فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واختلف العلماء في الهدي الواجب بالشرع مثل دم التمتع والقران والدم الواجب بإفساد الحج وفوته وجزاء الصيد هل يجوز للمهدي أن يأكل منه شيئًا قال الشافعي: لا يأكل منه شيئًا وكذلك ما أوجبه على نفسه بالنذر وقال ابن عمر: لا يأكل من جزاء الصيد والنذر ويأكل مما سوى ذلك وبه قال أحمد وإسحاق.
وقال مالك يأكل من هدي التمتع ومن كل هدي وجب عليه إلاّ من فدية الأذى وجزاء الصيد والمنذور وعند إصحاب الرأي أنه يأكل من دم التمتع والقران ولا يأكل من واجب سواهما.
وقوله تعالى: {وأطعموا البائس الفقير} يعني الزمن الذي لا شيء له.
وقوله تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم} أي ليزيلوا أدرانهم وأوساخهم والمراد منه الخروج عن الإحرام بالحلق وقص الشارب ونتف الإبط وقلم الأظفار والاستحداد ولبس الثياب والحج أشعث أغبر إذا لم يزل هذه الأوساخ.
وقال ابن عمر وابن عباس: قضاء التفث مناسك الحج كلها {وليفوا نذورهم} أراد نذر الحج والهدي وما ينذر الإنسان من شيء يكون في الحج أي ليتموها بقضائها.
وقيل المراد منه الوفاء بما نذر وهو على ظاهره وقيل: أراد به الخروج عمَا وجب عليه نذره أو لم ينذره {وليطوفوا بالبيت العتيق} أراد به طواف الواجب وهو طواف الإفاضة ووقته يوم النحر بعد الرمي والحلق.
والطواف ثلاثة طواف القدوم وهو أنّ من قدم مكة يطوف بالبيت سبعًا يرمل ثلاثًا من الحجر الأسود إلى أن ينتهي إليه ويمشي أربعًا وهذا الطواف سنة لا شيء على من تركه ق عن عائشة: «إن أول شيء بدأ به حين قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ثم طاف ثم لم تكن عمرة ثم حجّ أبو بكر وعمر مثله» ق عن ابن عمر «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف الطواف الأول خب ثلاثًا ومشى أربعًا» زاد في رواية «ثم يصلي ركعتين يعني بعد الطواف بالبيت ثم يطوف بين الصفا والمروة» ولفظ أبي داود «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف في الحج أو العمرة أو ما يقدم يسعى ثلاثة أشواط ويمشي أربعًا ثم يصلي سجدتين» والطواف الثاني هو طواف الإفاضة وذلك يوم النحر بعد الرمي والحلق ق عن عائشة قالت: «حاضت صفية ليلة النفر فقالت: ما أراني إلا حابستكم قال النبيّ صلى الله عليه وسلم عقرى حلقى أطافت يوم النحر قيل نعم قال فانفري» قوله عقرى وحلقى معناه عقرها الله أي أصابها بالعقر وبوجع في حلقها وقيل معناه مشيءومة مؤذية ولم يرد به الدعاء عليها وإنّما هو شيء يجري على ألسنة العرب كقولهم: لا أم لك وتربت يمينك وفيه دليل على أن من لم يطف يوم النحر طواف الإفاضة لا يجوز له أن ينفر.
الثالث طواف الوداع لا رخصة لمن أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر في أن يفارقها حتى يطوف سبعًا فمن تركه فعليه دم إلا المرأة الحائض فإنه يجوز لها تركه للحديث المتقدم ولما روى ابن عباس قال: «أمر الناس أن يكون الطواف آخر عهدهم بالبيت إلا أنه رخص للمرأة الحائض» متفق عليه.
الرمل سنة تختص بطواف القدوم ولا رمل في طواف الإفاضة والوداع وقوله: {بالبيت العتيق} قال ابن عباس وغيره سمي عتيقًا لأن الله أعتقه من أيدي الجبابرة أن يصلوا إلى تخريبه فلم يظهر عليه جبار قط، وقيل لأنه أول بيت وضع للناس وقيل لأن الله أعتقه من الغرق فإنه رفع أيام الطوفان وقيل لأنه لم يملك.
قوله عز وجل: {ذلك} أي الأمر ذلك يعني ما ذكر من أعمال الحج {ومن يعظم حرمات الله} أي ما نهى الله عنه من معاصيه وتعظيمها ترك ملابستها وقيل: حرمات الله ما لا يحل انتهاكه وقيل الحرمة ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه وقيل: الحرمات هنا مناسك الحج وتعظيمها إقامتها وإتمامها وقيل الحرمات هنا البيت الحرام والبلد الحرام والمسجد الحرام والشهر الحرام ومعنى التعظيم العلم بأنه يجب القيام بمراعاتها وحفظ حرمتها {فهو خير له عند ربه} أي ثواب تعظيم الحرمات خير له عند الله في الآخرة {وأحلت لكم الأنعام} اي أن تأكلوها بعد الذبح وهي الإبل والبقر والغنم {إلا ما يتلى عليكم} أي تحريمه وهو قوله في سورة المائدة {حرمت عليكم الميتة والدم} الآية: {فاجتنبوا الرجس والأوثان} أي اتركوا عبادتها فإنها سبب الرجس وهو العذاب وقيل سمى الأوثان رجسًا لأنّ عبادتها أعظم من التلوث بالنجاسات {واجتنبوا قول الزور} يعني الكذب والبهتان.
وقال ابن عباس: هي شهادة الزور وروي عن أيمن بن خريم قال: «إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قام خطيبًا فقال أيها الناس عدلت شهادة الزور الإشراك بالله ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور» أخرجه الترمذي وقال قد اختلفوا في روايته ولا نعرف لأيمن سماعًا من النبيّ صلى الله عليه وسلم وأخرجه أبو داود عن خريم بن فاتك بنحوه وقيل: هو قول المشركين في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك تملكه وما ملك.
قوله تعالى: {حنفاء لله} يعني مخلصين له {غير مشركين به} فدل ذلك على أن المكلف ينوي بما يؤتيه من العبادة الأخلاص لله بها لا غيره وقيل كانوا في الشرك يحجون ويحرمون البنات والأمهات والأخوات وكانوا حنفاء فنزلت {حنفاء لله غير مشركين به} أي حجوا لله مسلمين موحدين ومن أشرك لا يكون حنيفًا {ومن يشرك بالله فكأنّما خر} أي سقط {من السماء} إلى الأرض {فتخطفه الطير} يعني تسلبه وتذهب به {أو تهوي به الريح} يعني تميل وتذهب به {في مكان سحيق} يعني بعيد.
ومعنى الآية أنّ من أشرك بالله بعيد من الحق والإيمان كبعد من سقط من السماء فذهبت به الطير أو هوت به الريح فلا يصل إليه بحال وقيل شبه حال المشرك بحال الهاوي من السماء لأنه لا يملك لنفسه حيلة حتى يقع حيث تسقط الريح فهو هالك لا محالة. إما باستلاب الطير لحمه أو بسقوطه في المكان السحيق.
وقيل معنى الآية من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكًا ليس وراءه إهلاك بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير ففرقت أجزاءه في حواصلها أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المهالك البعيدة.
وقيل شبه الإيمان بالسماء في علوه والذي ترك الإيمان بالساقط من السماء والأهواء التي توزع أفكاره بالطير المختطفة والشياطين التي تطرحه في وادي الضلالة بالريح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة.
قوله عز وجل: {ذلك} يعني الذي ذكر من اجتناب الرجس وقول الزور {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} يعني تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب قال ابن عباس: شعائر الله البدن والهدي وأصلها من الإشعار، وهو العلامة التي يعرف بها أنها هدى وتعظيمها استسمانها واستحسانها وقيل شعائر الله أعلام دينه وتعظيمها من تقوى القلوب {لكم فيها} اي في البدن {منافع} قيل هي درها ونسلها وصوفها ووبرها وركوب ظهرها {إلى أجل مسمى} أي إلى أن يسميها ويوجبها هديا فإذا فعل ذلك لم يكن له شيء من منافعها.
وهو قول مجاهد وقتادة والضحّاك ورواية عن ابن عباس وقيل معناه لكم في الهدايا منافع بعد إيجابها وتسميتها هدايا بأن تركبوها وتشربوا من ألبانها عند الحاجة إلى أجل مسمى يعني إلى أن تنحروها وهو قول عطاء.
واختلف العلماء في ركوب الهدي فقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق: يجوز ركوبها والحمل عليها من غير ضرر بها لما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يسوق بدنه فقال: «اركبها فقال يا رسول الله إنّها بدنة فقال: اركبها ويلك في الثانية والثالثة» أخرجاه في الصحيحين.
وكذلك يجوز له أن يشرب من لبنها بعد ما يفضل عن ري ولدها.
وقال أصحاب الرأي: لا يركبها إلاّ أن يضطر إليه وقيل أراد بالشعائر المناسك ومشاهدة مكة لكم فيها منافع يعني بالتجارة والأسواق {إلى أجل مسمى} يعني إلى الخروج من مكة وقيل {لكم فيها منافع} يعني بالأجر والثواب في قضاء المناسك إلى انقضاء أيام الحج {ثم محلها إلى البيت العتيق} يعني منحرها عند البيت العتيق يريد به جميع أرض الحرم.
