فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

1- بلورات ثلج تتحول بالتدريج الى جليد.
2- صورة مكبرة لحبيبات من البرد في حجم حبات الخرز.
3- صاعقة من البرق بين السحب الركامية وسطح الارض.
4- قطاع في سحابة ركامية بداخلها برد يتكون مسببا عاصفة برقية رعدية.
5- سحب ركامية.
في تفسير قوله تعالى: {وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار}.
ذكر ابن كثير يرحمه الله ما نصه: وقوله: {وينزل من السماء من جبال فيها من برد} قال بعض النحاة: {من} الأولي لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة لبيان الجنس، ومعناه أن في السماء جبال برد ينزل الله منها البرد، وأما من جعل الجبال هاهنا كناية عن السحاب فإن {من} الثانية عنده لابتداء الغاية لكنها بدل من الأولي والله أعلم، وقوله تعالي: {فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء} يحتمل أن يكون المراد بقوله: {فيصيب به} أي بما ينزل من السماء من نوعي المطر والبرد، فيكون قوله: {فيصيب به من يشاء} رحمة لهم {ويصرفه عن من يشاء} أي يؤخر عنهم الغيث، ويحتمل أن يكون المراد بقوله: {فيصيب به} أي بالبرد نقمة علي من يشاء لما فيه من إتلاف زروعهم وأشجارهم، {ويصرفه عن من يشاء} رحمة بهم، وقوله: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} أي يكاد ضوء برقه من شدته يخطف الأبصار إذا اتبعته وتراءته...
وجاء في تفسير الجلالين رحم الله كاتبيه رحمة واسعة ما نصه: {وينزل من السماء} {من} زائدة {جبال فيها} في السماء، بدل بإعادة الجار {من برد} أي بعضه {فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء} {يكاد} يقرب {سنا برقه} لمعانه {يذهب بالأبصار} الناظرة له أي يخطفها.
وجاء في الظلال رحم الله كاتبها برحمته الواسعة ما نصه: وهو في هيئة الجبال الضخمة الكثيفة فيها قطع البرد الثلجية الصغيرة... ومشهد السحب كالجبال ليبدو كما يبدو لراكب الطائرة وهي تعلو فوق السحب أو تسير بينها فإذا المشهد مشهد الجبال حقا بضخامتها، ومساقطها، وارتفاعاتها، وانخفاضاتها، وإنه لتعبير مصور للحقيقة التي لم يرها الناس، إلا بعدما ركبوا الطائرات.
وهذه الجبال مسخرة بأمر الله وفق ناموسه الذي يحكم الكون، ووفق هذا الناموس يصيب الله بالمطر من يشاء ويصرفه عن من يشاء... وتكملة المشهد الضخم {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} ذلك ليتم التناسق مع جو النور الكبير في الكون العريض، علي طريق التناسق في التصوير.
وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن رحم الله كاتبه برحمته الواسعة ما نصه: {سنا برقه} أي شدة ضوء برق السحاب ولمعانه. يقال: سنا يسنو سنا، أي أضاء.
وجاء في المنتخب في تفسير القرآن الكريم جزي الله كاتبيه خيرا ما نصه: والله ينزل من مجموعات السحب المتكاثفة التي تشبه الجبال في عظمتها بردا، كالحصي ينزل علي قوم فينفعهم أو يضرهم تبعا لقوانينه وإرادته، ولا ينزل علي آخرين كما يريد الله فهو سبحانه الفاعل المختار، ويكاد ضوء البرق الحادث من اصطكاك السحب يذهب بالأبصار لشدته، وهذه الظواهر دلائل قدرة الله الموجبة للإيمان.
وجاء في تعليق الخبراء بالهامش الملاحظتان التاليتان:
(1) لا يعرف التشابه بين السحب والجبال إلا من يركب طائرة تعلو به فوق السحاب فيراها من فوق كأنها الجبال والآكام، وإذا لم تكن تلك الطائرات موجودة في عصر النبي صلي الله عليه وسلم فإنه يكون ذلك دليلا علي أن هذا الكلام من عند الله الذي يعلم ما علا وما انخفض.
(2) تسبق هذه الآية الكريمة ركب العلم فإنها تتناول مراحل تكون السحب الركامية وخصائصها. وما عرف علميا في العهد الأخير من أن السحب الممطرة تبدأ علي هيئة وحدات يتألف عدد منها في مجموعات هي السحب الركامية أي السحب التي تنمو في الاتجاه الرأسي، وترتفع قممها إلي علو (15) إلي (20) كيلو مترا فتبدو كالجبال الشامخة!.
كما أن هذه السحب هي- وحدها- التي تجود بالبرد، وتشحن بالكهرباء، وقد يتلاحق حدوث البرق في سلسلة تكاد تكون متصلة 40 تفريغا في الدقيقة الواحدة فيذهب ببصر الراصد من شدة الضياء...

