فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وما فِي الأرض}.
الجملة خبر ثان عن اسم الجلالة في قوله: {إن الله لطيف خبير} [الحج: 63] للتنبيه على اختصاصه بالخالقية والملك الحقّ ليعلم من ذلك أنه المختصّ بالمعبودية فيرد زعم المشركين أنّ الأصنام له شركاء في الإلهية وصرف عبادتهم إلى أصنامهم، والمناسبة هي ذكر إنزال المطر وإنبات العشب فما ذلك إلا بعض ما في السماوات وما في الأرض.
وإنما لم تعطف الجملة على التي قبلها مع اتحادهما في الغرض لأن هذه تتنزّل من الأولى منزلة التذييل بالعموم الشامل لما تضمنته الجملة التي قبلها، ولأن هذه لا تتضمن تذكيرًا بنعمة.
وجملة {إن الله لهو الغني الحميد} عطف على جملة {له ما في السماوات وما في الأرض}.
وتقديم المجرور للدلالة على القصر.
أي له ذلك لا لغيره من أصنامكم، إن جعلتَ القصر إضافيًّا، أو لعدم الاعتداد بغنى غيره ومحموديته إن جعلت القصر ادعائيًّا.
ونبه بوصف الغنى على أنه غير مفتقر إلى غيره، وهو معنى الغِنَى في صفاته تعالى أنه عدم الافتقار بذاته وصفاته لا إلى محلّ ولا إلى مخصّص بالوجود دون العدم والعكس تنبيهًا على أنّ افتقار الأصنام إلى من يصنعها ومن ينقلها من مكان إلى آخر ومن ينفض عنها القتام والقذر دليل على انتفاء الإلهية عنها.
وأما وصف {الحميد} بِمعنى المحمود كثيرًا، فذكره لمزاوجة وصف الغِنى لأن الغني مفيض على الناس فهم يحمدونه.
وفي ضمير الفصل إفادة أنه المختص بوصف الغنى دون الأصنام وبأنه المختص بالمحمودية فإن العرب لم يكونوا يوجّهون الحمد لغير الله تعالى.
وأكد الحصرُ بحرف التوكيد وبلام الابتداء تحقيقًا لنسبة القصر إلى المقصور كقول عمرو بن معد يكرب: إني أنا الموت.
وهذا التأكيد لتنزيل تحققهم اختصاصه بالغنى أو المحمودية منزلة الشك أو الإنكار لأنهم لم يجروا على موجِب علمهم حين عبدوا غيره وإنما يعبد من وصفه الغنى.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأرض}.
هذا من نسق التذكير بنعم الله واقع موقه قوله: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة} [الحج: 63]، فهو من عداد الامتنان والاستدلال، فكان كالتكرير للغرض، ولذلك فصلت الجملة ولم تعطف.
وهذا تذكير بنعمة تسخير الحيوان وغيره. وفيه إدماج الاستدلال على انفراده بالتسخير.
والتقدير: فهو الرب الحق.
وجملة {ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض} مستأنفة كجملة {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء} [الحج: 63]. والخطاب هنا والاستفهام كلاهما كما في الآية السابقة.
والتسخير: تسهيل الانتفاع بدون مانع وهو يؤذن بصعوبة الانتفاع لولا ذلك التسخير، وأصله تسهيل الانتفاع بما فيه أرادة التمنع مثل تسخير الخادم وتسهيل استخدام الحيوان الداجن من الخيل، والإبل، والبقر، والغنم ونحوها بأن جعل الله فيها طبع الخوف من الإنسان مع تهيئتها للإلف بالإنسان، ثم أطلق على تسهيل الانتفاع بما في طبعه أو في حاله ما يُعذّر الانتفاع به لولا ما ألهم الله إليه الإنسان من وسائل التغلّب عليها بتعرف نواميسه وأحواله وحركاته وأوقات ظهوره، وبالاحتيال على تملكه مثل صيد الوحش ومغاصات اللؤلؤ والمرجان، ومثل آلات الحفر والنقر للمعادن، ومثل التشكيل في صنع الفلك والعَجل، ومثل التركيب والتصهير في صنع البواخر والمزجيات والصياغة، ومثل الإرشاد إلى ضبط أحوال المخلوقات العظيمة من الشمس والقمر والكواكب والأنهار والأودية والأنواء والليل والنهار، باعتبار كون تلك الأحوال تظهر على وجه الأرض، وما لا يحْصَى مما ينتفع به الإنسان مما على الأرض فكل ذلك داخل في معنى التسخير. وقد تقدم القول في التسخير آنفًا في هذه السورة. وتقدّم في سورة الأعراف وسورة إبراهيم وغيرهما، وفي كلامنا هنا زيادة إيضاح لمعنى التسخير.
وجملة {تجري في البحر بأمره} في موضع الحال من {الفلك} وإنما خصّ هذا بالذكر لأن ذلك الجري في البحر هو مظهر التسخير إذ لولا الإلهام إلى صنعها على الصفة المعلومة لكان حظها من البحر الغَرق.
وقوله: {بأمره} هو أمر التكوين إذ جعل البحر صالحًا لحملها، وأوحى إلى نوح عليه السلام معرفة صنعها، ثم تتابع إلهام الصناع لزيادة اتقانها. والإمساك: الشدّ، وهو ضد الإلقاء. وقد ضُمّن معنى المنع هنا وفي قوله تعالى: {إن الله يُمسك السماوات والأرض أن تزولا} [فاطر: 41] فيقدر حرف جر لتعدية فعل الإمساك بعد هذا التضمين فيقدر عن أو من. ومناسبة عطف إمساك السماوات على تسخير ما في الأرض وتسخير الفلك أن إمساك السماء عن أن تقع على الأرض ضرب من التسخير لما في عظمة المخلوقات السماوية من مقتضيات تغلّبها على المخلوقات الأرضية وحطْمِها إياها لولا ما قدر الله تعالى لكل نوع منها من سُنن ونُظم تمنع من تسلط بعضها على بعض، كما أشار إليه قوله تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} [يس: 40].
فكما سخّر الله للناس ما ظهر عل وجه الأرض من موجودات مع ما في طبع كثير منها من مقتضيات إتلاف الإنسان، وكما سخّر لهم الأحوال التي تبدو للناس من مظاهر الأفق مع كثرتها وسعتها وتباعدها، ومع ما في تلك الأحوال من مقتضيات تعذرّ الضبط، كذلك سخّر لمصلحة الناس ما في السماوات من الموجودات بالإمساك المنظم المنوط بما قدره الله كما أشار إليه قوله: {إلا بإذنه} أي تقديره.
ولفظ {السماء} في قوله: {ويمسك السماء} يجوز أن يكون بمعنى ما قابل الأرض في اصطلاح الناس فيكون كُلًا شاملًا للعوالم العلوية كلها التي لا نحيط بها علمًا كالكواكب السيّارة وما الله أعلم به وما يكشفه للناس في متعاقب الأزمان.
ويكون وقوعها على الأرض بمعنى الخرور والسقوط فيكون المعنى: أن الله بتدبير علمه وقدرته جعل للسماء نظامًا يمنعها من الخرور على الأرض، فيكون قوله: {ويمسك السماء} امتنانًا على الناس بالسلامة مما يُفسد حياتهم، ويكون قوله: {إلا بإذنه} احتراسًا جمعًا بين الامتنان والتخويف، ليكون الناس شاكرين مستزيدين من النعم خائفين من غضب ربّهم أن يأذن لبعض السماء بالوقوع على الأرض.
وقد أشكل الاستثناء بقوله: {إلا بإذنه} فقيل في دفع الإشكال: إن معناه إلا يوم القيامة يأذن الله لها في الوقوع على الأرض.
ولَكِن لم يرد في الآثار أنه يقع سُقوط السماء وإنما ورد تشقق السماء وانفطارها.
وفيما جعلنا ذلك احتراسًا دفع للإشكال لأن الاحتراس أمر فرضي فلا يقتضي الاستثناء وقوع المستثنى.
ويجوز أن يكون لفظ {السماء} بمعنى المطر، كقول معاوية بن مالك:
إذا نزَل السماء بأرض قوم ** رعيناه وإن كانوا غضابا

وقول زيد بن خالد الجهني في حديث الموطأ: «صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية على إثْر سَماء كانت من اللّيل»، فيكون معنى الآية: أن الله بتقديره جعل لنزول المطر على الأرض مقادير قَدّر أسبابها، وأنه لو استمر نزول المطر على الأرض لتضرّر الناس فكان في إمساك نزوله باطّراد منة على الناس، وكان في تقدير نزوله عند تكوين الله إياه منة أيضًا.