وروي عن جابر في حديث حجة الوداع أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «نحرت ها هنا ومنىً كلها منحر فانحروا في رحالكم» ومن قال الشعائر المناسك قال معنى ثم محلها يعني محل الناس من إحرامهم إلى البيت العتيق يطوفون به طواف الزيارة.
قوله تعالى: {ولكل أمة} يعني جماعة مؤمنة سلفت قبلكم {جعلنا منسكًا} قرئ بكسر السين يعني مذبحًا وهو موضع القربان {منسكًا} بفتح السين وهو إراقة الدم وذبح القرابين {ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني عند ذبحها ونحرها سماها بهيمة لأنها لا تتكلم وقيد بالأنعام لأن ما سواها لا يجوز ذبحه في القرابين وإن جاز أكله.
قوله عز وجل: {فإلهكم إله واحد} يعني سموا على الذبح اسم الله وحده فإنّ إلهكم إله واحد {فله أسلموا} يعني أخلصوا وانقادوا وأطيعوا {وبشر المخبتين} قال ابن عباس: المتواضعين وقيل المطمئنين إلى الله وقيل الخاشعين الرقيقة قلوبهم وقيل هم الذي لا يظلمون وإذا ظلموا لا ينتصرون ثم وصفهم.
فقال تعالى: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} يعني خافت من عقاب الله فيظهر عليها الخشوع والتواضع لله تعالى: {والصابرين على ما أصابهم} يعني من البلاء والمرض والمصائب ونحو ذلك مما كان من الله تعالى وما كان من الله تعالى وما كان من غير الله فله أن يصبر عليه وله أن ينتصر لنفسه {والمقيمي الصلاة} يعني في أوقاتها محافظة عليها {ومما رزقناهم ينفقون} يعني يتصدّقون.
قوله تعالى: {والبدن} جميع بدنه سميت بدنة لعظمها وضخامتها، يريد الإبل الصحاح الأجسام والبقر ولا تسمى الغنم بدنة لصغرها {جعلناها لكم من شعائر الله} يعني من أعلام دينه قيل لأنه تشعر وهو أن تطعن بحديدة في سنامها فيعلم بذلك أنها هدي {لكم فيها خير} يعني نفع في الدنيا وثواب في العقبى {فاذكروا اسم الله عليها} يعني عند نحرها {صواف} يعني قيامًا على ثلاث قوائم قد صفت رجليها ويدها اليمنى والأخرى معقولة فنحرها كذلك ق عن زياد بن جبير قال: «رأيت ابن عمر أتى على رجل قد أناخ بدنة ينحرها قال ابعثها قيامًا مقيدة سنّة محمد صلى الله عليه وسلم».
{فإذا وجبت جنوبها} يعني سقطت بعد النحر ووقع جنبها على الأرض {فكلوا منها} أمر إباحة {وأطعموا القانع والمعتر} قيل القانع الجالس في بيته المتعفف يقنع بما يعطى ولا يسأل.
والمعتر هو الذي يسأل وعن ابن عباس القانع هو الذي لا يسأل ولا يتعرض.
وقيل: القانع هو الذي يسأل والمعتر هو الذي يريك نفسه ويتعرض ولا يسأل وقيل القانع المسكين والمعتر الذي ليس بمسكين ولا تكون له ذبيحة يجيء إلى القوم فيتعرض لهم لأجل لحمهم {كذلك} يعني مثل ما وصفنا من نحرها قيامًا {سخرناها لكم} يعني لتتمكنوا من نحرها {لعلكم تشكرون} يعني إنعام الله عليكم {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا نحرو البدن لطخوا الكعبة بدمائها يزعمون أن ذلك قربة إلى الله تعالى فأنزل الله {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} يعني لن ترفع إلى الله لحومها ولا دماؤها {ولَكِن يناله التقوى منكم} يعني ولَكِن ترفع إليه الأعمال الصالحة والإخلاص وهو ما أريد به وجه الله {كذلك سخرها لكم} يعني البدن {لتكبروا الله على ما هداكم} وأرشدكم لمعالم دينه ومناسك حجه وهو أن يقول الله: أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا {وبشر المحسنين} قال ابن عباس الموحدين. اهـ.

.قال النسفي:

{هذان خَصْمَانِ} أي فريقان مختصمان؛ فالخصم صفة وصف بها الفريق وقوله: {اختصموا} للمعنى و{هذان} للفظ والمراد المؤمنون والكافرون.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: رجع إلى أهل الأديان المذكورة: فالمؤمنون خصم وسائر الخمسة خصم {في رَبّهِمْ} في دينه وصفاته، ثم بين جزاء كل خصم بقوله: {فالذين كَفَرُواْ} وهو فصل الخصومة المعنى بقوله: {إن الله يفصل بينهم يوم القيامة} {قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نَّارِ} كأن الله يقدر لهم نيرانًا على مقادير جثتهم تشتمل عليهم كما تقطع الثياب الملبوسة، واختير لفظ الماضي لأنه كائن لا محالة فهو كالثابت المتحقق {يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسَهُمْ} بكسر الهاء والميم، بصري، وبضمهما: حمزة وعلي وخلف، وبكسر الهاء وضم الميم: غيرهم {الحميم} الماء الحار.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: لو سقطت منه نقطة على جبال الدنيا لأذابتها.
