فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال الشوكاني في حديث عمرو بن الأحوص هذا: أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة عمرو بن الأحوص المذكور، وحديثه في الخطبة صحيح اهـ.
وحديثه في الخطبة هو هذا الحديث بدليل قوله. فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ، وهذا التذكير والوعظ هو الخطبة كما هو معروف.
ومن الأدلة على هذا الحديث المتقدم قريبًا الذي فيه: أن الرجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن امرأتي لا تردّ يد لامس فقال: «طلقها فقال: نفسي تتبعها فقال أمسكها» وبينا الكلام في سنده، وأنه في الدوام على النكاح لا في ابتداء النكاح، وأن بينهما فرقًا، وبه تعلم أن قول من قال: إن من زنت زوجته، فسخ نكاحها وحرمت عليه خلاف التحقيقن والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثاني: أعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي، أنه لا يجوز نكاح المرأة الحامل من الزنا قبل وضع حملها بل لا يجوز نكاحها، حتى تضع حملها. خلافًا لجماعة من أهل العلم قالوا: يجوز نكاحها وهي حامل، وهو مروي عن الشافعي وغيره، وهو مذهب أبي حنيفة، لأن نكاح الرجل امرأة حاملًا من غيره فيه سقي الزرع بماء الغير، وهو لا يجوز ويدل لذلك قوله تعالى: {واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ واللاتي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] ولا يخرج من عموم هذه الآية إلا ما أخرجه دليل يجب الرجوع إليه، فلا يجوز نكلاح حامل حتى ينتهي أجل عدتها، وقد صرح الله بأن الحوامل أجلهن أن يضعن حملهن، فيجب استصحاب هذا العموم، ولا يخرج منه إلا ما أخرجه دليل من كتاب أو سنة.
الفرع الثالث: أعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي أن الزانية إن تابا من الزنا وندما على ما كان منهما ونوبا أن لا يعودا إلى الذنب، فإن نكاحهما جائز، فيجوز له أن ينكحها بعد توبتهما، ويجوز نكاح غيرهما لهما بعد التوبة، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ويدل لهذا قوله تعالى: {والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العذاب يَوْمَ القيامة وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان: 68- 70] فقد صرح جل وعلا في هذه الآية أن الذين يزنون ومن ذكر معهم إن تابوا وآمنوا، وعملوا عملًا صالحًا يبدل الله سيئاتهم حسنات، وهو يدل على أن التوبة من الزنا، تذهب أثره. فالذين قالوا: إن من زنا بامرأة ل تحل مطلقًا، ولو تابا وأصلحا فقولهم خلاف التحقيق، وقد وردت آثار عن الصحابة بجواز تزويجه بمن زنى بها إن تابا، وضرب له بعض الصحابة مثلًا برجل سرق شيئًا من بستان رجل آخر، ثم بعد ذلك اشترى البستان فالذي سرقه منه حرام عليه، والذي اشتراه منه حلال له، فكذلك مانال من المرأة حرامًا فهو حرام عليه، وما نال منها بعد التوبة والتزويج حلال له، والعلم عند الله تعالى.
واعلم أن قول من رد الاستدلال بآية {والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ} [الفرقان: 68] الآية. قائلًا: إنها نزلت في الكفار لا في المسلمين يرد قوله: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما أوضحنا أدلته من السنة الصحيحة مرارًا. والعلم عند الله تعالى.
الفرع الرابع: أعلم أن الذين قالوا بجواز نكاح العفيف الزنية، لا يلزم من قولهم إن يكون زوج الزانية العفيف ديوثًا، لأنه إنما يتزوجها ليحفظها، ويحرسها. ويمنعها من ارتكاب ما لا ينبغي منعًا باتًا بان يراقبها دائمًا، وإذا خرج ترك الأبواب مقفلة دونها، وأوصى بها من يحرسها بعده فهو يستمتع بها. مع شدة الغيرة والمحافظة عليها من الريبة، وإن جرى منها شيء لا علم ل به مع اجتهاده في صيانتها وحفظها فلا شيء عليه فيه، ولا يكون به ديوثًا كما هو معلوم، وقد علمت مما مر أن أكثر أهل العلم على جواز نكاح العفيف الزانية كعكسه، وأن جماعة قالوا بمنع ذلك.
والأظهر لنا في هذه المسألة أن المسلم لا ينبغي له أن يتزوج إلا عفيفة صينة. للآيات التي ذكرنا والأحاديث ويؤيده حديث: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» والعلم عند الله تعالى. اهـ.

