فصل: تفسير الآيات (56- 59):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (56- 59):

قوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كانوا من الكثرة والقوة بمكان كان كأنه قيل: كيف يغلبون؟ فقال جوابًا عن ذلك: {الملك يومئذ} أي يوم إذ يأتيهم ذلك إما في القيامة أو في الدنيا {لله} أي المحيط بجميع صفات الكمال وحد بتغليب اسمه الظاهر، بأن يجري أمره فيه على غير الأسباب التي تعرفونها.
ولما كان كأنه قيل: ما معنى اختصاصه به وكل الأيام له؟ قيل: {يحكم بينهم} أي بين المؤمنين والكافرين بالأمر الفيصل، لا حكم فيه ظاهرًا ولا باطنًا لغيره، كما ترونه الآن، بل يمشي فيه الأمر على أتم قوانين العدل، ولذلك سبب ظهور العدل عنه قوله مفصلًا بادئًا.
إظهارًا لتفرده بالحكم بإكرام من كانوا قاطعين بهوانهم في الدارين مع أن تقديمهم أوفق لمقصود السورة: {فالذين آمنوا وعملوا} أي وصدقوا دعواهم الإيمان بأن عملوا {الصالحات} وهي ما أمرهم الله به.
ولما كانت إثابته تعالى لأهل طاعته تفضلًا منه، نبه على ذلك بإعراء الخبر عن الفاء السببية بخلاف ما يأتي في حق الكفار فقال: {في جنات النعيم} في الدنيا مجازًا، لمآلهم إليهم مع ما يجدونه من لذة المناجاة واستشعار القرب وفي الآخرة حقيقة بما رحمهم الله به من توفيقهم للأعمال الصالحة {والذين كفروا} أي غطوا ما أعطيناهم من المعرفة بالأدلة على وحدانيتنا {وكذبوا بآياتنا} ساعين- بما أعطيناهم من الفهم في تعجيزها بالمجادلة بما يوحي إليهم أولياؤهم من الشياطين من الشبه، وقرن الخبر بالفاء إيذانًا بأنه مسبب عن كفرهم فقال: {فأولئك} أي البعداء عن أسباب الكرم {لهم عذاب مهين} بسبب ما سعوا في إهانة آياتنا مريدين إعزاز أنفسهم بمغالبتها والتكبر عن اتباعها.
ولما كان المشركون يمنعون بهذ الشبه وغيرها كثيرًا من الناس الإيمان، وكانوا لا يتمكنون بها إلا ممن يخالطهم، رغب سبحانه في الهجرة فقال: {والذين هاجروا} أي أوقعوا هجرة ديارهم وأهليهم {في سبيل الله} أي طريق ذي الجلال والإكرام التي شرعها، فكانت ظرفًا لمهاجرتهم، فلم يكن لهم بها غرض آخر.
ولما كان أكثر ما يخاف من الهجرة القتل. لقصد الأعداء للمهاجر بالمصادمة، عند تحقق المصارمة، قال معبرًا بأداة التراخي إشارة إلى طول العمر وعلو الرتبة بسبب الهجرة: {ثم قتلوا} أي بعد الهجرة، وألحق به مطلق الموت فضلًا منه فقال: {أو ماتوا} أي من غير قتل {ليرزقنهم الله} أي الملك الأعلى {رزقًا حسنًا} من حين تفارق أرواحهم أشباحهم لأنهم أحياء عند ربهم، وذلك لأنهم أرضوا الله بما انخلعوا منه مما أثلوه طول أعمارهم.
وأثله آباؤهم من قبلهم، وأموالهم وأهليهم وديارهم.
ولما كان التقدير: فإن الله فعال ما يريد من إحيائهم ورزقهم وغيره، عطف عليه قوله: {وإن الله} أي الجامع لصفات الكمال بعظمته وقدرته على الإحياء كما قدر على الإماتة {لهو خير الرازقين} يرزق الخلق عامة البر منهم والفاجر، فكيف بمن هاجر إليه! ويعطي عطاء لا يدخله عد، ولا يحويه حد، وكما دلت الآية على تسوية من مات في سبيل الله برباط أو غيره في الرزق بالشهيد، دلت السنة أيضًا من حديث سلمان وغيره- رضي الله عنهم- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من مات مرابطًا أجري عليه الرزق وأمن الفتانين».
