فصل: فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{خبيرًا} كاف وقيل تام إن جعل ما بعده مبتدأ والخبر قوله الرحمن وإن جعل {الذين} خبر مبتدأ محذوف أو نصب بتقدير أعني كان كافيًا وليس بوقف إن جعل الذي في محل جر بدلًا من الهاء في به لأنه لا يفصل بين البدل والمبدل منه بالوقف.
{على العرش} تام إن رفع الرحمن خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ وما بعده الخبر وليس بوقف إن رفع بدلًا من الضمير في استوى والوقف على هذا التقدير على الرحمن كاف.
{خبيرًا} تام والباء في به صلة وخبيرًا مفعول اسأل أو حال من فاعل اسأل لأنَّ الخبير لا يسأل إلاَّ عن جهة التوكيد وقيل الباء بمعنى عن قال علقمة الشاعر:
فإن تسألوني بالنساء فإنني ** بصير بأدواء النساء طبيب

أي عن النساء والضمير في به لله ولم يحصل من النبي صلى الله عليه وسلم شك في الله حتى يسأل عنه بل هذا كقوله فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك قل إن كان للرحمن ولد من كل شيء معلق على مستحيل وأما النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا لا أشك ولا أسأل بل أشهد أنَّه الحق قال الشاعر:
ألا سألت القوم يا ابنة مالك ** إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

أي هلا سألت القوم عما لم تعلمي.
{وما الرحمن} حسن لمن قرأ تأمرنا بالفوقية وهي قراءة العامة وليس بوقف لمن قرأه بالتحتية وهي قراءة الإخوان أي أنسجد لما يأمرنا به محمد لتعلق ما بعده بما قبله.
{لما تأمرنا} جائز لمن قرأ بالتاء الفوقية وزادهم مستأنف.
{نفورًا} تام.
{بروجًا} حسن.
{منيرًا} كاف.
{خلفة} ليس بوقف لأنَّ ما بعده تفسير لما قبله ولا يوقف على المفسر بالفتح دون المفسر بالكسر ومعنى خلفة إن كل واحد منهما يخلق صاحبه فمن فاته شيء من الأعمال قضاه في الآخر.
{أن يذكر} ليس بوقف للعطف بعده بأو.
{شكورًا} تام إن رفع وعباد مبتدأ والخبر أولئك يجزون الغرفة وكان الوقف على {مقامًا} وعليه فلا يوقف من قوله وعباد الرحمن إلى حسنت مستقرًا ومقامًا إلاَّ لضيق النفس ومن جعل الخبر محذوفًا أو جعل الذين يمشون خبرًا وقف على هونًا وهو جائز.
{سلامًا} كاف ومثله قيامًا.
{عذاب جهنم} جائز.
{غرامًا} أي هلاكًا كاف إن لم يجعل ما بعده من تمام كلام الوقف وليس بوقف إن جعل من كلامهم وقوامًا ولا يزنون كافيان.
{يلق أثامًا} حسن لمن قرأ يضاعف بالرفع على الاستئناف وهو عاصم وقرأ ابن عامر يضعف بالرفع على الاستئناف أيضًا وليس بوقف لمن جزمه بدلًا من يلق بدل اشتمال بدل فعل من فعل لأن تضعيف العذاب هو لفي الآثام قال الشاعر:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ** تجد حطبًا جزلًا ونارًا تأججا

{مهانًا} جائز والوصل أولى لأنَّ إلاَّ لا يبتدأ بها انظر التفصيل في قوله إلاَّ أن تتقوا منهم تقاة.
{حسنات} كاف ورحيمًا ومتابًا كافيان.
الزور ليس بوقف لعطف ما بعده على ما قبله.
{كرامًا} كاف ومعنى كرامًا أي معرضين عن أهل اللغو.
{وعميانًا} كاف.
{قرة أعين} جائز للابتداء بعد بالجملة الفعلية.
{إمامًا} حسن.
{بما صبروا} جائز ومثله وسلامًا وقال أبو عمرو كاف وأكفى منه خالدين فيها لاتصال الحال بذيها.
{حسنت مستقرًا ومقامًا} تام.
{لولا دعاؤكم} كاف لاختلاف الجملتين.
{فقد كذبتم} جائز للابتداء بالتهديد.
آخر السورة تام. اهـ.

