فصل: فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واعلم يا محمد {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ} للذهاب لشأن ألمّ بهم ولم يستبدوا فيتركوك ويذهبوا من تلقاء أنفسهم {أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} أما الّذين ينصرفون لحالهم دون أخذ رأيك ويتركونك في مداولات هكذا تستلزم أخذ رأي الجماعة فلم يكن إيمانهم صحيحا ولا مقبولا {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ} يا سيد الرّسل {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} ممن يستغنى عن حضوره ورأيه.
أما الّذين ترى لزوما لأخذ رأيه فلك ألا تأذن له، لأن ما أنت فيه أهم مما يذهب إليه {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ} إن رأيت لهم عذرا مقبولا في الاستئذان على جرأتهم لطلب الأذن في وقت عليهم ألا يطلبوه إذ ينبغي لهم بل يجب عليهم ألا يتخلوا عنك في مثل هذه الحالات، لأن الأهم يقدم المهم {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لخطأهم ذلك الواقع قبل نزول هذه الآية {رَحِيمٌ} بهم ولذلك يرشدهم لطرق التوبة عما سلف منهم، ولا يعجل عقوبتهم.
وهذه الآية تنبه على أن الأجدر بهم البقاء مع حضرة الرّسول وعدم الاستئذان ولو كان لهم عذر، لأن فوات وقت الاجتماع به صلّى اللّه عليه وسلم لا يتلافى وأشغالهم يمكن تلافيها، بل الاستغناء عنها، وإن ترك ملازمة الرّسول وقت اللّزوم مخالف للآداب الواجب اتباعها معه اللازم مراعاتها أمامه.
قال تعالى فيما يؤدب به عباده تجاه رسوله صلّى اللّه عليه وسلم خامسا: {لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} لأنه فوقكم في كلّ شيء، فلا يقابل بجميعكم، وهو عند اللّه ليس كأحدكم، فإذا دعاكم إلى شيء، أو أمركم به فواجب عليكم امتثاله ولا يجوز لكم الإعراض عنه أبدا، ولا يليق بمن أجاب الدّعوة أن ينصرف دون استئذان، فكل ذلك حرام قطعا، فاحذروه أيها النّاس، ولا تتساءلوا في شيء من ذلك، لأنه يؤدي إلى اغبراره منكم، فيدعو عليكم وهو مجاب الدّعوة، تدل هذه الآية الكريمة على وجوب توقيره عليه الصّلاة والسّلام وتعظيمة وإجلاله، لأن اللّه تعالى وقره وعظمه وأجله، ومن تفخيمه عند ربه الذي أوجبه على خلقه ألّا يسموه باسمه، فلا يقولوا يا محمد يا أحمد بل يا رسول اللّه، يا حبيب اللّه، في حالتي القرب والبعد، لأن اللّه تعالى خاطبه بيا أيها النّبيّ يا أيها الرّسول، لذلك لا يليق بالأمة أن يسموه إلّا بما يريد اللّه، ومن احترامه ألّا يرفعوا صوتهم بندائه، وإذا علم المنادي أن حضرة الرسول سمعه ولم يرد عليه فلينظر ولا يكرر النّداء فلعله شغل عنه بفكر أو بمخاطبة غيره أو كان في حالة تستدعي عدم الرّد كنزول الوحي أو حالة الوعظ وشبهها وسيأتي لهذا البحث صلة في سورة الحجرات الآتية إن شاء اللّه.
وتشير أيضا إلى احترام المعلمين والمدرسين والأساتذة وسائر أهل الفضل، لأنهم يعلمون النّاس الخير وهذه الآيات من 58 إلى هنا والآية 29 إلى 35 المارات في آداب القرآن التي يريد اللّه تعالى أن يتأدب عباده بها صونا لأخلاقهم من المفاسد المذمومة.
