فصل: الكلام على البسملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الكلام على البسملة:

ألم يأن تركي ما على ولا ليا ** وعزمي على ما فيه إصلاح حاليا

وقد نال مني الدهر وابيض مفرقي ** بكر الليالي والليالي كما هيا

أصوت بالدنيا وليست تجيبني ** أحاول أن أبقى وكيف بقائيا

وما تبرح الأيام تحذف مدتي ** بعد حساب لا كعد حسابيا

أليس الليالي غاصباتي مهجتي ** كما غصبت قبلي القرون الخواليا

وتسكنني لحدا لذي حفرة بها ** يطول إلى أخرى الليالي ثوائيا

فيا ليتني من بعد موتي ومبعثي ** أكون ترابا لا علي ولا ليا

يا من ذنوبه كثيرة لا تعد ووجه صحيفته بمخالفته قد اسود كم ندعوك إلى الوصال وتأبى إلا الصد أما الموت قد سعى نحوك وجد أما عزم أن يلحقك بالأب والجد أما ترى منعما أترب الثرى منه الخد كم عاينت متجبرا كف الموت كفه الممتد فاحذر أن يأتي على المعاصي فإنه إذا أتى أبى الرد إلى كم ذا الصبا والمراح أأبقى الشيب موضعا للمزاح لقد أغنى الصباح عن المصباح وقام حرب المنون من غير سلاح اعوجت القناة بلا قنا ولا صفاح فعاد ذو الشيبة بالضعف ثخين الجراح ونطقت ألسن الفناء بالوعظ الصراح وا أسفا صمت المسامع والمواعظ فصاح لقد صاح لسان التحذير يا صاح يا صاح وأنى بالفهم لمخمور غير صاح لقد أسكرك الهوى سكرا شديدا لا يزاح وما تفيق حتى يقول الموت لا براح:
ألا تبصر الآجال كيف تخرمت ** وكل امرئ للهلك والموت صائر

وأنت بكأس القوم لابد شارب ** فهل أنت فيما يصلح النفس ناظر

لقد وعظ الزمن بالآفات والمحن ولقد حدث بالطعن كل من قد ظعن ولقد أنذر المطلق في أغراضه المرتهن تالله لوصفت الفطن أبصرت ما بطن إخواني أمر الموت قد علن كم طحطح الردى وكم طحن يا بائعًا لليقين مشتريا للظنن يا مؤثرا للرذائل في اختيار الفتن إن السرور والشرور في قرن أنت في المعاصي مطلق الرسن وفي الطاعة كذي وسن يا رضيع الدنيا وقد آن فطامه يا طالب الهوى وقد حان حمامه قال وهب بن منبه إن لله مناديا ينادي كل ليلة أبناء الخمسين هلموا للحساب أبناء الستين ماذا قدمتم وماذا أخرتم أبناء السبعين عدوا أنفسكم في الموتى:
كبرت وقاربت نصف المائة ** وبدلت يا شيخ بالتسميه

وقد نشر الشيب في عسكر الشباب ** على رأسك الألوية

تحول إلى توبة لا تحور ** عساها تكون هي المنجية

ولا تطلق اللحظ في ريبة ** ولا تسألن فتنة ما هيه

وهل غيرها قد تذوقته ** فكم تعتد الإثم والمعصية

إلى كم يا ذا المشيب أما الأمر منك قريب كم تعب في وعظك خطيب كم عالجك طبيب إنه لمرض عجيب إنه لداء غريب عظم واهن وقلب صليب يا هذا لا شيء أقل من الدنيا ولا أعز من نفسك وها أنت تنفق أنفاس النفس النفيسة على تحصيل الدنيا الخسيسة متى يقنعك الكفاف متى يردك العفاف متى يقومك الثقاف إنك لتأبى إلا الخلاف مقاليدك ثقال وركعاتك خفاف يا قبيح الخصال يا سيء الأوصاف يا مشتريًا بسني الخصب السنين العجاف قف متدبرًا لحالك فالمؤمن وقاف وتذكر وعيد العصاة ويحك أما تخاف:
ما من الحزم أن تقارب أمرا ** تطلب البعد عنه بعد قليل

