فصل: المصير الأسود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



بين الزهاوي وابن الخطيب:
ومن فصول المعركة الهجمات التي شنها الشاعر العراقي الملحد المدعو جميل صدقي الزهاوي حيث أكثر من الطعن في الدين والتنفير من شرائعه حتى قال في الحجاب:
أخر المسلمين عن أمم الأرض ** حجاب تشقى به المسلمات

فانبرى له الشيخ ابن الخطيب وعارضه قائلًا:
بئس ما يدعي فلاسفة العصر من أن السفور فيه حياء وهو حق إذ أن أسلافنا الأعراب من فرط ما يحبون ماتوا.
والزهاوي هو القائل في حب الإنكليز أعداء الإسلام والتنفير من الترك المسلمين:
تبصر أيها العربي واترك ** ولاء الترك من قوم لئام

ووال الإنجليز رجال عدل ** وصدق في الفعال وفي الكلام

أحب الإ نكليز وأصطفيهم ** لمرض الإخاء في الأنام

جلوا في الملك ظلمة كل ظلم ** بعدل ضاء كالبدر التمام

من ديوان الزهاوي ط دار الدعوة- بيروت وله أشعار كثيرة في ذم الحجاب والتنفير منه ضربنا عنها صفحًا- عليه من الله ما يستحقه.
يا خليلي حدث عن الشرق قدمًا ** حين كانت تعظم المعجزات

حين كان القرآن يرجى ** ويخشى والقوانين آية البينات

حين كان الحديث يتلى ولا ** يرويه إلا ذوو العقول الثقات

إننا في الزمان نلقى أناسًا في ** التوضي علومهم قاصرات

وهموا بعد يدعون علومًا ** أنكرتها عصورنا الخاليات

ليت شعري ماذا يريدون منا ** وصنوف الأذى بنا محدقات

بنت مصرهاتي سفورك واغشي ** كل ناد ولتمل منك الجهات

عرفي نفسك الغداة وطوفي ** لا تفتك الأسواق والحانات

ثم أمي مجالس القوم وادعيهم ** إلى حيث لا تمل الدعاة

علنًا بالسفور نبني حصونًا ** شامخات بها ترد العداة

وعسانا نرى البرايا سجودًا ** لابن مصر وقد علاه الثبات

ولعمري قد بكى الدين حزنًا ** حين قال الخطيب يا سيدات

ومن قذائف الحق في هذه المعركة:
ما قاله الأديب الشاعر مصفى صادق الرافعي ردًا على دعاة تحرير المرأة:
أراك ترجين الذي لست أهله ** وما كل علم إبرة وثياب

كفى الزهر ما تندى به راحة الصبا ** وهل للندى بين السيول حساب

وما أحمق الشاة استفرت بظلفها ** إذا حسبت أن الشياه ذئاب

فحسبك نبلًا قالة الناس أنجبت ** وحسبك فخرًا أن يصونك باب

لك القلب من زوج وولد ** ووالد وملك جميع العالمين رقاب

ولم تخلقي إلا نعيمًا لبائس ** فمن ذا رأى أن النعيم عذاب

دعي عنك قومًا زاحمتهم نساؤهم ** فكانوا كما حف الشراب ذباب

تساووا فهذا بينهم مثل ** هذه وسيان معنى يافع وكعاب

وما عجبي أن النساء ترجلت ** ولكن تأنيث الرجال عجاب

ومنها: ما كان من الشاعر الأستاذ محمد حسن النجمي وقد أطلع على رد فضيلة الشيخ مصطفى صبري رحمه الله على السفوريين فأنشأ القصيدة الآتية:
زعم السفور والاختلاط وسيلة ** للمجد قوم في المجانة أغرقوا

