فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ونظرية أن المياه الجوفية ناشئة من المياة السطحية الآتية من المطر؛ وأنها تتسرب إلى باطن الأرض فتحفظ هناك.. نظرية حديثة. فقد كان المظنون إلى وقت قريب أنه لا علاقة بين المياه الجوفية والمياة السطحية. ولكن ها هو ذا القرآن الكريم يقرر هذه الحقيقة قبل ألف وثلاث مائة عام.
{وأنزلنا من السماء ماء بقدر}.. بحكمة وتدبير، لا أكثر فيغرق ويفسد؛ ولا أقل فيكون الجدب والمحل؛ ولا في غير أوانه فيذهب بددًا بلا فائدة..
{فأسكناه في الأرض}.. وما أشبهه وهو مستنكن في الأرض بماء النطفة وهو مستقر في الرحم.
{في قرار مكين}.. كلاهما مستقر هنالك بتدبير الله لتنشأ عنه الحياة.. وهذا من تنسيق المشاهد على طريقة القرآن في التصوير..
{وإنا على ذهاب به لقادرون}.. فيغور في طبقات الأرض البعيدة بكسر أو شق في الطبقات الصخرية التي استقر عليها فحفظته. أو بغير هذا من الأسباب. فالذي أمسكه بقدرته قادر على تبديده وإضاعته. إنما هو فضل الله على الناس ونعمته.
ومن الماء تنشأ الحياة: {فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون}.
والنخيل والأعناب نموذجان من الحياة التي تنشأ بالماء في عالم النبات كما ينشأ الناس من ماء النطفة في عالم الإنسان نموذجان قريبان لتصور المخاطبين إذ ذاك بالقرآن، يشيران إلى نظائرهما الكثيرة التي تحيا بالماء.
ويخصص من الأنواع الأخرى شجرة الزيتون: {وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين}..
وهي من أكثر الشجر فائدة بزيتها وطعامها وخشبها. وأقرب منابتها من بلاد العرب طور سيناء. عند الوادي المقدس المذكور في القرآن. لهذا ذكر هذا المنبت على وجه خاص. وهي تنبت هناك من الماء الذي أسكن في الأرض وعليه تعيش.
ويعرج من عالم النبات إلى عالم الحيوان: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون}..
فهذه المخلوقات المسخرة للإنسان بقدرة الله وتدبيره، وتوزيعه للوظائف والخصائص في هذا الكون الكبير.. فيها عبرة لمن ينظر إليها بالقلب المفتوح والحس البصير؛ ويتدبر ما ورائها من حكمة ومن تقدير؛ ويرى أن اللبن السائغ اللطيف الذي يشربه الناس منها خارج من بطونها؛ فهو مستخلص من الغذاء الذي تهضمه وتمثله؛ فتحوله غدد اللبن إلى هذا السائل السائغ اللطيف.
{وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ}.. يجملها أولا، ثم يخصص منها منفعتين: {وَ مِنْها تَأْكُلُونَ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ}.. وقد أحل للإنسان أكل الأنعام، وهي الإبل والبقر والضأن والمعز ولم يحل له تعذيبها ولا التمثيل بها، لأن الأكل يحقق فائدة ضرورية في نظام الحياة. فأما التعذيب والتمثيل فهما من قسوة القلب، وفساد الفطرة. وليس وراءهما فائدة للأحياء.
ويربط السياق بين حمل الإنسان على الأنعام وحمله على الفلك. بوصفهما مسخرين بنظام اللّه الكوني، الذي ينظم وظائف الخلائق جميعا، كما ينسق بين وجودها جميعا. فهذا التكوين الخاص للماء، والتكوين الخاص للسفن، والتكوين الخاص لطبيعة الهواء فوق الماء والسفن.. هو الذي يسمح للفلك أن تطفو فوق سطح الماء. ولو اختل تركيب واحد من الثلاثة أو اختلف أدنى اختلاف ما أمكن أن تتم الملاحة التي عرفتها البشرية قديما، وما تزال تعتمد عليها جل الاعتماد.
