فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء} قال: الغلام الذي لم يحتلم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها. والله أعلم.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي: أن امرأة اتخذت معرنين من فضة، واتخذت جزعًا فمرت على القوم، فضربت برجلها فوقع الخلخال على الجزع فصّوت، فأنزل الله {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولا يضربن بأرجلهن} وهو أن تقرع الخلخال بالآخر عند الرجال، أو تكون على رجليها خلاخل فتحركهن عند الرجال. فنهى الله عن ذلك لأنه من عمل الشيطان.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ولا يضربن بأرجلهن} قال: كانت المرأة تضرب برجلها ليسمع قعقعة الخلخال فيها، فنهى عن ذلك.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} قال: الخلخال. نهى أن تضرب برجلها ليسمع صوت الخلخال.
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة قال: كن نساء الجاهلية يلبسن الخلاخيل الصم، فأنزل الله هذه الآية {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: كانت المراة تمر على المجلس في رجلها الخرز، فإذا جاوزت المجلس ضربت برجلها، فنزلت {ولا يضربن بأرجلهن}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: إن المرأة كانت يكون في رجلها الخلخال فيه الجلاجل، فإذا دخل عليها غريب تحرك رجلها عمدًا ليسمع صوت الخلخال فقال: {ولا يضربن} يعني لا يحركن أرجلهن {ليعلم ما يخفين} يعني ليعلم الغريب إذا دخل عليها ما تخفي من زينتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود {ليعلم ما يخفين من زينتهن} قال: الخلخال.
وأخرج الترمذي عن ميمونة بنت سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الرافلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها».
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب ومسلم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن الأغر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيها الناس توبوا إلى الله جميعًا فإني أتوب إليه كل يوم مائة مرة».
وأخرج أحمد عن حذيفة قال: كان في لساني ذوب إلى أهلي فلم أعده إلى غيره فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أين أنت من الاستغفار يا حذيفة؟ إني لاستغفر الله في كل يوم مائة مرة، وأتوب إليه».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: كم للمؤمنين من ستر؟ قال: هي أكثر من أن يحصى، ولكن المؤمن إذا عمل خطيئة هتك منها سترًا، فإذا تاب رجع إليه ذلك الستر، وتسعة معه وإذا لم يبق عليه منها شيء قال الله تعالى لمن يشاء من ملائكته: «إن بني آدم يعيرون ولا يغفرون فحفوه بأجنحتكم، فيفعلون به ذلك، فإن تاب رجعت إليه الأستار كلها، وإذا لم يتب عجبت منه الملائكة فيقول الله لهم: أسلموه فيسلموه حتى لا يستر منه عورة».
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن مغفل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الندم توبة».
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن مسعود قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الندم توبة».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس أنه سئل: عن الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها فقال: أوّله سفاح، وآخره نكاح، وتوبتهما إلي جميعًا أحب من توبتهما إلي متفرقين، إن الله يقول: {توبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنين}. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
قوله: {مِنْ أَبْصَارِهِمْ}:
في {مِنْ} أوجهٌ، أحدُها: أنها للتبعيضِ لأنَّه يعفى عن الناظِر أولُ نظرةٍ تقعُ مِنْ غيرِ قَصْدٍ. والثاني: لبيانٍ الجنسِ. قاله أبو البقاء، وفيه نظرٌ؛ من حيث إنَّه لم يتقدَّمْ مُبْهَمٌ يكونُ مفسَّرًا ب {مِنْ}. والثالث: أنها لابتداءِ الغاية. وقاله ابنُ عطية. والرابعُ: أنها مزيدةٌ. وهو قولُ الأخفشِ.
قوله: {وَلْيَضْرِبْنَ}:
ضَمَّن {يَضْرِبْنَ} معنى يُلْقِيْنَ فلذلك عدَّاه ب {على}. وقرأ أبو عمروٍ في روايةٍ بكسرِ لامِ الأمرِ.
وقرأ طلحة {بخُمْرِهنَّ} بسكونِ الميمِ، وتسكين فُعُل في الجمع أَوْلَى مِنْ تسكينِ المفردِ. وكَسَر الجيمَ مِنْ {جُيُوْبِهِنَّ} ابنُ كثير والأخَوان وابن ذَكْوان.
والغَضُّ: إطباقُ الجَفْنِ بحيث يمنعُ الرؤية. قال:
فَغُضِّ الطَرْفَ إنَّك مِنْ نُمَيْرٍ ** فلا كعبًا بَلَغْتَ ولا كِلابا

