فصل: تفسير الآية رقم (62):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآية رقم (62):

قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان سبحانه قد نفى عنهم الإيمان بالتولي عن الأحكام، وتلاه بما رأيت أن تظمه أحسن نظام، حتى ختم بما أومأ إلى أن من عمي عن أحكامه بعد هذا البيان مسلوب العقل، وكرر في هذه السورة ذكر البيان، تكريرًا أشار إلى لمعان المعاني بأمتن بنان حتى صارت مشخصات للعيان، وبين من حاز وصف الإيمان، بحسن الاستئذان، وكان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أجلّ موطن تجب الإقامة فيه ويهجر ما عداه من الأوطان، فتصير الأرض برحبها ضيقة لأجله، محظورًا سلوكها مِن جرّاه، بمنزلة بيت الغير الذي لا يحل دخوله بغير إذن، قال معرفًا بذلك على طريق الحصر مقابلًا لسلب {وما أولئك بالمؤمنين} [المائدة: 43] مبينًا عظيم الجناية في الذهاب عن مجلس النبي صلى الله عليه وسلم المقتضي للجمع من غير إذن: {إنما المؤمنون} أي الكاملون الذين لهم الفلاح {الذين آمنوا بالله} أي الملك الأعلى {ورسوله} ظاهرًا وباطنًا.
ولما كان الكلام في الراسخين، كان الموضع لأداة التحقيق فقال: {وإذا} أي وصدقوا إيمانهم بأنهم إذا {كانوا معه} أي الرسول صلى الله عليه السلام {على أمر جامع} أي لهم على الله، كالجهاد لأعداء الله، والتشاور في مهم، وصلاة الجمعة، ونحو ذلك {لم يذهبوا} عن ذلك الأمر خطوة إلى موضع من الأرض ولو أنه بيوتهم، لشيء من الأشياء ولو أنه أهم مهماتهم، لأنه أخذ عليهم الميثاق بالطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره {حتى يستأذنوه} فيأذن لهم، لأن المأمور به قد صار منزلهم ومأواهم ومتبوأهم، وصار كل ما سواه من الأماكن والأمور له عليه الصلاة والسلام دونهم، لا حظ لهم فيه، فلا يحل لهم أن يدخلوه حسًا أو معنى إلا بإذنه، وهذا من عظيم النتبيه على عليّ أمره، وشريف قدره، وذلك أنه سبحانه كما أمرهم بالاستئذان عند الدخول عليه وعلى غيره، أفرده بأمرهم باستئذانه عند الانصراف عنه صلى الله عليه وسلم، وجعل رتبة ذلك تالية لرتبة الإيمان بالله والرسول، وجعلهما كالتسبيب له مع تصدير الجملة بأداة الحصر، وإيقاع المؤمنين في مبتدأ مخبرًا عنه بموصول أحاطت وصلته بالرتب الثلاث شرحًا له.
ولما نفى عن المؤمنين الذهاب إلى غاية الاستئذان، فأفهم أن المستأذن مؤمن، صرح بهذا المفهوم ليكون آكد، فقال تشديدًا في الإخلال بالأدب بين يديه صلى الله عليه وسلم، وتأكيدًا لحفظ حرمته والأدب معه لئلا يتشوش فكره في أسلوب آخر، وبيانًا لأن الاستئذان مصداق الإيمان: {إن الذين يستأذنونك} أي يطلبون إذنك لهم إذا أرادوا الانصراف، في شيء من أمورهم التي يحتمل أن تمنع منها {أولئك} العالو الرتبة خاصة {الذين يؤمنون} أي يوجدون الإيمان في كل وقت {بالله} الذي له الأمر كله فلا كفوء له {ورسوله} وذلك ناظم لأشتات خصال الإيمان.
ولما قصرهم على الاستئذان، تسبب عن ذلك إعلامه صلى الله عليه وسلم بما يفعل إذ ذاك فقال: {فإذا استأذنوك} أي هؤلاء الذين صحت دعواهم؛ وشدد عليهم تأكيدًا لتعظيم الأدب معه صلى الله عليه وسلم بقوله: {لبعض شأنهم} وهو ما تشتد الحاجة إليه {فأذن لمن شئت منهم} قيل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة فمن أراد أن يخرج لعذر قام بحياله فيعرف أنه يستأذن فيأذن لمن شاء، قال مجاهد: وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده، وقيل: كذلك ينبغي أن يكون الناي مع أئمتهم ومقدميهم في الدين والعلم لا يخذلونهم في نازلة من النوازل.