وإذا ما هممت بالشيء فانظر ** كيف منه الخروج قبل الدخول

لا مفرا من المقادير لكن ** للمعاذير عند أهل العقول

ويحك إن الدنيا فتنة وكم فيها من محنة غير أنها لا تخفى على أهل الفطنة لا يعز ذليلها ولا يودى قتيلها من سكنها خرج وساكنها منزعج:
إنما الدنيا بلاء ** ليس في الدنيا ثبوت

إنما الدنيا كبيت ** نسجته العنكبوت

كل من فيها لعمري ** عن قريب سيموت

إنما يكفيك منها ** أيها الراغب قوت

يا هذا انتقم من حرصك بالقناعة فمن مات حرصه عاشت مروءته خل فضول الدنيا وقد سلمت إن لم تقبل نصحي ندمت البلغة منها ما يقوت والزاهد فيها ما يموت فأعرض عنها جانبا وكن لأهلها مجانبا وإذا أقلقك هجير المجاعة فلذ بالصبر في ظل القناعة.
الكلام على قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه} الإنسان ابن آدم وما توسوس به نفسه ما تحدثه به ويكنه في قلبه وهذا يحث على تطهير القلب من مساكنة الوساوس الرديئة تعظيما لمن يعلم قال بعض السلف إذا نطقت فاذكر من يسمع وإذا نظرت فاذكر من يرى وإذا عزمت فاذكر من يعلم قوله تعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} الوريد عرق في باطن العنق وهما وريدان بين الحلقوم والعلياوين والعلويان القصبتان الصفراوان في متن العنق وحبل الوريد هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظي اسمه سجع على قوله تعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}.
يا مطلقا نفسه فيما يشتهي ويريد اذكر عند خطواتك المبدئ المعيد وخف قبح ما جرى فالملك يرى والملك شهيد {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} هلا استحيت ممن يراك إذا ركبت من هواك ما نهاك ستبكي والله عيناك مما جنت يداك أما تعلم أنه بالمرصاد فقل لي أين تحيد {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} لو صدق علمك به لراقبته ولو خفت وعيده في الحرام ما قاربته ولو علمت سموم الجزاء في كأس الهوى ما شربته لقد أضعنا الحديث عند سكران يميد {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} قال بعض السلف مررت برجل منفرد فقلت له أنت وحدك فقال معي ربي وملكاي فقلت أين الطريق فأشار نحو السماء ثم مضى وهو يقول أكثر خلقك شاغل عنك.
راود رجل امرأة فقالت ألا تستحي فقال ما يرانا إلا الكواكب فقالت وأين مكوكبها؟
كأن رقيبا منك يرعى خواطري ** وآخر يرعى ناظري ولساني

فما نظرت عيناي بعدك نظرة ** لغيرك إلا قلت قد رمقاني

ولا بدرت من في بعدك لفظة ** لغيرك إلا قلت قد سمعاني

ولا خطرت في غير ذكرك خطرة ** على القلب إلا عرجت بعناني

قوله تعالى: {إذ يتلقى المتلقيان} وهما الملكان يلتقيان القول ويكتبانه عن اليمين كاتب الحسنات وعن الشمال كاتب السيئات {قعيد} أي قاعد والمعنى عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على شماله وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فإذا عمل حسنة كتبها له صاحب اليمين عشرًا وإذا عمل سيئة قال لصاحب الشمال أمسك فيمسك عنه سبع ساعات فإن استغفر منها لم يكتب عليه شيء وإن لم يستغفر كتبت عليه سيئة واحدة وفي حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مقعد مليكك على ثنيتك فلسانك قلمها وريقك مدادها سجع على قوله تعالى: {عن اليمين وعن الشمال قعيد}.
ما ظنك بمن يحصي جميع كلماتك ويضبط كل حركاتك ويشهد عليك بحسناتك ترفع الصحائف وهي سود وعمل المنافق مردود يحضره الملكان لدى المعبود يا شر العبيد {عن اليمين وعن الشمال قعيد} يضبطان على العبد ما يجري من حركاته وما يكون من نظراته وكلماته واختلاف أموره وحالاته لا ينقص ولا يزيد {عن اليمين وعن الشمال قعيد} قال سفيان الثوري يوما لأصحابه أخبروني لو كان معكم من يرفع الحديث إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشيء قالوا لا قال فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله عز وجل قوله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} أي ما يتكلم من كلام فيلفظه أي يرميه من فيه إلا لديه رقيب عتيد أي حافظ وهو الملك الموكل به والعتيد الحاضر معه أينما كان السجع على قوله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} يا كثير الكلام حسابك شديد يا عظيم الإجرام عذابك جديد يا مؤثرا ما يضره ما رأيك سديد يا ناطقا بما لا يجدي ولا يفيد {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} كلامك مكتوب وقولك محسوب وأنت يا هذا مطلوب ولك ذنوب وما تتوب وشمس الحياة قد أخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب وقد أتاه ما يصدع الحديد {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.
أتظن أنك متروك مهمل أم تحسب أنه ينسى ما تعمل أو تعتقد أن الكاتب يغفل هذا صائح النصائح قد أقبل يا قاتلا نفسه بكفه لا تفعل يا من أجله ينقص وأمله يزيد {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}:
أنا من خوف الوعيد ** في قيام وقعود

كيف لا أزداد خوفا ** وعلى النار ورودي

كيف جحدي ما تجرمت ** وأعضائي شهودي

كيف إنكاري ذنوبي ** أم ترى كيف جحودي

وعلى القول يحصى ** برقيب وعتيد

قوله تعالى: {وجاءت سكرة الموت بالحق} وهي غمرته وشدته التي تغشي الإنسان وتغلب على عقله وفي قوله: {بالحق} قولان ذكرهما الفراء أحدهما بحقيقة الموت والثاني بالحق من أمر الآخرة قوله تعالى: {ذلك} أي ذلك الموت {ما كنت منه تحيد} أي تهرب وتفر قوله تعالى: {ونفخ في الصور} وهي نفخة البعث {ذلك يوم الوعيد} أي يوم وقوع الوعيد قوله تعالى: {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} وفيه قولان أحدهما أنه ملك يسوقها إلى محشرها قاله أبو هريرة والثاني أنه قرينها من الشياطين سمي سائقا لأنه يتبعها وإن لم يحثها.
وفي الشهيد ثلاثة أقوال أحدها أنه ملك يشهد عليها بعملها قاله عثمان بن عفان والحسن وقال مجاهد الملكان سائق وشهيد وقال ابن السائب السائق الذي يكتب عليه السيئات والشهيد هو الذي كان يكتب له الحسنات والثاني أنه العمل يشهد على الإنسان قاله أبو هريرة والثالث الأيدي والأرجل تشهد عليه بعمله قاله الضحاك إخواني احذروا من العرض على مالك الطول والعرض وأعدوا الجواب إذا سئلتم عن الفرض أين الحياء من قبح المضمرات أين البكاء على سالف الخطرات أين الخوف من الجزاء على خطوات الخطيئات كتب يوسف بن أسباط إلى حذيفة المرعشي أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله سبحانه والعمل بما علمك الله تعالى والمراقبة حيث لا يراك إلا الله عز وجل والاستعداد لما ليس لأحد فيه حيلة ولا ينتفع بالندم عند نزوله فاحسر عن رأسك قناع الغافلين وانتبه من رقدة الموتى وشمر للسباق غدا فإن الدنيا ميدان المسابقين ولا تغتر بمن أظهر النسك وتشاغل بالوصف وترك العمل بالموصوف واعلم يا أخي أنه لابد لي ولك من المقام بين يدي الله تعالى يسألنا عن الدقيق الخفي وعن الجليل الخافي ولست آمن أن يسألني وإياك عن وسواس الصدور ولحظات العيون والإصغاء للاستماع واعلم أنه لا يجزي من العمل القول ولا من البذل العدة ولا من التوقي التلاوم.
يا من معاصيه كثيرة مشهورة يا من نفسه بمن يجني عليها مسرورة أفي العين كمه أم عشى أم الأمر إليك يجري كما تشا أعلى القلب حجاب أم غشا أيا من إذا قعد عصى وكذا إذا مشى كل فعلك غلط كل عملك سقط أترى هذا العقل اختلط أما قوم بهذا الشمط أما علم الشيب على حروف الموت ونقط لقد عزم الأجل على النهوض وطال ما أقام والدنيا قروض قصر يبنى وجسم منقوض شيب وعيب يزحلق الفروض:
إلى متى أنت في ذنوب ** قلبك من أجلها مريض

أقرضت عمرا فمر خلسا ** وآن أن تطلب القروض

فاحذر مجيء الحمام بغتا ** وأنت في باطل تخوض

سجع على قوله تعالى: {لقد كنت في غفلة من هذا}.
كأنك بالعمر قد انقرض وهجم عليك المرض وفات كل مراد وغرض وإذا بالتلف قد عرض أخاذا {لقد كنت في غفلة من هذا} شخص البصر وسكن الصوت ولم يمكن التدارك للفوت ونزل بك ملك الموت فسامت الروح وحازى {لقد كنت في غفلة من هذا} عالجت أشد الشدائد فيا عجبا مما تكابد كأنك قد سقيت سم الأساود فقطع أفلاذا {لقد كنت في غفلة من هذا} بلغت الروح إلى التراقي ولم تعرف الراقي من الساقي ولم تدر عند الرحيل ما تلاقى عياذا بالله عياذا {لقد كنت في غفلة من هذا}.
ثم درجوك في الكفن وحملوك إلى بيت العفن على العيب القبيح والأفن وإذا الحبيب من التراب قد حفن وصرت في القبر جذاذا {لقد كنت في غفلة من هذا} وتسربت عنك الأقارب تسرى تقد في مالك وتفري وغاية أمرهم أن تجري دموعهم رذاذا {لقد كنت في غفلة من هذا} قفلوا الأقفال وبضعوا البضاعة ونسوا ذكرك يا حبيبهم بعد ساعة وبقيت هناك إلى أن تقوم الساعة لا تجد وزرا ولا معاذا {لقد كنت في غفلة من هذا} ثم قمت من قبرك فقيرا لا تملك من المال نقيرا وأصبحت بالذنوب عقيرا فلو قدمت من الخير حقيرا صار ملجأ وملاذا {لقد كنت في غفلة من هذا} ونصب الصراط والميزان وتغيرت الوجوه والألوان ونودي شقي فلان بن فلان وما ترى للعذر نفاذا {لقد كنت في غفلة من هذا} كم بالغ عذولك في الملام وكم قعد في زجرك وقام فإذا قلبك ما استقام قطع الكلام على ذا {لقد كنت في غفلة من هذا} وصلى الله على محمد وآله وصحبه. اهـ.

.الآثار الصحية للصوم:

قال صاحب الأمثل:
أهمية الإِمساك في علاج أنواع الأمراض ثابتة في الطبّ القديم والحديث. البحوث الطبّية لا تخلو عادة من الحديث عن هذه المسألة، لأن العامل في كثير من الأمراض الإِسراف في تناول الأطعمة المختلفة. المواد الغذائية الزائدة تتراكم في الجسم على شكل مواد دهنية، وتدخل هي والمواد السكرية في الدم، وهذه المواد الزائدة وسط صالح لتكاثر أنواع الميكروبات والأمراض، وفي هذه الحالة يكون الإِمساك أفضل طريق لمكافحة هذه الأمراض، وللقضاء على هذه المزابل المتراكمة في الجسم.
الصوم يحرق الفضلات والقمامات المتراكمة في الجسم، وهو في الواقع عملية تطهير شاملة للبدن، إضافة إلى أنه استراحة مناسبة لجهاز الهضم وتنظيف له، وهذه الاستراحة ضرورية لهذا الجهاز الحساس للغاية، والمنهمك في العمل طوال أيام السنة.
بديهي أن الصائم ينبغي أن لا يكثر من الطعام عند الإِفْطار والسُّحُور حسب تعاليم الإِسلام، كي تتحقق الآثار الصحية لهذه العبادة، وإلاّ فقد تكون النتيجة معكوسة.
العالم الروسي الكسي سوفورين يقول في كتابه:
الصوم سبيل ناجح في علاج أمراض فقر الدم، وضعف الأمعاء، والالتهابات البسيطة والمزمنة، والدمامل الداخلية والخارجية، والسل، والاسكليروز، والروماتيزم، والنقرس والاستسقاء، وعرق النساء، والخراز تناثر الجلد، وأمراض العين، ومرض السكر، وأمراض الكلية، والكبد والأمراض الأخرى.
العلاج عن طريق الإِمساك لا يقتصر على الأمراض المذكورة، بل يشمل الأمراض المرتبطة بأصول جسم الإِنسان وخلاياه مثل السرطان والسفليس، والسل والطاعون أيضًا. اهـ.