فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القاسمي:

{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} أي: إذا احتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اجتماعكم عنده لأمر، فدعاكم، فلا تفرقوا عنه إلا بإذنه. ولا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضًا. ورجوعكم عن المجمع بغير إذن الداعي، قاله الزمخشري.
وكذا قال ابن الأثير في المثل السائر أي: إذا حضرتم في مجلسه، فلا يكن حضوركم كحضوركم في مجالسكم. أي: لا تفارقوا مجلسه إلا بإذنه، والزموا معه الأدب.
وذهب قوم إلى أن المراد بالدعاء الأمر. منهم ابن أبي الحديد حيث قال في الفلك الدائر: إن المعنى المتقدم، وإن دلت عليه قرينة متقدمة، كما قال ابن الأثير- ففي الآية قرينة أخرى متأخرة تقتضي حمله على محمل آخر غير هذا. ولعله الأصح. وهي أن يراد بالدعاء الأمر. يقال: دعا فلان قومه إلى كذا، أي: أمرهم به وندبهم إليه وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]، أي: ندبكم. وقال سبحانه: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ} [نوح: 7]، أي: أمرتهم وندبتهم، والقرينة المتأخرة قوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} انتهى. وكذا قال المهايمي: أي: لا تجعلوا أمره بينكم كأمركم بينكم يجاب تارة دون أخرى. لأنه واجب الطاعة. لا يسقط بالانسلال عن جملة المدعوّ.
{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} أي: ينسلون قليلًا قليلًا. واللواذ: الملاوذة، وهو أن يلوذ هذا بذاك وذاك بهذا. يعني ينسلون عن الجماعة في الخفية على سبيل الملاوذة، واستتار بعضهم ببعض. ولواذًا حال. أي: ملاوذين.
هذا، وقيل معنى الآية: لا تجعلوا نداءه وتسميته، كنداء بعضكم باسمه ورفع الصوت به، والنداء وراء الحجرة. ولكن بلقبه المعظم. مثل: يا نبيّ الله! ويا رسول الله! مع التوقير والتواضع وخفض الصوت.
وضعف بأنه لا يلائم السياق واللحاق. وتكلف بعضهم لربطه بما قبله، بأن الاستئذان يكون بقولهم: يا رسول الله! إنا نستأذنك. ولأن من معه في أمر جامع يخاطبه ويناديه. والأول أظهر وأولى كما في العناية.
نعم، في التنزيل عدة آيات، في إيجاب مشافهته صلوات الله عليه بالأدب ومخاطبته بالتوقير، جعله من ضرورة الإيمان ومقتضاه. كآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة: 104] الآية، و: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]، إلى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4]، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي: يعرضون عنه ولا يأتون به. فضمن المخالفة معنى الإعراض والصدّ. أو عن صلته. وقيل: إذا تعدى خالف بعن ضمن الخروج. وأصل معنى المخالفة أن يأخذ كل واحد طريقًا غير طريق الآخر في حاله أو فعله، كما قاله الراغب: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: محنة في الدنيا: {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الآخرة أو فيهما.
تنبيه:
استدل به على وجوب وزن الأمور بميزان شريعته وسنته، وأصول دينه. فما وافق قبل، وما خالف رد على قائله وفاعله، كائنًا من كان. كما ثبت في الصحيحين عنه صلوات الله عليه وسلامه: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» واستدل بالآية أيضًا أن الأمر للوجوب. فإنه يدل على أن ترك مقتضى الأمر مقتض لأحد العذابين. قيل: هذا إنما يتم إذا أريد بالأمر الطلب لا الشأن كما في قوله: {عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} وقد جوّزا فيه مع إرادتهما معًا. وتفصيل البحث في الرازي.
{أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أيها المكلفون من المخالفة والموافقة، والنفاق والإخلاص. وإنما أكد علمه بقد لتأكيد الوعيد {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي: فلا يخفى عليه خافية. لأن الكل خلقه وملكه. فيحيط علمه به ضرورة {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]. اهـ.

.قال عبد الكريم الخطيب:

قوله تعالى: {لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}.
الدعاء: الأمر الذي يحمل دعوة، أو الدعوة التي تحمل أمرا.
يتسللون: أي ينسحبون في خفاء، من غير أن يشعر بهم أحد.
اللّواذ: الفرار طلبا للسلامة والعافية.
