فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال محمد بن الحسن في رواية أبي سليمان الجوزجاني أختان الرجل أزواج بناته وأخواته وعماته وخالاته وكل ذي محرم منه اصهاره كل ذي رحم محرم من زوجته قال أبو جعفر الأولى في هذا أن يكون القول في الأصهار ما قال الأصمعي وأن يكون من قبلهما جميعا لأنه يقال صهرت الشئ أي خلطته فكل واحد منهما قد خلط صاحبه والأولى في الأختان ما قاله محمد بن الحسن لجهتين أحدهما الحديث المرفوع روى محمد بن إسحق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنت مني وأنا منك فهذا يدل على أن زوج البنت ختن والجهة الأخرى أنه يقال ختنه إذا قطعه فالزوج قد انقطع عن أهله وقطع المرأة عن أهلها فهو أولى بهذا الاسم.
57- وقوله جل وعز: {وكان الكافر على ربه ظهيرا} آية 55 قال مجاهد أي معينا وقال الحسن أي عونا للشيطان على الله عز وجل على المعاصي.
58- ثم قال جل وعز: {وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا} آية 56 قال قتادة أي مبشرا بالجنة ونذيرا من النار.
59- ثم قال جل وعز: {قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا} آية 57 قال قتادة بطاعة الله عز وجل.
60- وقوله تعالى: {الرحمن فاسأل به خبيرا} آية 59 قال أبو إسحق أي اسأل عنه وقد حكى هذا جماعة من أهل اللغة أن الباء بمعنى عن كما قال جل وعز سأل سائل بعذاب واقع وقال الشاعر هلا سألت الخيل يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي قال علي بن سليمان أهل النظر ينكرون أن تكون الباء بمعنى عن لأن في هذا فساد المعاني قال ولكن هذا مثل قول العرب لو لقيت فلانا للقيك به الأسد أي للقيك بلقائك إياه الأسد والمعنى فاسأل بسؤالك على ما تقدم.
61- وقوله جل وعز: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} آية 61 قال قتادة أي نجوما وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح قال البروج النجوم العظام وروى إسماعيل عن يحيى بن رافع قال البروج قصور في السماء قال أبو جعفر يقال لكل ما ظهر وتبين برج ومنه قيل تبرجت المرأة وقد برج برجا إذا ظهر.
62- ثم قال جل وعز: {وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا} آية 61 سراجا يعني الشمس ويقرأ سرجا وقيل من قرأ هذه القراءة فالمعنى عنده وجعل في البروج سرجا فإن قيل فقد أعاد ذكر القمر وقد قال سرجا والقمر داخل فيها فالجواب أنه أعيد ذكر القمر لفضله عليها كما قال جل وعز فيهما فاكهة ونخل ورمان.
63- وقوله جل وعز: {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة} آية 62 قال مجاهد أي يخلف هذا هذا ويخلف هذا هذا وقال الحسن من نسي شيئا من التذكر والشكر بالنهار كانت له في الليل عتبى ومن نسيه بالليل كانت له في النهار عتبى وقيل خلفة أي مختلفين كما قال جل وعز واختلاف الليل والنهار قال أبو جعفر وأولى هذه الأقوال قول مجاهد والمعنى كل واحد منهما يخلف صاحبه مشتق من الخلف ومنه خلف فلان فلانا بخير أو شر ومنه قول زهير بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم.
64- وقوله جل وعز: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} آية 63 وكل واحد عبده فنسبهم إليه لاصطفائه إياهم كما يقال بيت الله وناقة الله.
65- وقوله جل وعز: {الذين يمشون على الأرض هونا} آية 63 قال مجاهد أي بالوقار والسكينة وقال الحسن علماء حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا.
66- ثم قال تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} آية 63 قال مجاهد أي سدادا قال سيبويه وزعم أبو الخطاب أن مثله قولك للرجل سلاما تريد تسلما منك كما قلت براءة منك قال وزعم أن هذه الآية فيما زعم مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ولكنه على قوله تسلما ولا خير بيننا وبينكم ولا شر.
67- وقوله جل وعز: {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} آية 64 يقال بات إذا أدركه الليل نام أو لم ينم كما قال الشاعر فبتنا قياما عند رأس جوادنا يزاولنا عن نفسه ونزاوله.
68- وقوله جل وعز: {إن عذابها كان غراما} آية 65 قال أبو عبيدة أي هلاكا وأنشد:
ويوم النسار ويوم الجفار ** كانا عذابا وكانا غراما