ثم ذم اللّه المنافقين المخالفين لهذه الآداب بقوله: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ} واحدا بعد واحد فيتسللون {مِنْكُمْ لِواذًا} فيلوذ الواحد بالآخر ويستتر به لئلا يحس بانسحابه من المجتمع، وذلك أنهم قاتلهم اللّه كان يثقل عليهم المقام مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ويملّون من استماع خطبه ومواعظه القيمة ومحاضراته النّافعة، لأن وغر النّفاق أوقر قلوبهم، ودين الحسد أصدا صدورهم، وضيّقها عن سماع الحق وقبوله وعن نصحه وإرشاده، فصارت قلوبهم ضيّقه حرجة مظلمة لا تستطيع الاكتساب من نوره الفائض على القلوب الطّاهرة، وأين للخفاش من مصاحبة النّور راجع الآية 12 من سورة المؤمن في ج 2 وما ترشدك إليه مما يتعلق في هذا البحث.
ثم هددهم اللّه تعالى وأوعدهم بقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} فيعرضون عنه ويصدون غيرهم من {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} بلاء ومحنة في الدّنيا لا يتخلّصون منه {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} في الآخرة يلازمهم فيها لا يطيقونه.
ثم نبّه عباده عما لابد لهم من التفكر فيه فقال {أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} وأنتم أيها النّاس من جملة ما فيها فاحذروا مخالفة خالقهما الذي لا يعجزه شيء.
واعلموا أن مخالفته موجبة لإيقاع الفتنة بينكم بالدنيا والعذاب بالآخرة وأنه جل علمه {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} من الإيمان الخالص والمشوب بالنفاق ويعلم منكم الطّيب والخبيث علما حقيقيا وهو من بعض معلوماته.
قد المفيدة للتقليل أحيانا كما هنا {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} يعلمه اللّه بل يعلم اللحظة التي تفارقون بها هذه الدّنيا وتمتثلون بها أمام عظمته في الموقف العظيم، وهناك {فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا} من طاعة وعصيان وكفر وإيمان ونفاق واخلاص {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (64) لا تخفى عليه خافية، يوجد أربع سور مختومة بهذه اللّفظة هذه والنّساء والأنفال والطّلاق.
روي أن ابن عباس قرأ سورة النّور في الموسم على المنبر وفسرها على وجه لو سمعت به الرّوم لأسلمت.
وأخرج أبو عبد اللّه بن السّبع في صحيحه عن عائشة رضي اللّه قالت قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لا تنزلوا النّساء الغرف.
أي لأنهن يعرضن أنفسهن لنظر الأجانب.
فيا أيها النّاس تقيدوا بتعاليم اللّه القائل في كتابه {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} راجع الآية 26/ 27 و60 من سورة النّساء واختر ما تشاء لتفوز من اللّه بالرضاء.
هذا واللّه أعلم.
وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم.
وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا والحمد للّه رب العالمين. اهـ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة النور مدنية.
وفرضناها جائز تذكرون تام مائة جلدة كاف الآخر حسن وقال أبو عمرو كاف من المؤمنين تام أو مشرك كاف على المؤمنين تام ثمانين جلدة صالح أبدا كاف إن جعل الاستثناء بعده من الفاسقين فقط بناء على إن شهادة القاذف لاتقبل وإن تاب وليس وقف إن جعل الاستثناء من قوله ولاتقبلوا لهم شهادة أبدا وما بعده بناء على أن شهادة القاذف تقبل اذا تاب الفاسقون ليس بوقف على الوجهين رحيم تام لمن الصادقين حسن إن قرئ والخامسة بالنصب عطفا على أربع شهادات لكنه على قراءتها بالرفع أحسن الكاذبين كاف لمن الكاذبين حكمه حكم لمن الصادقين فيما تقرر إن كان من الصادقين حسن وقال أبو عمرو تام تواب حكيم تام وجواب لولا محذوف أي ولولا فضل الله عليكم ورحمته وانه تواب حكيم لا هلككم شر الكم صالح خير لكم كاف من الاثم حسن وقال أبو عمرو كاف عظيم كاف وكذا مبين وبأربعة شهداء الكاذبون حسن عظيم مؤمنين صالح وإن تعلق به ما بعده لانه راس آية عند الله عظيم كاف بهيتان عظيم حسن مؤمنين كاف لكم الآيات صالح حكيم تام في الدنيا والآخرة حسن وكذا الاتعلمون رحيم تام خطوات الشيطان صالح والمنكر كاف من أحد أبدا صالح من يشاء كاف عظيم تام في سبيل الله حسن وليصفحوا أحسن منه إن يغفر الله لكم كاف رحيم عظيم تام كاف وكذا يعملون دينهم الحق جائز المبين تام للخبيثين صالح للخبيثات مفهوم للطيبين صالح للطيبات مفهوم مما يقولون صالح كريم تام على أهلها صالح تذكرون كاف وكذا يؤذن لكم وأزكى لكم تام متاع لكم كاف وما تكتمون تام وأزكى لهم حسن وكذا يصنعون ماظهر منها كاف جيوبهن حسن عورات النساء كاف من زينتهن حسن وكذا تفلحون وقال أبو عمرو فيهما تام وامائكم كاف وكذا من فضله واسع عليم حسن من فضله تام وكذا آتاكم عرض الحياة الدنيا حسن وقال أبو عمرو كاف رحيم تام للمتقين أتم منه والأرض حسن وكذا فيها مصباح وفي زجاجة وقال أبو عمرو في الثلاثة كاف زيتونة صالح وذكا ولا غريبة تمسه نار حسن وكذا نور على نور ومن يشاء وللناس وقال أبو عمرو في الأربعة كاف عليم تام فيها اسمه كاف إن لم يتعلق قوله في بيوت بيسبح والا فليس بوقف والآصل حسن لمن قرأ يسبح بفتح الباء وليس بوقف لمن قراه بكسرها للفصل بين الفاعل وفعله وايتاء الزكاة صالح إن جعل يخافون يوما مستأنفا وجائز إن جعل من تتمة نعمت رجال والابصار تام وقال أبو عمرو كاف بناء فيهماء على أن أصل ليجزيهم ليجزينهم بفتح اللام وبنون كيد فحذفت النون تخفينا ثم كسرت اللام وأعلمت اعمال لام كي لشبهها لها في اللفظ ومن جعل لام كي لم يقف على الابصار من فضله كاف بغير حساب تام سريع الحساب كاف وإن كان بعده حرف العطف لانه رأس آية يغشاه موج صالح وكذا من فوقه موج سحاب كاف وهذا لمن قرا ظلما بالرفع ومن قراه بالجر بدلا من كظلمات لم يقف على شيء منها ومن قرا سحاب ظلمات بالإضافة لم يقف على ظلمات فوق بعض كاف لم يكد يراها تام وكذا فماله من نور صافات كاف وكذا تسبيحه يفعلون تام والأرض جائز المصير تام من خلاله كاف وكذا عمن يشاء بالابصار تام وكذا والنهار ولا ولي الإبصار من ماء صالح على أربع كاف ما يشاء وقال أبو عمرو فيهما تام قدير تام مبينات كاف وكذا مستقيم ومن بعد ذلك وبالمؤمنين ومعرضون ومذعتين ورسوله وقال أبو عمرو في الثلاثة التي قبل الأخير تام الظالمون تام سمعنا وأطعنا كاف المفلحون تام وكذا الفائزون ولا تقسموا طاعة معروفة كاف بما تعملون تام وأطيعوا الرسول كاف ما حملتم جائز تهتدوا حسن المبين تام أمنا كاف وكذا شيأ وقال أبو عمرو فيهما تام الفاسقون تام وآتوا الزكاة جائز ترحمون تام في الأرض صالح وكذا ومأواهم النار المصير تام صلاة العشاء كاف وإن قرئ ثلاث عورات بالنصب بدلا من ثلاث مرات لكنه على قراءتها بالرفع أحسن لكم تام بعدهن حسن وكذا على بعض وقال أبو عمرو فيهما كاف الآيات كاف حكيم تام من قبلهم كاف وكذا آياته حكيم تام بزينة كاف وكذا خير لهن عليم تام أو صديقكم حسن أو أشتاتا كاف وكذا مباركة طيبة تعقلون تام وكذا حتى يستأدنوه ورسوله كاف لمن شئت منهم جائز لهم الله كاف رحيم تام وكذا بعضا لو اذا كاف أليم تام والأرض صالح وكذا ما أنتم عليه بما عملوا كاف وقال أبو عمرو تام آخر السورة تام. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة النور:
مدنية وهي ستون وآيتان في المدنيين والمكي وأربع في عد الباقين اختلافهم في آيتين بالغدوّ والآصال ويذهب بالأبصار وهو الثاني لم يعدهما المدنيان والمكي وكلهم عدا القلوب والأبصار وكلمها ألف وثلاثمائة وست عشرة كلمة وحروفها خمسة آلاف وستمائة وثمانون حرفًا وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودًا بإجماع موضعان لهم عذاب أليم بعده في الدنيا والآخرة ولو لم تمسسه نار يجوز في سورة الرفع والنصب فبالرفع قرأ الأمصار على الابتداء أو خبر مبتدأ محذوف أي هذه سورة وقرأ عيسى بن عمر بالنصب على الاشتغال أي أنزلنا سورة أنزلناها أو بتقدير اتل سورة وسوغ الابتداء بالنكرة الوصف المقدر كأنه قيل سورة معظمة أنزلناها وأنزلناها جائز إن كان ما بعده مستأنفًا وأما الوقف على وفرضناها فإن جعل لعلكم تذكرون متصلًا بأنزلنا حسن الوقف عليه وإن جعل متصلًا بفرضناها لا يحسن الوقف عليه.
{مائة جلدة} حسن.
في دين الله ليس بوقف لأنَّ الشرط الذي بعده ما قبله قد قام مقام جوابه وهو فعل النهي.
{واليوم الآخر} حسن.
{من المؤمنين} كاف.
{أو مشركة} جائز ومثله {أو مشرك}.
{على المؤمنين} تام.
{ثمانين جلدة} جائز إن كان القاذف حرًا وإن كان عبدًا أربعين ولابد أن يكون المقذوف عفيفًا من الزنا حتى لو زنى في عمره مرة واحدة وقذفه قاذف فلا حد عليه.
{أبدًا} تام إن جعل الاستثناء من قوله الفاسقون بناءً على أنَّ شهادة القاذف لا تقبل وإن تاب وليس بوقف إن جعل الاستثناء من قوله ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا بناءً على أنَّ شهادة القاذف تقبل إذا تاب وأنَّ التوبة يرتفع اسم الفسق عنه وسواء تاب بعد إقامة الحد عليه أو قبله لقوله إلاَّ الذين تابوا وحاصله أنَّ الفاسق إما أن يجيء تائبًا وأقيم عليه الحد وتاب أو لم يحد ولم يتب ولم يحد أو حد ولم يتب فالأول تقبل شهادته مطلقًا لأنَّه زال عنه اسم القذف وزال ما ترتب عليه من رد الشهادة والثاني والثالث لا تقبل مطلقًا والرابع اختلف فيه مالك والشافعي وأصحاب الرأي فمالك يقول بقبول شهادته في غير ما حد فيه بخصوصه والشافعي يقول بقبول شهادته وأنَّ فيما حد فيه لأنَّ الحدود عنده كفارات للذنوب وأصحاب الرأي يقولون لا تقبل شهادة المحدود وإن تاب.