.فهم النص القرآني في ضوء المعارف المكتسبة:

أولا: النصف الأول من الآية الكريمة:
في النصف الأول من الآية الكريمة رقم (43) من سورة النور التي يقول فيها ربنا تبارك وتعالي مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم والخطاب من بعده للناس كافة بقوله عز من قائل: {ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فتري الودق يخرج من خلاله} (النور: 43).
سبق وأن ذكرنا في مقال سابق أن الفعل {يزجي} معناه يسوق سوقا رفيقا من زجي الشيء، يزجيه، تزجية، وإزجاء أي دفعه برفق.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الرياح المصرفة حسب المشيئة الإلهية هي التي تثير السحاب، وأن السحاب في بدء استثارته يكون في كثير من الأحوال علي هيئة القطع الصغيرة المتناثرة في صفحة السماء الدنيا، ثم تأتي الرياح لتسوق هذه القطع الصغيرة المتناثرة من السحاب سوقا رفيقا وهو الإزجاء، ولما كانت سرعة تحرك قطع السحاب الصغيرة أبطأ من سرعة الرياح التي تسوقها، فإن عملية إزجائها تستغرق وقتا من الزمن حتي تؤدي في النهاية إلي تجميعها في كتلة سحابية ضخمة، ولذلك استخدم القرآن الكريم حرف العطف ثم الذي يدل علي الترتيب مع التراخي؛ ويزداد بطء السحابة في تحركها كلما زادت كتلتها، وكلما قربت من منطقة التجمع حيث يؤلف الله تعالي بينها أي يضم بعضها إلي بعض في التئام ومواءمة، وهنا تتلاحم مكونات السحب الصغيرة المجتمعة علي بعضها البعض وتمتزج امتزاجا كاملا في جسم واحد كبير وهو المقصود بالتآلف، ومع بطء تحرك هذا التجمع السحابي الكبير تزداد سرعة التيارات الهوائية الصاعدة إلي داخله، ويزداد ارتفاع مكوناته إلي أعلي، ويؤدي ذلك إلي جلب مزيد من بخار الماء إلي داخله؛ وباستمرار ارتفاع مكونات هذا التجمع السحابي إلي مستويات عليا من نطاق المناخ نطاق الرجع حيث الانخفاض المستمر في كل من الضغط ودرجة الحرارة تزداد الفرص لتكثف ما به من بخار الماء، مما يزيد في سرعة التيارات الهوائية الصاعدة إلي داخل هذا التجمع من السحب، وبالتالي إلي زيادة تدفق بخار الماء إلي قلبه، وزيادة نموه، وكذلك زيادة فرصه في الارتفاع إلي أعلي علي هيئة أعداد من سلاسل السحب التي تأخذ شكل السلاسل الجبلية، ذات القمم السامقة، والتي تتعدد بتعدد التيارات الهوائية الصاعدة إلي داخلها، والمرتفعة بمكوناتها إلي أعلي مستويات تصلها قوة اندفاع تلك التيارات الصاعدة، وهذه التيارات الهوائية الصاعدة تكون في أعلي سرعاتها في وسط السحب، وتتضاءل سرعاتها علي الأطراف فيظهر تأثيرها علي هيئة النافورات المتدفقة بمائها إلي أعلي، أو فوهات البراكين الثائرة التي تلقي بملايين الأطنان من الحمم إلي أعلي فتتساقط متجمعة ومتكدسة علي جوانب المخروط البركاني، وتؤدي هذه العملية إلي إلقاء السحب بعضها فوق بعض علي جوانب تيارات الهواء الصاعدة بما فيها من بخار الماء المتكثف لتتجمع حول القمة المتكونة، وهذا هو المقصود بالركم لأن الركم في اللغة هو إلقاء الشيء بعضه فوق بعض من ركم الشيء يركمه ركما فارتكم وتراكم أي اجتمعت أجزاؤه شيئا فوق شيء فأصبح ركاما مركوما أو مرتكما أو متراكما بعضه علي بعض؛ وركم السحاب يؤدي إلي نموه الرأسي باستمرار علي هيئة سلسلة من القمم الجبلية المفصولة بعدد من التلال والهضاب والأودية؛ وكلما زاد نمو تجمعات السحب رأسيا زاد سمكها وزاد ركمها، ومن هنا كانت تسمية هذا النوع من تجمعات السحب باسم السحب الركامية أو المركومة.
CumuliformorHeapClouds.
وترجمة هذا التعبير الإنجليزي هو السحب المكدسة أو المتجمعة علي هيئة أكوام متراصة فوق بعضها تمييزا لها عن غيرها من أنواع السحب، وإبرازا لدور الركم في تكوينها.