ولما أثبت له بهذا التفويض من الشرف ما لا يبلغ وصفه، أفهمهم أن حال المستأذن قاصرة عن حال المفوض الملازم كيفما كانت، فقال: {واستغفر لهم الله} أي الذي له الغنى المطلق، فلا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، أو يكون الكلام شاملًا لمن صحت دعواه وغيره؛ ثم علل ذلك ترغيبًا في الاستغفار، وتطييبًا لقلوب أهل الأوزار، بقوله: {إن الله} أي الذي له صفات الكمال {غفور} أي له هذا الوصف فهو جدير بأن يغفر لهم ما قصروا فيه {رحيم} أي فكل ما أمرهم به فهو خير لهم وإن تراءى لهم خلافه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قرئ {على أَمْرٍ جمِيع} ثم ذكروا في قوله: {على أَمْرٍ جَامِعٍ} وجوهًا: أحدها: أن الأمر الجامع هو الأمر الموجب للاجتماع عليه فوصف الأمر بالجمع على سبيل المجاز، وذلك نحو مقاتلة عدو أو تشاور في خطب مهم أو الأمر الذي يعم ضرره ونفعه وفي قوله: {إِذَا كَانُواْ مَعَهُ على أَمْرٍ جَامِعٍ} إشارة إلى أنه خطب جليل لابد لرسول صلى الله عليه وسلم من أرباب التجارب والآراء ليستعين بتجاربهم فمفارقة أحدهم في هذه الحالة مما يشق على قلبه وثانيها: عن الضحاك في أمر جامع الجمعة والأعياد وكل شيء تكون فيه الخطبة وثالثها: عن مجاهد في الحرب وغيره.
المسألة الثانية:
اختلفوا في سبب نزوله قال الكلبي: كان صلى الله عليه وسلم يعرض في خطبته بالمنافقين ويعيبهم فينظر المنافقون يمينًا وشمالًا فإذا لم يرهم أحد انسلوا وخرجوا ولم يصلوا، وإن أبصرهم أحد ثبتوا وصلوا خوفًا، فنزلت هذه الآية فكان بعد نزول هذه الآية لا يخرج المؤمن لحاجته حتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المنافقون يخرجون بغير إذن.
المسألة الثالثة:
قال الجبائي هذا يدل على أن استئذانهم الرسول من إيمانهم، ولولا ذلك لجاز أن يكونوا كاملي الإيمان وإن تركوا الاستئذان، وذلك يدل على أن كل فرض لله تعالى واجتناب محرم من الإيمان والجواب: هذا بناء على أن كلمة {إِنَّمَا} للحصر وأيضًا فالمنافقون إنما تركوا الاستئذان استخفافا ولا نزاع في أنه كفر.
أما قوله تعالى: {إِنَّ الذين يَسْتَئذِنُونَكَ} إلى قوله: {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ففيه مسائل:
المسألة الأولى:
{إِنَّ الذين يَسْتَئذِنُونَكَ}.
المعنى تعظيمًا لك ورعاية للأدب {أولئك الذين يُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ} أي يعملون بموجب الإيمان ومقتضاه، قال الضحاك ومقاتل: المراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك لأنه استأذن في غزوة تبوك في الرجوع إلى أهله فأذن له وقال له انطلق فوالله ما أنت بمنافق يريد أن يسمع المنافقين ذلك الكلام، فلما سمعوا ذلك قالوا ما بال محمد إذا استأذنه أصحابه أذن لهم، وإذا استأذناه لم يأذن لنا فوالله ما نراه يعدل، وقال ابن عباس رضي الله عنهما إن عمر استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن له، ثم قال يا أبا حفص لا تنسنا من صالح دعائك، وفي قوله: {واستغفر لَهُمُ الله} وجهان:
أحدهما: أن يستغفر لهم تنبيهًا على أن الأولى أن لا يقع الاستئذان منهم وإن أذن، لأن الاستغفار يدل على الذنب وربما ذكر عند بعض الرخص الثاني: يحتمل أنه تعالى أمره بأن يستغفر لهم مقابلة على تمسكهم بآداب الله تعالى في الاستئذان.
المسألة الثانية:
قال قتادة نسخت هذه الآية قوله تعالى: {لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} [التوبة: 43].
المسألة الثالثة:
الآية تدل على أنه سبحانه فوض إلى رسوله بعض أمر الدين ليجتهد فيه برأيه. اهـ.

