فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القاسمي:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} أي: صلوا. وعبر عن الصلاة بهما، لأنهما أعظم أركانها. أو اخضعوا له تعالى، وخروا له سجدًّا، لا لغيره: {وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} أي: تحروه. كصلة الأرحام ومواساة الأيتام والحض على الإطعام والاتصاف بمكارم الأخلاق: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي: لكي تسعدوا وتفوزوا بالجنة.
تنبيهات:
الأول: لم يختلف العلماء في السجدة الأولى من هذه السورة. واختلفوا في السجدة الثانية- هذه- فروي عن عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى؛ أنهم قالوا: في الحج سجدتان. وبه قال ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، يدل عليه ما روي عن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله أفي الحج سجدتان؟ قال: «نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما». أخرجه الترمذي وأبو داود وعن عُمَر بن الخطاب أنه قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين وقال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين. أخرجه مالك في الموطأ وذهب قوم إلى أن الحج سجدة واحدة، وهي الأولى، وليست هذه بسجدة وهو قول الحسن وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وسفيان الثوريّ وأبي حنيفة ومالك. بدليل أنه قرن السجود بالركوع. فدل ذلك أنه سجدة صلاة، لا سجدة تلاوة- كذا في لباب التأويل أي: لأن المعهود في مثله من كل آية، قرن الأمر بالسجود فيها بالركوع، كونه أمرًا بما هو ركن للصلاة، بالاستقراء نحو: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} [آل عِمْرَان: 43]، وإذا جاء الاحتمال سقط الاستدلال.
وما روي من الحديث المذكور، قال الترمذيّ رحمه الله: إسناده ليس بالقويّ. وكذا قال غيره كما في شرح الهداية لابن الهمام.
قال الخفاجيّ: لَكِن يرد عليه ما في الكشف أن الحق أن السجود حيث ثبت، ليس من مقتضى خصوص في تلك الآية، لأن دلالة الآية غير مقيدة بحال التلاوة البتة. بل إنما ذلك بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قوله. فلا مانع من كون الآية دالة على فرضية سجود الصلاة. ومع ذلك يشرع السجود عند تلاوتها، لما ثبت من الرواية فيه.
الثاني: قال في اللباب اختلف العلماء في عدّة سجود التلاوة. فذهب الشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم إلى أنها أربع عشرة سجدة. لَكِن الشافعي قال: في الحج سجدتان. وأسقط سجدة ص. وقال أبو حنيفة في الحج سجدة. وأثبت سجدة ص وبه قال أحمد، في إحدى الروايتين عنه. فعنده أن السجدات خمس عشرة سجدة. وذهب قوم إلى أن المفصل ليس فيه سجود. يروى ذلك عن أبيّ بن كعب وابن عباس. وبه قال مالك.
فعلى هذا يكون سجود القران إحدى عشرة سجدة. يدل عليه ما روي عن أبي الدرداء؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «في القرآن إحدى عشرة سجدة». أخرجه أبو داود وقال: إسناده واه. ودليل من قال: في القرآن خمس عشرة سجدة ما روي عن عَمْرو بن العاص قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن خمس عشرة سجدة. منها ثلاث في المفصل. وفي سورة الحج سجدتان أخرجه أبو داود. وصح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في: {اقرأ} و: {إذا السماء انشقت} أخرجه مسلم. انتهى.
والخمس عشرة: في الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والحج، والفرقان، والنمل، والم تنزيل، وص، وحم، والسجدة، والنجم، والانشقاق، واقرأ.
والمفصل من سورة الحجرات إلى آخر القران، في أصح الأقوال. سمي مفصلًا لكثرة الفصل بين سوره.
الثالث: سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع. وبه قال مالك والشافعي وأحمد. لقول ابن عمر: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة، فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا موضعًا لجبهته. رواه الشيخان.
وقال عمر: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء. رواه البخاري وقوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}.
عامٌّ في جهاد الكفار والظلمة والنفس. وحق منصوب على المصدرية. والأصل جهادًا فيه حقًّا فعكس، وأضيف الحق إلى الجهاد مبالغة، ليدل على أن المطلوب القيام بمواجبه وشرائطه على وجه التمام والكمال بقدر الطاقة. وعن الرضيّ: إن كلّ وجدّ وحقّ إذا وقعت تابعة لاسم جنس، مضافة لمثل متبوعها لفظًا ومعنى، نحو: أنت عالم كلّ عالم أو جدّ عالم أو حق عالم أفادت أنه تجمع فيه من الخلال ما تفرّق في الكل. وأن ما سواه باطل أو هزل. وقوله تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} أي: اختاركم لدينه ولنصرته. وفيه تنبيه على المقتضى للجهاد والداعي إليه. لأن المختار إنما يختار من يقوم بخدمته. وهي بما ذكر. ولأن من قرّ به العظيمُ، يلزمه دفع أعدائه ومجاهدة نفسه، بترك ما لا يرضاه: {وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي: في جميع أمور الدين من ضيق، بتكليف ما يشق القيام به. كما كان على من قبلنا، فالتعريف في الدين للاستغراق. قال في الإكليل: هذا أصل القاعدة المشقة تجلب التيسير: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم} منصوب على المصدرية، بفعل دل عليه ما قبله من نفي الحرج. بعد حذف مضاف أي: وسع دينكم توسيع ملة أبيكم إبراهيم. أو على الإغراء بتقدير: اتبعوا أو الزموا، أو الاختصاص بتقدير: أعني ونحوه. أو هو بدل أو عطف بيان مما قبله. فيكون مجرورًا بالفتح، أفاده الشهاب. قال القاضي؛ وإنما جعله أباهم لأنه أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كالأب لأمته، من حيث إنه سبب لحياتهم الأبدية. أو لأن أكثر العرب كانوا من ذريته. فغلبوا على غيرهم.