وقال الفراء كان غراما أي ملحا ملازما ومنه فلان غريمي أي يلح في الطلب والغرام عند أكثر أهل اللغة أشد العذاب قال الأعشى:
إن يعاقب يكن غراما ** وإن يعط جزيلا فإنه لا يبالي

قال محمد بن كعب طالبهم الله بثمن النعم فلما لم يأتوا به غرمهم ثمنها وأدخلهم النار.
69- وقوله جل وعز: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} آية 67 قال سفيان لم يسرفوا لم ينفقوا في غير حق ولم يقتروا لم يمسكوا عن حق وأحسن ما قيل ما حدثنا أبو علي الحسن بن غليب قال حدثني عمران بن أبي عمران قال حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي قال حدثني عمرو بن لبيد عن أبي عبد الرحمن الحبلي في قوله جل وعز والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما قال من أنفق في غير طاعة الله عز وجل فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة الله عز وجل فهو الإقتار ومن أنفق في طاعة الله عز وجل فهو القوام وكان بين ذلك قواما أي عدلا قال أحمد بن يحيى يقال هذا قوام الأمر وملاكه وقال بعض أهل اللغة هذا غلط وإنما يقال هذا قوام الأمر واحتج بقوله تعالى وكان بين ذلك قواما قال أبو جعفر والصواب ما قال أحمد بن يحيى والمعنيان مختلفان فالقوام أبو بالفتح الاستقامة والعدل كما قال لبيد واحب المجامل أو بالجزيل وصرمه باق إذا ضلعت وزاغ قوامها والقوام بالكسر ما يدوم عليه الأمر ويستقر.
70- وقوله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} آية 68 قال أبو وائل قال عبد الله بن مسعود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم فقال أن تشرك بالله جل وعلا وهو خلقك قلت ثم أي قال أن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك وتزني بحليلة جارك ثم قرأ عبد الله والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الآية.
71- وقوله جل وعز: {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} آية 68 قال مجاهد هو واد في جهنم وقال أبو عمرو الشيباني يقال لقي أثام ذلك أي جزاء ذلك.
وقال القتبي الأثام جزاء العقوبة وأنشد:
والعقوق له أثام

قال أبو جعفر وأصح ما قيل في هذا وهو قول الخليل وسيبويه أن المعنى يلق جزاء الأثام كما قال سبحانه واسأل القرية وبين جزاء الأثام فقال يضاعف له العذاب يوم القيامة كما بين الشاعر في قوله متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطبا جزلا ونارا تأججا قال الضحاك لما أنزل الله جل وعز: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} إلى آخر الآية قال المشركون قد زعم أنه لا توبة لنا فأنزل الله جل وعز إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا أي تاب من الشرك ودخل في الإسلام ونزل هذا بمكة وأنزل الله قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا الآية ثم أنزل بالمدينة بعد ثماني سنين ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم وهي مبهمة لا مخرج منها.
72- وقوله جل وعز: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} آية 70 روى عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال يقرأ المؤمن في أول كتابه السيئات ويرى الحسنات دون ذلك فينظر وجهه وينظر أعلاه فإذا هو حسنات كله فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات قال والضحاك أي يبدلهم من الشرك الإيمان وقال الحسن مجاهد قوم يقولون التبديل في الآخرة يوم القيامة وليس كذلك إنما التبديل في الدنيا يبدلهم الله إيمانا من الشرك وإخلاصا من الشك وإحصانا من الفجور قال أبو إسحق ليس يجعل مكان السيئة حسنة ولكن يجعل مكان السيئة التوبة والحسنة مع التوبة.
73- وقوله جل وعز: {ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا} آية 71 أي توبة مؤكدة أي إذا عمل صالحا بعد التوبة قيل تاب متابا أي متابا مرضيا مقبولا.
74- وقوله جل وعز: {والذين لا يشهدون الزور} آية 72 قال محمد بن الحنفية يعني الغناء وقال الضحاك يعني الشرك وأصل الزور في اللغة الكذب والشرك أشد الكذب.
75- وقوله: {وإذا مروا باللغو مروا كراما} آية 72 قال الضحاك باللغو أي بالشرك وروي عنه أيضا إذا ذكروا النكاح كنوا عنه وقال الحسن اللغو المعاصي كلها.
وأصل اللغو في اللغة ما ينبغي أن يلغى أي يطرح أي تركوه وأكرموا أنفسهم عنه.
76- وقوله جل وعز: {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا} آية 73 أي لم يتغافلوا عنها ويتركوها حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع ولا يبصر.
77- ثم قال جل وعز: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} آية 74 قال الضحاك أي مطيعين لك ثم قال: {واجعلنا للمتقين إماما} آية 74 قال الضحاك أي اجعلنا أئمة يقتدى بنا في الخير وقال الحسن أي اجعلنا نقتدي بالمتقين الذين قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا.
78- وقوله جل وعز: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} آية 77
ورى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أي ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه وتطيعوه وهذا أحسن ما قيل في الآية كما قال جل وعز ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وأصل يعبأ من العبء وهو الثقل وقول الشاعر كأن بصدره وبجانبيه عبيرا بات يعبأه عروس أي يجعل بعضه على بعض أي أي وزن لكم عند ربكم لولا أنه أراد أن يدعوكم إلى طاعته وقال القتبي المعنى ما يعبأ بعذابكم ربي لولا دعاؤكم غيره أي لولا شرككم.
79- ثم قال سبحانه: {فقد كذبتم فسوف يكون لزاما} آية 77 بوى مسروق عن عبد الله قال يعني يوم بدر وكذلك قال مجاهد والضحاك قال أبو إسحاق أي فسوف يكون التكذيب لازما يلزمكم ولا تعطون التوبة وقال القتبي أي فسوف يكون العذاب لزاما وقال أبو عبيدة لزاما أي فيصلا.
وقال مسلم بن عمار سمعت ابن عباس يقرؤها فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما وقال أبو زيد سمعت قعنبا يقرأ فسوف يكون لزاما بفتح اللام قال أبو جعفر وهذا مصدر لزم والأول مصدر لوزم حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح قال حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم يقول لولا إيمانكم وأخبر الله جل وعز الكفار أنه لا حاجة له بهم إذا لم يخلقهم مؤمنين ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين فسوف يكون لزاما قال يقول موتا. انتهت سورة الفرقان. اهـ.

.قال الفراء:

ومن سورة الفرقان:
قوله: {تَبارَكَ} (1): هو من البركة. وهو في العربيّة كقولك تقدّس ربّنا. البركة والتقدّس العظمة وهما بعد سواء.
وقوله: {لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ} (7) جواب بالفاء لأن {لولا} بمنزلة هلّا.
قوله: {أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ} (8) له مرفوعان على الرّدّ على {لولا} كقولك في الكلام أو هلّا يلقى إليه كنز وقد قرئت {نأكل منها} ويأكل بالياء والنون.
وقوله: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} (9) يقول: لا يستطيعون في أمرك حيلة.
وقوله: {تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ} (10) جزاء {وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} مجزومة مردودة على جعل وجعل في معنى جزم، وقد تكون رفعا وهى في ذلك مجزومة لأنها لام لقيت لام فسكنت. وإن رفعتها رفعا بيّنا فجائز ونصبها جائز على الصّرف.
وقوله: {تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} (12) هو كتغيظ الآدمىّ إذا غضب فغلى صدره وظهر في كلامه.