والآية تحت المسلمين على الامتثال لأمر الرسول الكريم، والاستجابة لما يدعوهم إليه، من غير مهل، أو تردّد.. فليست دعوة الرسول للمسلمين، مثل دعوة بعضهم لبعض، حيث يكون للإنسان الخيار في أن يجيب دعوة الداعي أو لا يجيب.
إن دعوة الرسول، هي أمر من أمر اللّه، ليس لمؤمن ولا مؤمنة الخيار في هذا الأمر، وإنما عليه الطاعة والامتثال.. واللّه سبحانه وتعالى يقول: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (36: الأحزاب) ودعاء الرسول هنا، هو دعاء إلى الجهاد في سبيل اللّه، وهو أمر ملزم لكل قادر على حمل السلاح.. وفى هذا يقول اللّه تعالى: {ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} (120 التوبة) وقد يكون الدعاء لأمر غير الجهاد، وهو- أيّا كان- أمر ملزم لمن تلقى الأمر من الرسول، فإنه لا يأمر إلا بخير، واللّه سبحانه وتعالى يقول: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} (24: الأنفال) قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}.
قد، هنا، للتحقيق، والتوكيد.
والمعنى: إن اللّه ليعلم الذين يتسلّلون من بين المسلمين، ويخرجون في خفية، فرارا بأنفسهم، وطلبا للدعة والراحة.
فليحذر هؤلاء المتسلّلون، الذي خرجوا على أمر الرسول، ونكصوا على أعقابهم، أن تصيبهم فتنة وابتلاء في الدنيا، حيث يفتضح أمرهم، ويصبحوا في عداد المنافقين.. فإن لم يصبهم هذا في الدنيا، لم يفلتوا من عذاب اللّه في الآخرة.
وهو عذاب أليم، نعوذ باللّه منه.
وفى تعدية الفعل {يُخالِفُونَ} بحرف الجر {عَنْ} مع أنه فعل يتعدى بنفسه.. إشارة إلى أن هذا الفعل قد ضمن معنى الخروج، فهو مخالفة، وخروج معا، إذ قد تكون المخالفة في الرأى، ثم يكون الامتثال بالعمل.
وهؤلاء المخالفون الذين يتوعدهم اللّه إنما جمعوا بين المخالفة في الرأى، والخروج عليه قولا وعملا.
وهذا يشير إلى أن مراجعة الرسول، فيما يأمر به، مما لم يستبن للمسلم منه الحجة الواضحة والدليل المقنع- هذه المراجعة، بل المعارضة أحيانا لا حرج منها، إذ كانت غايتها هي وضوح الرؤية، وانكشاف الطريق، لعينى المؤمن، حتى يكون على بينة من أمره، وحتى يمتثل ما يؤمر به، وهو على هدى وبصيرة، واقتناع.
فدعوة الإسلام دعوة قائمة على العدل، مستندة إلى الحجة والبرهان.
ومن ثمّ كان على المسلم أن يعرض أمور دينه كلها على عقله، وأن يلتمس الدليل المقنع، والحجة القاطعة في كل أمر.. فإذا لم يسعفه عقله بالدليل، وجب عليه امتثال ما يؤمر به، مع اليقين بأنه هو الحق، والخير.. إذ ليس العقل إلا حاسّة من الحواس العاملة في الإنسان، وشأنه شأن كل حاسّة في أن له حدودا يعمل فيها، وأنه إذا جاوز هذه الحدود بطل عمله.
وفى سيرة الرسول- صلوات اللّه وسلامه عليه- مع صحابته رضوان اللّه عليهم، كثير من المواقف، التي يلقى فيها الصحابة رسول اللّه- في أدب رائع واحترام عظيم- معترضين أو مخالفين، حتى إذا كشف لهم الرسول- صلوات اللّه وسلامه عليه- عن وجه الأمر، أو أراهم من نفسه أنه ماض لم أمرهم به، لم يكن لأحد منهم إلا السمع والطاعة، في إيمان ثابت ويقين مكين.
وتذكر هنا- من باب الإشارة- ما كان من الحباب بن المنذر بن الجموح، حين رأى النبىّ- صلوات اللّه وسلامه عليه- وقد أنزل المسلمين منزلا في غزوة بدر، فلما لم يره الحباب بالمنزل المناسب للمسلمين، جاء إلى رسول اللّه يسأله قائلا: يا رسول اللّه.. أهو منزل أنزلكه اللّه، فليس لنا أن نتحول عنه، أم هو الرأى والمكيدة والحرب؟ فقال صلوات اللّه وسلامه عليه: «بل هو الرأى والمكيدة والحرب».. وهنا أشار الحباب بالمنزل الذي رآه.. فأخذ النبىّ برأيه، وتحول بالمسلمين إليه.. فكان المنزل المبارك، الذي هبت على المسلمين ريح النصر منه!! فمخالفة الرسول هنا ليست لمجرد المخالفة، وإنما هي للنصح للمسلمين، أو لنصح المرء لنفسه ولدينه، حتى لا يكون في صدره حرج مما يؤمر به! وبذلك تطيب نفس المسلم، ويسلم له دينه، ويتضح له طريقه، ومن هنا يقوم بينه وبين معتقده ألفة وحب، حيث لا يدخل عليه شيء لم يرضه، ويعتقده، عن إيمان واقتناع.
قوله تعالى: {أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
بهذه الآية تختم السورة الكريمة، مضيفة هذا الوجود كله إلى اللّه سبحانه وتعالى، الذي أوجده، وأقامه على سنن، وأخذه بنظام حكيم، لا يتخلف عنه أبدا. والإنسان هو بعض ما للّه- هو جزء من هذا الوجود.. وهذه الأحكام والشرائع التي سنها اللّه سبحانه وتعالى للإنسان، وبين له فيها الطريق الذي يسلكه، والطرق التي يجتنبها- هي من سنن هذا الوجود، وفى خروج الإنسان عن أمر اللّه خروج على هذه السنن، وانحراف عن الوضع السليم الذي يجب أن يكون عليه، الأمر الذي يعرّضه للعزلة عن هذا الوجود، ويلقى به بعيدا عن دائرة الأمن والسلامة.. ومن هنا يجىء شقاؤه في الدنيا والآخرة جميعا.
وفى قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} تحذير للمخالفين للّه، الخارجين على سننه، المتمردين على أوامره تحذير لهم من عقابه الراصد، وعذابه الأليم.
لأنه سبحانه يعلم كل شىء، ويعلم من الإنسان ما يخفى وما يعلن، وما هو عليه من صلاح وفساد، وطاعة وعصيان، واستقامة وانحراف.. وقد هنا، للتحقيق والتوكيد.
وقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا} هو جواب لسؤال يرد على الخواطر، بعد الاستماع إلى قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} وهو: ما وراء هذا العلم الذي علمه اللّه سبحانه وتعالى من الناس وأعمالهم؟
وفى قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا}. إشارة إلى جواب هذا السؤال، وهو أنهم سيحاسبون على هذه الأعمال، كبيرها وصغيرها، في الدنيا والآخرة.. أما في الدنيا فيكون الحساب والجزاء من غير أن يحضروا هذا الحساب، أو أن يعرفوا سبب هذا الجزاء الذي يجزون به.. وأما في الآخرة، ويوم يرجعون إلى اللّه فينبئهم بما عملوا، حيث يرون كل ما عملوه حاضرا، فيعرف كل عامل ما عمل، وما لعمله من ثواب أو عقاب.. كما يقول سبحانه: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتًا لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (6- 8 الزلزلة) وكما يقول جل شأنه: {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتابًا يَلْقاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} (13، 14: الإسراء).
وهذا هو بعض السر في الانتقال من الخطاب: {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} إلى الغيبة: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا} وكان النظم يقضى بأن يجىء هذا المقطع من الآية الكريمة هكذا: {ويوم ترجعون إليه فينبئكم بما عملتم} وذلك لأن الخطاب بعلم اللّه سبحانه وتعالى بما عليه الناس من خير أو شر- هو خطاب عام، موجه إلى الناس جميعا.. أما قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا} فهو موجه إلى المكذبين بهذا اليوم، الذين لا يرجون لقاء اللّه، ولكن على طريق الإيماء، وذلك بتوجيه الحديث- الذي هو من شأنهم- إلى غيرهم، من المؤمنين الذين يؤمنون باليوم الآخر، وما يلقى الناس فيه.. وكأنهم بهذا غير أهل لأن يخاطبوا.. وأنه إذا كان ثمة حديث إليهم، فليوجه إلى غيرهم، ممن هم أهل لأن يسمعوا، ويعقلوا، وأنه إذا كان لهؤلاء المكذبين بهذا الحديث، عودة إلى أنفسهم، وإلى النظر في هذا الحديث، فليأخذوه من أهله.
{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. هذا، واللّه أعلم.. اهـ.