.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال ابن جني:

سورة الفرقان:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قرأ ابن الزبير: {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْادِهِ}.
قال أبو الفتح: وجه ذلك أنه وإن كان إنزاله على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لما كان عليه السلام موصلا له إلى العباد ومخاطبا به لهم صار كأنه منزل عليهم، ولذلك كثر فيه خطاب العباد بالأمر والنهي لهم، والترغيب والترهيب والمصروف اللفظ إليهم، ونحو ذلك مما يوجه فيه الخطاب نحوهم.
ومن ذلك قراءة طلحة بن مصرف: {اكْتُتِبَهَا}، بضم الألف والتاء الأولى وكسر الثانية. قال أبو الفتح: قراءة العامة: {اكْتَتَبَهَا} معناه استكتبها، ولا يكون معناه كتبها، أي: كتبها بيده؛ لأنه عليه السلام كان أميا لا يكتب، وهو من تمام إعجازه، وأنه لم يكن يقرأ الكتب فيظن بما يورده من الأنباء المتقادمة الأزمان كان عن قراءته الكتب.
ف {اكْتَتَبَهَا} معناه استكتبها؛ لأنه لم يكن أحد من المشركين يدعي أنه يقرأ الكتب وإذا كان كذلك فمعنى {اكْتَتَبَهَا} إنما هو استكتبها، وهو على القالب، أي: استكتبت له. ومثله في القلب قراءة من قرأ: {قُدِّرُوهَا تَقْدِيرًا} 3، أي: قدرت لهم، والقلب باب، وشواهده كثيرة، منها قولهم:
مِثلُ القنافِذِ هَدّاجُونَ قدْ بَلَغَتْ ** نجرانَ أو بَلَغَتْ سَوْاءَتِهِمْ هَجَرُ

أراد: وبَلَغَتْ سوءاتُهُم هجرا.
ومثله قولهم:
أسلَمُوها في دمشْقَ كَمَا ** أسلمَتْ وحشيَّةٌ وَهَقَا

