فصل: (سورة النور: آية 58):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة النور: آية 58]:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)}.
أمر بأن يستأذن العبيد. وقيل: العبيد والإماء والأطفال الذين لم يحتلموا من الأحرار {ثَلاثَ مَرَّاتٍ} في اليوم والليلة: قبل صلاة الفجر، لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ولبس ثياب اليقظة. وبالظهيرة، لأنها وقت وضع الثياب للقائلة. وبعد صلاة العشاء لأنه وقت التجرّد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم. وسمى كل واحدة من هذه الأحوال عورة، لأن الناس يختل تسترهم وتحفظهم فيها. والعورة: الخلل. ومنها: أعور الفارس، وأعور المكان، والأعور: المختل العين. ثم عذرهم في ترك الاستئذان وراء هذه المرات، وبين وجه العذر في قوله: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} يعنى أن بكم وبهم حاجة إلى المخالطة والمداخلة: يطوفون عليكم للخدمة، وتطوفون عليهم للاستخدام، فلو جزم الأمر بالاستئذان في كل وقت، لأدّى إلى الحرج. وروى أن مدلج بن عمرو: وكان غلاما أنصاريا: أرسله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقت الظهر إلى عمر ليدعوه، فدخل عليه وهو نائم وقد انكشف عنه ثوبه، فقال عمر: لوددت أنّ اللّه عز وجل نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا أن لا يدخلوا علينا هذه الساعات إلا بإذن، ثم انطلق معه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فوجده وقد أنزلت عليه هذه الآية: وهي إحدى الآيات المنزلة بسبب عمر رضى اللّه تعالى عنه. وقيل: نزلت في أسماء بنت أبى مرشد، قالت: إنا لندخل على الرجل والمرأة ولعلهما يكونان في لحاف واحد.
وقيل: دخل عليها غلام لها كبير في وقت كرهت دخوله، فأتت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت: إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها. وعن أبى عمرو: {الْحُلُمَ} بالسكون.
وقرئ {ثَلاثُ عَوْراتٍ} بالنصب بدلا عن ثلاث مرات، أى: أوقات ثلاث عورات. وعن الأعمش: عورات على لغة هذيل. فإن قلت ما محل ليس عليكم؟ قلت: إذا رفعت ثلاث عورات كان ذلك في محل الرفع على الوصف. والمعنى: هنّ ثلاث عورات مخصوصة بالاستئذان، وإذا نصبت: لم يكن له محل وكان كلاما مقرّرا للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة: فإن قلت: بم ارتفع {بَعْضُكُمْ}؟ قلت: بالابتداء وخبره {عَلى بَعْضٍ} على معنى: طائف على بعض، وحذف لأن طوافون يدل عليه. ويجوز أن يرتفع بيطوف مضمرا لتلك الدلالة.

.[سورة النور: آية 59]:

{وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)}.
{الْأَطْفالُ مِنْكُمُ} أي من الأحرار دون المماليك {الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يريد: الذين بلغوا الحلم من قبلهم، وهم الرجال. أو الذين ذكروا من قبلهم في قوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} الآية: والمعنى أنّ الأطفال مأذون لهم في الدخول بغير إذن إلا في العورات الثلاث، فإذا اعتاد الأطفال ذلك ثم خرجوا عن حدّ الطفولة بأن يحتلموا أو يبلغوا السنّ التي يحكم فيها عليهم بالبلوغ، وجب أن يفطموا عن تلك العادة ويحملوا على أن يستأذنوا في جميع الأوقات كما الرجال الكبار الذين لم يعتادوا الدخول عليكم إلا بإذن: وهذا مما الناس منه في غفلة، وهو عندهم كالشريعة المنسوخة. وعن ابن عباس: آية لا يؤمن بها أكثر الناس: آية الإذن، وإنى لآمر جارتى أن تستأذن علي. وسأل عطاء: أأستأذن على أختى؟
قال. نعم وإن كانت في حجرك تمونها، وتلا هذه الاية. وعنه، ثلاث آيات جحدهنّ الناس:
الإذن كله. وقوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ} فقال ناس: أعظمكم بيتا. وقوله: {وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ}.
وعن ابن مسعود. عليكم أن تستأذنوا على آبائكم وأمهاتكم وأخواتكم. وعن الشعبي: ليست منسوخة، فقيل له، إن الناس لا يعملون بها، فقال، اللّه المستعان. وعن سعيد بن جبير يقولون هي منسوخة، ولا واللّه ما هي منسوخة، ولكن الناس تهاونوا بها: فإن قلت ما السنّ التي يحكم فيها بالبلوغ؟ قلت: قال أبو حنيفة ثماني عشرة سنة في الغلام. وسبع عشرة في الجارية.
وعامة العلماء على خمس عشرة فيهما. وعن على رضي الله عنه أنه كان يعتبر القامة ويقدره بخمسة أشبار. وبه أخذ الفرزدق في قوله:
ما زال مذ عقدت يداه إزاره ** فسما فأدرك خمسة الأشبار

