فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}.
أخرج عبد بن حميد، عز عاصم أنه قرأ {إن الله يدافع} بالألف ورفع الياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} قال: والله، ما يضيع الله رجلًا قط حفظ له دينه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سفيان في قوله: {إن الله لا يحب} قال: لا يقرب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد قال: كل شيء في القرآن كفور، يعني به الكفار.
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)}.
أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس قال: لما خرج النبي- صلى الله عليه وسلم- من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلَكِن القوم! فنزلت {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية. وكان ابن عباس يقرأها {أذن} قال أبو بكر: فعملت أنه سيكون قتال. قال ابن عباس: وهي أول آية نزلت في القتال.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل، عن مجاهد قال: خرج ناس مؤمنون مهاجرين من مكة إلى المدينة، فاتبعهم كفار قريش، فأذن لهم في قتالهم فأنزل الله {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية. فقاتلوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عروة بن الزبير أن أول آية أنزلت في القتال حين ابتلي المسلمون بمكة وسطت بهم عشائرهم، ليفتنوهم عن الإسلام، وأخرجوهم من ديارهم، وتظاهروا عليهم، فأنزل الله {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية. وذلك حين أذن الله لرسوله بالخروج، وأذن لهم بالقتال.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن أبي هريرة قال: كانت أول آية نزلت في القتال {أذن للذين يقاتلون}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله: {أذن للذين يقاتلون} قال: أذن لهم في قتالهم، بعدما عفى عنهم عشر سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {أذن للذين يقاتلون} قال النبي: صلى الله عليه وسلم وأصحابه {بأنهم ظلموا} يعني ظلمهم أهل مكة حين أخرجوهم من ديارهم.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن محمد بن سيرين قال: أشرف عليهم عثمان من القصر فقال: ائتوني برجل قارئ كتاب الله، فأتوه بصعصعة بن صوحان، فتكلم بكلام فقال: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} فقال له عثمان: كذبت! ليست لك ولا لأصحابك، ولَكِنها لي ولأصحابي.
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يقولوا رَبُّنَا اللَّهُ}.
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس {الذين أخرجوا من ديارهم} أي من مكة إلى المدينة {بغير حق} يعني محمدًا- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن عثمان بن عفان قال: فينا نزلت هذه الآية: {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق} والآية بعدها أخرجنا من ديارنا {بغير حق} ثم مكنا في الأرض، فأقمنا الصلاة، وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف، ونهينا عن المنكر، فهي لي ولأصحابي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ثابت بن عوسجة الخضيري قال: حدثني سبعة وعشرون من أصحاب على وعبد الله، منهم لاحق بن الأقمر، والعيزار بن جرول، وعطية القرظي أن عليًّا قال: إنما نزلت هذه الآية في أصحاب محمد {ولولا دفع الله الناس} قال: لولا دفع الله بأصحاب محمد عن التابعين، لهدمت صوامع.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {ولولا دفع الله الناس} بغير الألف.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد {ولولا دفع الله الناس}. قال: لولا القتال والجهاد.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد في الآية. قال: دفع المشركون بالمسلمين.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في الآية قال: منع بعضهم ببعض في الشهادة وفي الحق، وفيما يكون مثل هذا يقول: لولا هذا لهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {لهدّمت صوامع}. قال: الصوامع التي تكون فيها الرهبان، والبيع مساجد اليهود، وصلوات كنائس النصارى، والمساجد مساجد المسلمين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن ابن عباس قال: البيع بيع النصارى، وصلوات كنائس اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك قال: صلوات كنائس اليهود يسمون الَكِنيسة صلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عاصم الجحدري أنه قرأ {وصلوات} قال: الصلوات دون الصوامع. قال: وكيف تهدم الصلاة!
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي العالية قال: البيع بيع النصارى، والصلوات: بيع صغار للنصارى.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي العالية في الآية قال: صوامع الرهبان، وبيع النصارى، وصلوات مساجد الصابئين: يسمونها بصلوات.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {صوامع} قال: هي للصابئين وبيع للنصارى، وصلوات كنائس اليهود، ومساجد للمسلمين.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن مجاهد في الآية.
قال: الصوامع صوامع الرهبان، وبيع كنائس وصلوات ومساجد لأهل الكتاب، ولأهل الإسلام بالطرق.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله: وصلوات أهل الإسلام تنقطع إذا دخل عليهم العدو.
تنقطع العبادة من المساجد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله: {يذكر فيها اسم الله كثيرًا} يعني في كل مما ذكر، من الصوامع. والصلوات والمساجد يقول: في كل هذا يذكر اسم الله، ولم يخص المساجد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي العالية في قوله: {الذين إن مكناهم في الأرض} قال: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب {الذين إن مكناهم في الأرض} قال: هم الولاة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن زيد بن أسلم في قوله: {الذين إن مكناهم في الأرض} قال: أرض المدينة {أقاموا الصلاة} قال: المكتوبة. {وآتوا الزكاة} قال: المفروضة {وأمروا بالمعروف} بلا إله إلا الله {ونهوا عن المنكر} قال: الشرك بالله {ولله عاقبة الأمور} قال: وعند الله ثواب ما صنعوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي العالية في الآية. قال: كان أمرهم بالمعروف، أنهم دعوا إلى الله وحده، وعبادته لا شريك له، وكان نهيهم أنهم نهوا عن عبادة الشيطان. وعبادة الأوثان.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {الذين إن مكناهم في الأرض} قال: هذا شرط الله على هذه الأمة، والله أعلم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
قوله: {يُدَافِعُ}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو {يَدْفَعُ} والباقون {يُدافع}. وفيه وجهان، أحدهما: أنَّ فاعَلَ بمعنى فَعَل المجردِ نحو: جاوَزْته وجُزْتُه، وسافَرْتُ، وطارَقْتُ. والثاني: أنه أُخْرِجَ على زِنَةِ المُفاعلة مبالغةً فيه؛ لأنَّ فِعْلَ المفاعلةِ أبلغُ مِنْ غيره. وقال ابن عطية: فَحَسُنَ دفاع لأنه قد عَنَّ للمؤمنين مَنْ يَدْفَعُهم ويؤذيهم فتجيء مقاومتُه ودَفْعُه عنهم مُدافَعَةً يعني: فيُلْحَظُ فيها المفاعلةُ.
قوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ}: قرأه مبنيًّا للمفعول نافع وأبو عمرو وعاصم. والباقون قرؤوه مبنيًّا للفاعل. وأمَا {يُقاتِلون} فقرأه مبنيًّا للمفعول نافع وابن عامر وحفص. والباقون مبنيًّا للفاعل. وحَصَلَ من مجموع الفعلين: أن نافعًا وحفصًا بَنَياهما للمفعول، وأنَّ ابنَ كثيرٍ وحمزةَ والكسائي بَنَياهما للفاعل، وأن أبا عمرو وأبا بكر بَنَيا الأول للمفعول والثاني للفاعل. وأن ابنَ عامر عكسُ هذا فهذِه أربعُ رُتَبٍ. والمأذونُ فيه محذوفٌ للعلمِ به أي: للذين يقاتَلون في القتال. و{بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ} متعلق بـ {أّذِنَ} والباءُ سببيةٌ أي: بسبب أنهم مظلومون.
قوله: {الذين أُخْرِجُواْ}: يجوز أن يكونَ في محلِّ جرٍّ، نعتًا للموصول الأولِ أو بيانًا له، أو بدلًا منه، وأن يكونَ في محلِّ نصبٍ على المدح، وأن يكونَ في محلِّ رفعٍ على إضمارِ مبتدأ.
قوله: {إِلاَّ أَن يقولواْ} فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوبٌ على الاستثناءِ المنقطع، وهذا ممَا يُجْمِعُ العربُ على نصبه؛ لأنه منقطعٌ لا يمكنُ تَوَجُّهُ العاملِ إليه، وما كان كذا أجمعوا على نصبهِ، نحو: ما زاد إلاَّ ما نقصَ، وما نفعَ إلاَّ ما ضَرَّ. فلو توجَّهَ العاملُ جاز فيه لغتان: النصبُ وهو لغةُ الحجاز، وأَنْ يكونَ كالمتصلِ في النصبِ والبدل نحو: ما فيها أحدٌ إلاَّ حمارٌ، وإنما كانت الآية الكريمةُ من الذي لا يتوجَّه عليه العاملُ؛ لأنك لو قلت: الذين أُخْرِجوا مِنْ ديارهم إلا أَنْ يقولوا ربُّنا الله لم يَصحَّ. الثاني: أنه في محلِّ جر بدلًا من {حَقّ} قال الزمخشري: أي بغير موجِبٍ سوى التوحيد الذي ينبغي أن يكون موجب الإقرار والتمكينِ لا موجبَ الإخراج والتسييرِ. ومثلُه: {هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بالله} [المائدة: 59].
