فصل: لعبة العرائس المتحركة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وتفاخر أمينة السعيد بصفحات نضالها ضد الشريعة الإسلامية تحت ستار تحرير المرأة فتقول:
اقتراحي بإجراء تلقيح صناعي لزوجة عقيم من زوجها أقام الدنيا وأقعدها ومطالبتي بإلغاء المحاكم الشرعية كاد يدخلني السجن أما مهاجمتي لقانون الأحوال الشخصية فقد أثارت الدنيا من حولي وجاءت مظاهرة إلى دار الهلال تهتف بسقوطي. اهـ.
ولنعرض فيما يلي- إن شاء الله- أنموذجًا من جولاتها ضد الحجاب والآداب الإسلامية في ردها على بعض الشيوخ مستنكرة عليه آراءه التي أثارت القلق والأسف على حد تعبيرها ولن نتتبع شبهاتها بالرد والتعقيب لأن فسادها يغني عن إفسادها وصدق القائل:
لو كل كلب عوى ألقمته حجرًا ** لأصبح الصخر مثقالًا بدينار

وهي تذكر أن أكثر ما أثار القلق في أقوال الشيخ الفاضل نقطتان:
أولاهما: الدعوة إلى إلزام الطالبات بما يسمونه الزي الإسلامي وهو ما تفضل سيادته بتسميته الحجاب بحجة أنه دليل إسلامي رائع على الإيمان العميق والبعد عن الفتنة والإغراء.. إلخ، ثم ترتدي هذه المرأة الثعلب ثياب الناسكين وتعظ الشيخ قائلة:
ما كان ينبغي على شيخ المفروض فيه- بحكم ثقافته ومكانته- أن يكون ضليعًا في الإسلام أن يصدر عنه مثل هذا الكلام ونحن نعرف جميعًا استنادًا إلى ما ورد بالقرآن الكريم- وهو دستورنا الديني الأول- أن الإسلام لم يحدد على الإطلاق زيًا معينًا للمرأة المسلمة ولم يقدم رسمًا كامل الأوصاف لا من حيث الشكل أو النوع أو اللون.
ثم تزعم أن المعنى الواضح من هذا الكلام المقدس أن الدين الحنيف لا يستهدف من ملابس المرأة سوى الوقار والاحتشام والبعد عن التبرج والابتذال فكان أي ثوب تتوافر فيه هذه الاشتراطات هو زي إسلامي بمعنى الكلمة سواء كان مقتبسًا من الغرب أو الشرق أو الشمال أو الجنوب أما ما نراه اليوم شائعًا بين الفتيات والسيدات مما يسمونه الزي الإسلامي فالإسلام منه براء لأنه تقليد حرفي لزي الراهبات المسيحيات والذي نعلمه جميعًا أن لا كهانة ولا رهبانية في الإسلام.
ثم تستطرد تحت عنوان: أزياء دخيلة فتقول:
والأدهى من ذلك: المقنعات وهن قلة من المتطرفات في إعلان عن تدينهن فقد ذهبن في ثيابهن إلى تحريم ما أحله الله فغطين وجوههن بأنسجة كثيفة ليس بها سوى خرمين صغيرين للاستعانة بهما في النظر ولم يكتفين بذلك بل ذهبن في مبالغتهن إلى تغطية الخرمين الصغيرين بنظارات سوداء خوفًا من أن تتغلغل الأنظار من خلال الخرمين إلى حدقتي العينين وهو كل ما يحتمل أن يظهر من هذا القناع العجيب الدخيل هذا بالطبع غير جائز في الإسلام بدليل الفتوى الذي أصدرها سيد الأئمة كلهم الإمام الأكبر الشيخ محمد عبده وقد أورد فيها أن المقنعات لا ينبغي أن ترفع لهن قضية أو تسمع لهن شهادة في المحاكم... ولو كنا نساير روح الإسلام الأصيل ما سمحنا لهن بدخول الامتحانات العامة لسهولة تزييف الشخصية تحت هذا القناع العجيب.
وتشتد غيرة أمينة السعيد على الإسلام ويتدفق حرصها على مخالفة الكفار فتقول:
وما يقال عن الحجاب يسري أيضًا على ملابس الرجال فمع عظيم إجلالي للعمامة والجبة والقفطان أعرف أنها ليست زيًا إسلاميًا أصيلًا وإنما هي اقتباس من ملابس الأحبار اليهود في قديم الزمان.
وتختم مقالتها الطويلة مستنكرة على الشيخ تصريحاته قائلة:
إنها عملية هدم للإسلام من أساسه فاللهم ارحمنا وارحم ديننا من شر أنفسنا إنه السميع المجيب. اهـ.
وصدقت فإن ما تفعله حقًا هو عملية هدم للإسلام من أساسه وهي أولى بهذه الكلمات من غيرها، وصدق الله العظيم: {ولتعرفنهم في لحن القول}الآية.
تعني بتلك الأزياء الدخيلة الجلباب والنقاب وهي تعلم تمامًا أن ما عدا هذه الأزياء هو الدخيل الطارئ وأن هذا الحجاب كان سائدًا في كل المجتمع المصري قبل ظهور دعاة تحرير المرأة ولكنها تستغل جهل الجيل الحاضر بالماضي الذي عاصرته هي وأمثالها من الطاعنات في السن وتتحدث عن الحجاب كأنه من اختراع المتطرفات الجدد على حد تعبيرها.

