فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



القول الثاني: أن الآية هذه نزلت في امرأة خاصة كما سيأتي بيانه فتكون خاصة بها كما قاله الخطابي.
القول الثالث: أنها نزلت في رجل من المسلمين، فتكون خاصة به قاله مجاهد.
الرابع: أنها نزلت في أهل الصفة، فتكون خاصة بهم قاله أبو صالح.
الخامس: أن المراد بالزاني والزانية: المحدودان حكاه الزجاج، وغيره عن الحسن قال: وهذا حكم من الله، فلا يجوز لزان محدود أن يتزوّج إلاّ محدودة.
وروي نحوه عن إبراهيم النخعي، وبه قال بعض أصحاب الشافعي.
قال ابن العربي: وهذا معنى لا يصح نظرًا كما لم يثبت نقلًا.
السادس: أن الآية هذه منسوخة بقوله سبحانه: {وَأَنْكِحُواْ الأيامى مّنكُمْ} قال النحاس: وهذا القول عليه أكثر العلماء.
القول السابع: أن هذا الحكم مؤسس على الغالب، والمعنى: أن غالب الزناة لا يرغب إلاّ في الزواج بزانية مثله، وغالب الزواني لا يرغبن إلاّ في الزواج بزانٍ مثلهن، والمقصود زجر المؤمنين عن نكاح الزواني بعد زجرهم عن الزنا، وهذا أرجح الأقوال، وسبب النزول يشهد له كما سيأتي.
وقد اختلف في جواز تزوّج الرجل بامرأة قد زنى هو بها، فقال الشافعي، وأبو حنيفة: بجواز ذلك.
وروي عن ابن عباس، وروي عن عمر، وابن مسعود، وجابر: أنه لا يجوز.
قال ابن مسعود: إذا زنى الرجل بالمرأة ثم نكحها بعد ذلك فهما زانيان أبدًا، وبه قال مالك، ومعنى {وَحُرّمَ ذلك عَلَى المؤمنين} أي: نكاح الزواني، لما فيه من التشبه بالفسقة، والتعرّض للتهمة، والطعن في النسب.
وقيل: هو مكروه فقط، وعبر بالتحريم عن كراهة التنزيه مبالغة في الزجر.
وقد أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {سُورَةٌ أنزلناها وفرضناها} قال: بيناها.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر: أن جارية لابن عمر زنت فضرب رجليها وظهرها، فقلت: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ في دِينِ الله} قال: يا بنيّ ورأيتني أخذتني بها رأفة؟ إن الله لم يأمرني أن أقتلها، ولا أن أجلد رأسها، وقد أوجعت حيث ضربت.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
عن ابن عباس {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ المؤمنين} قال: الطائفة الرجل فما فوقه.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو داود في ناسخه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه، والضياء المقدسي في المختارة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {الزاني لاَ يَنكِحُ} قال: ليس هذا بالنكاح، ولكن الجماع، لا يزني بها حين يزني إلاّ زانٍ، أو مشرك {وَحُرّمَ ذلك عَلَى المؤمنين} يعني: الزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، عن مجاهد في قوله: {الزانى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً} قال: كنّ نساء في الجاهلية بغيات، فكانت منهنّ امرأة جميلة تدعى أمّ جميل، فكان الرجل من المسلمين يتزّوج إحداهنّ لتنفق عليه من كسبها، فنهى الله سبحانه أن يتزوّجهنّ أحد من المسلمين، وهو مرسل.
وأخرج عبد بن حميد، عن سليمان بن يسار نحوه مختصرًا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عطاء، عن ابن عباس قال: كانت بغايا آل فلان، وبغايا آل فلان، فقال الله {الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً} الآية، فأحكم الله ذلك في أمر الجاهلية، وروى نحو هذا عن جماعة من التابعين.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، عن الضحاك في الآية قال: إنما عنى بذلك الزنا، ولم يعن به التزويج.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن سعيد بن جبير نحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عكرمة نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، عن ابن عباس في هذه الآية قال: الزاني من أهل القبلة لا يزني إلاّ بزانية مثله من أهل القبلة، أو مشركة من غير أهل القبلة، والزانية من أهل القبلة لا تزني إلاّ بزانٍ مثلها من أهل القبلة، أو مشرك من غير أهل القبلة، وحرّم الزنا على المؤمنين.
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، وأبو داود في ناسخه، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن عبد الله بن عمرو قال: كانت امرأة يقال لها: أمّ مهزول، وكانت تسافح، وتشترط أن تنفق عليه، فأراد رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّجها، فأنزل الله {الزانية لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}.
وأخرج عبد بن حميد، وأبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه قال: كان رجل يقال له: مرثد، يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، وكانت امرأة بغيّ بمكة يقال لها: عناق، وكانت صديقة له، وذكر قصة وفيها: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناقًا؟ فلم يرد عليّ شيئًا حتى نزلت {الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً} الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا مرثد {الزانى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً والزانية لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذلك عَلَى المؤمنين} فلا تنكحها» وأخرج ابن جرير، عن عبد الله بن عمرو في الآية قال: كنّ نساء معلومات، فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوّج المرأة منهنّ لتنفق عليه، فنهاهم الله عن ذلك.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس: أنها نزلت في بغايا معلنات كنّ في الجاهلية وكنّ زواني مشركات، فحرّم الله نكاحهنّ على المؤمنين.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق شعبة مولى ابن عباس قال: كنت مع ابن عباس، فأتاه رجل، فقال: إني كنت أتبع امرأة، فأصبت منها ما حرّم الله عليّ، وقد رزقني الله منها توبة، فأردت أن أتزوّجها، فقال الناس: {الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} فقال ابن عباس: ليس هذا موضع هذه الآية، إنما كنّ نساء بغايا متعالنات يجعلن على أبوابهنّ رايات يأتيهنّ الناس يعرفن بذلك، فأنزل الله هذه الآية، تزوّجها فما كان فيها من إثم فعلي.
وأخرج أبو داود، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عديّ، وابن مردويه، والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينكح الزاني المجلود إلاّ مثله» وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن عليّ بن أبي طالب: أن رجلًا تزوّج امرأة، ثم إنه زنى فأقيم عليه الحدّ، فجاءوا به إلى عليّ ففرق بينه وبين امرأته، وقال: لا تتزوّج إلاّ مجلودة مثلك. اهـ.

.قال القاسمي:

{الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
لما أمر الله بعقوبة الزانييْن، حرم مناكحتهما على المؤمنين، هجرًا لهما ولما معهما من الذنوب كقوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5]، وجعل مُجالس فاعل ذلك المنكر، مثلَه بقوله: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140]، وهو زوج له قال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: 22]، أي: عشراءهم وأشباههم. ولهذا يقال: المستمع شريك المغتاب، ورفع إلى عُمَر بن عبد العزيز قوم يشربون الخمر. وكان فيهم جليس لهم صائم، فقال ابدءوا به في الجلد ألم يسمع قول الله تعالى: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} [النساء: 140]، فإذا كان هذا في المجالسة والعشرة العارضة حين فعلهم المنكر، يكون مجالسهم مثلًا لهم، فكيف بالعشرة الدائمة: والزوج يقال له: العشير. كما في الحديث: «ويكفرن العشير» وأخبر أنه لا يفعل ذلك إلا زان أو مشرك. أما المشرك فلا إيمان له يزجره عن الفواحش ومجامعة أهلها. وأما الزاني ففجوره يدعوه إلى ذلك، وإن لم يكن مشركًا. وفيها دليل على أن الزاني ليس بمؤمن مطلق الإيمان. وإن لم يكن مشركًا كما في الصحيح «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» وذلك أنه أخبر أنه لا ينكح الزانية إلا زان أو مشرك. ثم قال تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فعلم أن الإيمان يمنع منه. وأن فاعله إما مشرك وإما زان، ليس من المؤمنين الذين يمنعهم إيمانهم من ذلك. وذلك أن المزاناة فيها فساد فراش الرجل وفي مناكحتها معاشرة الفاجرة دائمًا. والله قد أمر بهجر السوء وأهله ما داموا عليه. وهذا موجود في الزاني. فإنه إن لم يفسد فراش امرأته كان قرين سوء لها، كما قال الشعبيّ: من زوج كريمته من فاسق، فقد قطع رحمها. وهذا مما يدخل المرأة ضرارًا في دينها ودنياها. فنكاح الزانية أشد من جهة الفراش. ونكاح الزاني أشد من جهة أنه السيد المالك الحاكم. فتبقى المرأة الحرة العفيفة في أسر الفاجر الزاني الذي يقصّر في حقوقها، ويعتدي عليها، ولهذا اتفقوا على اعتبار الكفاءة في الدين، وعلى ثبوت الفسخ بفوات هذه الكفاءة. واختلفوا في صحة النكاح بدون ذلك. فإن من نكح زانية فقد رضي لنفسه بالقيادة والدياثة. ومن نكحت زانيًا فهو لا يحصن ماءه، بل يضعه فيها وفي غيرها من البغايا. فهي بمنزلة المتخذة خدنًا. فإن مقصود النكاح حفظ الماء في المرأة. وهذا لا يحفظ ماءه. والله سبحانه شرط في الرجال أن يكونوا محصنين غير مسافحين، فقال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24]، وهذا مما لا ينبغي إغفاله. فإن القرآن قد قصّه وبينه بيانًا مفروضًا. كما قال تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} فأما تحريم نكاح الزانية فقد تكلم فيه الفقهاء. وفيه آثار عن السلف. وليس مع من أباحه ما يعتمد عليه، وقد ادعى بعضهم أنها منسوخة بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، وزعموا أن البغيّ من المحصنات. وتلك حجة عليهم، فإن أقل ما في الإحصان العفة. وإذا اشترط فيه الحرية، فذاك تكميل للعفة والإحصان. ومن حرم نكاح الأمة لئلا يرقّ ولده، فكيف يبيح البغيّ الذي يلحق به من ليس بولده؟ وأين فساد فراشه من رقّ ولده؟ وكذلك من زعم أن النكاح هنا هو الوطء وهذا حجة عليهم. فمن وطئ زانية أو مشركة بنكاح، فهو زان. وكذلك من وطئها زان. فإن ذم الزاني بفعله الذي هو الزنى. حتى لو استكرهها أو استدخلت ذكره وهو نائم كانت العقوبة للزاني دون قرينه. والمقصود أن الآية تدل على أن الزاني لا يتزوج إلا زانية أو مشركة. وأن ذلك حرام على المؤمنين. وليس هذا مجرد كونه فاجرًا، بل لخصوصية كونه زانيًا. وكذلك في المرأة. ليس بمجرد فجورها، بل لخصوص زناها، بدليل أنه جعل المرأة زانية إذا تزوجت زانيًا كما جعله زانيًا إذا تزوج زانية. وهذا إذا كانا مسلمين يعتقدان تحريم الزنى. وإلا إن كانا مشركين، فينبغي أن يعلم ذلك. ومضمونه أن الزاني لا يجوز إنكاحه حتى يتوب. وذلك يوافق اشتراطه الإحصان، والمرأة الزانية لا تحصن فرجها. ولهذا يجب عليه نفي الولد الذي ليس منه. فمن نكح زانية فهو زان، أي: تزوجها. ومن نكحت زانيًا فهي زانية، أي: تزوجته. فإن كثيرًا من الزناة قصروا أنفسهم على الزواني، فتكون خدنًا له لا يأتي غيرها، فإن الرجل إذا كان زانيًا لا يعف امرأته فتتشوق إلى غيره فتزني كما هو الغالب على نساء الزاني ومن يلوط بالصبيان. فإن نساءهم يزنين ليقضين أربهن وليراغمن أزواجهن. ولهذا يقال: عفوا تعف نساؤكم. وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم. فكما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها. فإن الرجل إذا رضي أن ينكح زانية، رضي بأن تزني امرأته. والله سبحانه قد جعل بين الزوجين مودة ورحمة. فأحدهما يحب لنفسه ما يحب للآخر. فإذا رضيت المرأة أن تنكح زانيًا فقد رضيت عمله، وكذلك الرجل. ومن رضي بالزنى فهو بمنزلة الزاني، فإن أصل الفعل هو الإرادة. ولهذا في الأثر: من غاب من معصية فرضيها كان كمن شهدها. وفي الحديث: «المرء على دين خليله» وأعظم الخلة خلة الزوجين. وأيضًا، فإن الله تعالى جعل في نفوس بني آدم من الغيرة ما هو معروف فيستعظم الرجل أن يطأ الرجل امرأته، أعظم من غيرته على نفسه أن يزني. فإذا لم يكره أن تكون زوجته بغيًا وهو ديوثًا، كيف يكره أن يكون هو زانيًا؟ ولهذا لم يوجد من هو ديوث أو قواد يعفّ عن الزنى، فإن الزنى له شهوة في نفسه. والديوث له شهوة في زنى غيره. فإذا لم يكن معه إيمان يكره من زوجته ذلك، كيف يكون معه إيمان يمنعه من الزنى؟ فمن استحل أن يترك امرأته تزني، استحل أعظم الزنى. ومن أعان على ذلك فهو كالزاني. ومن أقر عليه، ما إمكان تغييره، فقد رضيه. ومن تزوج غير تائبة فقد رضي أن تزني. إذ لا يمكنه منعها. فإن كيدهن عظيم. ولهذا جاز له، إذا أتت بفاحشة مبينة، أن يعضلها لتفتدي. لأنها بزناها طلبت الاختلاع منه وتعرضت لإفساد نكاحه. فإنه لا يمكنه المقام معها حتى تتوب. ولا يسقط المهر بمجرد زناها. كما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم للملاعن لما قال مالي، قال: «لا مال لك عندها إن كنت صادقًا فهو بما استحللت من فرجها»، وإن كنت كاذبًا عليها فذاك أبعد وأبعد لك منها؛ لأنها إذا زنت قد تتوب. لكن زناها يبيح إعضالها حتى تفتدي إن اختارت فراقه، أو تتوب. وفي الغالب أن الرجل لا يزني بغير امرأته، إلا إذا أعجبه ذلك الغير. فلا يزال بما يعجبه، فتبقى امرأته بمنزلة المعلقة. لا هي أيّم ولا ذات زوج. فيدعوها ذلك إلى الزنى، ويكون الباعث لها مقابلة زوجها على وجه القصاص. فإذا كان من العادين لم يكن قد أحصن نفسه. وأيضًا فإن داعية الزاني تشتغل بما يختاره من البغايا، فلا تبقى داعيته إلى الحلال تامة، ولا غيرته كافية في إحصانه المرأة، فتكون عنده كالزانية المتخذة خدنًا، وهذه معان شريفة لا ينبغي إهمالها. وعلى هذا، فالمساحقة زانية، كما في الحديث: «زنى النساء سحاقهن» والذي يعمل عمل قوم لوط زان، فلا ينكح إلا زانية أو مشركة. ولهذا يكثر في نساء اللوطي من تزني، وربما زنت بمن يتلوط به مراغمة له وقضاء لوطرها. وكذلك المتزوجة بمخنث ينكح كما تنكح، هي متزوجة بزان، بل هو أسوأ الشخصين حالًا. فإنه مع الزنى صار ملعونًا على نفسه للتخنيث، غير اللعنة التي تصيبه بعمل قوم لوط. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من يعمل عمل قوم لوط.