فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فمضمون هذا ومفهومه أن الله تعالى عَصَمه من أن يفترى وثبته حتى لم يركن إليهم قليلًا فكيف كثيرًا، وهم يروُون في أخبارهم الواهية أنه زاد على الركون والافتراء بمدح آلهتهم، وأنه قال عليه الصلاة والسلام: افتريت على الله وقلت ما لم يقل.
وهذا ضدّ مفهوم الآية، وهي تضعّف الحديث لو صح؛ فكيف ولا صحة له.
وهذا مِثل قوله تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وما يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ} [النساء: 113].
قال القُشَيْرِيّ: ولقد طالبته قريش وثقِيف إذ مرّ بآلهتهم أن يُقبل بوجهه إليها، ووعدوه بالإيمان به إن فعل ذلك، فما فعل! ولا كان ليفعل! قال ابن الأنباري: ما قارب الرسول ولا رَكَن.
وقال الزجاج: أي كادوا، ودخلت إن واللام للتأكيد.
وقد قيل: إن معنى {تمنّى} حدّث، لا تلا.
روي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عز وجل: {إِلاَّ إِذَا تمنى} قال: إلا إذا حدّث {أَلْقَى الشيطان في أمنيته} قال: في حديثه {فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِي الشيطان} قال: فيبطل الله ما يلقي الشيطان.
قال النحاس: وهذا من أحسن ما قيل في الآية وأعلاه وأجله.
وقد قال أحمد بن محمد بن حنبل بمصر صحيفةً في التفسير، رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدًا ما كان كثيرًا.
والمعنى عليه: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا حدّث نفسه ألقى الشيطان في حديثه على جهة الحيْلة فيقول: لو سألتَ الله عز وجل أن يغنمك ليتسع المسلمون؛ ويعلم الله عز وجل أن الصلاح في غير ذلك؛ فيبطل ما يلقي الشيطان كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
وحكى الكسائي والفراء جميعًا {تمنى} إذا حدّث نفسه؛ وهذا هو المعروف في اللغة.
وحَكَيَا أيضًا {تمنى} إذا تلا.
وروي عن ابن عباس أيضًا وقاله مجاهد والضحاك وغيرهما.
وقال أبو الحسن بن مهدي: ليس هذا التمني من القرآن والوحي في شيء، وإنما كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صفِرت يداه من المال، ورأى ما بأصحابه من سوء الحال، تمنّى الدنيا بقلبه ووسوسة الشيطان.
وذكر المهدويّ عن ابن عباس أن المعنى: إذا حدّث ألقى الشيطان في حديثه؛ وهو اختيار الطبري.
قلت: قوله تعالى: {لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشيطان فِتْنَةً} الآية، يردّ حديث النفس، وقد قال ابن عطية: لا خلاف أن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ مسموعة، بها وقعت الفتنة؛ فالله أعلم.
قال النحاس: ولو صح الحديث واتصل إسناده لكان المعنى فيه صحيحًا، ويكون معنى سها أسقط، ويكون تقديره: أفرأيتم الّلاتَ والعُزَّى؛ وتم الكلام، ثم أسقط والغرانيق العلا يعني الملائكة فإن شفاعتهم يعود الضمير على الملائكة.
وأما من روى: فإنهن الغرانيق العلا، ففي روايته أجوبة؛ منها أن يكون القول محذوفًا كما تستعمل العرب في أشياء كثيرة، ويجوز أن يكون بغير حذف، ويكون توبيخًا؛ لأن قبله {أفرأيتم} ويكون هذا احتجاجًا عليهم؛ فإن كان في الصلاة فقد كان الكلام مباحًا في الصلاة. وقد روي في هذه القصة أنه كان مما يقرأ: أفرأيتم اللات والعُزّى، ومناة الثالثة الأخرى، والغرانقة العلا.
وأن شفاعتهن لترتجى، روي معناه عن مجاهد، وقال الحسن: أراد بالغرانيق العلا الملائكة؛ وبهذا فسر الكلبيّ الغرانقة أنها الملائكة. وذلك أن الكفار كانوا يعتقدون أن الأوثان والملائكة بنات الله، كما حكى الله تعالى عنهم، وردّ عليهم في هذه السورة بقوله: {أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الانثى} فأنكر الله كل هذا من قولهم.
ورجاء الشفاعة من الملائكة صحيح؛ فلما تأوّله المشركون على أن المراد بهذا الذكر آلهتُهم ولبّس عليهم الشيطان بذلك، نسخ الله ما ألقى الشيطان، وأحكم الله آياته، ورفع تلاوة تلك اللفظتين اللّتين وجد الشيطان بهما سبيلًا للتلبيس، كما نُسخ كثير من القرآن؛ ورفعت تلاوته.
قال القُشَيري: وهذا غير سديد؛ لقوله: {فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِي الشيطان} أي يبطله، وشفاعة الملائكة غير باطلة.
{والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {عليم} بما أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم.
{حكيم} في خلقه.
قوله تعالى: {لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشيطان فِتْنَةً} أي ضلالة.
{لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} أي شرك ونفاق.
{والقاسية قُلُوبُهُمْ} فلا تلين لأمر الله تعالى.
قال الثعلبيّ: وفي الآية دليل على أن الأنبياء يجوز عليهم السهو والنسيان والغلط بوسواس الشيطان أو عند شَغْل القلب حتى يغلَط، ثم يُنَبَّه ويرجع إلى الصحيح؛ وهو معنى قوله: {فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِي الشيطان ثُمَّ يُحْكِمُ الله آيَاتِهِ}.
ولَكِن إنما يكون الغلط على حسب ما يغلَط أحدنا، فأما ما يضاف إليه من قولهم: تلك الغرانيق العلا، فكذِب على النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه تعظيم الأصنام، ولا يجوز ذلك على الأنبياء، كما لا يجوز أن يقرأ بعض القران ثم ينشد شعرًا ويقول: غلِطت وظننته قرآنا.
{وَإِنَّ الظالمين لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} أي الكافرين لفي خلاف وعصيان ومشاقّة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدّم في البقرة والحمد لله وحده.
قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الذين أُوتُواْ العلم} أي من المؤمنين. وقيل: أهل الكتاب.
{أَنَّهُ} أي أن الذي أحكم من آيات القران هو {الحق مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} أي تخشع وتسكن.وقيل: تخلص.
{وَإِنَّ الله لَهَادِ الذين آمنوا} قرأ أبو حَيْوَة {وإن الله لهادٍ الذِين آمنوا} بالتنوين.
{إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} أي يثبتهم على الهداية.
قوله تعالى: {وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} يعني في شك من القرآن؛ قاله ابن جُريج وغيره: من الدِّين؛ وهو الصراط المستقيم.
وقيل: مما ألقى الشيطان على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، ويقولون: ما باله ذكر الأصنام بخير ثم ارتدّ عنها.
وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلمِيّ {في مُرْيةٍ} بضم الميم، والكسر أعرف؛ ذكره النحاس.
{حتى تَأْتِيَهُمُ الساعة} أي القيامة.
{بَغْتَةً} أي فجأة.
{أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} قال الضحاك: عذاب يوم لا ليلة له وهو يوم القيامة.
النحاس: سمي يوم القيامة عقيمًا لأنه ليس يَعْقُب بعده يوما مثله؛ وهو معنى قول الضحاك.
والعقيم في اللغة عبارة عمن لا يكون له ولد؛ ولما كان الولد يكون بين الأبوين وكانت الأيام تتوالى قبلُ وبعدُ، جعل الاتباع فيها بالبعدية كهيئة الولادة، ولما لم يكن بعد ذلك اليوم يوم وصف بالعقيم.
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: المراد عذاب يوم بدر، ومعنى عقيم لا مثل له في عِظمه؛ لأن الملائكة قاتلت فيه.
ابن جُريج: لأنهم لم يُنظروا فيه إلى الليل، بل قتلوا قبل المساء فصار يوما لا ليلة له.
وكذلك يكون معنى قول الضحاك أنه يوم القيامة؛ لأنه لا ليلة له.
وقيل: لأنه لم يكن فيه رأفة ولا رحمة، وكان عقيمًا من كل خير؛ ومنه قوله تعالى: {إِذْ أرسلنا عَلَيْهِمُ الريح العقيم} [الذاريات: 41] أي التي لا خير فيها ولا تأتي بمطر ولا رحمة. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وما أرسلنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أمنيته}.
العقم: الامتناع من الولادة، يقال: امرأة عقيم ورجل عقيم لا يولد له، والجمع عقم وأصله من القطع، ومنه الملك عقيم أي يقطع فيه الأرحام بالقتل، والعقيم الذي قطعت ولادتها.
وقال أبو عبيد العقم السد، يقال: امرأة معقومة الرحم أي مسدودة الرحم.
{وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وأن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقًا حسنًا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلًا يرضونه وإن الله لعليم حليم ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بُغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفوّ غفور ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير ذلك بأن الله هو الحق وأنما يدعونه من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير}.
لما ذكر تعالى أنه يدفع عن الذين آمنوا وأنه تعالى أذن للمؤمنين في القتال وأنهم كانوا أخرجوا من ديارهم وذكر مسلاة رسوله صلى الله عليه وسلم بتكذيب من تقدم من الأمم لأنبيائهم وما آل إليه أمرهم من الإهلاك إثر التكذيب وبعد الإمهال، وأمره أن ينادي الناس ويخبرهم أنه نذير لهم بعد أن استعجلوا بالعذاب، وأنه ليس له تقديم العذاب ولا تأخيره، ذكر له تعالى مسلاة ثانية باعتبار من مضى من الرسل والأنبياء وهو أنهم كانوا حريصين على إيمان قومهم متمنين لذلك مثابرين عليه، وأنه ما منهم أحد إلاّ وكان الشيطان يراغمه بتزيين الكفر لقومه وبث ذلك إليهم وإلقائه في نفوسهم، كما أنه صلى الله عليه وسلم كان من أحرص الناس على هدى قومه وكان فيهم شياطين كالنضر بن الحارث يلقون لقومه وللوافدين عليه شبهًا يثبطون بها عن الإسلام، ولذلك جاء قبل هذه الآية: {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} وسعيهم بإلقاء الشبه في قلوب من استمالوه، ونسب ذلك إلى الشيطان لأنه هو المغوي والمحرك شياطين الإنس للإغواء كما قال: {لأغوينهم} وقيل: إن {الشيطان} هنا هو جنس يراد به شياطين الإنس.
والضمير في {أمنيته} عائد على {الشيطان} أي في أمنية نفسه، أي بسبب أمنية نفسه.
ومفعول {ألقى} محذوف لفهم المعنى وهو الشر والكفر، ومخالفة ذلك الرسول أو النبيّ لأن الشيطان ليس يلقي الخير.
ومعنى {فينسخ الله ما يلقي الشيطان} أي يزيل تلك الشبه شيئًا فشيئًا حتى يسلم الناس، كما قال: {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا} و{يحكم الله آياته} أي معجزاته يظهرها محكمة لا لبس فيها {ليجعل ما يلقي الشيطان} من تلك الشبه وزخارف القول {فتنة} لمريض القلب ولقاسيه {وليعلم} من أوتي العلم أن ما تمنى الرسول والنبيّ من هداية قومه وإيمانهم هو الحق.
وهذه الآية ليس فيها إسناد شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما تضمنت حالة من كان قبله من الرسل والأنبياء إذا تمنوا.
وذكر المفسرون في كتبهم ابن عطية والزمخشري فمن قبلها ومن بعدهما ما لا يجوز وقوعه من آحاد المؤمنين منسوبًا إلى المعصوم صلوات الله عليه، وأطالوا في ذلك وفي تقريره سؤالًا وجوابًا وهي قصة سئل عنها الإمام محمد بن إسحاق جامع السيرة النبوية، فقال: هذا من وضع الزنادقة، وصنف في ذلك كتابًا.
وقال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، وقال ما معناه: إن رواتها مطعون عليهم وليس في الصحاح ولا في التصانيف الحديثة شيء مما ذكروه فوجب اطّراحه ولذلك نزهت كتابي عن ذكره فيه.
والعجب من نقل هذا وهم يتلون في كتاب الله تعالى: {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} وقال الله تعالى آمرًا لنبيه {قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلاّ ما يوحى إلى} وقال تعالى: {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل} الآية وقال تعالى: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم} الآية فالتثبيت واقع والمقاربة منفية.
وقال تعالى: {كذلك لنثبت به فؤادك} وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى} وهذه نصوص تشهد بعصمته، وأما من جهة المعقول فلا يمكن ذلك لأن تجويزه يطرق إلى تجويزه في جميع الأحكام والشريعة فلا يؤمن فيها التبديل والتغيير، واستحالة ذلك معلومة.
ولنرجع إلى تفسير بعض ألفاظ الآية إذ قد قررنا ما لاح لنا فيها من المعنى فقوله: {من قبلك} {من} فيه لابتداء الغاية و{من} في {من رسول} زائدة تفيد استغراق الجنس.
وعطف {ولا نبي} على {من رسول} دليل على المغايرة.
وقد تقدم لنا الكلام على مدلوليهما فأغنى عن إعادته هنا، وجاء بعد {إلا} جملة ظاهرها الشرط وهو {إذا تمنى ألقى الشيطان} وقاله الحوفي، ونصوا على أنه يليها في النفي مضارع لا يشترط فيه شرط، فتقول: ما زيد إلاّ بفعل كذا، وما رأيت زيدًا إلاّ يفعل كذا، وماض بشرط أن يتقدمه فعل كقوله: {وما يأتيهم من رسول إلاّ كانوا}.
أو يكون الماضي مصحوبًا بقد نحو: ما زيد إلاّ قد قام، وما جاء بعد {إلاّ} في الآية جملة شرطية ولم يلها مرض مصحوب بقد ولا عار منها، فإن صح ما نصوا عليه تؤول على أن إذا جردت للظرفية ولا شرط فيها وفصل بها بين {إلاّ} والفعل الذي هو {ألقى} وهو فصل جائز فتكون إلاّ قد وليها ماض في التقدير ووجد شرطه وهو تقدم فعل قبل {إلاّ} وهو {ما أرسلنا} وعاد الضمير في {تمنى} مفردًا وذكروا أنه إذا كان العطف بالواو عاد الضمير مطابقًا للمتعاطفين، وهذا عطف بالواو وما جاء غير مطابق أولوه على الحذف فيكون تأويل هذا {وما أرسلنا من قبلك من رسول} {إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} {ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه و{تمنى} تفعل من المنية.
قال أبو مسلم: التمني نهاية التقدير، ومنه المنية وفاة الإنسان للوقت الذي قدره الله، ومنى الله لك أي قدر.
وقال رواه اللغة: الأمنية القراءة، واحتجوا ببيت حسان وذلك راجع إلى الأصل الذي ذكر فإن التالي مقدر للحروف فذكرها شيئًا فشيئًا انتهى.
وبيت حسان:
تمنى كتاب الله أول ليلة ** وآخره لاقى حمام المقادر

وقال آخر:
تمنى كتاب الله أول ليلة ** تمنى داود الزبور على الرسل

وحمل بعض المفسرين قوله: {إذا تمنى} على تلا و{في أمنيته} على تلاوته.
والجملة بعد {إلاّ} في موضع الحال أي {وما أرسلنا} إلاّ، وحاله هذه.
وقيل: الجملة في موضع الصفة وهو قول الزمخشري في نحو: ما مررتُ بأحد إلاّ زيد خير منه، والصحيح أن الجملة حالية لا صفة لقبولها واو الحال، واللام في {ليجعل} متعلقة بيحكم قاله الحوفي.