.لعبة العرائس المتحركة:

وفي موكب الرذيلة صحافيات أخريات ومذيعات ومعلمات طبيبات وسياسيات قد تلونت تصوراتهن بألوان شتى وتفرقت مللهن أيما تفرق وبرغم انتساب بعضهن إلى الإسلام فقد جمعهن هدف واحد هو طعن الإسلام في الصميم وهؤلاء جميعًا وضعن أنفسهن بهذا المسلك الوخيم في صف المواجهة مع الإسلام يرمينه عن قوس واحدة شئن أم أبين رضين أم كرهن وتحصنّ في هذه الحرب في خندق واحد ضم إليهن اليهود والنصارى والملاحدة والمنافقين والفاسقين وكأني بهن يشرن إلى أوليائهن ورفاقهن قائلين: {هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلًا} الآية النساء (51)، فما أجدر هؤلاء بقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا}.
وغير هؤلاء صفوف وصفوف ممن رباهن الاستعمار الصليبي والصهيوني في محاضنه وأخريات ممن هن في دور الإعداد والتربية ليخلفهن في مهمة تدمير المرأة كل بأسلوبه وبقدر طاقته، {ولكل وجهة هو موليها} البقرة (148)، لكن يجمعهن محور واحد يؤكد أن هذه الشخوص التي تبدو للناظر كأنها تتحرك بإرادتها لا تتحرك إلا حسب خطة واحدة قدّرها ورسم خطوطها الذين فضلوا أن يجذبوا الخيوط من خلف ستار كفانا الله والمسلمين شرورهم.
من يحرر من؟
إن المرأة المسلمة الواعية البصيرة بحقوقها وواجبتها في ضوء كتاب الله وسنة رسوله هي المرأة الجديرة بصفة الحرية أما المرأة الغير المسلمة أو المنحرفة في فهمها للإسلام فهي الأسيرة التي تحتاج إلى تحرير سواء كان هذا التحرير من رق الشرك والوثنية وعبادة غير الله أو رق الرذيلة والتهتك أو رق العادات والأعراف والتقاليد المنافية لدين الإسلام. {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}.

.لا للقومية النسائية:

كان دأب دعاة تحرير المرأة منذ البداية لجعل القضية: قضية تحرير المرأة فقط مع إسقاط التعيين المسلمة ومن ثم ربطها بقضية تحرير المرأة في العالم كأنما صارت هناك قومية خاصة اسمها القومية النسائية تربط المرأة المسلمة بالمرأة النصرانية بالمرأة اليهودية بالمرأة عابدة البقروالأوثان بالمشركة بالملحدة... إلخ.
كأن قضيتهن واحدة ومطالبهن واحدة وأهدافهن واحدة ومعتقداتهن واحدة وكان السعي بل الأدهى من ذلك أن تتجاوز هذه القومية النسائية حدود الزمان لتجعل المسلمة الموحدة أختًا لنساء قدماء المصريين الوثنيات انظر ما كتبته إحداهن مفتخرة بالفراعنة:
كان الفراعنة هم أول من رفع المرأة إلى مقاعد الحكم وارتضى رجالهم في فخر واعتزاز أن تحكمهم ملكات كانت عهودهن رمز العدالة والتقدم والاستقرار.. ولقد وصلت المرأة الفرعونية إلى هذه المكانة العالية في قومها بغير معارك وبدون اعتراض.. وما كان ذلك إلا لأن المجتمع الفرعوني كان هو المجتمع المتحضر الذي رسم للبشرية بأجمعها طريق الحضارة والعلم والحكمة. اهـ.
ثم تفتخر ببعض مظاهر حرية المرأة عند الفراعنة مثل:
حق اقتسام الميراث في مساواة مع رجل أسرتها وكانت تملك حق تطليق زوجها بعد أن تدفع له تعويضًا وكانت تسمي أولادها باسمها. اهـ.
وتنقل بإعجاب عن هيرودوت قوله:
إن المرأة في مصر القديمة أكثر نشاطًا من رجلها فالنساء يذهبن إلى السوق يبعن ويشترين في حين أن الرجال يلازمون بيوتهم حيث يقومون بنسج الأقمشة. اهـ. ص (16) ثم تفتخر زعيمة حزب بنت النيل بنفرتيتي زوجة إخناتون التي حملت لواء حركة الانقلاب الديني وهي الحركة التي قامت في عهد حكم زوجها واشتركت نفرتيتي معه في صنع أسس الدين الجديد الذي توحدت فيه لأول مرة في تاريخ الأديان!! جميع الآلهة في إله واحد هو آتون أي الشمس. اهـ. ص (16)، وليت شعري ما الذي يدعو إلى هذا الفخار وقد انتقلت نفرتيتي وقومها من شرك إلى شرك؟ وأي شيء يدعو للإعجاب والاعتزاز بفراعنة وحدوا آلهتهم المتعددة في كومبانية آلهة مشتركة هي الشمس تعالى الله عما يشركون!، وهل خفى على هذه المتحررة أن عقيدة توحيد الله سبحانه وتعالى أول من نزل بها إلى الأرض من البشر آدم وحواء.. وأنهما كانا على دين الإسلام الذي أرسل الله به جميع رسله وأنزل به جميع كتبه؟ وأن التوحيد ليس إختراعًا فرعونيًا؟ وهل تتجاهل الكاتبة حقيقة تلك الوثنية الفرعونية البغيضة التي لا يصح إسلام أحد حتى يتبرأ منها ومن أصحابها؟ قال تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده} [الممتحنة: 4].
وكان السعي فعلًا حثيثًا لتأخذ المرأة المسلمة ملامح المرأة الغربية وكلما تطابقت صورتها مع الغربية كلما زاد الإعجاب بها وتقريظها بأنها لا تفترق عن الأجنبية! حتى سقطت بعض المسلمات فيما لم تسقط فيه عابدة البقر التي ظلت معتزة بزيها الخاص الساري وتميزها بالنقطة الحمراء بين عينيها.
وقد قامت الدوائر الاستعمارية خاصة في أمريكا وإنكلترا بتغذية هذه القومية النسائية في البلاد الإسلامية خاصة مصر فحينما استطاع الاتحاد النسائي المصري أن يعقد ما سمي بالمؤتمر النسائي العربي سنة 1944م وسط استنكار الشعوب العربية والمسئولين فيها ووسط احتجاج العلماء وثورة الإسلاميين إذا بزوجة الرئيس الأمريكي روزفلت تبرق إلى المؤتمر المذكور في 17 ديسمبر 1944م البرقية الآتية:
يسرني أن تتاح لي فرصة إرسال تحيتي إلى مندوبات الاتحادات النسائية في مختلف بلاد الشرق العربي والواقع أن نفوذ السيدات ليتعاظم ويزداد قوة في مختلف أرجاء العالم وإني لواثقة من أن النساء العربيات سيقمن بدورهن إلى جانب شقيقاتهن في باقي بلدان العالم أملًا في نشر التفاهم والسلم العالمي في المستقبل.
ومن قبلها حضرت إلى مصر الدكتورة ريد رئيسة الاتحاد النسائي الدولي بنفسها لتدرس عن كثب تطور الحركة النسائية ولتناصر الحركة بنفوذها في المحيط الأوربي وبتصريحاتها التي ترمي إلى المسارعة بإعطاء المرأة المصرية الحقوق السياسية المزعومة!
ومن هنا أيضًا لم يدهش الشعب المصري لزيارة وزيرة الشئون الاجتماعية البريطانية مسز سمر سكيل لتتفقد الأحزاب النسائية في مصر وتجتمع بدرية شفيق رئيسة حزب بنت النيل المشبوه وتحرضها على أن تترك المقالات والمناقشات والمجلات وتتجه إلى المظاهرات واقتحام أبواب البرلمان.
وتمتثل رئيسة حزب بنت النيل لتلك التوجيهات ففي إبريل سنة 1952 خرجت مظاهرة من قاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية- ذات التاريخ الطويل في التبشير- قوامها بضع عشرات من الفتيات الكاسيات....، تتقدمهن زعيمة الحزب المذكور وبعض الشبان من أصدقاء حزبها وأنصاره إلى دار البرلمان هاتفات بالحقوق السياسية المزعومة!
وفورًا أبرقت جمعية سان جيمس الإنكليزية إلى الزعيمة المذكورة بتهنئتها على نجاحها في اتجاهها الجديد نحو المظاهرات وتعلن تأييدها لها حتى تنال المرأة المصرية على يديها الحقوق السياسية تحت قبة البرلمان وفوق كرسي الوزارة. اهـ.
فهل أدركت يا أخت الإسلام.

