فصل: فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وما أخرجه البزار والطبراني والبيهقي وأبو نعيم والحاكم والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي».
وأخرج جماعة نحوه عن مسور بن مخرمة مرفوعا.
وأخرج نحوه ابن عساكر عن ابن عمر مرفوعا.
وهو خبر مقبول لا يرده إلا من في قلبه شائبة، ونسبه بالنسبة للمؤمنين فقط.
وإذا كان المراد نفي الالتفات إلى الأنساب بعد النفخة الثانية فتكون للعموم، لأن كلا فيها مشغول بنفسه، أما بعدها فخاصة بالكفرة لأن المؤمنين يشفع بعضهم لبعض كما مر، أما آية الصافات 27 المارة وهي قوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ} فلا ترد على هذه، لأن ذلك السؤال سؤال محاججة وجدال كما مر، وقد أرشدناك إلى المواقع الموجود فيها هذا البحث فراجعها.
واعلم أن يوم القيامة طويل وله أحوال مختلفة ومواطن متباينة بعضها مع بعض، يشتد فيه الخوف والفزع فيشتغلون بها عن السؤال، وفي بعضها يتخاصمون، وفي بعضها يسكتون.
وقد ألمعنا إلى ذلك هناك أيضا بصورة مفصلة فراجعها.
قال تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ} في ذلك اليوم {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 102 الفائزون الناجحون فيه {وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} وغبنوا فيه فهم {فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ} 103 لا خروج لهم منها {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ} 104 بادية أسنانهم كاشرون لتقلص شفاههم من الإحراق عابسون والعياذ باللّه، وعند ما يستغيثون يقال لهم {أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ} على لسان رسلي في الدنيا يحذرونكم فيها من هول هذا اليوم {فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ} 105 ولم تلتفتوا إليها ولا إلى الرسل ولم تصغوا لإرشادهم ونصحهم،
فاعترفوا واعتذروا بما ذكره اللّه بقوله: {قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا} بسبب أعمالنا السيئة {وَكُنَّا قَوْمًا ضالِّينَ} 106 في الدنيا مجانبين الحق معرضين عن الهدى، غير ملتفتين إلى الرسل {رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها} من جهنم {فَإِنْ عُدْنا} إلى ما كنا عليه من الضلال بعد الآن {فَإِنَّا ظالِمُونَ} 107 أنفسنا مستحقون هذا العذاب، فيجيبهم الربّ جل جلاله بقوله العظيم الزاجر {قالَ اخْسَؤُا فِيها} أيها الكفرة وابعدوا عن هذا القول كما تقول للكلب إذا تبعك أو نبح عليك اخسأ، والمعنى اسكتوا وابقوا فيها أذلاء مهانين لا سبيل لكم إلى الخروج، فانزجروا عن هذه المقالة {وَلا تُكَلِّمُونِ} 108 بعدها في رفع العذاب، لأنكم مخلدون فيه، وهذا آخر كلام أهل النار إذ انقطع رجاؤهم.
روي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أن أهل جهنم يدعون مالكا خازن جهنم أربعين يوما {يا مالك ليقض علينا ربك} فلا يجيبهم، ثم يقول بعد تلك المدة وهم ينتظرون جوابه {إنكم ما كثون} فيها كما في الآية 77 من سورة الزخرف المارة، ثم ينادون ربهم يقولون بنفس الآية، فيدعهم مثل عمر الدنيا مرتين، ثم يردّ عليهم {اخسؤا فيها} الآية، فما ينبس القوم بعد ذلك بكلمة ان كان إلا الزفير والشهيق. أخرجه الترمذي بمعناه عن أبي داود، وذكره البغوي بغير سند.
قال تعالى ناعيا على هؤلاء الكفرة بعض ما كانوا يعملونه في الدنيا وهو {إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ} أمامكم في الدنيا {رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} على مقالتهم هذه واستهزأتم بهم {حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} بتشاغلكم بالهزء بهم فتركتموني ولم تذكروني ولم تنتبهوا وتتيقظوا وتهابوا عذابي وتخافوا عقابي في مثل هذا اليوم {وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} 110 استهزاء بهم، نزلت هذه الآية في كفار قريش الذين كانوا يسخرون بفقراء المؤمنين الموصوفين في هذه الآية.
قال تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا} على أذاكم وإهانتكم لهم في الدنيا {أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ} 111 اليوم برضائي وجنتي، ثم التفت جل شأنه يخاطب الكفرة بعد اجتماعهم في الموقف {قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرض} أحياء في الدنيا وأمواتا في البرزخ الذي دفنتم فيه {عَدَدَ سِنِينَ} 112 كم هنا منعوتة بلبثتم وعدد تمييز {قالُوا لَبِثْنا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} وهذا بالنظر لطول يوم القيامة وعظم هوله وشدة فزعه وإلا فلبثهم في الدنيا أعواما كثيرة وفي البرزخ أكثر وأكثر، ثم انهم لما رأوا قولهم هذا غير موافق للواقع قالوا لا نعلم {فَسْئَلِ الْعادِّينَ} 113 الحفظة الموكلين بنا وإنما عرفوهم عادين لمدتهم لما تبين لهم من الصحف التي نشروها بإحصاء أعمالهم فقالوا هؤلاء الذين جمعوا أقوالنا وأفعالنا يعرفون مدة لبثنا {قالَ} تعالى قوله: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} في الدنيا والبرزخ في جنب ما ستلبثونه اليوم {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 114 قدره أو تعلمون عاقبة أمركم لما اغتررتم في الدنيا لأنها لا تعد كمية ولا كيفية بجنب الأخرى، ثم طفق يوبخهم فقال: {أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثًا} لعبا أو باطلا ولهوا {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ} 115 بل تكونون هباء سبهللا، كلا، بل خلقناكم لحكمة وليكون مصيركم إلينا.