وقال القاشاني: معنى أبوّته كونه مقدمًا في التوحيد، مفيضًا على كل موحد، فكلهم من أولاده. وقوله تعالى: {هُوَ سَمَاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} أي: من قبل نزول القرآن في الكتب المتقدمة. والجملة مستأنفة. وقيل: إنها كالبدل من قوله: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} ولذا لم يعطف: {وَفِي هذا} أي: القرآن. أي: فضلكم على الأمم وسماكم بهذا الاسم الأكرم وقيل: الضمير لإبراهيم عليه السلام.
قال القاضي: وتسميتهم بمسلمين في القرآن، وإن لم يكن منه، كان بسبب تسميته من قبل، في قوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128]، أي: لدخول أكثرهم في الذرية. فجعل مسميًّا لهم مجازًا {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} أي: بأنه قد بلغكم رسالات ربكم: {وَتَكُونُوا شهداء عَلَى النَّاسِ} أي: بتبليغ الرسل رسالات الله إليهم: {فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} أي: وإذ خصكم بهذه الكرامة والأثرة، فاعبدوه وأنفقوا مما آتاكم بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، وثقوا به، ولا تطلبوا النصرة والولاية إلا منه، فهو خير مولى وناصر. اهـ.

.قال عبد الكريم الخطيب:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)}.
التفسير:
بهاتين الآيتين الكريمتين تختم السورة الكريمة.. وبهذا الختام، يلتقى بدؤها مع ختامها، كما يلتقى ختامها مع بدء السورة التي بعدها، وهي سورة المؤمنون.
فقد بدأت السورة هكذا: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شيء عَظِيمٌ } إنه نذير صارخ للناس جميعا، أن يأخذوا لأنفسهم من هذا اليوم العظيم، وأن يعملوا على ما ينجيهم من أهواله المهولة المفزعة..
وقد استجاب أناس لهذا النّداء، فآمنوا باللّه، وسعوا إلى مرضاته، ليخلصوا بأنفسهم من شر هذا اليوم العظيم..
ثم كانت السورة كلها بعد ذلك، دعوة إلى اللّه، وإلى كشف الطريق إليه، وإرسال النذير بعد النذير، إلى الضالين، والمشركين، الذين أمسكوا على ما في قلوبهم من كفر وضلال.
ثم كانت حصيلة هذه النّذر، هؤلاء المؤمنين الذين دخلوا في دين اللّه، واستجابوا لرسول اللّه.. فكان أن دعاهم اللّه سبحانه وتعالى إليه، وخصّهم بخطابه، ورفدهم بوصاياه، ليثبتوا على الإيمان، وليعملوا على طريق الإيمان، وليغرسوا في مغارسه.
فقال سبحانه، مخاطبا عباده المؤمنين: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فليس الإيمان باللّه مجرد كلمة ينطق بها اللسان، وإنما الإيمان: قول، وعمل، إقرار باللسان، واعتقاد في القلب، وعمل بالجوارح..
فالدعوة إلى الركوع والسجود- وهما من أركان الصلاة- دعوة إلى الصلاة، وأمر بإقامتها كاملة، وأدائها على وجهها، وما تقضى به من ولاء وخشوع للّه ربّ العالمين: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } فالركوع والسجود ليسا مجرد حركتين من حركات الجسد، وإنما هما- قبل كل شيء- خضوع بالقلب، وخشوع بالنفس، وتسربل بحال من الرهبة والخشية للّه، بحيث يجد الإنسان لهذه الرهبة والخشية ما يندكّ به بناؤه الجسدى، فيركع تحت وطأة هذا الحمل الثقيل.
ثم لا يلبث أن يهوى ساجدا حتى يضع جبهته على الأرض.. وهنا يجد الرضا من ربّه، والكرامة والتكريم من سيده.. فيدعوه إلى أن يرفع وجهه عن هذا التراب الذي لصق به..
وهكذا، يظل المصلّى بين يدى اللّه، في ركوع وسجود، وفي خفض ورفع، حتى يختم صلاته، وهو متمكن على هذه الأرض، مسئول عليها استيلاء ذى السلطان على سلطانه! وقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} هو أمر بالعبادة مطلقا، فيما فرض اللّه من عبادات غير الصلاة، كالصوم، والزكاة، والحج، وفيما أمر به من ذكره تعالى، والجهاد في سبيله، والسعى في طلب الرزق.. فكلها عبادات وطاعات وقربات..
وقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} هو أمر بكل خير، وراء هذه العبادات، من الإحسان إلى الناس بالقول والعمل، ومن الحكم بين الناس بالعدل، ومن أداء الأمانات إلى أهلها.. إلى غير ذلك ما هو خير وحسن، ومعروف.
وفي قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} إشارة إلى أن هذه الأعمال كلها،- وعلى رأسها الإيمان باللّه- هى مما ترجى به النجاة، من عذاب اللّه، والفوز برضوانه..
إنها مجرّد وسائل يتوسل بها الإنسان إلى ربه.. أما إنجاح هذه الوسائل وتقبلها من صاحبها، فذلك أمره إلى اللّه، وإلى مشيئة اللّه في عبده.. وهذا هو السرّ في تصدير الخبر بحرف التمنّي «لعل».. إذ ليس لأحد على اللّه حق يطالبه به.. وإنما اللّه سبحانه وتعالى هو الذي يطلب، وعلى عباده أن يمتثلوا، ويؤدوا ما طلب منهم، وأن يكونوا بعد ذلك على رجاء من القبول والرضا..
قوله تعالى: {وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سَمَاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شهداء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.
هو عطف على ما جاء في الآية السابقة من أمر بالركوع والسجود وعبادة اللّه وفعل الخير..
والجهاد وإن كان مما تضمنه هذا الأمر، إذ هو من عبادة اللّه، ومن فعل الخير معا فقد خصّ بالذكر هنا لما له من مقام كبير، بين العبادات وأفعال الخير، ولما فيه من مخاطرة بالنفس، والمال، وهما أعلى ما يملك الإنسان، وأولى ما يحرص عليه ويضنّ به.
ـ وفي قوله تعالى: {حَقَّ جِهادِهِ} تأكيد لهذا الجهاد، وبيان للصفة التي يكون عليها، وهو أن يكون خالصا للّه، وفي سبيل اللّه، لا يبتغى به شيء غير وجه اللّه.. وهنا يكون البذل للمال والنفس هيّنا، إذا نظر إليه في مقابل ثواب اللّه، وابتغاء رضوانه.
ـ وفي قوله تعالى: {وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ} بتعدية الجهاد بحرف الجر في إلى لفظ الجلالة، الله وإلى سبيل اللّه، كما جرى ذلك في الأسلوب القرآنى- في هذا ما يشير إلى قدر الجهاد، وإلى أنه للّه وحده، ومن أجل ذاته سبحانه- ولوجهه خاصة- فحرف الجر هنا للسببية..
ومن جهة أخرى، فإن الجهاد في اللّه هو جهاد عام، يشمل الجهاد في سبيله وغيره، كالأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، ومجاهدة النفس، ونحو هذا، مما يعلى كلمة اللّه، ويقيم دعائم الحق، ويثبت أركانه.. وهذا مثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}. (69: العنكبوت) وقوله تعالى: {هُوَ اجْتَباكُمْ وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} هو تعليل للأمر بالجهاد، وداعية إلى امتثال هذا الأمر، لأنه صادر من اللّه الذي اجتبى أي اختار هذه الأمة.. واصطفاها من بين الأمم لحمل رسالة الإسلام، آخر الرسالات، وأكملها، فهم لهذا مطالبون بأن يكونوا رسلا يحملون دعوة الإسلام، وجنودا يدافعون عنها، ويبذلون النفس والمال في سبيلها.. إنها أمانة، هم أهل لحملها، إذ قد اجتباهم اللّه لها، وخصّهم بها..
ثم إن هذه الرسالة- رسالة الإسلام- مع ما فيها من دعوة إلى بذل النفس والمال، بالجهاد في سبيل اللّه- فإنها رسالة قائمة على الرحمة والعدل، ليس فيها حرج ومشقة على أهلها، إذ إن من أسسها العامة أنه {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها}.. وأن كل إنسان يحمل من تكاليفها وأوامرها قدر ما يستطيع، وفي هذا القدر تحقيق لأدنى المطلوب..
ففى باب الجهاد مثلا، يبدأ الجهاد بمجاهدة النفس، وكفها عن المحرمات، وردّها عن الأهواء والشهوات، وهذا وإن كان الجهاد الأكبر، كما سماه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فإنه قريب من كل إنسان.. إنه أقرب شيء إليه، لا يتكلّف له مالا، ولا يبذل له نفسا.. ومع هذا فهو درجات.. يبدأ بالكف عن الكبائر، وينتهى بالانتهاء عن اللّمم والصغائر..
ومن الجهاد مثلا.. الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.. فهو مجاهدة بالقلب وباللسان، لا بالنفس ولا بالمال..