.حقيقة الحركات النسائية وهدف القومية النسائية العالمي:

إن الكلام عن العالمية في هذا المجال ضار جدًا وهادم لأسباب النهضة عند الأمم الضعيفة بنوع خاص لأنها إذا أرادت أن تنهض فلن تقوم لها نهضة إلا على مغارسها وأصولها الأولى والنهضة على غير هذا الأساس فناء لذات العنصر الأضعف في العنصر الأقوى.
وكان الهدف من ذلك كله إشغال الرأي العام بقضية المرأة عن التفرغ لقضية الوطن الأسير الذي كانت تحتله آنذاك الدولة التي تمثلها مسز سمر سكيل الغيورة على حقوق المرأة المصرية!

.حصاد المؤامرة:

في نفس الوقت الذي ارتفعت فيه نعرة توحيد القومية النسائية كان دأب دعاة تحرير المرأة رجالًا ونساءً الأهم هو فصل قضية تحرير المرأة المسلمة عن قضية تحرير الوطن المسلم وفصل قضية الظلم الواقع عليها عن قضية الظلم الواقع على الرجل المسلم: تجزئة للقضية الواحدة من أجل أن تتفتت في مسارات متباينة متعارضة بل ومتصارعة إذ لم يقف الأمر عند هذه التجزئة بل تعداه إلى أن جُعلت المرأة المسلمة تقف خصمًا أمام الرجل المسلم وأمام الوطن المسلم تقف خصمًا ضد شريعتها تمتلئ رعبًا وهلعًا كلما قيل لها: هناك من يطالب بتطبيق حكم شريعتك وتنفرج أساريرها فرحة كلما وجهت ضربة إلى الشرع الحنيف عن طريق سن المزيد من القوانين العلمانية المستمدة من قوانين الغرب.
ذهب العصر الذي شيبنا ** وأتى عصر الشباب الملحدين

عيرونا إن عبدنا ربنا ** وحفظنا عهده في الحافظين

وعدوها لنا رجعية ** جعلوها سبة للمؤمنين

للمصلين إذا ما سجدوا من ** حديث السوء ما للصائمين

نسخ الأخلاق في شرعتهم ** أنها من ترهات الجامدين

إن نقل دين يقولوا فتنة ** هاجها في مصر بعض المفسدين

فسد الأمر فهل من مصلح ** أصلحوه يا شباب المسلمين

وصف محمد التابعى- الذي كانوا يعدونه أستاذ جيل الصحافيين الذين خرجتهم مجلة روز اليوسف- واقع الصحافة يوما، فقال ما نصه:
هذه الصحيفة صنيعة أمريكا وهذه الصحيفة مأجورة للإنجليز وهذه المجلة تصدر بأموال شيوعية وهذا الصحفى يتلقى أوامره ومرتبه الشهرى من موسكو أو وارسو أو براج وهكذا أصبحنا جميعا نحن الصحفيين بين فاسدين ومفسدين ومنافقين وخونة مأجورين للكتلة الغربية والكتلة الشرقية وأصبح الشعب في حيرة من لسانه المسموم:
الصحف التي أيدت الطغيان ودافعت عن الفساد الصحفيون الذين مرغوا جباههم تحت أقدام الطغيان بعد أن أسفر الطغيان.