وكل هذا من دلائل الإيمان الكونية، لمن يتدبرها تدبر الفهم والإدراك. وكلها ذات صلة بالمقطع الأول في السورة والمقطع الثاني، متناسقة معهما في السياق.. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (20)}.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {من طور سيناء} قال: هو الجبل الذي نودي منه موسى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم قتادة رضي الله عنه في قوله: {وشجرة تخرج} قال: هي الزيتون من {طور سيناء} قال: جبل حسن {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال: جعل الله فيها دهنًا وأدمًا.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {من طور سيناء} قال: المبارك {تنبت بالدهن} قال: تثمر الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس {وشجرة تخرج من طور سيناء} قال: هي الزيتون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وشجرة} قال: هي شجرة الزيتون تنبت بالزيت فهو دهن يدهن به، وهو صبغ للآكلين يأكله الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي رضي الله عنه قال: سيناء اسم الأرض.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال: الطور، الجبل، وسينا، الحجارة. وفي لفظ وسينا، الشجر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي {طور سيناء} قال: جبل ذو شجر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {تنبت بالدهن} قال: هو الزيت يؤكل ويدهن به.
وأخرج ابن جرير وابن حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال: يتادمون به، ويصبغون به.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {من طور سيناء} بنصب السين ممدودة مهموزة الألف {تنبت} بنصب التاء ورفع الباء.
وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن عبد الملك أنه كان يقرأ {تنبت بالدهن} بنصب التاء ورفع الباء.
{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)}.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وإن لكم في الأنعام} قال: الابل، والبقر، والضأن، والمعز، {ولكم فيها منافع} قال: ما تنتج ومنها مركب ولبن ولحم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله: {وعلى الفلك} قال: السفن. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
قوله: {وَشَجَرَةً}: عطفٌ على {جناتٍ}. وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {سِيناء} بكسر السين. والباقون بفتحها. والأعمش كذلك إلاَّ أنه قَصَرها. فأمَّا القراءةُ الأولى فالهمزةُ فيها ليسَتْ للتأنيثِ؛ إذ ليس في الكلام فِعْلاء بكسر الأول، وهمزتُه للتأنيث، بل للإِلحاقِ ك سِرْداح و قِرْطاس فهي كِعلْباء فتكونُ الهمزةُ منقلبةً عن ياءٍ أو واوٍ؛ لأن الإِلحاقَ يكون بهما، فلمَّا وقع حرفُ العلةِ متطرفًا بعد ألفٍ زائدة قُلِبَتْ همزةً كرِداء وكِساء، قال الفارسي: وهي الياءُ التي ظهرَتْ في دِرْحايَة. والدِّرْحاية: الرجلُ القصيرُ السمينُ.
وجعل أبو البقاءِ هذه الهمزةَ أصليةً فقال: والهمزةُ على هذا أصلٌ مثل حِمْلاق وليسَتْ للتأنيثِ إذ ليس في الكلام مثلُ حِمْراء والياءُ أصلٌ إذ ليس في الكلام سنأ يعني: مادة سين ونون وهمزة. وهذا مخالِفٌ لِما تَقَدَّمَ مِنْ كونِها بدلًا من زائدٍ ملحقٍ بالأصل. على أن كلامَه محتملٌ للتأويلِ إلى ما تقدَّم، وعلى هذا فَمَنْعُ الصرفِ للتعريف والتأنيث؛ لأنها اسمُ بُقعةٍ بعينها، وقيل: للتعريف والعُجْمة، قال بعضهم: والصحيحُ أن سِيْناء اسمٌ أعجمي نَطَقَتْ به العربُ فاختلفَتْ فيه لغاتُها فقالوا: سَيْناء كحَمْراء وصَفْراء، وسِيناء كعِلباء وحِرْباء وسِيْنين كخِنْذِيْذ وزِحليل، والخِنْذِيْذ: الفحلُ والخَصِيُّ أيضًا، فهو مِن الأضداد، وهو أيضًا رأسُ الجبلِ المرتفعُ، والزِّحْلِيلُ: المُتَنَحِّي مِنْ زَحَل إذا تنحى.
وقال الزمخشري: طُوْرُ سيناء وطور سينين: لا يخلوا: إمَّا أن يُضافَ فيه الطورُ إلى بقعةٍ اسمُها سيناء، وسينون، وإمَّا أَنْ يكونَ اسمًا للجبلِ مركبًا مِنْ مضافٍ ومضافٍ إليه كامرئ القيس وبعلبك، فيمَنْ أضاف. فَمَنْ كَسَرَ سينَ سيناء فقد مَنَعَ الصرفَ للتعريفِ والعجمةِ، أو التأنيثِ، لأنها بقعة وفِعْلاء لا تكون ألفه للتأنيث كعِلْباء وحِرْباء. قلت: وكونُ ألفِ فِعْلاء بالكسر ليست للتأنيث هو قولُ أهل البصرة، وأمَّا الكوفيون فعندهم أن ألفها تكون للتأنيثِ، فهي عندهم ممنوعةٌ للتأنيثِ اللازم كحمراء وبابها. وكسرُ السين من سِيْناء لغةُ كِنانة.
وأمَّا القراءة الثانية فألِفُها للتأنيث، فَمَنْع الصرف واضحٌ. قال أبو البقاء: وهمزتُه للتأنيث إذ ليس في الكلامِ فَعْلال بالفتح. وما حكى الفراء مِنْ قولهم: ناقةٌ فيها خَزْعال. لا يَثْبُتُ، وإنْ ثبت فهو شاذٌّ لا يُحمل عليه.
وقد وَهِم بعضُهم فجعل سيناء مشتقةً من السَّنا وهو الضوءُ، ولا يَصِحُّ ذلك لوجهين أحدُهما: أنه ليس عربيَّ الوَضْعِ. نَصُّوا على ذلك كما تقدم، الثاني: أنَّا وإنْ سلَّمنا أنه عربيُّ الوَضْعِ، لكنْ المادتان مختلفتان، فإنَّ عَيْنَ السنا نونٌ وعينَ سيناء ياء.
كذا قال بعضُهم. وفيه نظرٌ؛ إذ لقائلٍ أَنْ يقولَ: لا نُسَلِّم أن عينَ سيناء ياءٌ، بل هي عينُها نونٌ وياؤُها مزيدةٌ، وهمزتُها منقلبةٌ عن واوٍ كما قُلِبت السَّناء، ووزنها حينئذٍ فِيْعال، وفِيْعال موجودٌ في كلامِهم كمِيْلاع وقِيْتال مصدرُ قاتلَ.
قوله: {تنبُتُ} قرأ ابن كثير وأبو عمرو، {تُنْبِتُ} بضمِّ التاءِ وكسرِ الباءِ. والباقون بفتح التاء وضم الباء. فأمَّا الأولى ففيها ثلاثةٌ أوجهٍ، أحدُها: أنَّ أنبت بمعنى نَبَتَ فهو مما اتَّفق فيه فَعَل وأَفْعَل وأنشدوا لزهير:
رأيتُ ذوي الحاجات عند بيوتهِم ** قَطِيْنًا لها حتى إذا أَنْبَتَ البقلُ

أي: نبت، وأنكره الأصمعي الثاني: أنَّ الهمزةَ للتعديةِ، والمفعولَ محذوفٌ لفهم المعنى أي: تُنْبِتُ ثمرَها أو جَناها. و{بالدهن} أي: ملتبسًا بالدهن. الثالث: أنَّ الباءَ مزيدةٌ في المفعولِ به كهي في {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ} [البقرة: 195] وقولِ الشاعر:
........................ ** سُوْدُ المَحاجرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ

وقول الآخر:
نَضْربُ بالسَّيْفِ ونرْجُو بالفَرَجْ

وأما القراءةُ الأخرى فواضحةٌ، والباءُ للحال من الفاعل أي: ملتسبةً بالدُّهْن، يعني: وفيها الدهن.