{يُصْهَرُ} يذاب {بِهِ} بالحميم {مَا في بُطُونِهِمْ والجلود} أي يذيب أمعاءهم وأحشاءهم كما يذيب جلودهم فيؤثر في الظاهر والباطن {وَلَهُمْ مَّقَامِعُ} سياط مختصة بهم {مِنْ حَدِيدٍ} يضربون بها {كُلَّمَا أرادواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا} من النار {مِنْ غَمّ} بدل الاشتمال من منها بإعادة الجار، أو الأولى لابتداء الغاية والثانية بمعنى من أجل يعني كلما أرادوا الخروج من النار من أجل غم يلحقهم فخرجوا {أُعِيدُواْ فِيهَا} بالمقامع، ومعنى الخروج عند الحسن أن النار تضربهم بلهبها فتلقيهم إلى أعلاها فضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفًا، والمراد إعادتهم إلى معظم النار لا أنهم ينفصلون عنها بالكلية ثم يعودون إليها {وَذُوقُواْ} أي وقيل لهم ذوقوا {عَذَابَ الحريق} هو الغليظ من النار المنتشر العظيم الإهلاك.
ثم ذكر جزاء الخصم الآخر فقال: {إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ} جمع أسورة جمع سوار {مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} بالنصب: مدني وعاصم وعلي ويؤتون لؤلؤًا وبالجر: غيرهم عطفًا على {من ذهب} وبترك الهمزة الأولى في كل القران: أبو بكر وحماد {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} إبريسم.
{وَهُدُواْ إِلَى الطيب مِنَ القول وَهُدُواْ إلى صراط الحميد} أي أرشد هؤلاء في الدنيا إلى كلمة التوحيد و{إلى صراط الحميد} أي الإسلام أو هداهم الله في الآخرة وألهمهم أن يقولوا: الحمد لله الذي صدقنا وعده وهداهم إلى طريق الجنة.
والحميد الله المحمود بكل لسان.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} أي يمنعون عن الدخول في الإسلام ويصدون، حال من فاعل {كفروا} أي وهم يصدون أي الصدود منهم مستمر دائم كما يقال فلان يحسن إلى الفقراء فإنه يراد به استمرار وجود الإحسان منه في الحال والاستقبال {والمسجد الحرام} أي ويصدون عن المسجد الحرام والدخول فيه {الذى جعلناه لِلنَّاسِ} مطلقًا من غير فرق بين حاضر وبادٍ، فإن أريد به البيت فالمعنى أنه قبلة لجميع الناس {سَواء} بالنصب: حفص مفعول ثانٍ لـ: {جعلناه} أي جعلناه مستويا {العاكف فِيهِ والباد} وغير المقيم.
بالياء: مكي وافقه أبو عمرو في الوصل وغيره بالرفع على أنه خبر والمبتدأ مؤخر أي العاكف فيه والباد سواء، والجملة مفعول ثانٍ {للناس} حال {وَمَن يُرِدْ فِيهِ} في المسجد الحرام {بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} حالان مترادفان ومفعول {يرد} متروك ليتناول كل متناول كأنه قال: ومن يرد فيه مرادًا ما عادلًا عن القصد ظالمًا، فالإلحاد العدول عن القصد {نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} في الآخرة وخبر أن محذوف لدلالة جواب الشرط عليه تقديره: إن الذين كفروا ويصدون عن المسجد الحرام نذيقهم من عذاب أليم وكل من ارتكب فيه ذنبًا فهو كذلك.
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبراهيم مَكَانَ البيت} واذكر يا محمد حين جعلنا لإبراهيم مكان البيت مباءة أي مرجعًا يرجع إليه للعمارة والعبادة وقد رفع البيت إلى السماء أيام الطوفان وكان من ياقوتة حمراء، فأعلم الله إبراهيم مكانه بريح أرسلها فكنست مكان البيت فبناه على أسه القديم {أن} هي المفسرة للقول المقدر أي قائلين له {لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهّرْ بَيْتِىَ} من الأصنام والأقذار: وبفتح الياء: مدني وحفص {للطائفين} لمن يطوف به {والقائمين} والمقيمين بمكة {والركع السجود} المصلين جمع راكع وساجد.