فصل: مطلب مراتب الخلق، وتعداد نعم اللّه على خلقه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واعلم أن من قال إن هذه الآية ناسخة لآية المتعة المزعومة في الآية 24 من سورة النساء لا ثقة بقوله، لأن هذه مكية متقدمة عليها بالنزول، وتلك الآية مدنية متأخرة عنها، والمقدم لا ينسخ المؤخر قولا واحدا.
وكذلك القول في الآية 10 من سورة المعارج الآتية لا تكون ناسخة لها للعلة ذاتها والسبب نفسه.
وعلى من يدعي العلم ويقول بالنسخ أنيتثبت من معرفة أحواله وقواعده ثم يقول، لا انه رجما بالغيب بادىء الرأي، فيعرض نفسه للقدح والوصم بجرأته على كتاب اللّه المنزه عن كل ثلب.
ولنا بحث في المتعة نبديه إن شاء اللّه في تفسير آية النساء المذكورة أعلاه فراجعه.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ} 8 محافظون لما ائتمنوا عليه من مال وغيره مراعين به حق اللّه مؤدين له لأربابه حال طلبهم كما استلموه منهم، إذ لا يجوز لهم التصرف بالأمانة، وموفون بما عاهدوا اللّه عليه قبل وبعهدهم لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولما عقدوا ويعقدوا بينهم من العهود للمؤمنين وغيرهم مهما كان دينهم، لأن الوفاء بالعهد واجب لأي كان، راجع الآية 34 من سورة الإسراء ج 1 والآية 91 فما بعدها من سورة النحل المارة، وأصل الرعي حفظ الحيوان، ثم استعير للحفظ مطلقا.
والأمانة منها ما يكون بين العبد وربه كالوضوء والصلاة والصوم وغسل الجنابة وغيرها مما أوجبه اللّه تعالى على عباده مثل البر باليمين، وما يتعلق بالأقوال التي تحرم بها النساء والإماء ويعتق بها الجواري والعبيد لأنه مؤتمن في ذلك فيما بينه وبين ربه، قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ} الآية 37 من الأنفال، وقال عليه الصلاة والسلام «أعظم الناس خيانة من لم يتم صلاته».
وجاء عن ابن مسعود: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة.
ومنها ما يكون بين الناس أنفسهم كالودائع والعقود والضائع والأسرار فيجب المحافظة عليها والوفاء بها، إذ لا فرق بين من يفشي سرا ائتمن عليه، وبين من يختلس مالا استودعه.
الحكم الشرعي:
وجوب حفظ الأمانة بالمحل الذي يحفظ به ماله من جنسها، وإذا لم يفعل وطرأ عليها طارئ فإنه يعد مقصرا شرعا ويضمنها إذا سرقت أو تلفت، ويصدق بردّها بقوله دون حاجة لإقامة حجة، وإن أقامها براءة لذمته جاز، وليس للمودع تكليف الوديع بينة على الردّ لأنه استلمها بلا بينة، ولأن المقصود منه الأمانة، إذ لا ينبغي لصاحب المال أن يودع ماله إلا عند من اشتهر بالأمانة والديانة وحصلت له الثقة به، فإذا أودعها عند من ليس من أهلها وأنكرها عليه فلا يلومن إلا نفسه، لأنه هو الجاني عليها، وليس للوديع أن يودعها عند غيره بغير إذن المودع أو تفويضه، فإن فعل ضمن أيضا.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ} 9 بأن يؤدوها بأوقاتها بطهر كامل ويتموا أركانها وشروطها بوجه أكمل، ولا يعد هذا تكرارا لأنه تعالى وصف أولا الصلاة بالخشوع وأخيرا بالمحافظة، والمحافظة غير الخشوع، ولأنها أعظم أركان الدين خصت بمزيد الاعتناء فذكرت مرتين.
الحكم الشرعي: في تاركها كلا الحبس والتفسيق، وعمدا تهاونا وجحودا لفرضيتها الكفر والقتل حدا، ولا عذر في تركها ما قدر العبد أن يؤديها ولو بالإيماء، ويكفي في ذلك لعن تاركها من قبل حضرة الرسول ونفي الأمانة عنه، ومن لم يحافظ على أركانها وشروطها كان كمن لم يقمها ولم يحافظ عليها، قال عليه الصلاة والسلام إذا أحسن العبد الوضوء وصلى الصلاة لوقتها وحافظ على ركوعها وسجودها ومواقيتها قالت حفظك اللّه كما حافظت على وشفعت لصاحبها، وإذا أضاعها أي لم يقم بشروطها قالت أضاعك اللّه كما ضيعتني وتلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها.
أي يوم القيامة إذ تمثل العبادات والأعمال وتجسم {أُولئِكَ} الذي هذه صفاتهم وهذا شأنهم {هُمُ الْوارِثُونَ} 10 الأخلاق الحميدة والأفعال المجيدة في الدنيا وهم {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} أعلى مراتب الجنة {هُمْ فِيها خالِدُونَ} 11 أبدا، أخرج الترمذي عن عبادة بن الصامت أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة مئة درجة ما بين كل درجة ودرجة كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس».
وأخرج أيضا عن عمر بن الخطاب قال: «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل، فأنزل اللّه عليه يوما فمكث ساعة ثم سرّي عنه، فقرأ {قد أفلح المؤمنون} إلى عشر آيات من أولها وقال من أقام هذه العشر آيات دخل الجنة ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم أرضنا وارض عنا».

.مطلب مراتب الخلق، وتعداد نعم اللّه على خلقه:

قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ} آدم عليه السلام بدليل قوله: {مِنْ سُلالَةٍ} أي خلاصة {مِنْ طِينٍ} 12 معجون من أنواع تراب الأرض، ولذلك ترى أولاده الأبيض والأحمر والأسود والأصفر وما بينهما، والمؤمن والمنافق والكافر والمرائي والمداهن وما بينهما {ثُمَّ جَعَلْناهُ} أي الإنسان {نُطْفَةً} ماء قليلا نحو النقطة من مائي الرجل والمرأة والمراد نسل آدم، لأنه المخلوق من النطفة لا آدم نفسه {فِي قَرارٍ مَكِينٍ} 13 حصين وهو الرحم لا يتسرب إليه غيرها {ثُمَّ خَلَقْنَا} وسط ذلك الرحم المحرز المصون بتلك {النُّطْفَةَ} فصيرناها {عَلَقَةً} قطعة دم جامد {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ} المذكورة وصيرناها في مقرها {مُضْغَةً} قطعة لحم صغيرة {فَخَلَقْنَا} تلك {الْمُضْغَةَ} نفسها بأن أحلناها {عِظامًا} وعروقا داخل مقرها المذكور {فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْمًا} سترناها به، ولذلك قال كسونا لأن اللحم كالكسوة للعظم والعرق، إذ تتداخل به وتمتد لربط المفاصل بصورة محكمة من فعل الحكيم القدير {ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ} بسبب نفخ الروح فيه وصيرورته حيوانا سميعا بصيرا ناطقا بعد أن كان جمادا، فهو مباين لحالته الأولى، ولذلك قال تعالى: {خَلْقًا آخَرَ} وفي العطف بثم المفيدة للتراخي إعلام بأن ما بين كل حالة وأخرى احتياج إلى الزمن، وهو كذلك لما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال حدثنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق «أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملك بأربع كلمات: يكتب رزقه وأجله وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فو اللّه الذي لا إله إلا هو إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».
واعلم أن جملة فيما يبدو للناس لم تكن في هذا الحديث، وإنما هي في حديث آخر رواه البخاري، ولذلك جعلناها بين قوسين، ورويا عن أنس أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال «وكل اللّه بالرحم ملكا فيقول أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد اللّه تعالى أن يقضي خلقها، قال يا رب أذكرا أم أنثى أسقي أم سعيد، في الرزق، في الأجل، فيكتب له ذلك في بطن أمه قال تعالى: {فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ} 14» المبدعين المصورين المقتدرين الموجدين، وقد ذكرنا مراتب الخلق في الآية 64 من سورة المؤمن والآية 14 من سورة الأحقاف المارتين فراجعهما.
{ثُمَّ إِنَّكُمْ} أيها الناس {بَعْدَ ذلِكَ} الخلق وخروجكم من الرحم واستيفاء آجالكم في الدنيا {لَمَيِّتُونَ} 15 ومفارقون هذه الأرض التي نشأتم عليها فتدفنون فيها أو فيما فيها {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} بعد انقضاء أجلكم في البرزخ كما هو مقدر أزلا {تُبْعَثُونَ} 16 أحياء كما كنتم في الدنيا فتساقون إلى الوقف وتحشرون فيه فتحاسبون وتجازون على ما عملتموه الخير بأحسن منه والشر بمثله، فعلى العاقل أن يتهيأ للموت لأن أمرا لا تدري متى يغشاك يجب أن تستعد له قبل أن يفاجئك قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ} سموات سميت طرائق لأنها طرق الملائكة ومتقلباتهم {وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ} 17 لاهين ولا ساهين عن أقوالهم وأفعالهم، بل كنا ولا نزال متيقظين لحفظ أعمالهم ونحصيها عليهم كما نحفظهم في حياتهم حتى يبلغوا أجلهم وما قدر إليهم في الدنيا ويستوفونه كاملا.
قال تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ} لحاجة البشر وزروعهم وأنعامهم ومنافعهم {فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض} وجعلناه ينابيع عيونا وأنهارا متنوعة، ونظير هذه الآية بالمعنى الآية 22 من الزمر المارة {وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ} 18 كقدرتنا على إنزاله وإسلاكه في الأرض والإعادة أهون من الابتداء لأنه إبداع على غير مثال سابق والإعادة إرجاع الشيء لأصله وهو سهل على كل مبدع {فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ}.
