فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {وجعل فيها سرجا} (61) قراءة العوام {سِراجًا} حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفرّاء قال حدّثنى هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أنه قرأ {سرجا}. وكذلك قراءة أصحاب عبد اللّه فمن قرأ {سراجا} ذهب إلى الشمس وهو وجه حسن لأنه قد قال: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجًا} ومن قال: {سرجا} ذهب إلى المصابيح إذ كانت يهتدى بها، جعلها كالسرج والمصباح كالسراج في كلام العرب، وقد قال اللّه: {الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ} وقوله: {جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً} (62) يذهب هذا ويجىء هذا، وقال زهير في ذلك:
بها العين والآرام يمشين خلفة ** وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم

فمعنى قول زهير: خلفة: مختلفتات في أنها ضربان في ألوانها وهيئتها، وتكون خلفة في مشيتها. وقد ذكر أن قوله: {خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ} أي من فاته عمل من الليل استدركه بالنهار فجعل هذا خلفا من هذا.
وقوله: {لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} وهى في قراءة أبىّ {يتذكّر} حجّة لمن شدّد وقراءة أصحاب عبد اللّه وحمزة وكثير من الناس {لمن أراد أن يذكر} بالتخفيف، ويذكر ويتذكر يأتيان بمعنى واحد، وفى قراءتنا {وَاذْكُرُوا ما فِيهِ} وفى حرف عبد اللّه {وتذكّروا ما فيه}.
وقوله: {عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} (63) حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى شريك عن جابر الجعفىّ عن عكرمة ومجاهد في قوله: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} قال: بالسّكينة والوقار.
وقوله: {وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا} كان أهل مكّة إذا سبّوا المسلمين ردّوا عليهم ردّا جميلا قبل أن يؤمروا بقتالهم.
وقوله: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيامًا} (64) جاء في التفسير أنّ من قرأ شيئا من القرآن في صلاة وإن قلت، فقد بات ساجدا وقائما. وذكروا أنّهما الركعتان بعد المغرب وبعد العشاء ركعتان.
وقوله: {إِنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا} (65) يقول ملحّا دائما. والعرب تقول: إن فلانا لمغرم بالنّساء إذا كان مولعا بهنّ، وإنى بك لمغرم إذا لم تصبر عن الرجل ونرى أن الغريم إنما سمّى غريما لأنّه بطلب حقه ويلحّ حتى يقبضه.
وقوله: {وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} (67) بكسر التاء. قرأ أبو عبد الرحمن وعاصم {ولم يقتروا} من أقترت. وقرأ الحسن {وَلَمْ يَقْتُرُوا} وهى من قترت كقول من قرأ يقتروا بضم الياء. واختلافهما كاختلاف قوله: {يَعْرِشُونَ} و{يعرشون} و{يَعْكُفُونَ} و{يعكفون} ومعناه {لَمْ يُسْرِفُوا} فيجاوزوا في الإنفاق إلى المعصية {وَلَمْ يَقْتُرُوا} لم يقصّروا عما يجب عليهم {وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوامًا} ففى نصب القوام وجهان إن شئت نصبت القوام بضمير اسم في كان يكون ذلك الاسم من الإنفاق أي وكان الانفاق قواما بين ذلك كقولك: عدلا بين ذلك أي بين الإسراف والإقتار. وإن شئت جعلت {بين} في معنى رفع كما تقول:
كان دون هذا كافيا لك، تريد: أقلّ من هذا كان كافيا لك، وتجعل {وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ} كان الوسط من ذلك قواما. والقوام قوام الشيء بين الشيئين. ويقال للمرأة: إنها لحسنة القوام في اعتدالها. ويقال: أنت قوام أهلك أي بك يقوم أمرهم وشأنهم وقيام وقيم وقيّم في معنى قوام.
وقوله: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثامًا (68) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ (69) قرأت القراء بجزم {يُضاعَفْ} ورفعه عاصم بن أبى النّجود. والوجه الجزم. وذلك أن كلّ مجزوم فسّرته ولم يكن فعلا لما قبله فالوجه فيه الجزم، وما كان فعلا لما قبله رفعته. فأمّا المفسّر للمجزوم فقوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثامًا} ثم فسر الأثام، فقال: {يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ} ومثله في الكلام:
إن تكلّمنى توصنى بالخير والبرّ أقبل منك ألا ترى أنك فسّرت الكلام بالبرّ ولم يكن فعلا له، فلذلك جزمت. ولو كان الثاني فعلا للأوّل لرفعته، كقولك إن تأتنا تطلب الخير تجده ألا ترى أنك تجد تطلب فعلا للإتيان كقيلك: إن تأتنا طالبا للخير تجده.
قال الشاعر:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ** تجد خير نار عندها خير موقد

