فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} عطف على ما تقدم واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وصرفناه فعل وفاعل ومفعول به والضمير يعود على الماء أو على القول الذي مرّ فيه ذكر إنشاء السحاب وإنزال القطر بين الناس ليعتبروا فأبوا إلا الكفور، وبينهم متعلقان بصرفناه وليذكروا اللام للتعليل ويذكروا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام فأبى أكثر الناس الفاء عاطفة والجملة عطف على ما تقدم وإلا أداة حصر وكفورا مفعول به أو مفعول مطلق.
{وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا} الواو عاطفة ولو شرطية وشئنا فعل وفاعل ومفعول المشيئة محذوف وقد تقدم انه يكثر بعد فعل المشيئة واللام واقعة في جواب لو وجملة بعثنا لا محل لها وفي كل قرية متعلقان ببعثنا ونذيرا مفعول به أي ولكننا قصرنا الأمر عليك وأنطناه بك وحدك ليكون لك فضل إظهاره والتمرس بأعبائه.
{فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهادًا كَبِيرًا}.
الفاء الفصيحة ولا ناهية وتطع مجزوم بلا والفاعل مستتر تقديره أنت والكافرين مفعول به أي فلا تسايرهم فيما يريدونك عليه ولا تأخذك هوادة أولين، وجاهدهم فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به وبه متعلقان بجاهدهم والضمير للقرآن واتل عليهم دائما زواجره وأوامره ونواذره، وجهادا مفعول مطلق وكبيرا صفة.
{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ} الواو عاطفة والكلام معطوف على ما تقدم ليتساوق ذكر الدلائل الخمسة على توحيده وهذا هو الدليل الرابع. وهو مبتدأ والذي خبره وجملة مرج البحرين صلة وجملة هذا عذب استئنافية أو مقولا لقول محذوف في موضع الحال أي مقولا فيهما وهذا مبتدأ وعذب خبره وفرات خبر ثان وهذا ملح أجاج عطف على ما تقدم.
{وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} عطف على مرج داخل في حيز الصلة وجعل فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو وبينهما ظرف متعلق بمحذوف في موضع المفعول الثاني لجعل وبرزخا مفعول به أول وحجرا محجورا عطف على برزخا وقيل منصوبين بقول مقدر وسيأتي تقرير ذلك في باب البلاغة.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} عطف على ما تقدم وقد ذكر فيه الدليل الخامس ومن الماء جار ومجرور متعلقان بخلق وبشرا مفعول به، فجعله الفاء عاطفة وجعله فعل وفاعل مستتر ومفعول به أول ونسبا مفعول ثان وصهرا عطف على نسبا والواو استئنافية وكان فعل ماض ناقص وربك اسمها وقديرا خبرها.
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ} الواو استئنافية وجملة يعبدون استئنافية مسوقة للشروع في تقبيح جنوح المشركين إلى عبادة الأوثان بعد أن أورد الدلائل الخمسة على التوحيد، ومن دون اللّه حال وما مفعول به وجملة لا ينفعهم صلة وجملة ولا يضرهم عطف على جملة لا ينفعهم.
{وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيرًا} الواو عاطفة وكان الكافر كان واسمها وعلى ربه متعلقان بظهيرا وظهيرا خبر كان أي معينا للشيطان.
{وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} كلام مستأنف مسوق لتقرير حال رسوله صلى اللّه عليه وسلم وما نافية وأرسلناك فعل ماض وفاعل ومفعول به وإلا أداة حصر ومبشرا حال فالاستثناء من أعم الأحوال ونذيرا عطف على مبشرا.
{قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} قل فعل أمر وجملة ما أسألكم مقول القول وعليه حال لأنه كان في الأصل صفة لأجر وتقدم عليه ومن حرف جر زائد وأجر مجرور لفظا في محل نصب مفعول به لأسألكم.
{إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا} إلا أداة استثناء ومن شاء مستثنى منقطع لأنه من غير الجنس أي لا أطلب منكم أجرا لنفسي لكن من شاء أن ينفق أمواله في سبيل اللّه ولوجهه خالصا فليفعل، وأن وما في حيزها مفعول المشيئة والى ربه في موضع المفعول الثاني ليتخذ وسبيلا مفعول به أول ليتخذ.

.البلاغة:

الاستعارة التصريحية في قوله: {مرج البحرين} فقد شبه بهما الماءين الكثيرين الواسعين، وحجرا محجورا هي كلمة تقال عند التعوذ كما أسلفنا في هذه السورة، ولكنهما هنا تقالان على سبيل المجاز كأن كل واحد من البحرين يتعوذ من الآخر ويقول له حجرا محجورا، فإعراب حجرا محجورا مفعولين للقول المحذوف جيد للغاية من الناحية البيانية. وسيأتي قوله: {بينهما برزخ لا يبغيان} في سورة الرحمن فقد شبههما كما قلنا بطائفتين متعاديتين تريد كل منهما الإيقاع بالأخرى وتتربص بها الدوائر وتنتهن السوانح والفرص، ولكنها عند ما تحصل على ما تريد تمتنع من البغي، فجعل المعنى المستعار كاللفظ المقول، وهذا من أبلغ القول وأبينه وأكثره تجسيدا وملاءمة للمعنى المراد.

.[سورة الفرقان الآيات: 58- 60]:

{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُورًا (60)}.

.الإعراب:

{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} الواو عاطفة على ما تقدم والآية متصلة بقوله: {وكان الكافر على ربه ظهيرا} فإنه لما بيّن أن الكفار متظاهرون على إيذائه أمره أن يتوكل عليه. وتوكل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وعلى الحي متعلقان بتوكل والذي صفة وجملة ولا يموت صلة وسبح عطف على توكل وبحمده متعلقان بمحذوف حال أي متلبسا بحمده.
{وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيرًا} الواو حرف عطف وكفى فعل ماض والباء حرف جر زائد والهاء مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل وبذنوب متعلقان بخبيرا وخبيرا تمييز أو حال.
{الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} الذي نعت أو بدل من قوله: {به} أو مبتدأ وجملة خلق السموات والأرض صلة وما بينهما عطف على السموات والظرف متعلق بمحذوف صلة وفي ستة أيام متعلقان بخلق.
{ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيرًا} ثم حرف عطف واستوى عطف على خلق وعلى العرش متعلقان به والرحمن خبر الذي أو خبر لمبتدأ محذوف أي هو الرحمن، فاسأل الفاء الفصيحة واسأل فعل أمر وبه متعلقان بخبيرا وخبيرا مفعول به ويجوز أن تكون الباء بمعنى عن والجار والمجرور متعلقان بقوله فاسأل. ومنه قول الشاعر:
فإن تسألوني بالنساء فإنني ** خبير بأدواء النساء طبيب

وقول عنترة:
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك ** إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ} الواو استئنافية وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة قيل مجرورة بإضافة الظرف إليها ولهم متعلقان بقيل وجملة اسجدوا للرحمن مقول القول وجملة قالوا جواب شرط غير جازم لا محل لها والواو زائدة وما الرحمن ما اسم استفهام خبر مقدم والرحمن مبتدأ مؤخر أو بالعكس ويجوز أن يكون سؤالا عن المسمى به أو عن معناه.
{أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُورًا} الهمزة للاستفهام الانكاري ونسجد فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن ولما متعلقان بنسجد أي كيف سجد لما لا نعرفه، وجملة تأمرنا صلة ويجوز أن تكون ما مصدرية أي للسجد من أجل أمرك وزادهم فعل وفاعل يعود على القول والهاء مفعول به ونفورا مفعول به ثان أو تمييز.

.البلاغة:

في قوله: {ثم استوى على العرش} استعارة مكنية ويسميها القدامى تخييلية، فالمستعار الاستواء والمستعار منه كل جسم مستو والمستعار له الحق عز وجلّ ليتخيل السامع عند سماع هذه اللفظة ملكا فرغ من ترتيب ممالكه وتشييد ملكه وجميع ما تحتاج إليه رعاياه وجنده من عمارة بلاده وتدبير أحوال عباده، استوى على سرير ملكه استيلاء عظمة، فيقيس السامع ما غاب عن حسه من أمر الإلهية على ما هو متخيله من أمر المملكة الدنيوية عند سماع هذا الكلام، ولهذا لا يقع ذكر الاستواء على العرش إلا بعد الإخبار بالفراغ من خلق السموات والأرض وما بينهما وإن لم يكن ثم سرير منصوب ولا جلوس محسوس ولا استواء على ما يدل عليه الظاهر من تعريف هيئة مخصوصة.
فائدة:
في الاستواء مذهبان أحدهما مذهب السلف وهو لا يفسر الاستواء بل يقول انه استواء يليق به وثانيهما مذهب الخلف وهو يفسره بالاستيلاء عليه بالتصرف فيه وفي سائر المخلوقات.

.الفوائد:

قوله في ستة أيام: يعني في مقدارها هذه المدة والظاهر أنها من أيام الدنيا وأولها الأحد وآخرها يوم الجمعة وقد كان لها أسماء عندهم وهي: الأحد: أوهل، والأثنين: أوهن، والثلاثاء: جبار، والأربعاء، دبار، والخميس: مؤنس، والجمعة: عروبة، والسبت: شيار.

.[سورة الفرقان الآيات: 61- 66]:

{تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيها سِراجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُورًا (62) وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا (65) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقامًا (66)}.

.اللغة:

{بُرُوجًا} أي منازل للكواكب السيارة وهي اثنا عشر، وأصل البروج القصور العالية، سميت هذه المنازل بروجا لأنها للكواكب السيارة بمثابة المنازل الرفيعة التي هي القصور لسكانها، هذا ومنطقة البروج هي منطقة سماوية تحتوي على المدارات التي تجتازها الكواكب السيارة حول الشمس، وانحراف هذه المدارات بالنسبة إلى بعضها يختلف قلة وكثرة ولاسيما مدارات الكواكب التي لا تشاهد إلا بالآلة العظيمة الفلكية وهذه المنطقة تقسمها الدائرة الكسوفية المسماة بمدار الأرض إلى قسمين متساويين عرض كل منهما تقريبا ثماني درجات وينتهيان بدائرتين موازيتين لتلك الدائرة وهي منحرفة عن دائرة الاستواء التي تقسمها إلى قسمين يقربان للتساوي، وقد قسمت في سالف الأزمان إلى اثني عشر قسما تسمى صورا وكل قسم منها ثلاثون درجة، ومن سير الشمس بحسب الظاهر في هذه الأقسام تحصل الفصول ومددها، وذلك أن هذا الكوكب بتركه النصف الجنوبي من الكرة ودخوله في نصفها الشمالي تفتتح السنة الشمسية، أعني بمجرد دخوله في برج الحمل، وفي ذلك الوقت يبتدىء الربيع الذي يحيا به الكون ويستمر هذا الفصل مدة اجتياز الشمس البرج المذكور وبرج الثور والجوزاء ثم تدخل على التعاقب في السرطان والأسد والسنبلة وهذه تسمى بفصل الصيف فينبعث إلينا مدة إقامتها في تلك البروج أشعة شديدة الحرارة تنضج الحبوب التي تحصد زمن الصيف، ثم بعد بلوغها هذا الارتفاع تنزل من جهة النصف الجنوبي فتجتاز على التوالي الميزان والعقرب والقوس ويقال لهذه البروج الثلاثة فصل الخريف، ثم يدخل الشتاء بثلجه وبرده وتكون الشمس حينئذ أبعد نقطة عنا ولا ينبعث منها إلينا إلا أشعة مائلة فتقطع بروجه الثلاثة أعني الجدي والدلو والحوت ثم ترجع إلى محلها الأول لتعيد الحياة والحركة إلى كثير من الكائنات التي كانت كأنها خلية عنها بسبب بعدها عنها.
فقد عرفت من ذلك أن الصور الاثني عشرة لمنطقة البروج تنقسم على الفصول الأربعة، فللربيع الحمل والثور والجوزاء، وللصيف السرطان والأسد والسنبلة، وللخريف الميزان والعقرب والقوس، وللشتاء الجدي والساكب والحوت.
{سِراجًا} السراج الشمس كقوله تعالى: {وجعل الشمس سراجا}.
{خِلْفَةً} أي يخلف كل واحد منهما الآخر فالخلفة مصدر هيئة.
وعبارة القرطبي: قال أبو عبيدة: الخلفة كل شيء بعد شيء فكل واحد من الليل والنهار يخلف صاحبه، ويقال للمبطون: أصابه خلفة أي قيام وقعود يخلف هذا ذاك، ومنه خلفة النبات وهو ورق يخرج بعد الورق الأول في الصعيد. وقال مجاهد: خلفة من الخلاف هذا أبيض وهذا أسود والأول أقوى، وقيل يتعاقبان في الضياء والظلام والزيادة والنقصان، وقيل هو من باب حذف المضاف أي جعل الليل والنهار ذوي خلفة أي اختلاف لمن أراد أن يذكر أي يتذكر فيعلم أن اللّه لم يجعلهما كذلك عبثا فيعتبر في مصنوعات اللّه تعالى ويشكر اللّه على نعمه عليه في العقل والفكر والفهم، وقال عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن معناه من فاته شيء من الخير بالليل أدركه بالنهار ومن فاته بالنهار أدركه بالليل.
{هَوْنًا} الهون: الرفق والسكينة، وهو مصدر وضع موضع الصفة للمبالغة وقد مرت له نظائر، ومنه الحديث: «أحبب حبيبك هونا ما» وقوله «المؤمنون هينون لينون» ومن أمثالهم إذا عز أخوك فهن.
{غَرامًا} هلاكا وخسرانا وعذابا لازما، وفي المختار: الغرام:
الشر الدائم والعذاب قال بشر بن أبي خازم:
ويوم النسار ويوم الفجا ** ركانا عذابا وكان غراما

والنسار ماء لبني عامر والفجار ماء لبني تميم، وقد جرت فيهما هاتان الواقعتان وكانتا عذابا على أهلهما وهلاكا دائما.