فيكون هذا مشتملًا على ذكر نعمتين: نعمة الغيث، ونعمة السلامة من طغيان المياه.
ويجوز أن يكون لفظ السماء قد أطلق على جميع الموجودات العلوية التي يشملها لفظ {السماء} الذي هو ما علا الأرض فأطلق على ما يحويه، كما أطلق لفظ الأرض على سكانها في قوله تعالى: {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} [الرعد: 41].
فالله يُمسك ما في السماوات من الشهب ومن كريات الأثير والزمهرير عن اختراق كرة الهواء، ويمسك ما فيها من القُوى كالمطر والبرَد والثلج والصواعق من الوقوع على الأرض والتحكك بها إلا بإذن الله فيما اعتاد الناس إذنه به من وقوع المطر والثلج والصواعق والشهب وما لم يعتادوه من تساقط الكواكب.
فيكون موقع {ويمسك السماء} بعد قوله تعالى: {والفلك تجري في البحر بأمره} كموقع قوله تعالى: {الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه} في [سورة الجاثية: 12- 13].
ويكون في قوله: {إلا بإذنه} إدماجًا بين الامتنان والتخويف: فإن من الإذن بالوقوع على الأرض ما هو مرغوب للناس، ومنه ما هو مكروه، وهذا المحمل الثالث أجمع لما في المحملين الآخرين وأوجز، فهو لذلك أنسب بالإعجاز.
والاستثناء في قوله: {إلا بإذنه} استثناء من عموم متعلقات فعل {يمسك} وملابسات مفعوله وهو كلمة {السماء} على اختلاف محامله، أي يمنع ما في السماء من الوقوع على الأرض في جميع أحواله إلا وقوعًا ملابسًا لإذن من الله: هذا ما ظهر لي في معنى الآية.
وقال ابن عطيّة: يحتمل أن يعود قوله: {إلا بإذنه} على الإمساك لأن الكلام يقتضي بغير عَمَد أي يدل بدلالة الاقتضاء على تقدير هذا المتعلق أخذًا من قوله تعالى: {بغير عمد ترونها} [الرعد: 2] ونحوه فكأنه أراد: إلا بإذنه فيمسكها. اهـ.
يريد أن حرف الاستثناء قرينة على المحذوف. والإذن حقيقته: قول يُطلب به فعل شيء، واستعير هنا للمشيئة والتكوين، وهما متعلّق الأرادة والقدرة. وقد استوعبت الآية العوالم الثلاثة: البرّ، والبحر، والجوّ.
وموقع جملة {إن الله بالناس لرؤوف رحيم} موقع التعليل للتسخير والإمساككِ باعتبار الاستثناء لأن في جميع ذلك رأفة بالناس بتيسير منافعهم الذي في ضمنه دفع الضر عنهم.
والرؤوف: صيغة مبالغة من الرأفة أو صفة مشبهة، وهي صفة تقتضي صرف الضر.
والرّحيم: وصف من الرحمة، وهي صفة تقتضي النفع لمحتاجه.
وقد تتعاقب الصفتان، والجمع بينهما يفيد ما تختص به كل صفة منهما ويؤكد ما تجتمعان عليه.
{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ}.
بعد أن أُدمج الاستدلال على البعث بالمواعظ والمنن والتذكير بالنعم أُعيد الكلام على البعث هنا بمنزلة نتيجة القياس، فذُكّر الملحدون بالحياة الأولى التي لا ريب فيها، وبالإماتة التي لا يرتابون فيها، وبأن بعد الإماتة إحياء آخر كما أخذ من الدلائل السابقة.
وهذا محل الاستدلال، فجملة {وَهُوَ الذي أَحْيَاكُمْ} [الحج: 65] لأن صدر هذه من جملة النِعم فناسب أن تعطف على سابقتها المتضمنة امتنانًا واستدلالًا كذلك.
{إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ}.
تذييل يجمع المقصد من تعداد نعم المُنعم بجلائل النعم المقتضية انفراده باستحقاق الشكر واعتراف الخلق له بوحدانية الربوبية.
وتوكيد الخبر بحرف إنّ لتنزيلهم منزلة المنكر أنهم كفراء.
والتعريف في {الإنسان} تعريف الاستغراق العرفي المؤذن بأكثر أفراد الجنس من باب قولهم: جمع الأمير الصاغة، أي صاغة بلده، وقوله تعالى: {فجمع السحرة لميقات يوم معلوم} [الشعراء: 38].
وقد كان أكثر العرب يومئذ منكرين للبعث، أو أريد بالإنسان خصوص المشرك كقوله تعالى: {ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيًّا} [مريم: 66].
والكفور: مبالغة في الكافر، لأنّ كفرهم كان عن تعنّت ومكابرة. ويجوز كون الكفور مأخوذًا من كُفر النعمة وتكون المبالغةُ باعتبار آثار الغفلة عن الشكر، وحينئذ يكون الاستغراق حقيقيًّا. اهـ.

.قال الشنقيطي:

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السماء مَاءً فَتُصْبِحُ الأرض مُخْضَرَّةً}.
الظاهر: أن {تر} هنا من رأى بمعنى: علم. لأن إنزال المطر وإن كان مشاهدًا بالبصر فكون الله هو الذي أنزله، إنما يدرك بالعلم لا بالبصر. فالرؤية هنا علمية عَلَى التحقيق.
فالمعنى: ألم تعلم الله منزلًا من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة: أي ذات خضرة بسبب النبات الذي ينبته الله فيها بسبب إنزاله من الماء من السماء، وهذه آية من آياته وبراهين قدرته عَلَى البعث كما بيناه مرارًا. وهذا المعنى المذكور هنا من كون إنبات نبات الأرض، بإنزاله الماء من آياته الدالة، عَلَى كمال قدرته جاء موضحًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الماء اهتزت وَرَبَتْ} [فصلت: 39] ثم بين أن ذلك من براهين البعث بقوله: {إِنَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى} [فصلت: 39] وكقوله: {فانظر إلى آثَارِ رَحْمَةِ الله كَيْفَ يُحْيِيِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم: 50] ثم بين أن ذلك من براهين البعث بقوله: {إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْييِ الموتى وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم: 50] وقوله: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السماء مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحصيد والنخل بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا} [ق: 9- 11] ثم بين أن ذلك من براهين البعث بقوله: {كَذَلِكَ الخروج} [ق: 11] أي خروجكم من قبوركم أحياء بعد الموت، كقوله: {وَيُحْيِي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: 19] وقوله: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا} [ق: 11] {كذلك نُخْرِجُ الموتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 57] والآيات بمثل هذا كثيرة.
تنبيه:
في هذه الآية الكريمة سؤالان معروفان:
الأول: هو ما حكمة عطف المضارع في قوله: {فتصبح} على الماضي الذي هو {أنزل}؟
السؤال الثاني: ما وجه الرفع في قوله: {فتصبح} مع أن قبلها استفهامًا؟
فالجواب عن الأول: أن النكتة في المضارع هي إفادة بقاء أثر المطر زمانًا بعد زمان كما تقول: أنعم على فلان عام كذا وكذا، فأروح وأغدو شاكرًا له، ولو قلت: فغدوت ورحت، لم يقع ذلك الموقع، هكذا أجاب به الزمخشري.
والذي يظهر لي والله أعلم: أن التعبير بالمضارع يفيد استحضار الهيأة التي اتصفت بها الأرض: بعد نزول المطر، والماضي لا يفيد دوام استحضارها لأنه يفيد انقطاع الشيء، أما الرفع في قوله: {فتصبح} فلأنه ليس مسببًا عن الرؤية التي هي موضع الاستفهام، وإنما هو مسبب الإنزال في قوله: {أنزل} والإنزال الذي هو سبب إصباح الأرض مخضرة ليس فيه استفهام، ومعلوم أن الفاء التي ينصب بعدها المضارع إن حذفت جاز جعل مدخولها جزاء للشرط، ولا يمكن أن تقول هنا: إن تر أن الله أنزل من السماء ماء، تصبح الأرض مخضرة، لأن الرؤية لا أثر لها ألبتة في اخضرار الأرض، بل سببه إنزال الماء لا رؤية إنزاله.
وقد قال الزمخشري في الكشاف في الجواب عن هذا السؤال: فإن قلت: فما له رفع ولم ينصب جوابًا للاستفهام.
قلت: لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض، لأن معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار.