراتب، ومن إحياء الأرض حاصل بهذا وهو حقيقته تعالى فه الثابت الموجود القادر على إحياء الموتى وعلى كل مقدور وقد وعد بالبعث وهو قادر عليه فلابد من كيانه. اهـ.

.قال أبو السعود:

{يا أَيُّهَا الناس} إثرَ ما حكى أحوالَ المُجادلين بغير علمٍ وأُشير إلى ما يؤول إليه أمرُهم أقيمتْ الحجَّةُ الدَّالَّةُ على تحقُّقِ ما جادلوا فيه من البعثِ {إِن كُنتُمْ في رَيْبٍ مّنَ البعث} من إمكانِه وكونه مقدُورًا له تعالى أو من وقوعِه. وقرئ من البَعَثِ بالتَّحريكِ كالجَلَبِ في الجَلْب. والتَّعبيرُ عن اعتقادِهم في حقِّه بالرَّيبِ مع التَّنكيرِ المنبىءِ عن القلَّةِ مع أنَّهم جازمون باستحالتِه وإيرادِ كلمة الشَّكِّ مع تقررِ حالهم في ذلك وإيثارِ ما عليه النَّظمُ الكريمُ على أنْ يقال إنِ ارتبتُم في البعثِ فقد مرَّ تحقيقُه في تفسير قوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ في رَيْبٍ مّمَا نَزَّلْنَا على عَبْدِنَا} {فَإِنَّا خلقناكم} أي فانظُروا إلى مبدأ خلقِكم ليزولَ ريبُكم، فإنَّا خلقناكُم أي خلقنا كلَّ فردٍ منكُم {مّن تُرَابٍ} في ضمنِ خلقِ آدمَ منه خلقًا إجماليًّا فإن خلق كلِّ فردٍ من أفرادِ البشرِ له حظٌّ من خلقِه عليه السَّلامُ إذ لم تكن فطرتُه الشَّريفةُ مقصورةً على نفسه بل كانتْ أُنموذجًا منطويًّا على فطرة سائرِ أفراد الجنسِ انطواءً إجماليًّا مستتبعًا لجريانِ آثارِها على الكلِّ فكان خَلقُه عليه السَّلامُ من التُّرابِ خلقًا للكلِّ منه كما مرَّ تحقيقُه مرارًا {ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ} أي ثمَّ خلقناكُم خلقًا تفصيليًّا من نُطفةٍ أي من منيَ من النَّطفِ الذي هو الصَّبُّ {ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} أي قطعةٍ من الدَّمِ جامدةٍ متكوِّنةٍ من المنيِّ {ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ} أي قطعةٍ من اللَّحمِ متكوِّنةٍ من العَلَقةِ وهي في الأصلِ مقدارُ ما يُمضغ {مُّخَلَّقَةٍ} بالجرِّ صفةُ مضغةٍ أي مستبينة الخلقِ مصوَّرةٍ {وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} أي لم يستبنْ خلقُها وصورتُها بعد.
والمرادُ تفصيلُ حالِ المضغةِ وكونُها أَوَّلًا قطعةً لم يظهرْ فيها شيءٌ من الأعضاءِ ثمَّ ظهرتْ بعد ذلك شَيئًا فشَيئًا وكان مُقتضى التَّرتيبِ السَّابقِ المبنيِّ على التَّدرجِ من المبادىءِ البعيدةِ إلى القريبةِ أنْ يقدِّمَ غيرَ المخلَّقةِ على المخلَّقةِ وإنَّما أُخِّرتْ عنها لأنَّها عدمُ المَلَكةِ. هذا وقد فُسِّرتَا بالمُسوَّاةِ وغيرِ المُسوَّاةِ وبالتَّامةِ والسَّاقطةِ وليس بذاكَ وفي جعلِ كلِّ واحدةٍ من هذه المراتبِ مبدًا لخلقِهم لا لخلقِ ما بعدَها من المراتبِ كما في قوله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً} الآية، مزيدُ دلالة على عظيمِ قُدرتِه تعالى وكسرٍ لسَورةِ استبعادِهم.
{لّنُبَيّنَ لَكُمْ} متعلق بـ {خلقنا} وتركُ المفعولِ لتفخيمِه كمًّا وكيفًا أي خلقناكُم على هذا النَّمطِ البديعِ ليبين لكُم بذلك ما لا تحصرُه العبارةُ من الحقائقِ والدَّقائقِ التي من جُملتها سرُّ البعثِ فإنَّ مَن تأمَّل فيما ذُكر من الخلقِ التدريجيِّ تأمُّلًا حقيقيًّا جزمَ جَزْمًا ضروريًّا بأنَّ مَن قدَرَ على خلقِ البشرِ أوَّلًا من تُرابٍ لم يشمَّ رائحةَ الحياةِ قَطُّ وإنشائِه على وجهٍ مصحِّحٌ لتوليدِ مثلِه مرَّةً بعد أُخرى بتصريفِه في أطوارِ الخلقةِ وتحويلِه من حالٍ إلى حالٍ مع ما بينَ تلك الأطوارِ والأحوالِ من المُخالفةِ والتَّباينِ فهو قادرٌ على إعادتِه بل هو أهونُ في القياسِ نظرًا إلى الفاعلِ والقابلِ. وقرئ {ليبيِّن} بطريقِ الالتفاتِ وقوله تعالى: {وَنُقِرُّ في الأرحام مَا نشاء} استئنافٌ مسوقٌ لبيانِ حالهم بعد تمامِ خلقِهم. وعدمُ نظمِ هذا وما عُطف عليه في سلكِ الخلقِ المعلَّل بالتَّبيين مع كونِهما من متمماتِه ومن مبادي التَّبيين أيضًا لما أنَّ دلالةَ الأوَّلِ على كمالِ قُدرته تعالى على جميعِ المقدُورات التي من جُملتها البعثُ المبحوثُ عنه أجلى وأظهرُ أي ونحنُ نقرُّ في الأرحامِ بعد ذلك ما نشاء أن نقرَّه فيهَا.
{إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} هو وقتُ الوضعِ وأدناهُ ستَّةُ أشهرٍ، وأقصاهُ سنتانِ وقيل: أربعُ سنين وفيه إشارةٌ إلى أنَّ بعضَ ما في الأرحامِ لا يشاءُ الله تعالى إقراره فيها بعد تكاملِ خلقِه فتسقطه. والتَّعرضُ للإزلاقِ لا يُناسبُ المقامَ لأنَّ الكلامَ فيما جرى عليه أطوارُ الخلقِ وهذا صريحٌ في أنَّ المرادَ بغير المخلَّقةِ ليس من وُلدَ ناقصًا أو مَعيبًا وأنَّ ما فُصِّل إلى هنا هي الأطوارُ المتواردةُ على المولودِ قبلَ الولادةِ. وقرئ {يُقرُّ} بالياءِ و{نقُرُّ} و{يقُرُّ} بضمِّ القافِ من قَررتَ الماء إذا صببتَه. {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ} أي من بطونِ أمَّهاتِكم بعد إقراركم فيها عند تمامِ الأجلِ المُسمَّى {طِفْلًا} أي حالَ كونِكم أطفالًا. والإفرادُ باعتبارِ كلِّ واحدٍ منهم أو بأرادةِ الجنسِ المنتظمِ للواحدِ والمتعدِّدِ. وقرئ {يُخرجكم} بالياءِ. وقوله تعالى: {ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ} علَّةٌ لنخرجكم معطوفةٌ على علَّةٍ أُخرى له مناسبةٍ لها كأنَّه قيل: ثمَّ نُخرجكم لتكبرُوا شَيئًا فشَيئًا ثم لتبلغُوا كمالَكم في القُوَّةِ والعقلِ والتَّمييزِ، وقيل: التَّقديرُ ثم نُمهلكم لتبلغُوا الخ، وما قيل إنَّه معطوفٌ على {نبين} مخلٌّ بجزالةِ النَّظمِ الكريمِ هذا وقد قرئ ما قبله من الفِعلينِ بالنَّصبِ حكايةً وغَيْبةً. فهو حينئذٍ عطفٌ على نبين مثلهما والمعنى خلقناكُم على التَّدريجِ المذكورِ لغايتينِ مترتبتينِ عليه إحداهُما أنُ نبيِّن شؤونَنا والثَّانيةُ أنْ نُقرَّكم في الأرحامِ ثم نُخرجَكم صغارًا ثم لتبلغُوا أشدَّكم. وتقديمُ التَّبيينِ على ما بعدَهُ مع أنَّ حصولَه بالفعلِ بعد الكلِّ للإيذانِ بأنَّه غايةُ الغاياتِ ومقصودٌ بالذَّاتِ. وإعادةُ اللامِ هاهنا مع تجريدِ الأَوَّلينِ عنها للإشعارِ بأصالتِه في الغرضيَّةِ بالنَّسبةِ إليهما إذْ عليه يدورُ التَّكليفُ المُؤدِّي إلى السَّعادةِ والشَّقاوةِ. وإيثارُ البلوغِ مُسندًا إلى المخاطبينَ على التَّبليغِ مُسندًا إليه تعالى كالأفعالِ السَّايقةِ لأنَّه المناسبُ لبيانِ حالِ اتَّصافِهم بالكمالِ واستقلالِهم بمبدئيةِ الآثارِ والأفعالِ. والأشُدُّ من ألفاظِ الجموعِ التي لم يُستعملْ لها واحدٌ كالأُسُدةِ والقَتُودِ وكأنَّها حين كانتْ شدَّةً في غيرِ شيءٍ بُنيتْ على لفظِ الجمعِ. {وَمِنكُمْ مَّن يتوفى} أي بعد بلوغِ الأشُدِّ أو قبلَه. وقرئ {يَتوفَّى} مبنيًّا للفاعلِ أي يتوفَّاه الله تعالى: {وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر} وهو الهَرَمُ والخَرَفُ. وقرئ بسكونِ الميمِ. وإيرادُ الردِّ والتَّوفِّي على صيغةِ المبنيِّ للمفعولِ للجَريِ على سَنَنِ الكبرياءِ لتعين الفاعلِ {لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ} أي علمٍ كثيرٍ {شَيْئًا} أي شيئًا من الأشياءِ أو شيئًا من العلمِ مبالغةً في انتقاصِ علمِه ويُنكر ما عرفَهُ ويعجزُ عمَا قدرَ عليه. وفيهِ من التَّنبيهِ على صحَّةِ البعثِ ما لا يخفَى.
{وَتَرَى الأرض هَامِدَةً} حجَّةٌ أُخرى على صحَّةِ البعثِ، والخطابُ لكلِّ أحدٍ ممَّن يتأتَّى منه الرُّؤيةُ. وصيغةُ المضارعِ للدِّلالةِ على التَّجددِ والاستمرارِ وهي بصريةٌ. وهامدةً حالٌ من الأرض، أي ميِّتةً يابسةً، من همدتِ النَّارُ إذَا صارتْ رَمَادًا {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الماء} أي المطرَ {اهتزت} تحرَّكتْ بالنَّباتِ {وَرَبَتْ} انتفختْ وازدادتْ، وقرئ {ربأتْ} أي ارتفعتْ {وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ} أي صنفٍ {بَهِيجٍ} حسنٍ رائقٍ يسرُّ ناظرَه. اهـ.