كذبوا متى كان التعرض للخنا ** شيئًا تعز به الشعوب وتسبق

أيكون كشف السوأتين فضيلة ** فيذيعها هذا الشباب الأحمق

ما بالهم والبنت قد فتنت بما ** قالوا وحل بها الجنون المطبق

وبدت مقاتل عرضها لرماته ** حتى لهم به الجبان الأخرق

والقول أصبح في الخروج لها ** فلا كَفٌ تكُف ولا رتاج يغلق

كرهوا الزواج بها وباتت ** سوقها بعد التبذل عندهم لا تنفق

ما خطبهم كلفوا بنزع حجابها ** وتكلفوا فيها البيان ونمقوا

وتناولوا بالضعف من حاجاتنا ** واللين ما هو بالصرامة أخلق

أغدت مشاكلنا الكبيرة كلها ** ذيل يجرجره السفور المطلق

أم أنهم ضلوا السبيل وغرهم ** ببريقه هذا الجديد المخلق

أشبابنا المرجو صيحة جازع ** أغرى بها هذا البلاء المحدق

ونصيحة يفدي برائع سرها ** لقوام نهضتنا محب مشفق

لا ترهفوا سمع الحفي لقالة ** أبدًا بها بوم البطالة تنعق

لم يقصدوا خيرًا بها لكنهم ** رأوا القوى يسيغها فتملقوا

ولربما أجترح القوى خطيئة ** فمضى الضعيف بمدحها يتشدق

قوا أهلكم ونفوسكم عارًا ** إذا لم تتقوه بغيركم لا يعلق

وتناولوا بالزجر حمرًا كلما ** هيجت إلى متع الإباحة تنهق

ليس التمدن أن نرى روح ** الحيا بيد الخلاعة كل يوم تزهق

والبنت يدفعها براحته الهوى ** فتروح تهوى من تشاء وتعشق

لكنه العلم اهتدى بضيائه ** غرب البسيطة حين ضل المشرق

قال الشاعر محمد إقبال في قصيدته جواب شكوى:
لقد سئم الهوى في البيد قيس ** ومل من الشكاية والعذاب

يحاول أن يباح العشق حتى ** يرى ليلاه وهي بلا احتجاب

يريد سفور وجه الحسن ** لما رأى وجه الغرام بلا نقاب

فهذا العهد أحرق كل ** غرس من الماضي وأغلق كل باب

قد أفنت صواعقه المغاني ** وعاثت في الجبال وفي الهضاب

هي النار الجديدة ليس يلقى ** لها حطب سوى المجد القديم

خذوا إيمان إبراهيم ينبت ** لكم في النار روضات النعيم

ويذكوا من دم الشهداء ** ورد سني العطر قدسي النسيم

ولعل مما يصور واقع المرأة الجديدة التي أنتجتها دعوة التحرير أصدق تصوير هذه القصيدة لفضيلة الشيخ عبد الفتاح عشماوي كتبها جوابًا لشاب مسلم حائر بعنوان: حيرة:
سأل الفتى هلا أزلت لحيرتي ** كيف السبيل وقد جعلتك قدوتي

فأجبت أفصح ما بذاتك علني ** أجد السبيل بقدر ما في طاقتي

فأجاب أبغي أن أصون غريزتي ** بزواج من تدعى بحق زوجتي

ليست مشاع للجميع يرونها ** تمشي لتعرض ما يذل رجولتي

إن قلت صوني سمعتي وتستري ** ألفيتها عابت عليَّ رجعيتي

أو قلت قال الله كان جوابها ** ما قال قاسم أو فرويد غايتي

وإذا خطبت وقلت ما هو ** مهرها لم يتركوا إلا الفراغ بجعبتي

وإذا رأتني بالشعيرات التي ** في عارضي طلبت إزالة لحيتي

أو لا زواج وقد أطاعوا ** أمرها وأنا الطريد أجر ذيل الخيبة

فإذا رضخت وصار وجهي ** ناعمًا وتزوجتني والمضيع سنتي

ورأيتها يومًا تغادر بيتنا ** وسألتها قالت أريد إدارتي

لم يبق إلا أن أكون مكانها ** وهي التي تسعى لتجلب لقمتي

وطعامها أطهو وأغسل ثوبها ** وكذاك أرضع طفلها يا بلوتي

لم لا تكون وقد رأت حكامها ** أعطوا لها ما حرمته شريعتي

من لي بذات الدين تحفظ غيبتي ** غابت فلم أر من أراها زوجتي

فأجبته وأنا أغالب دمعتي ** أسمعتني ما زادني من حسرتي

لكن أقول وقد وُهِبْتَ ** هداية لا تيأسن وأبحث عن المهدية

فهناك من صن الحياء وإنما ** غيبن خلف الخدر خدر العفة

قل للتي أخضرت ولكن من ** دمن لا أشتريك لكي أبيع ديانتي

لو عشت طول العمر غير مزوج ** فأنا حريص أن أبيض صفحتي

ولدي وعد الله حق قاطع ** عندي عروسك والزفاف بجنتي

.المصير الأسود:

وكنتيجة حتمية لذلك السفور وهذا التبرج الجاهلي الكبير ولنفس النظام التعليمي الفاسد الذي غايته المثلى وهدفه الأسمى الوظيفة الحكومية وغير الحكومية امتلأت دور الحكومة ومصالحها بالموظفات وازدحمت بهن المسارح ودور السينما وكذلك المسابح والمصطافات وضمت البلاد بالخبث وعمها الفساد وانمسخ المجتمع الإسلامي فأصبح غيره بالأمس في مظهره ومخبره وظاهره وباطنه.
ثم جردت جيوش الشيطان ونفثت سمومها في كل مكان عبر السينما والتليفزيون والمسارح وإذا بنا أمام مخطط إلحادي يجوس خلال ديارنا وإذا بالزنا يحميه قانون وإذا بالفسقة والفاسقات من أهل الفن تقام لهم الأعياد وتضفى عليهم صفات البطولة وتهدى لهم الجوائز ليستعينوا بها على إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.
لقد كرم الإسلام المرأة كتابًا وسنة وحفلت شريعته برفع شأنها وصيانة حقوقها لكنها أذلت نفسها لما اتبعت الذين حرضوها ضد فطرتها ودينها وفسلخوها من دينها وأبعدوها عن ربها وألقوا بها في متاهات الحياة لتقاسي شظف العيش ومكاره المحن التي ناء بها كاهل الرجل بله المرأة لقد حملوها حملًا على أن تصطف في طابور المنقادين لحضارة الغرب لتدخل جنته المنشودة ولكن بعد أن تخلع على أعتابها إيمانها بالله واليوم الآخر.

.ودفعت المرأة الثمن:

لقد فقدت المرأة التي كان يلوح لها أنصارها بسعادة التحرر والتطور- ليس فقط سعادتها- بل فقدت وجودها كله ذات قيمة في المجتمع ووزن فيه لقد قبضت فيما مضى على دينها فقبض الله عنها السوء وبسط لها الحلال حتى لم تكد تينع الثمرة في بيت أبيها إلا وتمتد يد الحلال وتقطفها فلا تفتح عينها إلا على حليلها ولكنها قد ابتذلت وأهينت على يد أصدقائها وأنصارها كان أول من زهد فيها أنصارها المخادعون ولم تعد- كما كانت- تتمتع باحترام الآباء والأزواج ولم تعد تحاط بهالة التقدير والتعظيم وإنما أصبحت في نظر الجميع أشبه بمحترفة تطلب العيش وتقرع كل باب للعمل لعلها تحصل على وظيفة- أي كانت- تدر عليها دراهم معدودة تنفق أكثرها في المساحيق للتجميل وفي الثياب القصيرة للفتنة ولفت الأنظار.
هذا هو المنحدر الفظيع والهاوية السحيقة والمصير الأسود القاتم الذي انتهت إليه المرأة في كثير من بلاد المسلمين.
والآن:
وقد خلعت المرأة حجابها وغادرت حصنها وعصت ربها فهل جنينا حقًا التقدم والرخاء والحضارة؟
لقد خالطت الرجال واختلط الحابل بالنابل فهل زالت العقد النفسية؟ وهل استقرت دواخلهما؟ وهل جنينا سوى الثمار المريرة؟
لقد فتحنا بلادنا أمام الغزو الفكري اليهودي والصليبي والعلماني الذي سلط علينا سموم الشبهات وسهام الشهوات التي كانت أفتكها المرأة فهل وجدناهم أهدى من الذين آمنوا سبيلًا؟
التجربة خير شاهد:
إننا لن نطيل في وصف الهاوية التي تردت إليها المرأة المتحررة بفضل أنصارها وأصدقائها لأن الواقع حولنا يكفينا مؤنة هذه الإطالة إنه حقًا واقع مرير مرير تستطيع أن تدرك عواقبه وآثاره حيثما وقعت عينك في كل بيت في كل طريق في كل وظيفة.
وربما إذا كنا نتكلم من خلال خيال حالم أو حتى منذ قرن واحد مضى لا تهمنا بالتحامل أو المبالغة.
ولكنه واقع أليم خير من ينبئك عنه: هذه المرأة الضحية.
وهؤلاء الأنصار والأصدقاء.. إن صدقوا!

.السياسة في المعركة:

معركة سلاحها الأقلام:
رأينا- فيما سبق- كيف تحولت قضية تحرير المرأة المسلمة إلى حملة السفور مسعورة ضد الحجاب وكيف أخذت كلمة تحرير مدلول السفور برغم أن التحرير في الإسلام يأخذ مدلول الحجاب فكانت المحجبة هي الحرة والسافرة- أي التي تكشف وجهها- هي الأمة فكان السفور عنوان العبودية أما في ظل دعاة التحرير فأن الحجاب عندهم هو عنوان العبودية.