وممَّنْ جَعَلَه في موضع جرٍّ بدلًا ممَا قبله الزجاجُ. إلاَّ أن الشيخ قد رَدَّ ذلك فقال: ما أجازاه من البدل لا يجوز؛ لأنَّ البدلَ لا يجوزُ إلاَّ حيث سبقه نفيٌ أو نهيٌ أو استفهامٌ في معنى النفي. وأمَا إذا كان الكلام موجَبًا أو أمرًا فلا يجوزُ البدلُ؛ لأنَّ البدلَ لا يكون إلا حيثُ يكونُ العاملُ يَتَسَلَّطُ عليه. ولو قلت: قام إلاَّ زيدٌ، ولْيَضْرِبْ إلاَّ عمروٌ لم يجز. ولو قلت في غير القران: أُخْرِجَ الناسُ مِنْ ديارِهم إلاَّ بأَنْ يقولوا: لا إلهَ إلاَّ اللهُ لم يكن كلامًا. هذا إذا تُخُيِّل أَنْ يكونَ {إِلاَّ أَن يقولواْ} في موضعِ جرٍّ بدلًا من {غير} المضاف إلى {حَقٍّ}. وأمَا إذا كان بدلًا من {حق} كما نَصَّ عليه الزمخشريُّ فهو في غايةِ الفسادِ؛ لأنه يَلْزَمُ منه أن يكونَ البدلُ يلي {غيرًا} فيصير التركيبُ: بغير إلاَّ أَنْ يقولوا، وهذا لا يَصِحُّ، ولو قَدَّرْنا إلاَّ بـ: {غير} كما يُقَدَّرُ في النفي في: ما مررت بأحدٍ إلاَّ زيدٍ فتجعلُه بدلًا لم يَصِحَّ؛ لأنه يصيرُ التركيبُ: بغير غيرِ قولهم ربُّنا اللهُ، فتكون قد أضَفْتَ غيرًا إلى {غير} وهي هي فيصير: بغير غير، ويَصِحُّّ في ما مررتُ بأحدٍ إلاَّ زيدٍ أن تقول: ما مررت بغير زيد، ثم إن الزمخشري حيث مَثَّل البدلَ قَدَّره: بغير موجبٍ سوى التوحيدِ، وهذا تمثيلٌ للصفة جَعَلَ إلاَّ بمعنى سِوَى، ويَصِحُّ على الصفةِ فالتبسَ عليه بابُ الصفة بباب البدل.
ويجوز أن تقولَ: مررتُ بالقومِ إلاَّ زيدٍ على الصفة لا على البدل.
قوله: {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله} قد تقدَّم الخلافُ فيه في البقرة وتوجيهُ القراءتين.
وقرأ {لَهُدِمَتْ} بالتخفيفِ نافعٌ وابن كثير. والباقون بالتثقيل الدالِّ على التكثيرِ؛ لأنَّ المواضعَ كثيرةٌ متعددةٌ، والقراءة الأولى صالحةٌ لهذا المعنى أيضًا.
والعامَّةُ على {صَلَواتٌ} بفتح الصاد واللام جمعَ صلاةٍ. وقرأ جعفر ابن محمد {وصُلُوات} بضمِّهما. ورُوي عنه أيضًا بكسرِ الصاد وسكونِ اللام. وقرأ الجحدري بضم الصاد وفتح اللام. وأبو العالية بفتح الصادِ وسكونِ اللام. والجحدريُّ أيضًا {وصُلُوْت} بضمِّهما وسكونِ الواو، بعدها تاءٌ مثناةٌ من فوقُ مثلَ: صُلْب وصُلُوب.