يدنى خوافق من خوافق تلتقي ** في ظل معتبط الغبار مثار

للفرزدق يرثي يزيد بن المهلب. يقول: لا زال يحارب من حين عقدت يداه إزاره على نفسه كناية عن تمييزه فيتولى أمور نفسه، فمذ: ظرف زمان لاضافتها إلى الجملة، ولكنها تفيد معنى من الابتدائية أيضا، لأن المعنى: ما زال يقتحم الحروب من حين بلغ أشده إلى أن مات. وإسناد العقد إلى اليد من باب الاسناد للآلة، لأنه عاقد بها. وسما: ارتفع فبلغت قامته مقدار خمسة الأشبار. قيل: المراد بها مقدار السيف، وذلك كناية عن بلوغه أشده. وقيل: المراد بها مقدار القبر، وإدراكها: كناية عن موته. أى: من حين تمييزه إلى حين موته يهيج الحروب وهو أبلغ في المعنى. وعطف أدرك بالفاء دلالة على قصر مدته وقرب موته. ويروى: فسما، بالفاء.
ويجوز أن يكون معناه: ارتفع قدره، فيكون قد حكى جميع حالاته. وقوله يدنى خبر ما زال، أى: يقرب رايات مضطربات إلى أخرى في الحرب. أو خيلا مضطربة إلى مثلها. والمراد أنه يقرب الكتائب بعضها إلى بعض حتى تلتقي كلها في ظل معتبط من الغبار، والمعتبط- بالعين المهملة-: اسم مفعول، أى: لم يقاتل فيه غيره قبله فيثيره من موضعه، بل هو الذي أثاره منه. أو أنه هو الذي أخرجه من الأرض الصلبة فلم يكن موجودا قبل.
ويروى بالغين المعجمة. أى: مكثر: والمعنى: أنه كان يزاد منه ويكثره. ويجوز أنه اسم مكان. ويروى: معترك العجاج، وهو موضع المعركة. والعجاج: الغبار. ومثار: صفة معتبط إن لم يتعرف بالاضافة، ويجوز أن أصله: مثاره، بالاضافة للضمير، فحذف للضرورة. وفي إثبات الظل للغبار المعتبط المثار: دلالة على أنه متراكم حاجب ضوء الشمس عن المحاربين.
واعتبر غيره الإنبات. وعن عثمان رضي اللّه عنه. أنه سئل عن غلام، فقال: هل اخضر إزاره؟

.[سورة النور: آية 60]:

{وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)}.
القاعد: التي قعدت عن الحيض والولد لكبرها {لا يَرْجُونَ نِكاحًا} لا يطمعن فيه: والمراد بالثياب: الثياب الظاهرة كالملحفة والجلباب الذي فوق الخمار {غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ} غير مظهرات زينة، يريد: الزينة الخفيفة التي أرادها في قوله: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} أو غير قاصدات بالوضع التبرج، ولكن التخفف إذا احتجن إليه. والاستعفاف من الوضع خير لهنّ لما ذكر الجائز عقبه بالمستحب، بعثا منه عن اختيار أفضل الأعمال وأحسنها، كقوله: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى}، {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}.
فإن قلت: ما حقيقة التبرج؟ قلت: تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه من قولهم: سفينة بارج، لا غطاء عليها. والبرج: سعة العين، يرى بياضها محيطا بسوادها كله لا يغيب منه شيء، إلا أنه اختص بأن تتكشف المرأة للرجال بإبداء زينتها وإظهار محاسنها. وبدأ، وبرز، بمعنى: ظهر، من أخوات: تبرج وتبلج، كذلك.

.[سورة النور: آية 61]:

{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتاتًا فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)}.
كان المؤمنون يذهبون بالضعفاء وذوى العاهات إلى بيوت أزواجهم وأولادهم وإلى بيوت قراباتهم وأصدقائهم فيطعمونهم منها، فخالج قلوب المطعمين والمطعمين ريبة في ذلك، وخافوا أن يلحقهم فيه حرج، وكرهوا أن يكون أكلا بغير حق، لقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ} فقيل لهم: ليس على الضعفاء ولا على أنفسكم، يعنى: عليكم وعلى من في مثل حالكم من المؤمنين حرج في ذلك. وعن عكرمة: كانت الأنصار في أنفسها قزازة. فكانت لا تأكل من هذه البيوت إذا استغنوا. وقيل: كان هؤلاء يتوقون مجالسة الناس ومؤاكلتهم لما عسى يؤدى إلى الكراهة من قبلهم، ولأنّ الأعمى ربما سبقت يده إلى ما سبقت عين أكيله إليه وهو لا يشعر، والأعرج يتفسح في مجلسه ويأخذ أكثر من موضعه فيضيق على جليسه، والمريض لا يخلو من رائحة تؤذى أو جرح يبض أو أنف يذن ونحو ذلك. وقيل: كانوا يخرجون إلى الغزو ويخلفون الضعفاء في بيوتهم، ويدفعون إليهم المفاتيح، ويأذنون لهم أن يأكلوا من بيوتهم فكانوا يتحرّجون. حكى عن الحرث بن عمرو أنه خرج غازيا وخلف مالك بن زيد في بيته وماله، فلما رجع رآه مجهودا فقال: ما أصابك؟ قال: لم يكن عندي شيء، ولم يحل لي أن آكل من مالك، فقيل: ليس على هؤلاء الضعفاء حرج فيما تحرجوا عنه، ولا عليكم أن تأكلوا من هذه البيوت، وهذا كلام صحيح، وكذلك إذا فسر بأن هؤلاء ليس عليهم حرج في القعود عن الغزو، ولا عليكم أن تأكلوا من البيوت المذكورة، لالتقاء الطائفتين في أن كل واحدة منهما منفي عنها الحرج. ومثال هذا أن يستفتيك مسافر عن الإفطار في رمضان. وحاج مفرد عن تقديم الحلق على النحر، فقلت: ليس على المسافر حرج أن يفطر، ولا عليك يا حاج أن تقدّم الحلق على النحر، فإن قلت: هلا ذكر الأولاد، قلت: دخل ذكرهم تحت قوله: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} لأنّ ولد الرجل بعضه، وحكمه حكم نفسه.
وفي الحديث: «إن أطيب ما يأكل المرء من كسبه، وإن ولده من كسبه» ومعنى {مِنْ بُيُوتِكُمْ} من البيوت التي فيها أزواجكم وعيالكم ولأنّ الولد أقرب ممن عدّد من القرابات، فإذا كان سبب الرخصة هو القرابة: كان الذي هو أقرب منهم أولى. فإن قلت: ما معنى {أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ}؟ قلت: أموال الرجل إذا كان له عليها قيم ووكيل يحفظها له: أن يأكل من ثمر بستانه ويشرب من لبن ماشيته. وملك المفاتح:
كونها في يده وحفظه. وقيل: بيوت المماليك، لأن مال العبد لمولاه. وقرئ: {مفتاحه}.
فإن قلت: فما معنى {أَوْ صَدِيقِكُمْ}؟ قلت: معناه: أو بيوت أصدقائكم. والصديق يكون واحدا وجمعا، وكذلك الخليط والقطين والعدوّ. يحكى عن الحسن أنه دخل داره وإذا حلقة من أصدقائه وقد استلوا سلالا من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة وهم مكبون عليها يأكلون، فتهللت أسارير وجهه سرورا وضحك وقال: هكذا وجدناهم، هكذا وجدناهم.
يريد كبراء الصحابة ومن لقيهم من البدريين رضي اللّه عنهم. وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائب فيسأل جاريته كيسه فيأخذ منه ما شاء، فإذا حضر مولاها فأخبرته أعتقها سرورا بذلك. وعن جعفر بن محمد الصادق رضي اللّه عنهما: من عظم حرمة الصديق أن جعله اللّه من الأنس والثفة والانبساط وطرح الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ والابن. وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما: الصديق أكبر من الوالدين، إن الجهنميين لما استغاثوا لم يستغيثوا بالآباء والأمّهات. فقالوا: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم. وقالوا: إذا دل ظاهر الحال على رضا المالك، قام ذلك مقام الإذن الصريح، وربما سمج الاستئذان وثقل، كمن قدّم إليه طعام فاستأذن صاحبه في الأكل منه {جَمِيعًا أَوْ أَشْتاتًا} أي مجتمعين أو متفرّقين. نزلت في بنى ليث بن عمرو من كنانة كانوا يتحرجون أن يأكل لرجل وحده فربما قعد منتظرا نهاره إلى الليل، فان لم يجد من يواكله أكل ضرورة. وقيل في قوم من الأنصار: إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلا مع ضيفهم وقيل: تحرجوا عن الاجتماع على الطعام لاختلاف الناس في الأكل وزيادة بعضهم على بعض {فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا} من هذه البيوت لتأكلوا فبدئوا بالسلام على أهلها الذين هم منكم دينا وقرابة {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي ثابتة بأمره، مشروعة من لدنه.
أو لأنّ التسليم والتحية طلب سلامة وحياة للمسلم عليه والمحيا من عند اللّه. ووصفها بالبركة والطيب: لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بها من اللّه زيادة الخير وطيب الرزق. وعن أنس رضي الله عنه قال: خدمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عشر سنين- وروى: تسع سنين- فما قال لي لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا قال لي لشيء كسرته لم كسرته؟ وكنت واقفا على رأسه أصب الماء على يديه فرفع رأسه فقال: ألا أعلمك ثلاث خصال ننتفع بها؟ قلت: بلى بأبى وأمى يا رسول اللّه. قال: «متى لقيت من أمّتى أحدا فسلم عليه يطل عمرك، وإذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكثر خير بيتك، وصل صلاة الضحى فإنها صلاة الأبرار الأوّابين». وقالوا: إن لم يكن في البيت أحد فليقل: السلام علينا من ربنا، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين. السلام على أهل البيت ورحمة اللّه. وعن ابن عباس: إذا دخلت المسجد فقل: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين تحية من عند اللّه، وانتصب تحية بسلموا، لأنها في معنى تسليما، كقولك: قعدت جلوسا.