.قال الشعراوي:

{الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: 3] لأن الزواج يقوم على التكافؤ، حتى لا يستعلي أحد الزوجين على الآخر، والزاني فيه خِسَّة، فلا يليق به إلا خسيسة مثله يعني: زانية، أو أخس وهي المشركة؛ لأن الشرك أخسُّ من الزنا، لأن الزنا مخالفة أمر توجيهي من الله، أمّا الشرك فهو كفر بالله؛ لذلك فالمشركة أخبث من الزانية. وما نقوله في زواج الزاني نقوله في زواج الزانية {والزانية لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3].
وهنا يعترض البعض: كيف إنْ كانت الزانية مسلمة: أينكحها مشرك؟ قالوا: التقابل هنا غرضه التهويل والتفظيع فقط لا الإباحة؛ لأن المسلمة لا يجوز أن تتزوج مشركًا أبدًا، فالآية توبيخ لها: يا خسيسة، لا يليق بك إلا خسيس مثلك أو أخسّ.
وأرى أن النص محتمل لانفكاك الجهة؛ لأن التي زنتْ تدور بين أمرين: إما أنها أقبلتْ على الزنا وهي تعلم أنه مُحرَّم، فتكون عاصية باقية على إسلامها، أو أنها ردَّت حكم الزنا واعترضت عليه فتكون مشركة، وفي هذه الحالة يستقيم لنا فهم الآية.
ثم يقول تعالى: {وَحُرِّمَ ذلك عَلَى المؤمنين} [النور: 3] فهذا سبب طُهْر الأنسال أن يُحرِّم الله تعالى الزنا، فيأتي الخليفة طاهر النسل والعنصر، محضونًا بأب وأم، مضمومًا بدفء العائلة، لا يتحملون عليه نسمة الهواء؛ لأنه جاء من وعاء طيب طاهر نظيف. اهـ.

.قال الصابوني:

{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)}.

.التحليل اللفظي:

{سُورَةٌ}: السورة في اللغة معناها المنزلة السامية والمكانة الرفيعة، قال النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورةً ** تَرى كلَّ مَلْك دونها يتذبذب

وهي في الاصطلاح: مجموعة من الآيات الكريمة لها بدء ونهاية كسورة الكوثر. وسميت سورة لشرفها وارتفاعها، كما يسمّي السور للمرتفع من الجدار.
{أنزلناها}: المراد: أوحينا بها إليك يا محمد، ولعل السر في التعبير بالإنزال الذي يشعر بالنزول مع العلو هو الإشارة إلى أن هذا القرآن هو من عند الله تعالى لا من تأليف محمد كما زعم المشركون.
{وفرضناها}: أي أوجبنا ما فيها من الأحكام إيجابًا قطعيًا. وأصلُ الفرض قطع الشيء الصلب والتأثير فيه والمراد به هنا الإيجاب على أتم وجه، وفي ذكر ذلك براعة استهلال على ما قيل، وقرئ بالتشديد {فرضناها} للمبالغة، ولتأكيد الإيجاب، ولتعدد الفرائض وكثرتها.
{آيات بينات}: الآيات جمع آية وهي قد ترد بمعنى الآية القرآنية، وقد ترد بمعنى العلامة، أو الشاهد على القدرة الإلهية، مثل قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ اليل نَسْلَخُ مِنْهُ النهار} [يس: 37] وقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ الجوار فِي البحر كالأعلام} [الشورى: 32] وقول الشاعر:
وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ ** تدل على أنه واحد

ومعنى {بينات} أي واضحات، فإن أريد بالآيات الآيات القرآنية كان المعنى أنها واضحات الدلالة على أحكامها، مثل الآيات التي فيها أحكام الزنى، والقذف، واللعان وغيرها، وإن أريد بالآيات الآيات الكونيّة كان المعنى أنها واضحات الدلالة على وحدانية الله، وكمال قدرته مثل التأليف بين السحاب، ووميض البرق ولمعانه، وتقليب الليل والنهار، واختلاف المخلوقات في أشكالها، وهيئاتها، وطبائعها، مع اتحاد المادة التي خلقت منها. إلى غير ما هنالك من أدلة التوحيد، وشواهد القدرة.
{تَذَكَّرُونَ}: مضارع حذف منه إحدى التائين وأصلها تتذكرون. ومعنى التذكر أن يعاد إلى الذاكرة الشيء الذي غاب عنها، والمراد به هنا الاتعاظ والاعتبار أي لعلكم تعتبرون وتتعظون.
{الزانية والزاني}: الزنى في اللغة: الوطء المحرّم، وفي الشرع: وطءَ الرجل المرأةَ في الفرج من غير نكاحٍ ولا شبهة نكاح ويسمى الفاحشة قال تعالى: {واللاتي يَأْتِينَ الفاحشة مِن نِّسَآئِكُمْ} [النساء: 15] الآية وقال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32].
وهو في اللغة الفصحى- لغة أهل الحجاز- مقصورٌ، وقد يمد في لغة- أهل نجد-0 فيقال الزناء وعليه قول الفرزدق:
أبا طاهرٍ من يزنِ يعرف زناؤه ** ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرًا

قال القرطبي: كان الزنى في اللغة معروفًا قبل الشرع مثل اسم السرقة والقتل وهو اسم لوطء الرجل امرأة في فرجها من غير نكاح ولا شبهة نكاح، وإن شئت قلت: هو إدخال فرجٍ في فرجٍ مشتهى طبعًا محرّمٍ شرعًا.
{فاجلدوا}: الجَلد بفتح الجيم ضرب الجِلد بكسرها، قال الألوسي: وقد اطرد صوغ فَعَل الثلاثي المفتوح العين من أسماء الأعيان فيقال: رأسَه، وظَهرَه، وبَطنَه، إذا ضرب رأسه وظهره وبطنه.
وجوّز الراغب أن يكون معنى جَلَده: أي ضربه بالجِلّد، نحو عَصَاه ضربه بالعصا، ورَمَحه طعنه بالرمح.
والمراد هنا المعنى الأول: فإنّ الأخبار قد دلت على أنّ الزانية والزاني يضربان بسوط عصا لا عقدة عليه ولا فرع له. ويرى بعضهم: أن الجَلد في العرف الضربُ مطلقًا، وليس خاصًا بضرب الجِلد بلا واسطة.
{رَأْفَةٌ}: شفقة وعطف، مأخوذ من رؤف إذا رق ورحم، والرؤوف من أسماء الله تعالى: العطوفُ الرحيم، وقيل الرأفة تكون في دفع المكروه، والرحمة أعم، والمراد: النهي عن التخفيف في الجلد، أو إسقاط الحد بالكلية كما نبذه عليه الألوسي.
{دِينِ الله}: أي في شرع الله وحكمه، أو في طاعته وإقامة حده، وروى عن عطاء أنّ المراد النهي عن إسقاط الحد بشفاعة ونحوها.
{طَآئِفَةٌ}: الطائفة في الأصل اسم فاعل مؤنث من الطواف، وهو الدَّوران والإحاطة وقد تطلق في اللغة ويراد بها الواحد، أو الجماعة، قال الألوسي: والمراد بالطائفة هنا جماعة يحصل بهم التشهير والزجر، وتختلف قلة وكثرة بحسب اختلاف الماكن والأشخاص.
{لاَ يَنكِحُ}: المراد بالنكاح هنا العقد بمعنى لا يتزوج الزاني إلا زانية مثله، ويوافقه سبب النزول كما سيأتي والنفي في الآية بمعنى النهي للمبالغة ويؤيده قراءة {لا يَنْكِحْ} بالجزم، ويشبه هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تُنْكِحُ البِكرُ حتى تُستَأذن» فهو خبر بمعنى النهي أي لا تزوِّجوا البكر حتى تستأذنوها. وقيل المراد بالنكاح في الآية: الوطء وأنكر ذلك الزجاج وقال: لا يعرف النكاح في كتاب الله تعالى إلا بمعنى التزوج.
{مُشْرِكَةً}: هي التي ليس لها دين سماوي والتي لا تؤمن بالله كالمجوسية، والوثنية، وهي تختلف عن الكتابية في الحكم، فالكتابية يجوز الزواج بها، والمشركةُ لا يجوز قال تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات حتى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] الآية.
{وَحُرِّمَ ذلك}: أي حرَّم الله تعالى الزنى على المؤمنين لما فيه من أضرار جسيمة، ومفاسد عظيمة، أو المراد حرم الله نكاح الزانيات والمشركات.

.المعنى الإجمالي:

يخبر الله جل وعلا بما أنزل على عباده المؤمنين في هذه السورة الكريمة، من تشريع وأحكام ومواعظ وآداب وإرشادات حكيمة، وأخلاق كريمة، ونُظم وتشريعات، بها صلاح دينهم ودنياهم، وسعادتهم في الدنيا والآخرة فيقول سبحانه ما معناه: هذه سورة من جوامع سور القرآن أنزلتها عليكم أيها المؤمنون لتطبقوا أحكامها وتتأدبوا بما فيها من آداب. ولم أنزلها عليكم لمجرد التلاوة وإنما فرضتها عليكم وألزمتكم أن تعملوا بما فيها لتكون لكم قبسًا ونبراسًا، ولتعتبروا بما فيها من الآيات البيذنات، والدلائل المحكمات والشواهد الكثيرة على رحمة الله عز وجل العادلة في تشريع هذه الأحكام التي بها سعادة المجتمع، وحياة الإنسانية.
{وَلَكُمْ فِي القصاص حياة يا أولي الألباب لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179].
ومن هذه الأحكام والحدود التي شرعتها لكم، أن تجلدوا كلًا من الزانيين مائة جلدة، تستوفونها منهما كاملة دون رحمة أو شفقة، ودون تخفيف من العقاب، أو إنقاصٍ من الحد، فإن جريمة الزنى أخطر وأعظم من أن تستدر العطف أو تدفع إلى العفو عن مرتكب هذه الجريمة النكراء، فإن من عرف آثارها وأضرارها من تدنيسٍ للعرض والشرف، وضياع للأنساب، واعتداء على كرامة الناس، وتلطيخ لهم بالعار والشنار وتعريض للأولاد للتشرد والضياع، حيث يولد اللقيط وهو لا يدري أباه، ولا يعرف حسبه ونسبه- إلى غير ما هنالك من أضرار- من عرف ذلك أدرك حكة الله تعالى في تشريع هذا العقاب الزاجر الصارم. وليس هذا فحسب بل لابد أن تشهدوا على هذه العقوبة لتكون زجرًا له ولأفراد المجتمع من اقتراف مثل هذا المنكر الشنيع، فتحصل العظة والعبرة... {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ المؤمنين}.
ثم بين تعالى أن الزاني لا يليق به أن ينكح المؤمنة العفيفة الشريفة إنما ينكح مثله أو أخسّ منه، ينكح الزانية الفاجرة أو المشركة الوثنية، ولا عجب فإن الفاسق الخبيث لا يرغب غالبًا إلا في فاسقة من شكله أو مشركة، والزانيةُ الخبيثة كذلك لا يرغب فيها إلا خبيث مثلها أو مشرك. فالنفوس الطاهرة تأبى مثل هذا الزواج بالفواجر الفاسقات وصدق الله: {الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ والخبيثون لِلْخَبِيثَاتِ والطيبات لِلطَّيِّبِينَ والطيبون لِلْطَّيِّبَاتِ} [النور: 26].
وقد حرم الله الزنى لما فيه من أضرار عظيمة، ومخاطر جسيمة تودي بحياة الأفراد والجماعات، وتقوّض بنيان المجتمعات، وتعرِّض الأولاد للتشرد والضياع.