ومن السحب الركامية أنواع منخفضة إلي متوسطة الارتفاع يزيد ارتفاع قواعدها علي كيلو مترين فوق مستوي سطح البحر، ومنها السحب العالية التي تجاوز قممها الخمسة عشر كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر، وتتجاوز قواعدها الستة كيلو مترات فوق هذا المستوي.
ونظرا لكثرة ما بها من بللورات الثلج وحبات البرد وقطرات الماء شديدة البرودة؛ فإن السحب الركامية العالية المعروفة باسم السمحاق الركامي والمتوسطة المعروفة باسم السحب الركامية المتوسطة تظهر أحيانا علي شكل أعداد كبيرة من الكريات البيضاء المتراصة في صفوف منتظمة، وإن كانت تأخذ أشكالا متموجة في بعض الأحيان. وتتكون السحب الركامية المنخفضة الارتفاع والمعروفة باسم السحب الركامية المزنة والمزن الركامية علي هيئة كتل جبلية الشكل ذات نمو رأسي واضح، وقواعد أفقية تقريبا.
وتشتمل السحب الركامية علي بللورات الثلج في قممها، وعلي خليط من حبات البرد وقطرات من ماء شديد البرودة في وسطها، وعلي قطرات الماء البارد في قاعدتها؛ وتصاحبها عادة ظواهر البرق والرعد وهطول المطر وسقوط حبات البرد وبللورات الثلج.
ومن السحب الركامية المنخفضة ما يشبه سلاسل التلال بدلا من سلاسل الجبال لقلة سمكها نسبيا، ولتوقف عمليات الركم دون الارتفاعات المناسبة، وهي لقلة ارتفاعها لا يتكون بداخلها البرد ولا الثلج، ولا يصاحبها برق ولا رعد، وإذا أمطرت فلا ينزل منها إلا الماء.
وتتحرك السحب الركامية إلي حيث أراد الله تعالى لها أن تصل، وتظل عوامل الركم فيها مستمرة مادامت تيارات الهواء الصاعدة إلي قلبها مندفعة بقوة تمكنها من الاحتفاظ بحمولتها من قطيرات الماء، وحبات البرد وبللورات الثلج؛ وعندما تضعف قوة الرياح الصاعدة التي يصرفها الله تعالي كما يصرف غيرها من أنواع الرياح بعلمه وقدرته وحكمته أو عندما تزيد حمولة هذا التجمع من السحب علي قدرة حملها فإن عملية الركم تتوقف وتبدأ مكوناتها في الهبوط إلي الأرض، وأول ما ينزل منها الماء، وقد يصاحبه أو يتلوه نزول البرد الذي يتلوه نزول الثلج؛ ولذلك تقول الآية الكريمة... فتري الودق يخرج من خلاله...
وإلفاء من حروف العطف التي تدل علي الترتيب والتعقيب مع الاشتراك وبدونه، و{الودق} هو المطر، و{من خلاله} أي من فتوق السحاب الركامي ومخارجه، لأن خلال جمع خلل علي وزن جبال وجبل؛ وقد ثبت علميا أنه بتباطؤ سرعة التيارات الهوائية الصاعدة أو توقفها تتكون مناطق خلخلة في قاعدة السحب الركامية فينزل منها الماء بإرادة الله تعالى وتقديره أولا من مناطق الخلخلة تلك التي تظل تتسع لتشمل قاعدة السحابة بأكملها حين يسود تيار الهواء الهابط، وقد يصاحبه كل من البرد والثلج أو يتلوه تباعا، وذلك حسب ارتفاع ومكونات السحابة الركامية وتوزيع درجات الحرارة والرطوبة فيها.
ثانيا- النصف الثاني من الآية الكريمة:
في النصف الثاني من الآية الكريمة يقول ربنا تبارك وتعالي: {وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} (النور: 43).
ومعني ذلك أنه بعد إزجاء السحاب أي سوقه سوقا رفيقا، والتأليف بينه أي ضم بعضه إلي بعض في التئام ومواءمة، وبعد ركمه أي تكديسه فوق بعضه بعضا بواسطة حركة التيارات الهوائية الصاعدة في داخل هذا التجمع من السحب، وخروج الودق أي المطر من خلاله، ينزل الله تعالى من السماء أي من هذه السحب الركامية. {من جبال} أي من السحب الركامية المرتفعة التي تشبه الجبال في شكلها وارتفاعها وقممها، {فيها من برد} أي في هذه الجبال من السحب الركامية التي تعلو قممها عن خمسة عشر كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر يوجد البرد، والبرد لغة هو مايبرد من المطر في الهواء فيتجمد ويصلب وعلي ذلك فهو يشمل الثلج أيضا، وهما لايتكونان في الغلاف الغازي للأرض إلا في السحب الركامية، وهي توصف بأنها سحب بردة أي ذات برد وثلج، أي أن الله تعالى ينزل من السحب الركامية المرتفعة القمم كالجبال شيئا مما فيها من برد وثلج فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء.