فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ما قدروا الله حق قدره، وهم يستعينون بتلك الآلهة العاجزة الكليلة عن استنقاذ ما يسلبها إياه الذباب، ويدعون الله القوي العزيز.. إنه تقرير وتقريع في أشد المواقف مناسبة للخشوع والخضوع!
وهنا يذكر أن الله القوي العزيز يختار رسله من الملائكة إلى الأنبياء. ويختار رسله من البشر إلى الناس. وذلك عن علم وخبرة وقدرة: {الله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس إن الله سميع بصير يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور}.
فعن صاحب القوة العزيز الجناب يصدر الاختيار للملائكة والرسل. ومن لدن القوي العزيز جاء محمد صلى الله عليه وسلم جاء بسلطان من عند القوي العزيز الذي اختاره واصطفاه. فأنّى يقف له من يركنون إلى تلك الآلهة العاجزة الضعيفة المزدراة؟!
{إن الله سميع بصير}.. فهو يسمع ويرى فيعلم {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} علمًا شاملًا كاملًا، لا يند عنه حاضر ولا غائب، ولا قريب ولا بعيد.
{وإلى الله ترجع الأمور}.. فهو الحكم الأخير، وله السيطرة والتدبير.
والآن وقد كشف عما في منسك المشركين من سخف وضعف؛ وعما في عبادتهم من قصور وجهل: الآن يتوجه بالخطاب إلى الأمة المسلمة، لتنهض بتكاليف دعوتها، وتستقيم على نهجها العريق القويم:
{يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدًا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير}..
وفي هاتين الآيتين يجمع المنهاج الذي رسمه الله لهذه الأمة، ويلخص تكاليفها التي ناطها بها، ويقرر مكانها الذي قدره لها، ويثبت جذورها في الماضي والحاضر والمستقبل، متى استقامت على النهج الذي أراده لها الله.
إنه يبدأ بأمر الذين آمنوا بالركوع والسجود. وهما ركنا الصلاة البارزان. ويكني عن الصلاة بالركوع والسجود ليمنحها صورة بارزة، وحركة ظاهرة في التعبير، ترسمها مشهدًا شاخصًا، وهيئة منظورة. لأن التعبير على هذا النحو أوقع أثرًا وأقوى استجاشة للشعور.
ويثني بالأمر العام بالعبادة. هي أشمل من الصلاة. فعبادة الله تشمل الفرائض كلها وتزيد عليها كذلك كل عمل وكل حركة وكل خالجة يتوجه بها الفرد إلى الله. فكل نشاط الإنسان في الحياة يمكن أن يتحول إلى عبادة متى توجه القلب به إلى الله. حتى لذائذه التي ينالها من طيبات الحياة بلفتة صغيرة تصبح عبادات تكتب له بها حسنات. وما عليه إلا أن يذكر الله الذي أنعم بها، وينوي بها أن يتقوى على طاعته وعبادته فإذا هي عبادات وحسنات، ولم يتحول في طبيعتها شيء، ولَكِن تحول القصد منها والاتجاه!
ويختم بفعل الخير عامة، في التعامل مع الناس بعد التعامل مع الله بالصلاة والعبادة.. يأمر الأمة المسلمة بهذا رجاء أن تفلح. فهذه هي أسباب الفلاح.. العبادة تصلها بالله فتقوم حياتها على قاعدة ثابتة وطريق واصل. وفعل الخير يؤدي إلى استقامة الحياة، الجماعية على قاعدة من الإيمان وأصالة الاتجاه.
فإذا استعدت الأمة المسلمة بهذه العدة من الصلة بالله واستقامة الحياة، فاستقام ضميرها واستقامت حياتها.. نهضت بالتبعة الشاقة:
{وجاهدوا في الله حق جهاده}.. وهو تعبير شامل جامع دقيق، يصور تكليفًا ضخمًا، يحتاج إلى تلك التعبئة وهذه الذخيرة وذلك الإعداد..
{وجاهدوا في الله حق جهاده}.. والجهاد في سبيل الله يشمل جهاد الأعداء، وجهاد النفس، وجهاد الشر والفساد.. كلها سواء..
{وجاهدوا في الله حق جهاده}.. فقد انتدبكم لهذه الأمانة الضخمة، واختاركم لها من بين عباده: {هو اجتباكم}.. وإن هذا الاختيار ليضخم التبعة، ولا يجعل هنالك مجالًا للتخلي عنها أو الفرار! وإنه لإكرام من الله لهذه الأمة ينبغي أن يقابل منها بالشكر وحسن الأداء!
وهو تكليف محفوف برحمة الله: {وما جعلنا عليكم في الدين من حرج}.. وهذا الدين كله بتكاليفه وعباداته وشرائعه ملحوظ فيه فطرة الإنسان وطاقته. ملحوظ في تلبيته تلك الفطرة. وإطلاق هذه الطاقة، والاتجاه بها إلى البناء والاستعلاء. فلا تبقى حبيسة كالبخار المكتوم. ولا تنطلق انطلاق الحيوان الغشيم!
وهو منهج عريق أصيل في ماضي البشرية، موصول الماضي بالحاضر: {ملة أبيكم إبراهيم} وهو منبع التوحيد الذي اتصلت حلقاته منذ عهد إبراهيم عليه السلام فلم تنتقطع من الأرض، ولم تفصل بينها فجوات مضيعة لمعالم العقيدة كالفجوات التي كانت بين الرسالات قبل إبراهيم عليه السلام.
وقد سمى الله هذه الأمة بالمسلمين. سماها كذلك من قبل وسماها كذلك القران: {هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا}..
والإسلام إسلام الوجه والقلب لله وحده بلا شريك. فكانت الأمة المسلمة ذات منهج واحد على تتابع الأجيال والرسل والرسالات. حتى انتهى بها المطاف إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحتى سلمت إليها الأمانة، وعهد إليها بالوصاية على البشرية. فاتصل ماضيها بحاضرها بمستقبلها كما أرادها الله: {ليكون الرسول شهيدًا عليكم وتكونوا شهداء على الناس}.. فالرسول صلى الله عليه وسلم يشهد على هذه الأمة، ويحدد نهجها واتجاهها، ويقرر صوابها وخطأها. وهي تشهد على الناس بمثل هذا، فهي القوّامة على البشرية بعد نبيها؛ وهي الوصية على الناس بموازين شريعتها، وتربيتها وفكرتها عن الكون والحياة. ولن تكون كذلك إلا وهي أمينة على منهجها العريق المتصل الوشائج، المختار من الله.
ولقد ظلت هذه الأمة وصية على البشرية طالما استمسكت بذلك المنهج الإلهي وطبقته في حياتها الواقعية.
حتى إذا انحرفت عنه، وتخلت عن تكاليفه، ردها اللّه عن مكان القيادة إلى مكان التابع في ذيل القافلة.
وما تزال. ولن تزال حتى تعود إلى هذا الأمر الذي اجتباها له اللّه.
هذا الأمر يقتضي الاحتشاد له والاستعداد.. ومن ثم يأمرها القران بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام باللّه:
{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}..
فالصلاة صلة الفرد الضعيف الفاني بمصدر القوة والزاد. والزكاة صلة الجماعة بعضها ببعض والتأمين من الحاجة والفساد. والاعتصام باللّه العروة الوثقى التي لا تنفصم بين المعبود والعباد.
بهذه العدة تملك الأمة المسلمة أن تنهض بتكاليف الوصاية على البشرية التي اجتباها لها اللّه. وتملك الانتفاع بالموارد والطاقات المادية التي تعارف الناس على أنها مصادر القوة في الأرض. والقرآن الكريم لا يغفل من شأنها، بل يدعو إلى إعدادها. ولَكِن مع حشد القوى والطاقات والزاد الذي لا ينفد، والذي لا يملكه إلا المؤمنون باللّه.
فيوجهون به الحياة إلى الخير والصلاح والاستعلاء.
إن قيمة المنهج الإلهي للبشرية أنه يمضي بها قدما إلى الكمال المقدر لها في هذه الأرض ولا يكتفي بأن يقودها للذائذ والمتاع وحدهما كما تقاد الأنعام.
وإن القيم الإنسانية العليا لتعتمد على كفاية الحياة المادية، ولَكِنها لا تقف عند هذه المدارج الأولى. وكذلك يريدها الإسلام في كنف الوصاية الرشيدة، المستقيمة على منهج اللّه في ظل اللّه.. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد- رضي الله عنه- في قوله: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا} قال إنما هي أدب وموعظة.
{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ}.
أخرج ابن مردويه، عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي عمر ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ {وجاهدوا في الله حق جهاده} في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله قلت: بلى. فمتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء، وبنو المغيرة الوزراء.
وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة. قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف فذكره.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال: جاهدوا عدو محمد حتى يدخلوا في الإسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال: ان الرجل ليجاهد في الله حق جهاده وما ضرب بسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مقاتل رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} يعني العمل أن يجتهدوا فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال: يطاع فلا يعصى.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج- رضي الله عنه- {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال: لا تخافوا في الله لومة لائم {هو اجتباكم} قال: استخلصكم.
وأخرج ابن مردويه، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه، «عن عائشة- رضي الله عنها- أنها سألت النبي- صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال: من ضيق».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن محمد قال: قال أبو هريرة لابن عباس أما علينا في الدين من حرج؛ في أن نسرق أو نزني قال: بلى. قال: {فما جعل عليكم في الدين من حرج} قال: الأصر الذي كان علي بني إسرائيل وضع عنكم.
وأخرج ابن أبي حاتم، من طريق ابن شهاب، أن ابن عباس كان يقول: في قوله: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} توسعة الإسلام؛ ما جعل الله من التوبة ومن الكفارات.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن بشار، عن ابن عباس {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال: هذا في هلال رمضان؛ إذا شك فيه الناس، وفي الحج، إذا شكوا في الهلال، وفي الأضحى وفي الفطر وفي أشباهه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير أن ابن عباس سئل، عن الحرج؟ فقال: ادعوا لي رجلًا من هذيل فجاءه فقال: ما الحرج فيكم؟ فقال: الحرجة من الشجر التي ليس لها مخرج.
فقال ابن عباس: هذا الحرج الذي ليس له مخرج.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق عبيدالله بن أبي يزيد، ان ابن عباس سئل عن الحرج؟ فقال: هاهنا أحد من هذيل؟ فقال رجل: أنا. فقال: ما تعدون الحرجة فيكم؟ قال: الشيء الضيق. قال: هو ذاك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة قال: الحرج الضيق لم يجعله ضيقًا، ولَكِنه جعله واسعًا {أحل لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} {وما ملكت أيمانكم} {وحرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير}.
وأخرج محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات وابن عساكر، عن ابن شهاب قال: سأل عبد الملك بن مروان علي بن عبد الله، عن هذه الآية؟ {وما جعل عليكم في الدين من حرج} فقال علي بن عبد الله: الحرج، الضيق؛ جعل الله الكفارات مخرجًا من ذلك. سمعت ابن عباس يقول ذلك.
وأخرج البيهقي في سننه، عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال: قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} ثم قال: ادعوا لي رجلًا من بني مدلج. قال عمر: ما الحرج فيكم؟ قال: الضيق.
وأخرج أحمد، عن حذيفة بن اليمان قال: غاب عنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوما فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج، فلما خرج سجد سجدة، فظننا أن نفسه قد قبضت! فلما رفع رأسه قال: «إن ربي عز وجل إستشارني في أمتي ماذا أفعل بهم؟ فقلت: ما شئت أي رب؛ هم خلقك وعبادك، فاستشارني الثانية؟ فقلت له كذلك، فقال: لا أخزيك في أمتك يا محمد، وبشرني: إن أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفًا مع كل ألف سبعون ألفًا ليس عليهم حساب. ثم أرسل إلى ادع تجب، وسل تعط، فقلت لرسوله: أو معطي ربي سؤلي؟ قال: ما أرسلني إليك إلا ليعطيك. ولقد أعطاني ربي عز وجل ولا فخر، وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، وأنا أمشي حياء، وأعطاني أن لا تجوع أمتي ولا تغلب، وأعطاني الكوثر، فهو نهر في الجنة يسيل في حوضي، وأعطاني العز والنصر والرعب، يسعى بين يدي أمتي شهرًا، وأعطاني: أني أول الأنبياء أدخل الجنة، وطيب لي ولأمتي الغنيمة، وأحل لنا كثيرًا ممن شدد على من قبلنا، ولم يجعل علينا من حرج، فلم أجد لي شكرًا إلا هذه السجدة».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مقاتل بن حيان في قوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} يقول: لم يضيق الدين عليكم، ولَكِن جعله واسعًا لمن دخله، وذلك أنه ليس مما فرض عليهم فيه، إلا ساق إليهم عند الاضطرار رخصة؛ والرخصة في الدنيا فيها وسع عليهم رحمة منه، إذا فرض عليهم الصلاة في المقام أربع ركعات، وجعلها في السفر ركعتين وعند الخوف من العدو ركعة، ثم جعل في وجهة رخصة؛ أن يوميء إيماء أن لم يستطيع السجود، في أي نحو كان وجهه، لمن تجاوز عن السيئات منه والخطأ، وجعل في الوضوء والغسل رخصة، إذا لم يجد الماء أن يتيمموا الصعيد، وجعل الصيام على المقيم واجبًا، ورخص فيه للمريض، والمسافر عدة من أيام أخر، فمن لم يطق فإطعام مسكين مكان كل يوم، وجعل في الحج رخصة؛ إن لم يجد زادًا أو حملانًا أو حبس دونه، وجعل في الجهاد رخصة؛ إن لم يجد حملانًا أو نفقة، وجعل عند الجهد والاضطرار من الجوع: أن رخص في الميتة والدم ولحم الخنزير قدر ما يرد نفسه؛ لا يموت جوعًا في أشباه هذا في القرآن، وسعة الله على هذه الأمة رخصة منه ساقها إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله: {ملة أبيكم إبراهيم} قال: دين أبيكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق، عن ابن عباس في قوله: {هو سماكم المسلمين من قبل} قال الله عز وجل: {سماكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل: {سماكم من قبل} قال الكتب كلها {وفي الذكر} {وفي هذا}، قال: القران.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {هو سماكم} قال الله {سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} أي في كتابكم: {ليكون الرسول شهيدًا عليكم} أنه قد بلغكم {وتكونوا شهداء على الناس} أن رسلهم قد بلغتهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن سفيان في قوله: {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل: {من قبل} قال: في التوراة والإنجيل {وفي هذا} قال: القران {ليكون الرسول شهيدًا عليكم} قال: {بأعمالكم وتكونوا شهداء على الناس} قال: على الأمم بأن الرسل قد بلغتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في الآية قال: لم يذكر الله بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة، ذكرت بهما جميعًا ولم يسمع بأمة ذكرت بالإسلام والإيمان غيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله: {هو سماكم المسلمين} قال إبراهيم: ألا ترى إلى قوله: {ربنا واجعلنا مسلمين لك} الآية: كلها.
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن حبان والبخاري في تاريخه والترمذي وصححه والنسائي والموصلي وابن خزيمة وابن حبان والبوردي وابن قانع والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن الحارث الأشعري، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من دعا بدعوى الجاهلية، فإنه من جثاء جهنم قال رجل: يا رسول الله، وإن صام وصلّى؟ قال: نعم. فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين والمؤمنين عباد الله».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال: تسموا بأسمائكم التي سماكم الله بها: بالحنيفية والإسلام والإيمان.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وإسحق بن راهويه في مسنده، عن مكحول: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «تسمى الله باسمين، سمى بها أمتي: هو السلام، وسمى أمتي المسلمين، وهو المؤمن، وسمى أمتي المؤمنين، والله تعالى أعلم». اهـ.