.قال الجصاص:

وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فِي الْجِهَادِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: فِي كُلِّ أَمْرٍ جَامِعٍ.
وَقَالَ مَكْحُولٌ: فِي الْجُمُعَةِ وَالْقِتَالِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: الْجُمُعَةُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: كُلُّ أَمْرٍ هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ.
وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} الْآيَةَ، قَالَ: كَانَ اللَّهُ أَنْزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ: {عَفَا اللَّهُ عَنْك لِمَ أَذِنْت لَهُمْ} فَرَخَّصَ لَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ: {فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْت مِنْهُمْ} فَنُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ.
وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا مَعْنَى لِلِاسْتِئْذَانِ لِلْمُحْدِثِ فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِمُقَامِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ مَنْعُهُ، فَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِئْذَانِ فِيهِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ فِيهِ إلَى مَعُونَتِهِمْ فِي الْقِتَالِ أَوْ الرَّأْيِ. اهـ.

.قال ابن العربي:

قَوْله تَعَالَى: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ}.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ: وَالْمُرَادُ بِمَا فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَمْرَ الْجَامِعَ الْجُمُعَةُ، وَالْعِيدَانِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ الْخُلْطَةُ؛ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ كُلُّ طَاعَةٍ لِلَّهِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْجِهَادُ؛ قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ.
وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْر، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إنَّمَا كَانَتْ فِي حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.
وَاَلَّذِي بَيَّنَ ذَلِكَ أَمْرَانِ صَحِيحَانِ: أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَهُوَ قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَتَلَوَّذُونَ، وَيَخْرُجُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ، وَيَتْرُكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ اللَّهُ جَمِيعَهُمْ بِأَلَّا يَخْرُجَ أَحَدٌ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ إيمَانُهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} فَأَيُّ إذْنٍ فِي الْحَدَثِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ خِيَارٌ فِي مَنْعِهِ وَلَا إبْقَائِهِ، وَقَدْ قَالَ: {فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْت مِنْهُمْ} فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ فِي الْحَرْبِ الَّتِي يُؤْثَرُ فِيهَا التَّفَرُّقُ أَمَّا إنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ بِقُوَّةِ مَعْنَاهَا عَلَى أَنَّ مَنْ حَضَرَ جَمَاعَةً لَا يَخْرُجُ إلَّا لِعُذْرٍ بَيِّنٍ أَوْ بِإِذْنٍ قَائِمٍ مِنْ مَالِكِ الْجَمَاعَةِ وَمُقَدِّمِهَا؛ وَبِذَلِكَ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ كَانَ لِغَرَضٍ، فَمَا لَمْ يَتِمَّ الْغَرَضُ لَمْ يَكُنْ لِلتَّفَرُّقِ أَصْلٌ، وَإِذَا كَمُلَ الْغَرَضُ جَازَ التَّفَرُّقُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوك لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْت مِنْهُمْ} فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَذِنَ لَهُ إذَا رَأَى ذَلِكَ ضَرُورَةً لِلْمُسْتَأْذِنِ، وَلَمْ يَرَ فِيهِ مَضَرَّةً عَلَى الْجَمَاعَةِ، أَذِنَ بِنَظَرٍ، أَوْ مَنَعَ بِنَظَرٍ.
وَقَدْ رَوَى مَكْحُولٌ أَنَّ الرَّجُلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا رَعَفَ أَوْ أَحْدَثَ يَجْعَلُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ، وَيُشِيرُ إلَى الْإِمَامِ فَيُشِيرُ لَهُ الْإِمَامُ بِيَدِهِ أَنْ اُخْرُجْ.
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانُوا يَسْتَأْذِنُونَ الْإِمَامَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ قَالَ زِيَادٌ: مَنْ جَعَلَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ فَلْيَخْرُجْ دُونَ إذْنٍ.
وَقَدْ كَانَ هَذَا بِالْمَدِينَةِ، حَتَّى إنَّ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ رَعَفَ يَوْمًا فِي الْجُمُعَةِ فَاسْتَأْذَنَ الْإِمَامَ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ كَمَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، إذْ لَا إذْنَ فِيهِ، وَلَا خِيرَةَ وَلَا مَشِيئَةَ تَتَعَلَّقُ بِهِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ صَاحِبُهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ، فَيَخْرُجُ إذَا شَاءَ، وَيَجْلِسُ إذَا شَاءَ. اهـ.