فصل: قال السمرقندي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السمرقندي:

قال مقاتل: كل شيء في القرآن معدودة أو معدودات فهو دون الأربعين، وما زاد على ذلك لا يقال معدودة. اهـ.

.قال ابن عاشور:

الغالبُ على أحوال الأمم في جاهليتها وبخاصة العرب هو الاستكثار من تناول اللذات من المآكل والخمور ولهو النساء والدعة، وكل ذلك يوفر القُوى الجسمانيةَ والدموية في الأجساد، فتقوى الطبائع الحيوانية التي في الإنسان من القوة الشهوية والقوة الغضبية. وتطغَيَان على القوة العاقلة، فجاءت الشرائع بشرع الصيام، لأنه يفي بتهذيب تلك القوى، إذ هو يمسك الإنسان عن الاستكثار من مثيرات إفراطها، فتكون نتيجتُه تعديلَها في أوقات معينة هي مظنة الاكتفاء بها إلى أوقات أخرَى.
والصوم بمعنى إقلال تناول الطعام عن المقدار الذي يبلغ حد الشبع أو تركِ بعض المأكل: أصل قديم من أصول التقوى لدى المليين ولدى الحكماء الإشراقيين، والحكمة الإشراقية مبناها على تزكية النفس بإزالة كدرات البهيمية عنها بقدر الإمكان، بناء على أن للإنسان قوتين: إحداهما رُوحانية مُنبثة في قرارتها من الحواس الباطنية، والأخرى حيوانية منبثة في قرارتها من الأعضاء الجسمانية كلها، وإذ كان الغذاء يخلف للجسد ما يضيعه من قوته الحيوانية إضاعةً تنشأ عن العمل الطبيعي للأعضاء الرئيسية وغيرها، فلا جرم كانت زيادة الغذاء على القدر المُحتاج إليه توفر للجسم من القوة الحيوانية فوق ما يحتاجه وكان نقصانه يقَتِّر عليه منها إلى أن يبلغ إلى المقدار الذي لا يمكن حفظ الحياة بدونه، وكان تغلب مظهر إحدى القوتين بمقدار تضاؤل مظهر القوة الأخرى، فلذلك وجدوا أن ضعف القوة الحيوانية يقلل معمولَها فتتغلب القوة الروحانية على الجسد ويتدرج به الأمر حتى يصير صاحب هذه الحال أقرب إلى الأرواح والمجردات منه إلى الحيوان، بحيث يصير لا حَظَّ له في الحيوانية إلاّ حياة الجسم الحافظة لبقاء الروح فيه، ولذلك لزم تعديل مقدار هذا التناقص بكيفية لا تفضي إلى اضمحلال الحياة، لأن ذلك يضيع المقصود من تزكية النفس وإعدادِها للعوالم الأخروية، فهذا التعادل والترجيح بين القوتين هو أصل مشروعية الصيام في الملل ووضعيته في حكمة الإشراق، وفي كيفيته تختلف الشرائع اختلافًا مناسبًا للأحوال المختصة هي بها بحيث لا يفيت المقصد من الحياتين، ولا شك أن أفضل الكيفيات لتحصيل هذا الغرض من الصيام هو الكيفيَّة التي جاء بها الإسلام. اهـ.

.قال الماوردي:

جعل الشرع الصيام من أوكد عباداته وألزم فروضه، حتى روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِندَ اللهِ مَن رِيحِ المِسْكَ». وإنما اختص الصوم بأنه له، وإن كان كل العبادات له، لأمرين بَايَنَ الصومُ بِهِمَا سائِرَ الْعِبَادَاتِ:
أحدهما: أن الصوم منع من مَلاَذِّ النفس وشهواتها، ما لا يمنع منه سائر العبادات.
والثاني: أن الصوم سر بين العبد وربه لا يظهر إلا له، فلذلك صار مختصًا به، وما سواه من العبادات ظاهر، ربما فعله تصنّعًا ورياء، فلهذا صار أخص بالصوم من غيره. اهـ.