19 شتاء وصيفا رطبا ويابسا {وَشَجَرَةً} أنشأناها لكم أيضا {تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ} جبل بفلسطين ملتف بالأشجار وكل ما هو كذلك يسمى سينا {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} الزيت لأن ثمرها الزيتون والدهن يعصر منه فكأنها نبتت به {وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} 20 أدام يصبغ الخبز بصفاره الصافي البديع، قالوا: إن أول شجرة ثبتت في الأرض بعد الطوفان هي الزيتون، وقالوا إنها تعيش ثلاثة آلاف سنة، ويدل على هذا تأخر إعطائها الثمر، والزيتون الموجود الآن بقضاء الزوية يسمّونه الروماني، ويقولون إنهم تلقوه عن أجدادهم الذين لا يعرفون تاريخ زرعه، وإذا أنعم الإنسان النظر فيه يصدق عقلا بأنه من زرع الرومان الذين كانوا في تلك المنطقة لما يرى من كبر أشجاره وتعميرها، ومن موقعه وأرضه واللّه أعلم.
قال تعالى بعد أن عدد هذه الصفات العشر التي ينبغي أن يتحلّى بها الإنسان وبيّن أحوال خلقه ومآلهم وعودهم إلى خالقهم وأفهمهم بأنه كما كان أصل الإنسان من الماء فكذلك الأشجار أصلها من الماء، وبين ما أودعه في السموات والأرض من منافع إليه، ذكر ما خلقه أيضا لأجله فقال: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها} إذ نخرج لكم منها لبنا خالصا، راجع الآية 66 من سورة النحل المارة وقد بين فيها سبب تذكير الضمير هناك وتأنيثه هنا {وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ} جليلة من ثماد ودثار وظلال ولباس وزينة ورياش {وَمِنْها تَأْكُلُونَ} 21 وتشربون أيضا، وقد حذف الشرب لدلالة الأكل عليهَ {وعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} 32 برا وبحرا، وتقدم أيضا في الآية 6 من سورة النحل ما يتعلق بهذا فراجعه، كما بينّا ما يتعلق بالسماوات في الآية 45 من سورة الذاريات المارة، وسيأتي لها بحث في الآية 12 من سورة النبأ الآتية والآية 25 من سورة النازعات والآية 5 من سورة والشمس الآتيتين وفيها ما يرشدك إلى المواضع الأخرى.
قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحًا إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ} 13 عقابه، تأكلون رزقه وتعبدون غيره {فَقالَ الْمَلَأُ} أشراف قومه لأن أكثر ما يصيب الضعفاء بذنوب الأكابر لأنهم القادة والسادة وإليهم الأمر والنهي طلبا لما عندهم من المال والجاه، ثم فسر الملأ بقوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا} نوح وقومه الذين يدعونكم إلى عبادة ربهم {إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} بدعوته لتكون الرياسة له عليكم وتكونوا أتباعا له {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ} أن يرسل أحدا لدعوة خلقة إلى عبادته كما يزعم نوح {لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً} يدعونهم إليه لا بشرا مثلنا {ما سَمِعْنا بِهذا} الذي يدعو إليه نوح {فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ} 24 ولم ينقل لنا عنهم أحد شيئا من هذا {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} فلا تسمعوا قوله أيها الناس اتركوه وشأنه {فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ} 25 موته أو إلى أن يتبين لكم حاله عند صحوه من جنونه فإذا أصر على قوله قتلناه. فلما سمع هذا منهم ويس من إيمانهم دعا ربه بإهلاكهم، فأهلكهم كما قدمنا في القصة الواردة في الآية 26 من سورة نوح المارة.
وفيها ما يرشدك إلى توضيحها في الآية 35 من سورة هود، وقال تعالى حاكيا عن نبيه بما معناه بالآية 37 من سورة الفرقان {قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا} على مرأى منا {وَوَحْيِنا} بكيفية صنع السفينة {فَإِذا جاءَ أَمْرُنا} بعذاب قومك غرقا {وَفارَ التَّنُّورُ} تقدم بيانه ومكانه وكيفية الغرق ومدته ومكان السفينة ومرساها في الآية المذكورة في سورة هود فما بعدها {فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ} من أصناف الحيوان {زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ} ومن آمن بك احملهم معك {إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ} فلا تحمله معك وهم زوجته واعلة وابنه كنعان كما مر أيضا هناك {وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} من قومك {إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} 27 جميعا حيث حق القول عليهم مر تفسير مثلها في الآية 37 من سورة هود أيضا {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} 28 أنفسهم بكفرهم وعصيانهم {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} 29 لأنا ضيوفك فهيئ لنا مكانا، من خيراتك، وكثر لنا نسلنا فيه نكثر من عبادتك، وإنما وصفه بالأخيرية لأن المضيف يكرم أضيافه ويحتاط بأمرهم، ولكن لا يقدر أن يكلأهم في سائر أحوالهم ويدفع عنهم المكاره في تقلّباتهم مثل الإله القادر على ذلك وغيره {إِنَّ فِي ذلِكَ} إنجاء نوح ومن معه وإغراق قومه وابنه وزوجته {لَآياتٍ} عظيمات دالات على كمال القدرة وموجبات العظة والعبرة {وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ} 30 الناس ومختبريهم وممتحنيهم بإرسال الرسل لتنظر هل يسمعون لهم او يعرضون عنهم، وهذا بالنسبة للخلق، وأما الخالق فهو عالم بذلك قبل كونه.