أي: كما أسلم وهق وحشية.
ومنه قوله:
ما أمسكَ الحبلَ حافِره

أي: ما أمسَكَ الحبْلُ حافِرَهُ.
وليس ممتنعا أن يكون قوله: {اكتَتَبَهَا} كتبها وإن لم يلِ ذلك بيده، إلا أنه لما كان عن رأيه أو أمره نسب ذلك إليه، كقولنا: ضرب الأمير اللص وإن لم يله بيده. وفي الحديث: من اكتتب ضمنا كان له كذا، أي: زمنا، يعني كتب اسمه في الفرض.
فعلى هذا يكون {اكْتُتِبهَا} أي: اكْتُتِبَتْ لَهُ.
ومن ذلك قراءة عبيد الله بن موسى وطلحة بن سليمان: {وَيَجْعَلَ لَكَ} بالنصب.
قال أبو الفتح: نصبه على أنه جواب الجزاء بالواو، كقولك: إن تأتني آتك وأُحْسِنَ إليك. وجازت إجابته بالنصب لما لم يكن واجبا إلا بوقوع الشرط من قبله وليس قويا من ذلك، ألا تراه بمعنى قولك: أفعلُ كذا إن شاء الله؟
أي: من سأل أن يكتب نفسه في جملة الزمنى ليعذر عن الجهاد، ولا زمانة- بعثه يوم القيامة زمنا. واكتتب: سأل أن يكتب في جملة المعذورين، وخرجه بعضهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
ومن ذلك قراءة الأعرج: {نَحْشِرُهُمْ}، بكسر الشين.
قال أبو الفتح: هذا وإن كان قليلا في الاستعمال فإنه قوي في القياس، وذلك أن {يَفْعِل} في المتعدي أقيس من {يَفْعُل} فضرَب يضرِب إذًا أقيسُ من قتَل يقتُل؛ وذلك أن {يَفْعُل} إنما بابها الأقيس أن تأتي في مضارع فَعُلَ، كظرُف يظرُف، وكرُم، يكرُم، ثم نقلت إلى مضارع فعَل، نحو يقتُل ويدخُل؛ لتخالف حركة العين في المضارع حركتها في الماضي؛ إذ كان مبني الأفعال على اختلاف مُثُلِهَا، من حيث كان ذلك دليلا على اختلاف أزمنتها، فكلما خالف الماضي المضارع كان أقيس، وباب فَعَلَ إنما هو يَفْعُل، كما أن باب فَعِلَ إنما هو يَفْعَل. فكما انقاد عَلِمَ يَعْلَم فكذلك كان يجب أن ينقاد باب ضَرَبَ يضرِب.
فأما يفعُل فبابه- على ما تقدم- فعُل، كشرُف يشرُف. وباب فعُل غيرُ متعدٍ، فالأشبه ما أُخْرِجَ إليه من باب فَعَلَ أن يكون مما ليس متعديا كقَعَدَ يقعُد، فكما أن ضرَب يضرِب أقيسُ من قتَل يقتُل فكذلك قعَد يقعُد أقيسُ من جلَس يجلِس وقد شرَحْنا هذا في كتابنا الموسوم بالمنصف.
ومن ذلك قراءة زيد بن ثابت وأبي الدرداء وأبي جعفر ومجاهد- بخلاف- ونصر بن علقمة ومكحول وزيد بن علي وأبي رجاء والحسن- واختلف عنهما- وحفص بن حميد وأبي عبد الله محمد بن علي: {نُتَّخَذَ} بضم النون.
قال أبو الفتح: أما إذا ضمت النون فإن قوله: {مِن أَولياء} في موضع الحال، أي: ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء، ودخلت {من} زائدة لمكان النفي، كقولك: اتخذت زيدا وكيلا، فإن نفيت قلت: ما اتخذت زيدا من وكيل. وكذلك أعطيته درهما، وما أعطيته من درهم، وهذا في المفعول.
وأما في قراءة الجماعة: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} فإن قوله: {مِنْ أَوْلِيَاءَ}1 في موضع المفعول به، أي: أولياء. فهو كقولك: ضربت رجلا، فإن نفيت قلت: ما ضربت من رجل.
وقوله: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ} أي: لسنا ندعي استحقاق الولاء ولا العبادة لنا.
ومن ذلك قراءة علي عليه السلام وعبد الرحمن بن عبد الله: {وَيُمْشَّونَ فِي الْأَسْوَاق} بضم الياء، وفتح الشين مشددة.
قال أبو الفتح: {يُمشَّون} كقولك: يدعون إلى المشي، ويحملهم حامل إلى المشي، وجاء على فُعَّل لتكثير فعلهم، إذ هم عليهم السلام جماعة، ولو كانت {يُمشُّون} بضم الشين لكانت أوفق لقوله تعالى: {لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام}، إلا أن معناه يكثرون المشي كما قال:
يُمَشِّي بَيْنَنا حانُوتُ خَمْر ** منَ الخُرْسِ الصَّراصِرَةِ القطاط

ومن ذلك ما روي عن ابن كثير وأهل مكة: {وَنُزِّلُ الْمَلائِكَة} وكذلك روى خارجة عن أبي عمرو.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون محمولا على أنه أراد: {ونُنَزِّلُ الملائكة} إلا أنه حذف النون الثانية التي هي فاء فِعل نزَّل؛ لالتقاء النونين استخفافا، وشبهها بما حذف من أحد المثلين الزائدين في نحو قولهم: أنتم تَفكرون، وتَطهّرون، وأنت تريد: تتفكرون وتتطهرون ونحوه قراءة من قرأ: {وَكَذَلِكَ نُجِّي الْمُؤْمِنِين}، ألا تراه يريد: ننجِّي، فحذف النون الثانية وإن كانت أصلا لما ذكرنا؟ وقد تقدم القول على ذلك في سورة النور.
وروى عبد الوهاب عن أبي عمرو: {وَنُزِلَ الْمَلائِكَةُ}، خفيفة.
قال أبو الفتح: هذا غير معروف؛ لأن {نَزَلَ} لا يتعدى إلى مفعول به فيبنى هنا للملائكة؛ لأن هذا إنما يجيء على نَزَلتُ الملائكةَ، ونُزِل الملائكةُ. وَنَزَلْت غير متعدّ كما ترى.