فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وجاء في بعض الأخبار أن الله تعالى لا يقبل عبادة من في جوفه لقمة من حرام، وصح أيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به.
ولعل تقديم الأمر الأول على تقدير حمل الطيب على ما يستلذ من المباحات لأنه أوفق بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ءايَةً وءاويناهما} [المؤمنون: 50] وفي الأمر بعده بالعمل الصالح حث على الشكر.
{إِنّى عَمَّا تَعْمَلُونَ} من الأعمال الظالهرة والباطنة {عَلِيمٌ} فأجازيكم عليه.
وفي البحر أن هذا تحذير للرسل عليهم السلام في الظاهر والمراد أتباعهم.
{وَإِنَّ هذه} أي الملة والشريعة، وأشير إليها بهذه للإشارة إلى كمال ظهور أمرها في الصحة والسداد وانتظامها بسبب ذلك في سلك الأمور الشماهدة {أُمَّتُكُمْ} أي ملتكم وشريعتكم والخطاب للرسل عليهم السلام على نحو ما مر؛ وقيل عام لهم ولغيرهم وروى ذلك عن مجاهد، والجملة على ما قال الخفاجي عطف على جملة {إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] فالواو من المحكى، وقيل هي من الحكاية وقد عطفت قولًا على قول، والتقدير قلنا يا أيها الرسل كلوا إلخ وقلنا لهم إن هذه أمتكم ولا يخفى بعده.
وقيل: الواو ليست للعطف والجملة بعدها مستأنفة غير معطوفة على ما قبلها وهو كما ترى، وقوله سبحانه: {أُمَّةً وَاحِدَةً} حال مبنية من الخبر والعامل فيها معنى الإشارة أي أشير إليها في حال كونها شريعة متحدة في الأصول التي لا تتبدل بتبدل الأعصار؛ وقيل: {هذه} إشارة إلى الأمم الماضية للرسل، والمعنى أن هذه جماعتكم جماعة واحدة متفقة على الايمان والتوحيد في العبادة {وَأَنَاْ رَبُّكُمْ} أي من غير أن يكون لي شريك في الربوبية، وهذه الجملة عطف على جملة {إِنَّ هذه} إلخ المعطوفة على ما تقدم وهما داخلان في حيز التعليل للعمل الصالح لأن الظاهر أن قوله سبحانه: {إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] تعليل لذلك، ولعل المراد بالعمل الصالح ما يشمل العقائد الحقة والأعمال الصحيحة، واقتضاء المجازاة والربوبية لذلك ظاهر وأما اقتضاء اتحاد الشريعة في الأصول التي لا تتبدل لذلك فباعتبار أنه دليل حقية العقائد وحقيتها تقتضي الإتيان بها والاتيان بها يقتضي الإتيان بغيرها من الأعمال الصالحة بل قيل لا يصح الاعتقاد مع ترك العمل، وعلى هذا يكون قوله تعالى: {فاتقون} كالتصريح بالنتيجة فيكون الكلام نظير قولك: العالم حادث لأنه متغير وكل متغير حادث فالعالم حادث.
وفي إرشاد العقل السليم أن ضمير الخطاب في قوله تعالى: {رَبُّكُمْ} وفي قوله سبحانه: {فاتقون} للرسل والأمم جميعًا على أن الأمر في حق الرسل للتهييج والإلهاب وفي حق الأمة للتحذير والإيجاب، والفاء لترتيب الأمر أو وجوب الامتثال به على ما قبله من اختصاص الربوبية به سبحانه واتحاد الأمة فإن كلًا منهما موجب للاتقاء حتمًا، والمعنى فاتقون في شق العصا والمخالفة بالإخلال بموجب ما ذكر.
وقرأ الحرميان، وأبو عمرو {وَأَنْ} بفتح الهمزة وتشديد النون، وخرج على تقدير حرف الجر أي ولأن هذه الخ، والجار والمجرور متعلق بـ اتقون، قال الخفاجي: والكلام في الفاء الداخلة عليه كالكلام في فاء قوله تعالى: {فإياي فارهبون} [النحل: 51] وهي للسببية وللعطف على ما قبله وهو {اعملوا} [المؤمنون: 51] والمعنى اتقوني لأن العقول متفقة على ربوبيتي والعقائد الحقة الموجبة للتقوى انتهى، ولا يخلو عن شيء، وجوز أن تكون {إِنَّ هذه} إلخ على هذه القراءة معطوفًا على {مَا تَعْمَلُونَ} [المؤمنون: 51] والمعنى أني عليم بما تعملون وبأن هذه أمتكم أمة واحدة إلخ فهو داخل في حيز المعلوم.
وضعف بأنه لا جزالة في المعنى عليه، وقيل: هو معمول لفعل محذوف أي واعملوا أن هذه أمتكم إلخ وهذا المحذوف معطوف على {اعملوا} ولا يخفى أن هذا التقدير خلاف الظاهر.
وقرأ ابن عامر {وَأَنْ} بفتح الهمزة وتخفيف النون على أنها المخففة من الثقيلة ويعلم توجيه الفتح مما ذكرنا.
{فَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ} الضمير لما دل عليه الأمة من أربابها إن كانت بمعنى الملة أو لها إن كانت بمعنى الجماعة، وجوز أن يراد بالأمة أولًا الملة وعند عود الضمير عليها الجماعة على أن ذلك من باب الاستخدام، والمراد حكاية ما ظهر من أمم الرسل عليهم السلام من مخالفة الأمر، والفاء لترتيب عصيانهم على الأمر لزيادة تقبيح حالهم، وتقطع بمعنى قطع كتقدم بمعنى قدم؛ والمراد بأمرهم أمر دينهم إما على تقدير مضاف أو على جعل الإضافة عهدية أي قطعوا أمر دينهم وجعلوه أديانًا مختلفة مع اتحاده، وجوز أن يراد بالتقطع التفرق، و{أَمَرَهُمْ} منصوب بنزع الخافض أي فتفرقوا وتحزبوا في أمرهم، ويجوز أن يكون {أَمَرَهُمْ} على هذا نصبًا على التمييز عند الكوفيين المجوزين تعريف التمييز {بَيْنَهُمْ زُبُرًا} أي قطعًا جمع زبور بمعنى فرقة، ويؤيده أنه قرئ {زُبُرًا} بضم الزاي وفتح الباء فإنه مشهور ثابت في جمع زبرة بمعنى قطعة وهو حال من {أَمَرَهُمْ} أو من واو {تقطعوا} أو مفعول ثان له فإنه مضمن معنى جعلوا، وقيل: هو جمع زبور بمعنى كتاب من زبرت بمعنى كتبت وهو مفعول ثان لتقطعوا المضمن معنى الجعل أي قطعوا أمر دينهم جاعلين له كتبًا.
وجوز أن يكون حالًا من {حَيْثُ أَمَرَهُمْ} على اعتبار تقطعوا لازمًا أي تفرقوا في أمرهم حال كونه مثل الكتب السماوية عندهم.
وقيل: إنها حال مقدرة أو منصوب بنزع الخافض أي في كتب، وتفسير {زُبُرًا} بكتب رواه جماعة عن قتادة كما في الدر المنثور، ولا يخفى خفاء المعنى عليه ولا يكاد يستقيم إلا بتأويل فتدبر.
وقرئ {زُبُرًا} بإسكان الباء للتخفيف كرسل في رسل، وجاء {فَتَقَطَّعُواْ} هنا بالفاء إيذانًا بأن ذلك اعتقب الأمر وفيه مبالغة في الذم كما أشرنا إليه، وجاء في سورة الأنبياء بالواو فاحتمل معنى الفاء واحتمل تأخر تقطعهم عن الأمر.
وجاء هنا {وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاتقون} [المؤمنون: 52] وهو أبلغ في التخويف والتحذير مما جاء هناك من قوله تعالى هناك: {وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاعبدون} [الأنبياء: 92] لأن هذه جاءت عقيب إهلاك طوائف كثيرين قوم نوح والأمم الذين من بعدهم وفي تلك السورة وإن تقدمت أيضًا قصة نوح وما قبلها فإنه جاء بعدها ما يدل على الإحسان واللطف التام في قصة أيوب، وزكريا ومريم فناسب الأمر بالعبادة لمن هذه صفته عز وجل قاله أبو حيان، وما ذكره أولًا غير واف بالمقصود، وما ذكره ثانيًا قيل عليه: إنه مبني على أن الآية تذييل للقصص السابقة أو لقصة عيسى عليه السلام لا ابتداء كلام فإنه حينئذٍ لا يفيد ذلك إلا أن يراد أنه وقع في الحكاية لهذه المناسبة فتأمل.
{كُلُّ حِزْبٍ} من أولئك المتحزبين {بِمَا لَدَيْهِمْ} من الأمر الذي اختاروه {فَرِحُونَ} مسرورون منشرحو الصدر، والمراد أنهم معجبون به معتقدون أنه الحق، وفي هذا من ذم أولئك المتحزبين ما فيه.
{فَذَرْهُمْ في غَمْرَتِهِمْ} خطاب له صلى الله عليه وسلم في شأن قريش الذين تقطعوا في أمر الدين الحق، والغمرة الماء الذي يغمر القامة وأصلها من الستر والمراد بها الجهالة بجامع الغلبة والاستهلاك، وكأنه لما ذكر سبحانه في ضمن ما كان من أمم الأنبياء عليهم السلام توزعهم واقتسامهم ما كان يجب اجتماعه واتفاق الكلمة عليه من الدين وفرحهم بفعلهم الباطل ومعتقدهم العاطف قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: فإذ ذاك دعهم في جهلهم هذا الذي لا جهل فوقه تخلية وخذلانًا ودلالة على الياس من أن ينجع القول فيهم وضمن التسلية في ذكر الغاية أعني قوله سبحانه: {حتى حِينٍ} فإن المراد بذلك حين قتلهم وهو يوم بدر على ما روي عن مقاتل أو موتهم على الكفر الموجب للعذاب أو عذابهم، وفي التنكير والإبهام ما لا يخفى من التهويل.
وجوز أن يقال: شبه حال هؤلاء مع ما هم عليه من محاولة الباطل والانغماس فيه بحال من يدخل في الماء الغامر للعب والجامع تضييع الوقت بعد الكدح في العمل، والكلام حينئذٍ على منوال سابقه أعني قوله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53] لما جعلوا فرحين غرورًا جعلوا لاعبين أيضًا والأول أظهر؛ وقد يجعل الكلام عليه أيضًا استعارة تمثيلية بل هو أولى عند البلغاء كما لا يخفى.
وقرأ على كرم الله تعالى وجهه، وأبو حيوة، والسلمي {فِى} على الجمع لأن لكل واحد غمرة.
{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ} أي الذي نعطيهم إياه ونجعله مددًا لهم، فما موصولة اسم أن ولا يضر كونها موصولة لأنها في الأمام كذلك لسر لا نعرفه.
وقوله تعالى: {مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} بيان لها.
وتقديم المال على البينين مع كونهم أعز منه قد مر وجهه.
{نُسَارِعُ لَهُمْ في الخيرات} خبر {أن} [المؤمنون: 55] والراجع إلى الاسم محذوف أي أيحسبون أن الذي نمدهم به من المال والبنين نسارع به لهم فيما فيه خيرهم وإكرامهم على أن الهمزة لإنكار الواقع واستقباحه وحذف هذا العائد لطول الكلام مع تقدم نظيره في الصلة إلا أن حذف مثله قليل، وقال هشام بن معاوية: الرابط هو الاسم الظاهر وهو {الخَيْرَاتِ} وكأن المعنى نسارع لهم فيه ثم أظهر فقيل في الخيرات، وهذا يتمشى على مذهب الأخفش في إجازته نحو زيد قام أبو عبد الله إذا كان أبو عبد الله كنية لزيد، قيل: ولا يجوز أن يكون الخبر {مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} [المؤمنون: 55] لأن الله تعالى أمدهم بذلك فلا يعاب ولا ينكر عليهم اعتقاد المدد به كما يفيده الاستفهام الإنكاري.
وتعقب بأنه لا يبعد أن يكون المراد ما نجعله مددًا نافعًا لهم في الآخرة ليس المال والبنين بل الاعتقاد والعمل الصالح كقوله تعالى: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88، 89] وفيه ما فيه.
وما ذكرنا من كون {ما} [المؤمنون: 55] موصولة هو الظاهر، ومن جوز كونها مصدرية وجعل المصدر الحاصل بعد السبك اسم {أن} [المؤمنون: 55] وخبرها {نُسَارِعُ} على تقدير مسارعة بناءً على أن الأصل أن نسارع فحذفت أن وارتفع الفعل لم يوف القرآن الكريم حقه، وكذا من جعلها كافة كالكسائي ونقل ذلك عنه أبو حيان، وجوز عليه الوقف على {بنيان} [المؤمنون: 55] معللًا بأن ما بعد بحسب قد انتظم مسندًا ومسندًا إليه من حيث المعنى وإن كان في تأويل مفرد وهو كما ترى، وقرأ ابن وثاب {أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ} [المؤمنون: 55] بكسر همزة إن.
وقرأ ابن كثير في رواية {يمدهم} بالياء، وقرأ السلمي، وعبد الرحمن بن أبي بكرة {يسارع} بالياء وكسر الراء فإن كان فاعله ضميره تعالى فالكلام في الرابط على ما سمعت، وإن كان ضمير الموصول فهو الرابط.
وعن ابن أبي بكرة المذكور أنه قرأ {يسارع} بالياء وفتح الراء مبنيًا للمفعول، وقرأ الحر النحوي {نسرع} بالنون مضارع أسرع.
وقرئ على ما في الكشاف {يسرع} بالياء مضارع أسرع أيضًا وفي فاعله الاحتمالان المشار إليهما آنفًا {الخيرات بَل لاَّ يَشْعُرُونَ} عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام أي كلا لا نفعل ذلك بل لا يشعرون أي ليس من شأنهم الشعور أن هم إلا كالأنعام بل هم أضل حتى يتأملوا ويتفكروا في ذلك هو استدراج أم مسارعة ومبادرة في الخيرات.
ومن هنا قيل: من يعص الله تعالى ولم ير نقصانًا فيما أعطاه سبحانه من الدنيا فليعلم أنه مستدرج قد مكر به، وقال قتادة: لا تعتبروا الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبروهم بالإيمان والعمل الصالح. اهـ.

.قال القاسمي:

{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} نداء وخطاب لجميع الأنبياء باعتبار زمان كلٍّ وعهده. فدخل فيه عيسى دخولًا أوليًّا. أو يكون ابتداء كلام ذكر تنبيهًا على أن تهيئة أسباب التنعم لم تكن له خاصة. وأن إباحة الطيبات للأنبياء شرع قديم. واحتجاجًا على الرهابنة في رفض الطيبات. وقوله: {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} أي: عملًا صالحًا. فإنه الذي به سعادة الدارين. وقوله: {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} أي: ذو علم لا يخفى على منها شيء. فأنا مجازيكم بجميعها، وموفيكم أجوركم وثوابكم عليها، فخذوا في صالحات الأعمال واجتهدوا.
{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ} أي: واعلموا أن هذه ملتكم وشريعتكم التي أنتم عليها: {أُمَّةً وَاحِدَةً} أي: ملة واحدة، وهي شريعة الإسلام. إسلام الوجه لله تعالى بعبادته وحده. كقوله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عِمْرَان: 19]، فالأمة هنا بمعنى: الملة والدين: {وَأَنَا رَبُّكُمْ} أي: من غير شريك: {فَاتَّقُونِ} أي: فخافوا عقابي، في مفارقة الدين والجماعة. قيل إنه اختير على قوله: {فَاعْبُدُونِ} الواقع في سورة الأنبياء، لأنه أبلغ في التخويف، لذكره بعد إهلاك الأمم، بخلاف ما ثمة وهذا بناء على أنه تذييل للقصص السابقة، أو لقصة عيسى عليه الصلاة والسلام، لا ابتداء كلام. فإنه حينئذ لا يفيده. إلا أن يراد أنه وقع في حكاية لهذه المناسبة. كذا في العناية.
ثم قص ما وقع من أمم الرسل بعدهم من مخالفة الأمر، بقوله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} أي: جعلوا دينهم بينهم قطعًا وفرقًا منوعة: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} أي: كل فرقة من فرق هؤلاء المختلفين المتقطعين دينهم، فرح بباطله، مطمئن النفس، معتقد أنه على الحق: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} أي: في جهالتهم، ومشيهم مع هواهم، ونبذهم كتاب الله: {حَتَّى حِينٍ} أي: إلى وقت يستفيقون فيه من سباتهم، بظهور دين الله وعلو كلمته وهزم عدوه. وشبه جهالتهم بالماء الذي يغمر القامة، لأنهم مغمورون فيها.
{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ} أي: نعطيهم إياه، ونجعله مددًا لهم: {مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ} أي كلاّ. لا نفعل ذلك. بل هم لا يشعرون أصلًا. كالبهائم لا فطنة لهم ولا شعور، ليتأمَّلوا ويعرفوا أن ذلك الإمداد استدراج لهم واستجرار إلى زيادة الإثم. وهم يحسبونه معاجلة فيما لهم فيه إكرام. اهـ.