وقرأ الحسن والزهري وابن هرمز {تُنْبِتُ} مبنيًا للمفعول، مِنْ أنبتها الله. و{بالدهن} حالٌ من القائمِ مقامَ الفاعلِ أي: ملتسبةً بالدهن، وقرأ زر بن حبيش {تُنْبِتُ الدُّهْنَ} مِنْ أَنْبَتَ، وسقوطُ الباء هنا يَدُلُّ على زيادتها في قراءة مَنْ أثبتها. والأشهب وسليمان بن عبد الملك {بالدِّهان} وهو جمع دُهْن كرُمْح ورِماح. وأمَّا قراءة أُبَي {تُثْمر}، وعبد الله {تَخْرج} فتفسيرٌ لا قراءةٌ لمخالفة السواد.
والدُّهْنُ: عُصارة ما فيه دَسَمٌ. والدَّهْن بالفتح المَسْح بالدُّهن مصدرٌ دَهَن يَدْهُنُ، والمُداهَنَةُ مِنْ ذلك؛ كأنه يَمْسَح على صاحبه ليقِرَّ خاطرُه.
قوله: {وَصِبْغٍ} العامَّةُ على الجرِّ نَسَقًا على {بالدُّهْن}. والأعمش {وصبغًا} بالنصبِ نَسَقًا على موضع {بالدُّهْن} كقراءةِ {وأَرْجلَكم} في أحدِ محتملاته، وعامر بن عبد الله {وصِباغ} بالألف، وكانت هذه القراءةُ مناسبةً لقراءةِ مَنْ قرأ {بالدِّهان}. والصَبْغ والصِّباغ كالدَّبْغ والدِّباغ وهو اسمُ ما يُفْعل به. و{للآكلين} صفةٌ.
{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)}.
قوله: {نُّسْقِيكُمْ}: قد ذُكر ما في النحل، وقرئ: {تَسْقيكم} بالتاءِ مِنْ فوقُ أي: أي: الأنعام. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)}.
الإشارات منه أنَّ الكدوراتِ الهاجمةَ لا عِبْرَةَ بها ولا مبالاة؛ فإنَّ اللَّبنَ الخالصَ السائغَ يخرجُ من أخلاف الأنعام من بين ما تنطوي حواياها عليه من الوحشة، لكنه صافٍ لم يؤثر فيه منها بحُكم الجِوار، وكذلك الصفاءُ يوجد أكثره من عين الكدورة؛ إذ الحقيقة لا يتعلق بها حقٌّ ولا باطل. ومَنْ أشرفَ على سِرِّ التوحيد تحقَّقَ بأنَّ ظهور جميع الحدثان من التقدير، فتسقط عنه كلفة التمييز، فالأسرار عند ذلك تصفو، والوقت لصاحبه لا يجفو.
{وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ}: لازمةٌ لكم، ومتعدية منكم كلِّ متصلٍ بكم:
إنِّي- على جَفَواتِها – بربِّها ** وبكلِّ متَّصِل بها مُتَوَسِّلُ

{وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)}.
يحفظهم في الفينة في بجار القطْرة، ويحفظهم في سفينة السلامة والعصمة في بحار القُدْرة، وإنَّ بحارَ القدرة تتلاطم أمواجها، والناسُ فيها غَرْقَى إلا مَنْ يحفظه الحقُّ- سبحانه- في سفينةُ العناية.
وصفةُ أهل الفُلكِ إذا مستْهم شِدَّة خوفِ الغَرَقِ ما ذكَر الله في قوله: {فَإِذَا رَكِبُوا في الفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: 65] كذلك مَنْ شاهدَ نفسه على شَفَا الهلاكِ والغرقِ، والتجأ إلى صِدْق الاستعانة ودوام الاستغاثة فعند ذلك يحميه الحقُّ- سبحانه- من مخلوقات التقدير. ويقال إنَّ وَجهَ الأرض بحارُ الغفلة، وما عليه الناسُ من أسباب التفرقة بحارٌ مهلكةٌ والناس فيها غرقى. وكما قال بعضهم:
الناسُ بحرٌ عميقٌ ** والبعدُ عنهم سفينة

وقد نصحتُك فانظر ** لِنْفسِكَ المسكينهْ

. اهـ.