فرفع تعشو لأنه أراد: متى تأته عاشيا. ورفع عاصم {يضاعف له} لأنه أراد الاستئناف كما تقول: إن تأتنا نكرمك نعطيك كلّ ما تريد، لا على الجزاء.
وقوله: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ (72) يقول: لا يحضرون مجالس الكذب والمعاصي.
ويقال أعياد المشركين لا يشهدونها لأنها زور وكذب إذ كانت لغير اللّه. وقوله: {باللّغو مرّوا كراما} ذكر أنهم كانوا إذا أجروا ذكر النساء كنوا عن قبيح الكلام فيهنّ. فذلك مرورهم به.
وقوله: {لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْيانًا} (73) يقال: إذا تلى عليهم القرآن لم يقعدوا على حالهم الأولى كأنهم لم يسمعوه. فذلك الخرور. وسمعت العرب تقول: قعد يشتمنى، وأقبل يشتمنى.
وأنشدنى بعض العرب:
لا يقنع الجارية الخضاب ** ولا الوشاحان ولا الجلباب

من دون أن تلتقى الأركاب ** ويقعد الهن له لعاب

قال الفرّاء: يقال لموضع المذاكير: ركب. ويقعد كقولك: يصير.
وقوله: وَذُرِّيَّاتِنا (74) قرأ أصحاب عبد اللّه {وذرّيّتنا} والأكثر {وذرّيّاتنا} وقوله: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} ولو قيل: عين كان صوابا كما قالت {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} ولو قرئت: قرّات أعين لأنهم كثير كان صوابا. والوجه التقليل {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} لأنّه فعل والفعل لا يكاد يجمع ألا ترى أنه قال: {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا واحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} فلم يجمعه وهو كثير.
والقرّة مصدر. تقول: قرّت عينك قرّة.
وقوله: {لِلْمُتَّقِينَ إِمامًا} ولم يقل: أئمّة وهو واحد يجوز في الكلام أن تقول: أصحاب محمد أئمّة الناس وإمام الناس كما قال: {إِنَّا رَسُولُ ربِّ الْعالَمِينَ} للاثنين ومعناه: اجعلنا أئمّة يقتدى بنا. وقال مجاهد: اجعلنا يقتدى بمن قبلنا حتى يقتدى بنا من بعدنا.
وقوله: {وَيُلَقَّوْنَ} (75) و{يلقّون فيها} كل قد قرئ به و{يلقون} أعجب إليّ لأنّ القراءة لو كانت على {يلقّون} كانت بالباء في العربيّة لأنك تقول: فلان يتلقّى بالسّلام وبالخير.
وهو صواب يلقّونه ويلقّون به كما تقول: أخذت بالخطام وأخذته.
وقوله: ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي (77) ما استفهام أي ما يصنع بكم {لَوْلا دُعاؤُكُمْ} لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزامًا} نصبت اللزام لأنك أضمرت في {يكون} اسما إن شئت كان مجهولا فيكون بمنزله قوله في قراءة أبىّ {وإن كان ذا عسرة} وإن شئت جعلت فسوف يكون تكذيبكم عذابا لازما ذكر أنه ما نزل بهم يوم بدر. والرفع فيه جائز لو أتى. وقد تقول العرب: لأضربنّك ضربة تكون لزام يا هذا، تخفض كما تقول:
دراك ونظار. وأنشد:
لا زلت محتملا علي ضغينة ** حتى الممات تكون منك لزام

قال: أنشدناه في المصادر. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة الفرقان:
{تبارك} (1) تعالى، اشتق من البرك، وهو طائر يحلق في الهواء، ولا يسف إلى الأرض، ذكره زهير:
حتى استغاثت بماء لا رشاء له ** من الأباطح في حافاته البرك

وقيل: إنه من البركة، لى معنى الثبوت والنماء كله، أي: ثبت ملكه ودام أمره، ومنه بروك الإبل وبراكاء القتال.
{يعلم السر في السموات والأرض} (6) أي: أنزله على مقتضى علمه ببواطن الأمور. {فضلوا} (9) ناقضوا، إذ قالوا: اختلقها وافتراها، وقالوا: فهي تملى عليه. {سمعوا لها تغيظًا وزفيرا} (12) قال زيد بن علي: تشرف عليهم النار بمقدار خمسمائة عام فتزفر تغيظًا عليهم زفرة يسمعها كل أحد.
{وإذا ألقوا منها مكانًا ضيقًا} (13) سئل النبي عليه السلام فقال: «والذي نفسي بيده إنهم يستكرهون في النار، كما يستكره في النار، كما يستكره الوتد في الحائط». {مقرنين} مصفدين، قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال. {وعدًا مسئولًا} (16) وهو ما سأله المؤمنون من الجنة والمغفرة.
{بورا} (18) هلكى. وقيل: فاسدين، من بوار الأرض: تعطيلها من الزرع، وبارت التجارة: كسدت، ولفظة بور، لفظ المصدر يتناول الواحد والجمع. قال ابن الزبعري:
يا رسول المليك إن لساني ** راتق ما فتقت إذ أنا بور

إذ أجاري الشيطان في سنن الغي ** ومن مال ميله مثبور

{فما يستطيعون صرفا} (19) أي: صرف العذاب عن أنفسهم. وقيل: إن الصرف الحيلة والاصطراف: الاحتيال والصيرفي: لاحتياله في الاستيفاء إذا اتزن، والتطفيف مإذا وزن. أنشد:
قد يدرك المال الهدان الجافي ** من غير ما عقل ولا اصطراف

{إلا أنهم ليأكلون} (20) إلا قيل: إنهم ليأكلون.
وقيل: كسر إن لأنه موضع الابتداء، كأنه إلا هم يأكلون، كما يقول: ما أتيته إلا أنه مكرم لي، قال كثير:
ما أعطياني ولا سألتهما ** إلا وإني لحاجزي كرمي

{وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قيل: إنه افتتان المقل بالمثري والضوي بالقوي. {أتصبرون} (20) أي: على هذه الفتنة أم لا تصبرون فيزداد غمكم، لأن في القول دليلًا على هذا. {وكان ربك بصيرا} بالحكمة في اختلاف المعايش.
ويقال: إن بعض الصالحين تبرم برزاحة حاله، وضنك عيشه، فخرج ضجرًا إلى السوق، فرأى أسود خصيًا في موكب عظيم وزينة ظاهر، فوجم لبعض ما خطر في قلبه، فإذا إنسان قرأ عليه: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون} فتنبه وازداد تبصرًا وتصبرًا. {لا يرجون لقاءنا} (21) لا يخافون، وإنما جاز يرجو في موضع يخاف، لأن الراجي الشيء قلق فيما يرجوه، فمرة يشتد طمعه، فيصير كالآمن، ومرة يضعف فيصير كالخائف، قال الهذلي:
تدلى عليها بالحبال موثقًا ** شديد الوصاء نابل وابن نابل

إذا لسعته الدبر لم يرج لسعها ** وخالفها في بيت نوب عوامل

أي: لم يخف. {ويقولون حجرًا محجورًا} (22) كان الرجل في الجاهلية، يلقى رجلًا يخافه في أشهر الحرم، فيقول: {حجرًا محجورًا} أي: حرامًا محرمًا عليك قتلي في هذا الشهر، فلا ينداه بشر. فإذا كان يوم القيامة رأى المشركون ملائكة العذاب، فقالوا: حجرًا محجورًا، وظنوا أن ذلك ينفعهم، كما نفعهم في الدنيا. {وقدمنا} (23) عمدنا. {من عمل} من قرب. {ويوم تشقق السماء بالغمام} (25) نزول الملائكة منها في الغمام. {يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلا} (28) في أبي بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، ولكنه لو سماهما لم يعم القول جميع الأخلاء المبطلين. {هذا القرآن مهجورا} (30) أي: بإعراضهم عن التدبر. وقيل: بقولهم فيه الهجر.
{لنثبت به فؤادك} (32) أي: لنثبته في فؤادك. وقيل: لنثبت به فؤادك باتصال الوحي. {ورتلناه} (32) فصلناه. {وأصحاب الرس} (38) بئر. وقيل: معدن، وقد ذكره زهير:
بكرن بكورًا واستحرن بسحرة ** فهن ووادي الرس كاليد للفم

{لا يرجون نشورا} (40) لا يخافون بعثًا. و{القرية التي أمطرت مطر السوء} (40) سدوم قرية لوط. {مد الظل} (45) أي: الليل، لأنه ظل الأرض الممدود على قريب من نصف وجهها الممتد في الجو إلى مدار القمر الأبعد. وقيل: إنه من طلوع الفجر إلى شروق الشمس. {ولو شاء لجعله ساكنًا} أي: بإبطال كلتي الحركتين في السماء، الغربية التي بها النهار والليل، والشرقية التي بها فصول الأزمنة، لأن الشرقية متى لم تبطل، مع بطلان الغربية، انقسمت مدة السنة إلى ليل ونهار، وكل واحد منهما مدة ستة أشهر، فلم يكن الليل دائمًا. {ثم جعلنا الشمس عليه دليلًا} أي: على وقته وامتداده، لأنه لولا الشمس لما عرف الظل. {قبضًا يسيرًا} (46) خفيًا سهلًا، لبطء حكة الظل بالقرب من نصف النهار، بخلاف ما هو في طرفيه من السرعة والكثرة. {وجعل النهار نشورا} (47) أي: انتشارًا للمعايش.
والأناسي: جمع أنسي، مثل: كرسي وكراسي. أو جمع إنسان، وكان أناسين، مثل: سرحان وسراحين، فعوضت الياء من النون. {مرج البحرين} (53) مرج وأمرج: خلى. {وكان الكافر على ربه ظهيرًا} (55) أي: على أولياء ربه معينًا يعاونهم. أو المعنى: كان هينًا عليه لا وزن له من قولهم: ظهرت بحاجتي، إذا لم يعنى بها. {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة} (62) خلفًا عن صاحبه، فما فاته في أحدهما قضاه في الآخر. وقيل: إذا مضى أحدهما خلفه صاحبه. كما قال زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة ** وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم

أي: الوحوش خلفت الإنس فيها. {هونًا} (63) أي: بسكينة ووقار، دون مرح واختيال قال:
لئن قدمت قبلي رجالًا فطالما ** مشيت على هون فكنت المقدما

{كان غرامًا} (65) هلاكًا، قال بشر:
ويوم الجفار ويوم النسار ** كانا عذابًا وكانا غراما

{أثامًا} (68) عقوبة وجزاء. قال:
وإن مقامنا ندعو عليكم ** بأبطح ذي المجاز له أثام

{يضاعف له العذاب} (69) أي: عذاب الدنيا والآخرة. وقيل: إنه جمع عقوبات الكبائر المختلفة المجتمعة.
{يبدل الله سيئاتهم حسنات} (70) أي: يغير أعمالهم. وقيل: يبدلها بالتوبة والندم على فعلها حسنات. {لم يخروا عليها} (73) لم يسقطوا. {واجعلنا للمتقين إماما} (74) وحد إمامًا على المصدر، أم إمامًا، كقام قيامًا. وقيل: إمام جمع أم، كقائم وقيام. وقيل: بأن إمامًا جمع إمام، وإن كان على لفظه، كقوله: درع دلاص، وأدرع دلاص، وناقة هجان، ونوق هجان. قال أبو السيد الهلالي:
أراح إلى أفطانه العيس بعدما ** تشذبت الأيدي نوامك نيبها

فشلت يميني يوم تحلب مربع ** غزار هجان لا أرتوي بحليبها

وفقه هذه اللغة أن العرب تكسر فعيلًا على فعال كثيرًا فتكسر فعالًا على فعال أيضًا، لأن فعيلًا وفعالًا أختان، كل واحد منهما ثلاثي الأصل، وثالثه حرف لين، وقد اعتقبا أيضًا على المعنى الواحد، نحو: عبيد وعباد، وكليب وكلاب، ولذلك الألف أقرب إلى الياء منها إلى الواو. {ما يعبؤا بكم} (77) ما يصنع بكم. وقيل: ما يبالي بكم. يقال: عبأت الشيء: أعددته. قال زهير:
عبأت له حلمي وأكرمت غيره ** وأعرضت عنه وهو باد مقاتله

{لولا دعاؤكم} رغبتكم إليه، وطاعتكم له. وقال القتبي: معناه، ما يصنع بعذابكم لولا ما تدعونه من دونه. {فقد كذبتم} على القول الأول: قصرتم في طاعتي. {لزامًا} عذابًا لازمًا. قال الهذلي:
فإما ينجوا من حتف أرضي ** فقد لقيا حتوفهما لزاما

تمت سورة الفرقان. اهـ.