فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال ابن عطية: وهذا قول جيد.
وقال النحاس: القول الأوّل أولى وبينه بما ذكرنا.
فعلى القول الأوّل يكون {به} متعلقًا ب {مستكبرين}، وعلى الثاني يكون متعلقًا ب {سامرا} لأنهم كانوا يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون، وكان عامة سمرهم ذكر القرآن والطعن فيه، والسامر كالحاضر في الإطلاق على الجمع.
قال الواحدي: السامر: الجماعة يسمرون بالليل، أي يتحدّثون، ويجوز أن يتعلق {بِهِ} بقوله: {تَهْجُرُونَ} والهجر بالفتح: الهذيان، أي تهذون في شأن القرآن، ويجوز أن يكون من الهجر بالضم، وهو الفحش.
وقرأ ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبو حيوة: {سمرا} بضم السين وفتح الميم مشدّدة، وقرأ زيد بن على وأبو رجاء سمارا ورويت هذه القراءة عن ابن عباس، وانتصاب {سامرا} على الحال، إما من فاعل {تنكصون} أو من الضمير في {مستكبرين} وقيل: هو مصدر جاء على لفظ الفاعل، يقال: قوم سامر، ومنه قول الشاعر:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ** أنيس ولم يسمر بمكة سامر

قال الراغب: ويقال: سامر وسمار، وسمر وسامرون.
قرأ الجمهور: {تهجرون} بفتح التاء المثناة من فوق وضم الجيم، وقرأ نافع، وابن محيصن بضم التاء وكسر الجيم من أهجر، أي أفحش في منطقه، وقرأ زيد بن على وابن محيصن وأبو نهيك بضم التاء وفتح الهاء وكسر الجيم مشدّدة مضارع هجر بالتشديد، وقرأ ابن أبي عاصم كالجمهور إلا أنه بالياء التحتية، وفيه التفات.
وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، قول الله: {والذين يُؤْتُونَ مَا ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله؟ قال: «لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه» وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قالت عائشة: يا رسول الله، فذكر نحوه.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله: {والذين يُؤْتُونَ مَا ءَاتَواْ} قال: يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: {وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قال: يعملون خائفين.
وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر {والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ} قال: الزكاة.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة: {والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ} قالت: هم الذين يخشون الله ويطيعونه.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة: لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إلى من حمر النعم، فقال لها ابن عباس: ما هي؟ قالت: {الذين يُؤْتُونَ مَا ءَاتَواْ} وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ: {والذين يُؤْتُونَ مَا ءَاتَواْ} مقصورًا من المجيء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير؛ أنه سأل عائشة: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {والذين يُؤْتُونَ مَا ءَاتَواْ}؟ قالت: «أيتهما أحبّ إليك؟» قلت: والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إلى من الدنيا وما فيها جميعًا، قالت: «أيهما؟» قلت: {الذين يَأْتُونَ مَا ءاتَواْ} فقالت: «أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف». وفي إسناده إسماعيل بن على وهو ضعيف.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون} قال: سبقت لهم السعادة من الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مّنْ هذا} يعني بالغمرة: الكفر والشك {وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك} يقول: أعمال سيئة دون الشرك {هُمْ لَهَا عاملون} قال: لابد لهم أن يعملوها.
وأخرج النسائي عنه: {حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب} قال: هم أهل بدر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضًا في قوله: {إذا هم يجأرون} قال: يستغيثون، وفي قوله: {فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ} قال: تدبرون، وفي قوله: {سامرا تَهْجُرُونَ} قال: تسمرون حول البيت وتقولون هجرًا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} قال: بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضًا: {سامرا تَهْجُرُونَ} قال: كانت قريش يتحلقون حلقًا يتحدّثون حول البيت.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ} قال: كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم.
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال: إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ}. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63)}.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {بل قلوبهم في غمرة من هذا} يعني بالغمرة الكفر والشك {ولهم أعمال من دون ذلك} يقول: أعمال سيئة دون الشرك {هم لها عاملون} قال: لابد لهم من أن يعملوها.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال: في عمي من هذا القرآن {ولهم أعمال} قال: خطايا {من دون ذلك هم لها عاملون} قال: لابد لهم أن يعملوها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال: في غفلة من أعمال المؤمنين {ولهم أعمال من دون ذلك} قال: هي شر من أعمال المؤمنين، ذكر الله {الذين هم من خشية ربهم مشفقون} [المؤمنون: 57] والذين والذين، ثم قال للكافرين {بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال} من دون الأعمال التي سمى الذين والذين والذين.
{حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64)}.
أخرج النسائي عن ابن عباس في قوله: {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} الآية. قال: هم أهل بدر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: ذكر لنا أنها نزلت في الذين قتل الله يوم بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: بالسيوف يوم بدر {إذا هم يجأرون} قال: الذين بمكة.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: بالسيف يوم بدر.
وأخرج ابن ابي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {أخذنا مترفيهم} قال: مستكبريهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إذا هم يجأرون} قال: يستغيثون. وفي قوله: {سامرا تهجرون} قال: تسمرون حول البيت وتقولون هجرًا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {تنكصون} قال: تستأخرون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة {مستكبرين به} قال: بالبيت الحرام {سامرا} قال: كان سامرهم لا يخاف مما اعطوا من الأمن، وكانت العرب تخاف سامرهم ويغزو بعضهم بعضًا، وكان أهل مكة لا يخافون ذلك بما أعطوا من الأمن {تهجرون} قال: يتكلمون بالشرك والبهتان في حرم الله وعند بيته قال: وكان الحسن يقول: {سامرا تهجرون} كتاب الله ونبي الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن {مستكبرين به} قال: بحرمي {سامرًا تهجرون} قال: القرآن وذكري ورسولي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {مستكبرين به} قال: بحرم الله، إنه لا يظهر عليهم فيه أحد.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك {مستكبرين به سامرًا تهجرون} قال: مستكبرين بحرمي، {سامرًا} فيه مما لا ينبغي من القول.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي جاتم عن مجاهد {مستكبرين به} قال: بمكة بالبلد سامرا قال: مجالسًا {تهجرون}، بالقول السيء في القرآن.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي صالح، {مستكبرين به} قال: بالقرآن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {سامرًا تهجرون} قال: كانوا يهجرون على اللهو والباطل، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت الشاعر يقول:
وباتو بشعب لهم سامرًا ** إذا خب نيرانهم أوقدوا

وأخرج سعيد سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كانت قريش تسمر حول البيت ولا تطوف به، ويفتخرون به، فأنزل الله {مستكبرين به سامرًا تهجرون}.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {سامرًا تهجرون} قال: كانت قريش يستحلقون حلقًا يتحدثون حول البيت.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {مستكبرين به سامرًا تهجرون} قال: كان المشركون يهجرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم».
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {سامرًا تهجرون} بنصب التاء ورفع الجيم.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه قرأ {سامرًا تهجرون} وكانوا إذا سمروا هجروا في القول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {سامرًا تهجرون} قال: تهجرون الحق.
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال: إنما كره السمر {تهجرون} قال: كانوا يهجرونه ولا يعمرونه. اهـ.