روى البغوي بسنده عن الحسن قال: إن رجلا مصابا مرّ به على ابن مسعود فرقاه في أذنه {أفحسبتم} الآية إلى آخر السورة، فبرىء فقال صلى الله عليه وسلم بماذا رقيته في أذنه، فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال».
ثم نزه نفسه المنزهة عما وصفه به المشركون فقال: {فَتعالى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} 116 وصفه بالكريم، لأن الرحمات تنزل على عباده من قبله وهو أعظم مخلوقات اللّه تعالى، راجع الآية 7 من سورة يونس المارة {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ} ولا حجة ولا دليل، وإنما هو اختلاق من نفسه، وهذا الكافر الذي يقول هذه المقالة القبيحة {فَإِنَّما حِسابُهُ} عليها وجزاؤه يكون في الآخرة {عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ} 117 بها بل يخيبون ويشقون ويخسئون {وَقُلْ} يا سيد الرسل {رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} 118 لأن من أدركته رحمتك أغنته عن رحمة من سواك ورحمة الغير لا تغني عن رحمتك.
واعلم أنه تعالى بعد أن بين أنه هو الملك الحق وأن لا رب غيره أردفه ببيان أن من ادعى ربا غيره فقد افترى باطلا، ثم أتبعه بأن من جرؤ على ذلك الذي لا بينة له عليه فجزاؤه العقاب الأليم، إذ قال {إنما حسابه عند ربه} إلخ وناهيك به محاسب.
أخرج البخاري ومسلم والترمذي عن أبي بكر رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه علمني دعاء أدعوه في صلاتي، قال «قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. هذا واللّه أعلم، واستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم» وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد للّه رب العالمين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة المؤمنون مكية.
{قد أفلح المؤمنون} تام إن جعل {الذين} مبتدأ خبره {أولئك هم الوارثون} وإلا فجائز وعلى الأول فخاشعون وما بعده من المعطوفات جائز وعلى الثاني كاف ولا يؤثر في ذلك كون كل منها معطوفا أو نعتا لانه رأس آية الوارثون تام على القول بأن ما بعده مبتدأ وخبرا وليس بوقف إن جعل نعتا له وعليه فقوله: {يرثون الفردوس} تام على القبول بان ما بعده مبتدأ وعلى القول بأنه حال فليس بوقف.
{هم فيها خالدون} تام.
{من طين} كاف.
{في قرار مكين} صالح.
{العظام لحما خلقا} آخر كاف وكذا {أحسن الخالقين} و{لميتون}.
{تعبثون} تام وفي الثاني كاف.
{لقادرون} كاف.
{لللاكلين} حسن وقال أبو عمرو تام.
{لعبرة} صالح.
{مما في بطونها} كاف.
{كثيرة} جائز وكذا {تأكلون}.
{تحملون} تام.
{من اله} غير جائز.
{أفلا تتقون} كاف.
{أن يتفضل عليكم} مفهوم.
{في آبائنا الأولين} صالح ولا أحبه وانما جاز لانه رأس آية.
{حتى حين} كاف. وكذا: {كذبون} {ووحينا} {ومن كل زوجين أثنين}.
{وأهلك} أكفى مما قبله على مامر فيه في سورة هود.
{الا من سبق عليه القول منهم} كاف، وكذا {مغرقون}.
{الظالمين} حسن.
{المنزلين} كاف وكذا {المبتلين} و{قرنا آخرين}.
{من اله غيره} جائز.
{أفلا تتقون} حسن.
{مما تشربون} صالح وكذا {الخاسرون} و{مخرجون} و{لما توعدون} {بمبعوثين}.
{بمؤمنين} حسن وكذا {بما كذبون}.
{نادمين} كاف وكذا {غثاء} و{الظالمين}.
{قرونا آخرين} حسن.
{يستأخرون} كاف وكذا {تترى} و{كذبوه} و{أحاديث}.
{لا يؤمنون} حسن.
{عالين} كاف وكذا {عابدون}.
{من المهلكين} تام.
{يهتدون} حسن.
{آية} كاف.
و{معين} تام.
{صالحا} جائز.
{عليم} تام لمن قرأ و{إن} هذه بكسر الهمزة وليس بوقف لمن قرأ بفتحها عطفا على ما فان نصب باضمار فعل نحو واعلموا إن هذه أمتكم كان الوقف على {عليم} جائزا.
{فاتقون} كاف.
{زبرا} تام.
{فرحون} كاف.
{حتى حين} حسن.
{في الخيرات} كاف.
{لا يشعرون} تام وكذا {سابقون} وما بينهما من رؤس الآى جائز لطول الكلام ولكون منها رأس آية.
{الا وسعها} كاف.
{لا يظلمون} صالح.
{من هذا} حسن إن جعل ما بعده كناية عن الكفار وتام إن جعل ذلك كناية عن المؤمنين.
{لها عاملون} حسن.
{يجأرون} كاف.
{كارهون} حسن.
{مستكبرين به} كاف.
{تهجرون} تام.