والخُمُر: جمع خِمار. وفي القلَّة يُجْمَعُ على أَخْمِرَة، قال امرؤُ القيس:
وَتَرى الشَّجْراءَ في رَيِّقِهِ ** كَرُؤوسِ قُطِعَتْ فيها الخُمُرْ

والجَيْبُ: ما في طَوْقِ القميصِ، يبدو منه بعضُ الجَسَدِ.
قوله: {غَيْرِ أُوْلِي} قرأ ابن عامر وأبو بكر {غيرَ} نصبًا. وفيه وجهان، أحدُهما: أنَّه استثناءٌ، والثاني: أنَّه حالٌ، والباقون {غيرِ} بالجرِّ نعتًا، أو بدلًا، أو بيانًا، والإِرْبَةُ: الحاجةُ. وتقدَّم اشتقاقُها في طه.
قوله: {مِنَ الرجال} حالٌ من {أُولي} وأمَّا قولُه: {أو الطفلِ الذين} فقد تقدَّم في الحج أن {الطفلَ} يُطْلَقُ عل المثنى والمجموعِ فلذلك وُصِفَ بالجمع. وقيل: لَمَّا قُصِد به الجنسُ رُوْعي فيه الجمعُ فهو كقولِهم: أهلكَ الناسَ الدينارُ الحُمْرُ والدِّرْهَمُ البيضُ.
و{عَوْرات} جمعُ عَوْرَة وهو: ما يريدُ الإِنسانُ سَتْره من بَدَنِه، وغَلَبَ في السَّوْءَتين. والعامَّةُ على {عَوْرات} بسكون الواوِ، وهي لغةُ عامَّةِ العربِ، سَكَّنوها تخفيفًا، لحرفِ العلة. وقرأ ابنُ عامر في روايةٍ {عَوَرات} بفتح العين. ونقل ابن خالويه أنها قراءةُ ابن أبي إسحاق والأعمش. وهي لغةُ هُذَيْلِ بن مُدْرِكَة. قال الفراء: وأنشدَني بعضُهم:
أخُو بَيَضاتٍ رائِحٌ متأوِّبُ ** رفيقٌ بمَسحِ المَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ

وجعلها ابن مجاهد لحنًا وخطأ، يعني من طريق الرواية، وإلاَّ فهي لغة ثابتة.
قوله: {أَيُّهَا المؤمنون} العامَّةُ على فتح الهاء وإثباتِ ألفٍ بعد الهاء، وهي ها التي للتنبيه. وقرأ ابن عامر هنا وفي الزخرف {يا أيها الساحر} [الآية: 49]، في الرحمن {أَيُّهَا الثقلان} [الآية: 31] بضم الهاء وصلًا، فإذا وَقَفَ سَكَّن. ووجْهُها: أنه لَمَّا حُذِفَتِ الألفُ لالتقاءِ الساكنين اسْتُخِفَّتْ الفتحةُ على حرفٍ خَفِيّ فَضُمَّتْ الهاءُ إتباعًا. وقد رُسِمَتْ هذه المواضعُ الثلاثةُ دونَ ألفٍ. فوقَفَ أبو عمروٍ والكسائيُّ بألفٍ، والباقون بدونِها، إتْباعًا للرَّسْمِ ولموافقةِ الخَطِّ للفظِ، وثَبَتَتْ في غير هذه المواضعِ حَمْلًا لها على الأصل، نحو: {يَا أَيُّهَا الناس} [البقرة: 21]، {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ} [البقرة: 153] وبالجملةِ فالرسمُ سُنَّةُ مُتَّبَعَةٌ. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)}.
{يَغُضُّوا}: من أبصار الظواهر عن المُحَرَّمات، ومن أبصار القلوب عن الفِكَرِ الرَّدِيّة، ومن تصورُّ الغائبات عن المعاينة، ولقد قالوا: إنَّ العينَ سببُ الحَيْن، وفي معناه أنشدوا:
وأنتَ إذا أرسلتَ طَرْفَك رائدًا ** لقلبِك يومًا أتْعَبَتْكَ المناظرُ