.قال الفخر:

أما قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فالمراد منه أن فرض الصوم في الأيام المعدودات إنما يلزم الأصحاء المقيمين فأما من كان مريضًا أو مسافرًا فله تأخير الصوم عن هذه الأيام إلى أيام أخر قال القفال رحمه الله: انظروا إلى عجيب ما نبه الله عليه من سعة فضله ورحمته في هذا التكليف، وأنه تعالى بين في أول الآية أن لهذه الأمة في هذا التكليف أسوة بالأمة المتقدمة والغرض منه ما ذكرنا أن الأمور الشاقة إذا عمت خفت، ثم ثانيًا بين وجه الحكمة في إيجاب الصوم، وهو أنه سبب لحصول التقوى، فلو لم يفرض الصوم لفات هذا المقصود الشريف، ثم ثالثًا: بين أنه مختص بأيام معدودة، فإنه لو جعله أبدًا أو في أكثر الأوقات لحصلت المشقة العظيمة ثم بين رابعًا: أنه خصه من الأوقات بالشهر الذي أنزل فيه القرآن لكونه أشرف الشهور بسبب هذه الفضيلة، ثم بين خامسًا: إزالة المشقة في إلزامه فأباح تأخيره لمن شق عليه من المسافرين والمرضى إلى أن يصيروا إلى الرفاهية والسكون، فهو سبحانه راعى في إيجاب الصوم هذه الوجوه من الرحمة فله الحمد على نعمه كثيرًا. اهـ.
قال الفخر:
أما قوله تعالى: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ} ففيه مسائل:

.المسألة الأولى: القراءة المشهورة المتواترة {يُطِيقُونَهُ}:

وقرأ عكرمة وأيوب السختياني وعطاء {يُطِوقُونَهُ} ومن الناس من قال: هذه القراءة مروية عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد قال: ابن جني: أما عين الطاقة فواو كقولهم: لا طاقة لي به ولا طوق لي به وعليه قراءة يطوقونه فهو يفعلونه فهو كقولك: يجشمونه: أي يكلفونه.

.المسألة الثانية: اختلفوا في المراد بقوله: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ}:

على ثلاثة أقوال:
الأول: أن هذا راجع إلى المسافر والمريض وذلك لأن المسافر والمريض قد يكون منهما من لا يطيق الصوم ومنهما من يطيق الصوم.
وأما القسم الأول: فقد ذكر الله حكمه في قوله: {وَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
وأما القسم الثاني: وهو المسافر والمريض اللذان يطيقان الصوم، فإليهما الإشارة بقوله: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} فكأنه تعالى أثبت للمريض وللمسافر حالتين في إحداهما يلزمه أن يفطر وعليه القضاء وهي حال الجهد الشديد لو صام والثانية: أن يكون مطيقًا للصوم لا يثقل عليه فحينئذ يكون مخيرًا بين أن يصوم وبين أن يفطر مع الفدية.
القول الثاني: وهو قول أكثر المفسرين أن المراد من قوله: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ} المقيم الصحيح فخيره الله تعالى أولًا بين هذين، ثم نسخ ذلك وأوجب الصوم عليه مضيقًا معينًا.
القول الثالث: أنه نزلت هذه الآية في حق الشيخ الهرم قالوا: وتقريره من وجهين أحدهما: أن الوسع فوق الطاقة فالوسع اسم لمن كان قادرًا على الشيء على وجه السهولة أما الطاقة فهو اسم لمن كان قادرًا على الشيء مع الشدة والمشقة فقوله: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ} أي وعلى الذين يقدرون على الصوم مع الشدة والمشقة.
الوجه الثاني: في تقرير هذا القول القراءة الشاذة {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ} فإن معناه وعلى الذين يجشمونه ويكلفونه، ومعلوم أن هذا لا يصح إلا في حق من قدر على الشي مع ضرب من المشقة.
إذا عرفت هذا فنقول: القائلون بهذا القول اختلفوا على قولين أحدهما: وهو قول السدي: أنه هو الشيخ الهرم، فعلى هذا لا تكون الآية منسوخة، يروى أن أنسًا كان قبل موته يفطر ولا يستطيع الصوم ويطعم لكل يوم مسكينًا وقال آخرون: إنها تتناول الشيخ الهرم والحامل والمرضع سئل الحسن البصري عن الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسهما وعلى ولديهما فقال: فأي مرض أشد من الحمل تفطر وتقضي.
واعلم أنهم أجمعوا على أن الشيخ الهرم إذا أفطر فعليه الفدية، أما الحامل والمرضع إذا أفطرتا فهل عليهما الفدية؟ فقال الشافعي رضي الله عنه: عليهما الفدية، فقال أبو حنيفة: لا تجب حجة الشافعي أن قوله: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} يتناول الحامل والمرض، وأيضًا الفدية واجبة على الشيخ الهرم فتكون واجبة أيضًا عليهما، وأبو حنيفة فرق فقال: الشيخ الهرم لا يمكن إيجاب القضاء عليه فلا جرم وجبت الفدية، أما الحامل والمرضع فالقضاء واجب عليهما، فلو أوجبنا الفدية عليهما أيضًا كان ذلك جمعًا بين البدلين وهو غير جائز لأن القضاء بدل والفدية بدل، فهذا تفصيل هذه الأقوال الثلاثة في تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ}.
أما القول الأول: وهو اختيار الأصم فقد احتجوا على صحته من وجوه أحدها: أن المرض المذكور في الآية إما أن يكون هو المرض الذي يكون في الغاية، وهو الذي لا يمكن تحمله، أو المراد كل ما يسمى مرضًا، أو المراد منه ما يكون متوسطًا بين هاتين الدرجتين، والقسم الثاني باطل بالإتفاق، والقسم الثالث أيضًا باطل، لأن المتوسطات لها مراتب كثيرة غير مضبوطة، وكل مرتبة منها فإنها بالنسبة إلى ما فوقها ضعيفة وبالنسبة إلى ما فوقها إلى ما تحتها قوية، فإذا لم يكن في اللفظ دلالة على تعيين تلك المرتبة مع أن مراد الله هو تلك المرتبة صارت الآية مجملة وهو خلاف الأصل، ولما بطل هذان القسمان تعين أن المراد هو القسم الأول، وذلك لأنه مضبوط، فحمل الآية عليه أولى لأنه لا يفضي إلى صيرورة الآية مجملة.
إذا ثبت هذا فنقول: أول الآية دل على إيجاب الصوم، وهو قوله: كتب عليكم الصيام أيامًا معدودات ثم بين أحوال المعذورين، ولما كان المعذورون على قسمين: منهم من لا يطيق الصوم أصلًا، ومنهم من يطيقه مع المشقة والشدة، فالله تعالى ذكر حكم القسم الأول ثم أردفه بحكم القسم الثاني.
الحجة الثانية: في تقرير هذا القول أنه لا يقال في العرف للقادر القوي: إنه يطيق هذا الفعل لأن هذا اللفظ لا يستعمل إلا في حق من يقدر عليه مع ضرب من المشقة.
الحجة الثالثة: أن على أقوالكم لابد من إيقاع النسخ في هذه الآية وعلى قولنا لا يجب، ومعلوم أن النسخ كلما كان أقل كان أولى فكان المصير إلى إثبات النسخ من غير أن يكون في اللفظ ما يدل عليه غير جائز.
الحجة الرابعة: أن القائلين بأن هذه الآية منسوخة اتفقوا على أن ناسخها آية شهود الشهر، وذلك غير جائز لأنه تعالى قال في آخر تلك الآية: {يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر} [البقرة: 185] ولو كانت الآية ناسخة لهذا لما كان قوله: {يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر} لائقًا بهذا الموضع، لأن هذا التقدير أوجب الصوم على سبيل التضييق، ورفع وجوبه على سبيل التخيير، فكان ذلك رفعًا لليسر وإثباتًا للعسر فكيف يليق به أن يقول: {يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر}.
واحتج القاضي رحمه الله في فساد قول الأصم فقال: إن قوله: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ} معطوف على المسافر والمريض، ومن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه فبطل قول الأصم.
والجواب: أنا بينا أن المراد من المسافر والمريض المذكورين في الآية هما اللذان لا يمكنهما الصوم ألبتة، والمراد من قوله: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ} المسافر والمريض اللذان يمكنهما الصوم، فكانت المغايرة حاصلة فثبت بما بينا أن القول الذي اختاره الأصم ليس بضعيف، أما إذا وافقنا الجمهور وسلمنا فساده بقي القولان الآخران، وأكثر المفسرين والفقهاء على القول الثاني، واختاره الشافعي واحتج على فساد القول الثالث، وهو قول من حمله على الشيخ الهرم والحامل والمرضع بأن قال: لو كان المراد هو الشيخ الهرم لما قال في آخر الآية: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} لأنه لا يطيقه، ولقائل أن يقول: هذا محمول على الشيخ الهرم الذي يطيق الصوم ولكنه يشق عليه، وعلى هذا التقدير فلا يمتنع أن يقال له: لو تحملت هذه المشقة لكان ذلك خيرًا لك فإن العبادة كلما كانت أشق كانت أكثر ثوابًا. اهـ.
قوله تعالى: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}.
قرأ نافع وابن عامر {فِدْيَةٌ} بغير تنوين {طَعَامٌ} بالكسر مضافًا إليه {مساكين} جمعا، والباقون {فِدْيَةٌ} منونة {طَعَامٌ} بالرفع {مّسْكِينٌ} مخفوض، أما القراءة الأولى ففيها بحثان الأول: أنه ما معنى إضافة فدية إلى طعام؟ فنقول فيه وجهان: أحدهما: أن الفدية لها ذات وصفتها أنها طعام، فهذا من باب إضافة الموصوف إلى الصفة، كقولهم: مسجد الجامع وبقله الحمقاء والثاني: قال الواحدي: الفدية اسم للقدر الواجب، والطعام اسم يعم الفدية وغيرها، فهذه الإضافة من الإضافة التي تكون بمعنى {مِنْ} كقولك: ثوب خز وخاتم حديد، والمعنى: ثوب من خز وخاتم من حديد، فكذا هاهنا التقدير: فدية من طعام فأضيفت الفدية إلى الطعام مع أنك تطلق على الفدية اسم الطعام.
البحث الثاني: أن في هذه القراءة جمعوا المساكين لأن الذين يطيقونه جماعة، وكل واحد منهم يلزمه مسكين، وأما القراءة الثانية وهي {فِدْيَةٌ} بالتنوين فجعلوا ما بعده مفسرًا له ووحدوا المسكين لأن المعنى على كل واحد لكل يوم طعام مسكين. اهـ.

.قال ابن عطية:

قال أبو علي: فإن قلت كيف أفردوا المساكين والمعنى على الكثرة لأن الذين يطيقونه جمع وكل واحد منهم يلزمه مسكين فكان الوجه أن يجمعوا كما جمع المطيقون؟، فالجواب أن الإفراد حسن لأنه يفهم بالمعنى أن لكل مسكينًا، ونظير هذا قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} [النور: 4] فليست الثمانون متفرقة في جميعهم بل لكل واحد ثمانون. اهـ.

.قال الفخر:

أما قوله تعالى: {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ} ففيه ثلاثة أوجه أحدها: أن يطعم مسكينًا أو أكثر والثاني: أن يطعم المسكين الواحد أكثر من القدر الواجب والثالث: قال الزهري: من صام مع الفدية فهو خير له. اهـ.
قال الفخر:
أما قوله: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} ففيه وجوه أحدها: أن يكون هذا خطابًا مع الذين يطيقونه فقط، فيكون التقدير: وأن تصوموا أيها المطيقون أو المطوقون وتحملتم المشقة فهو خير لكم من الفدية والثاني: أن هذا خطاب مع كل من تقدم ذكرهم، أعني المريض والمسافر والذين يطيقونه، وهذا أولى لأن اللفظ عام، ولا يلزم من اتصاله بقوله: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ} أن يكون حكمه مختصًا بهم، لأن اللفظ عام ولا منافاة في رجوعه إلى الكل، فوجب الحكم بذلك وعند هذا يتبين أنه لابد من الإضمار في قوله: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وأن التقدير: فأفطر فعدة من أيام أخر الثالث: أن يكون قوله: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} عطفًا عليه على أول الآية فالتقدير: كتب عليكم الصيام وأن تصوموا خير لكم. اهـ.
قال الفخر:
أما قوله: {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أي أن الصوم عليكم فاعلموا صدق قولنا وأن تصوموا خير لكم.
الثاني: أن آخر الآية متعلق بأولها والتقدير كتب عليكم الصيام وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون أي أنكم إذا تدبرتم علمتم ما في الصوم من المعاني المورثة للتقوى وغيرها مما ذكرناه في صدر هذه الآية.
الثالث: أن العالم بالله لابد وأن يكون في قلبه خشية الله على ما قال: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] فذكر العلم والمراد الخشية، وصاحب الخشية يراعي الاحتياط والاحتياط في فعل الصوم، فكأنه قيل: إن كنتم تعلمون الله حتى تخشونه كان الصوم خيرًا لكم. اهـ.
سؤال: أين الجواب؟
والجوابُ محذوفٌ ثقةً بظهوره أي اخترتموه أو سارعتم إليه وقيل: معناه إن كنتم من أهلِ العلمِ والتدبُّر علمتم أن الصومَ خيرٌ من ذلك. اهـ.