والكلبيُّ والضحاكُ كذلك، إلاَّ أنهما أَعْجَما التاءَ بثلاثٍ مِنْ فوقها. والجحدريُّ أيضًا وأبو العاليةِ وأبو رجاءٍ ومجاهدٌ كذلك، إلاَّ أنَّهم جعلوا بعد الثاءِ المثلثة ألفًا فقرؤوا {صُلُوْثا} ورُوي عن مجاهدٍ في هذه التاءِ المثنَّاةِ مِنْ فوقُ أيضًا. ورُوي عن الجحدريِّ أيضًا {صُلْواث} بضم الصادِ وسكونِ اللامِ وألفٍ بعد الواوِ والثاءِ مثلثةً.
وقرأ عكرمة {صلويثى} بكسر الصاد وسكون اللام، وبعدها واوٌ مكسورةٌ بعدَها ياءٌ مثنَّاةٌ مِنْ تحتُ بعدها ثاءٌ مثلثةٌ، وحكى ابنُ مجاهد أنه قرئ {صِلْواث} بكسر الصاد وسكون اللام. بعدها واوٌ، بعدها ألف، بعدها ثاءٌ مثلثةٌ.
وقرأ الجحدري {وصُلُوب} مثل كُعُوْب بالباء الموحدةِ وهو جمع {صليب}، وفُعُوْل جمعُ فعيل شاذٌّ نحو: ظريف وظروف وأَسِينة وأُسُون، ورُوي عن أبي عمرو {صلواتُ} كالعامَّةِ، إلاَّ أنَّه لم يُنَوِّن، مَنَعه الصرفَ للعلميَّة والعجمة؛ لأنه جعله اسمَ موضعٍ، فهذه أربعَ عشرةَ قراءة، المشهورُ منها واحدةٌ، وهي هذه الصلاةُ المعهودة.
ولابُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ ليَصِحَّ تَسَلُّطُ الهَدْمِ عليها أي: مواضع صلواتٍ، أو يُضَمَّن {هُدِّمَتْ} معنى عُطِّلَتْ فيكون قَدْرًا مشتركًا بين المواضع والأفعال؛ فإنَّ تعطيلَ كلِّ شيءٍ بِحَسبِه. وأخَّر المساجدَ لحُدوثِها في الوجود، أو الانتقال إلى الأشرفِ. والصلواتُ في الأمم...... صلاةُ كلِّ مِلَّةٍ بحَسَبِها. وظاهرُ كلام الزمخشري أنها بنفسِها اسمُ مكان فإنه قال: وسُمِّيَتْ الَكِنسيةُ صلاةً لأنه يُصَلَّى فيها. وقيل: هي كلمةٌ مُعَرَّبَةٌ أصلُها بالعبرانيةِ صَلُوثا. انتهى.
وأمَا غيرُها من القراءات فقيل: هي سريانيةٌ أو عبرانيةٌ دَخَلَتْ في لسانِ العربِ. ولذلك كَثُر فيها اللغاتُ.
والصَّوامِعُ: جمعُ صَوْمَعَة وهي البناءُ المرتفعُ الحديدُ الأعلى، مِنْ قولهم رجلٌ أصمعُ، وهو الحديدُ القولِ. ووزنها فَوْعَلة كدَوْخَلة. وهي متعبَّد الرهبانِ لأنهم ينفردون. وقيل: متعبَّدُ الصَّابِئين.
والبِيَعُ: جمع بِيْعَة، وهي متعبَّدُ النصارى. وقيل: كنائس اليهود. والأشهر أنَّ الصوامِعَ للرهبانِ والبِيَعَ للنصارى، والصَّلَواتِ لليهود، والمساجدَ للمسلمين.
و{يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله} يجوز أَنْ يكونَ صفةً للمواضعِ المتقدمةِ كلِّها، إنْ أَعَدْنا الضميرَ مِنْ {فيها} عليها، أو صفةً للمساجد فقط، إنْ خَصَصْنا الضميرَ في {فيها} بها، والأولُ أظهر.
قوله: {الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ}: يجوزُ في هذا الموصولِ ما جاز في الموصولِ قبلَه. ويزيد هذا عليه: بأَنْ يجوزَ أن يكونَ بدلًا مِنْ {مَنْ يَنْصُرُه} ذكره الزجاج أي: ولَيَنْصُرَنَّ اللهُ الذي إنْ مَكَّنَّاهم. و{إنْ مَكَّنَّاهم} شرطٌ. و{أقاموا} جوابُه، والجُملةُ الشرطيةُ بأَسْرِها صلةُ الموصولِ. اهـ.