وقالوا: مَنْ أرسل طَرْفَه اقتضى حَتْفَه.
وإن النظرَ إلى الأشياء بالبَصَرِ يوجِبُ تَفْرِقَةَ القلوب.
ويقال إن العدوَّ إبليسَ يقول: قومي القديمُ وسهمي الذي لا يخطىء النظرُ. وأرباب المجاهدات إذا أرادوا صَوْنَ قلوبهم عن الخواطر الردية لم ينظروا إلى المحَسَّات- وهذا أصلٌ كبيرٌ لهم في المجاهدة في أحوال الرياضة.
ويقال قَرَنَ اللَّهُ النهي عن النظر إلى المحارم بذكر حفظ الفَرْجِ فقال: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} تنبيهًا على عِظَمِ خَطَرِ النظر؛ فإنه يدعو إلى الإقدام على الفعل.
ويقال قومٌ لا ينظرون إلى الدنيا وهم الزُّهَّاد، وقومٌ لا ينظرون إلى الكون وهم أهل العرفان، وقومٌ أهل الحفاظ والهيبة كما لا ينظرون بقلوبهم إلى الأغيار لا يرون نفوسهم أهلًا للشهود، ثم الحق- سبحانه- يكاشفهم من غير اختيارٍ منهم أو تعرُّضٍ أو تكلف.
قوله جل ذكره: {وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.
المطالبةُ عليهن كالمطالبة على الرجال لشمولِ التكليف للجنسين، فالواجبُ عليهن تركُ المحظوراتِ، والندبُ والنَّفْلُ لهن صونُ القلب عن الشواغل والخواطر الردية، ثم إنِ ارتّقَيْنَ عن هذه الحالة فالتعامي بقلوبهن عن غيرِ المعبود، والله يختص برحمته من يشاء.
قوله: {وَلاَ يُبْدِينَ زِيْنَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}: ما أباح الله- سبحانه- على بيان مسائل الفقه فمُستثنى من الحظرِ، وما وراء ذلك فالواجبُ عليهن حفظُ أنفسهن عن العقوبات في الآجل، والتصاون عن أن يكون سببًا لفتنة قلوب عباده. والله سبحانه يتصل منهم نفعٌ بالخَلْقِ فلا تصيبُ أحدًا بهم فتنةٌ.
وفي الجملةِ ما فيه زينة العبد لا يجوز إظهاره؛ فكما أنَّ لِلنساءِ عورةً ولا يجوز لهن إبداء زينتهن فكذلك مَنْ ظهر للخَلْق ما هو زينة سرائره من صفاء أحواله وزكاء أعماله انقلب زَيْنُه شَيْئًا إلا ظهر على أحدٍ شيءٌ- لا بتعمله ولا بتكلُّفه- فذلك مستثنىً لأنه غير مُؤاخذٍ بما لم يكن بتصرفه وتكلفه، فذوات المحارم على تفصيل بيان الشريعة يُسْتَثْنَى حُكْمُهن عن الحَظُر.
قوله جل ذكره: {أَوِ التَّابِعِينَ غِيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَأتِ النِّسَاءِ}.
تُراعى في جميع ذلك آدابُ الشرع في الإباحة والحظر.
قوله جل ذكره: {وَتُوبُوا إِلّى اللَّهِ جميعًا أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
التوبةُ الرجوعُ عن المذموماتِ من الأفعال إلى أضدادها المحمودة، وجميع المؤمنين مأمورون بالتوبة، فتوبةٌ عن الزَّلَّةِ وهي توبة العوام، وتوبة عن الغفلة وهي توبة الخواص... وتوبةٌ على محاذرة العقوبة، وتوبةٌ على ملاحظة الأمر.
ويقال أمَر الكافة بالتوبةِ؛ العاصين بالرجوع إلى الطاعة من المعصية، والمطيعين من رؤية الطاعة إلى رؤية لاتوفيق، وخاصَّ الخاصِّ من رؤية التوفيق إلى مشاهدة الموفِّق.
ويقال مساعدة الأقوياء مع الضعفاء- رِفْقًا بهم- من أمارات الكَرَمِ.
ويقال في قوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} يتبين أنَّه أمَرَهم بالتوبة لينتفعوا هم بذلك، لا ليكون للحقِّ- سبحانه- بتوبتهم وطاعتهم تجمُّلٌ.
ويقال أحوجُ الناس إلى التوبة مَنْ تَوَهَّمَ أنَّه ليس يحتاج إلى التوبة. اهـ.

.بحوث تتعلق بالآية:

.بحوث ذكرها صاحب الأمثل:

فلسفة الحجاب:
ممّا لا شكّ فيه أنّ الحديث عن الحجاب للمتغربين في عصرنا الذي سمّوه بعصر التعري والحرية الجنسية، ليس حديثًا سارًّا حيث يتصوّرونه أُسطوره يعود لعصور خلت.
إلاّ أنّ الفساد الذي لا حدّ له، والمشاكل المتزايدة والناتجة عن هذه الحريّات التي لا قيد لها ولاحدود، أدى بالتدريج إلى ايجاد الأُذن الصاغية لهذا الحديث.
وقد تمّ حلّ كثير من القضايا في بيئات إسلامية ودينية أُخرى، خاصّة في أجواء إيران بعد الثورة الإسلامية، وأُجيب عن الكثير من هذه الأسئلة بشكل مقنع.