ولما كان الرزق لا يتم إلا بحسن الدار، وكان ذلك من أفضل الرزق، قال دالًا على ختام التي قبل: {ليدخلنهم مدخلًا} أي دخولًا ومكان دخول قراءة نافع وأبي جعفر بفتح الميم، وإدخالًا ومكان إدخال على قراءة الباقين {يرضونه} لا يبغون به بدلًا، بما أرضوه به بما خرجوا منه.
ولما كان التقدير: فإن الله لشكور حميد، وكان من المعلوم قطعًا أنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره وإن اجتهد، لأن الإنسان محل الخطأ والنسيان، فلو أوخذ بذلك هلك، وكان ربما ظن ظان أنه لو علم ما قصروا فيه لغضب عليهم، عطف على ما قدرته قوله: {وإن الله} أي الذي عمت رحمته وتمت عظمته {لعليم} أي بمقاصدهم وما علموا مما يرضيه وغيره {حليم} عما قصروا فيه من طاعته، وما فرطوا في جنبه سبحانه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

أما قوله: {الملك يَوْمَئِذٍ للَّهِ} فمن أقوى ما يدل على أن اليوم العقيم هو ذلك اليوم وأراد بذلك أنه لا مالك في ذلك اليوم سواه فهو بخلاف أيام الدنيا التي ملك الله الأمور غيره، وبين أنه الحاكم بينهم لا حاكم سواه وذلك زجر عن معصيته ثم بين كيف يحكم بينهم، وأنه يصير المؤمنين إلى جنات النعيم، والكافرين في العذاب المهين، وقد تقدم وصف الجنة والنار فإن قيل التنوين في يومئذ عن أي جملة ينوب؟ قلنا تقديره: الملك يوم يؤمنون أو يوم تزول مريتهم لقوله تعالى: {وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ في مِرْيَةٍ مّنْهُ حتى تَأْتِيَهُمُ الساعة}.
{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا}.
اعلم أنه تعالى لما ذكر أن الملك له يوم القيامة وأنه يحكم بينهم ويدخل المؤمنين الجنات أتبعه بذكر وعده الكريم للمهاجرين، وأفردهم بالذكر تفخيمًا لشأنهم فقال عز من قائل: {والذين هاجروا} واختلفوا فيمن أريد بذلك، فقال بعضهم من هاجر إلى المدينة طالبًا لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقربًا إلى الله تعالى، وقال آخرون بل المراد من جاهد فخرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم أو في سراياه لنصرة الدين ولذلك ذكر القتل بعده، ومنهم من حمله على الأمرين.
واختلفوا من وجه آخر فقال قوم المراد قوم مخصوصون، روى مجاهد أنها نزلت في طوائف خرجوا من مكة إلى المدينة للهجرة فتبعهم المشركون فقاتلوهم، وظاهر الكلام للعموم.
ثم إنه سبحانه وتعالى وصفهم برزقهم ومسكنهم، أما الرزق فقوله تعالى: {لَيَرْزُقَنَّهُمُ الله رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ الله لَهُوَ خَيْرُ الرازقين} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
لا شبهة في أن الرزق الحسن هو نعيم الجنة، وقال الأصم إنه العلم والفهم كقول شعيب عليه السلام {وَرَزَقَنِى مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} [هود: 88] فهذا في الدنيا وفي الآخرة الجنة، وقال الكلبي رزقًا حسنًا حلالًا وهو الغنيمة وهذان الوجهان ضعيفان، لأنه تعالى جعله جزاء على هجرتهم في سبيل الله بعد القتل والموت وبعدهما لا يكون إلا نعيم الجنة.
المسألة الثانية:
لابد من شرط اجتناب الكبائر في كل وعد في القرآن لأن هذا المهاجر لو ارتكب كبيرة لكان حكمه في المشيئة على قولنا، ولخرج عن أن يكون أهلًا للجنة قطعًا على قول المعتزلة.
فإن قيل فما فضله على سائر المؤمنين في الوعد إن كان كما قلتم؟ قلنا فضلهم يظهر لأن ثوابهم أعظم وقد قال تعالى: {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفتح وقاتل} [الحديد: 10] فمعلوم أن من هاجر مع الرسول صلى الله عليه وسلم وفارق دياره وأهله لتقويته ونصرة دينه مع شدة قوة الكفار وظهور صولتهم صار فعله كالسبب لقوة الدين، وعلى هذا الوجه عظم محل الأنصار حتى صار ذكرهم والثناء عليهم تاليًّا لذكر المهاجرين لما آووه ونصروه.
المسألة الثالثة:
اختلفوا في معنى قوله: {وَإِنَّ الله لَهُوَ خَيْرُ الرازقين} مع العلم بأن كل الرزق من عنده على وجوه: أحدها: التفاوت إنما كان بسبب أنه سبحانه مختص بأن يرزق ما لا يقدر عليه غيره وثانيها: أن يكون المراد أنه الأصل في الرزق، وغيره إنما يرزق بما تقدم من الرزق من جهة الله تعالى وثالثها: أن غيره ينقل الرزق من يده إلى يد غيره لا أنه يفعل نفس الرزق ورابعها: أن غيره إذا رزق فإنما يرزق لانتفاعه به، إما لأجل أن يخرج عن الواجب، وإما لأجل أن يستحق به حمدًا أو ثناء، وإما لأجل دفع الرقة الجنسية، فكان الواحد منا إذا رزق فقد طلب العوض، أما الحق سبحانه فإن كماله صفة ذاتية له فلا يستفيد من شيء كمالًا زائدًا فكان الرزق الصادر منه لمحض الإحسان وخامسها: أن غيره إنما يرزق لو حصل في قلبه أرادة ذلك الفعل، وتلك الأرادة من الله، فالرازق في الحقيقة هو الله تعالى وسادسها: أن المرزوق يكون تحت منة الرازق ومنة الله تعالى أسهل تحملًا من منة الغير، فكان هو خير الرازقين وسابعها: أن الغير إذا رزق فلولا أن الله تعالى أعطى ذلك الإنسان أنواع الحواس وأعطاه السلامة والصحة والقدرة على الانتفاع بذلك الرزق لما أمكنه الانتفاع به، ورزق الغير لابد وأن يكون مسبوقًا برزق الله وملحوقًا به حتى يحصل الانتفاع.
وأما رزق الله تعالى فإنه لا حاجة به إلى رزق غيره، فثبت أنه سبحانه خير الرازقين.
المسألة الرابعة:
قالت المعتزلة الآية تدل على أمور ثلاثة: أحدها: أن الله تعالى قادر وثانيها: أن غير الله يصح منه أن يرزق ويملك، ولولا كونه قادرًا فاعلًا لما صح ذلك وثالثها: أن الرزق لا يكون إلا حلالًا لأن قوله: {خَيْرُ الرازقين} دلالة على كونهم ممدوحين والجواب: لا نزاع في كون العبد قادرًا، فإن عندنا القدرة مع الداعي مؤثرة في الفعل بمعنى الاستلزام.
وأما الثالث فبحث لفظي وقد سبق الكلام فيه.
المسألة الخامسة:
لما قال تعالى: {ثُمَّ قُتِلُواْ أَوْ مَاتُواْ} فسوى بينهما في الوعد، ظن قوم أن حال المقتول في الجهاد والميت على فراشه سواء، وهذا إن أخذوه من الظاهر فلا دلالة فيه، لأن الجمع بينهما في الوعد لا يدل على تفضيل ولا تسوية، كما أن الجمع بين المؤمنين لا يدل على ذلك.
وإن أخذوه من دليل آخر فهو حق، فإنه روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المقتول في سبيل الله تعالى، والمتوفى في سبيل الله بغير قتل، هما في الخير والأجر شريكان» ولفظ الشركة مشعر بالتسوية، وإلا فلا يبقى لتخصيصهما بالذكر فائدة.
وروى أيضًا: أن طوائف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير، ونحن نجاهد معك كما جاهدوا، فما لنا إن متنا معك.
فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين وهذا يدل على التسوية لأنهم لما طلبوا مقدار الأجر، فلولا التسوية لم يكن الجواب مفيدًا.
أما المسكن فقوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ الله لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
قرئ {مدخلًا} بضم الميم وهو من الإدخال، ومن قرأ بالفتح فالمراد الموضع.
المسألة الثانية:
قيل في المدخل الذي يرضونه إنه خيمة من درة بيضاء لا فصم فيها ولا وصم لها سبعون ألف مصراع، وقال أبو القاسم القشيري هو أن يدخلهم الجنة من غير مكروه تقدم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنما قال: {يرضونه} لأنهم يرون في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر فيرضونه ولا يبغون عنها حولًا، ونظيره قوله تعالى: {ومساكن تَرْضَوْنَهَا} [التوبة: 24] وقوله: {في عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] وقوله: {ارجعي إلى رَبّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً} [الفجر: 28] وقوله: {ومساكن طَيّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ ورضوان مّنَ الله أَكْبَرُ} [التوبة: 72].
المسألة الثالثة:
إن قيل ما معنى {وَإِنَّ الله لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} وما تعلقه بما تقدم؟ قلنا يحتمل أنه عليم بما يستحقونه فيفعله بهم ويزيدهم، ويحتمل أن يكون المراد أنه عليم بما يرضونه فيعطيهم ذلك في الجنة، وأما الحليم فالمراد أنه لحلمه لا يعجل بالعقوبة فيمن يقدم على المعصية، بل يمهل ليقع منه التوبة فيستحق منه الجنة. اهـ.

.قال ابن عطية:

وقوله: {الملك يومئذ لله}، السابق منه أنه في يوم القيامة من حيث لا ملك فيه لأحد من ملوك الدنيا، ويجوز أن يريد به يوم بدر ونحوه من حيث ينفذ فيه قضاء الله وحده ويبطل ما سواه ويمضي حكمه فيمن أراد تعذيبه، فأما من تأوله في يوم القيامة فاتسق له قوله: {فالذين آمنوا} إلى قوله: {مهين}، ومن تأوله في يوم بدر ونحوه جعل قوله: {فالذين آمنوا}، ابتداء خبر عن حالهم المتركبة على حالهم في ذلك اليوم العقيم من الإيمان والكفر. وقوله: {والذين هاجروا في سبيل الله} الآية ابتداء معنى آخر وذلك أنه لما مات بالمدينة عثمان بن مظعون وأبو سلمة بن عبد الأسد قال بعض الناس: من قتل من المهاجرين أفضل ممن مات حتف أنفة فنزلت هذه الآية مسوية بينهم في أن الله تعالى يرزق جميعهم {رزقًا حسنًا} وليس هذا بقاض بتساويهم في الفضل، وظاهر الشريعة أن المقتول أفضل، وقال بعض الناس: المقتول والميت في سبيل الله شهيدان، ولَكِن للمقتول مزية ما أصابه في ذات الله، والرزق الحسن، يحتمل أن يريد به رزق الشهداء عند ربهم في البرزخ ويحتمل أن يريد بعد يوم القيامة في الجنة، وقرأت فرقة، {مُدخلًا}، بضم الميم من أدخل فهو محمول على الفعل المذكور، وقرأت فرقة {مَدخلًا} بفتح الميم من دخل فهو محمول على فعل مقدر تقديره فيدخلون مدخلًا، وأسند الطبري عن سلامان بن عامر قال: كان فضالة برودس أميرًا على الأرباع فخرج بجنازتي رجلين أحدهما قتيل والآخر متوفى فرأى ميل الناس على جنازة القتيل، فقال: أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل وتفضلونه فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت اقرؤوا قول الله تعالى: {والذين هاجروا في سبيل الله} الآية، إلى قوله: {حليم}. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {المُلْكُ يومئذ} أي: يوم القيامة {لله} من غير منازع ولا مدَّع {يحكُم بينهم} أي: بين المسلمين والمشركين؛ وحكمه بينهم بما ذكره في تمام الآية وما بعدها.
ثم ذكر فضل المهاجرين فقال: {والذين هاجروا في سبيل الله} أي: من مكة إِلى المدينة.
وفي الرزق الحسن قولان.
أحدهما: أنه الحلال، قاله ابن عباس.
والثاني: رزق الجنة، قاله السدي.
قوله تعالى: {ثم قُتِلوا أو ماتوا} وقرأ ابن عامر: {قُتِّلوا} بالتشديد.
قوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهم مُدْخَلًا} وقرأ نافع بفتح الميم {يرضونه} يعني: الجنة.
والمدخل يجوز أن يكون مصدرا، فيكون المعنى: ليدخلنهم إدخالًا يكرمون به فيرضونه؛ ويجوز أن يكون بمعنى المكان.
و{مَدخلًا} بفتح الميم على تقدير: فيدخلون مدخلًا.
{وإِن الله لعليم} بنيّاتهم {حليم} عنهم. اهـ.