فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)}.
الضمير عائد إلى الذين كفروا، فمدلول الصلة مراعى في هذا الضمير إيماء إلى أن هذا القول من آثار كفرهم.
الأساطير: جمع أسطورة بضم الهمزة كالأُحدوثة والأحاديث، والأُغلوطة والأغاليط، وهي القصة المسطورة.
وقد تقدم معناها مفصلًا عند قوله: {حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين} في سورة الأنعام (25).
وقائل هذه المقالة هو النضر بن الحارث العبدري قال: إن القرآن قصص من قصص الماضين.
وكان النضر هذا قد تعلم بالحيرة قصص ملوك الفرس وأحاديث رستم واسفنديار فكان يقول لقريش: أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثًا من محمد فهلُمَّ أحدثكم؛ وكان يقول في القرآن: هو أساطير الأولين.
قال ابن عباس: كل ما ذكر فيه أساطير الأولين في القرآن فالمقصود منه قول النضر بن الحارث.
وقد تقدم هذا في سورة الأنعام وفي أول سورة يوسف.
وجملة: {اكتتبها} نعت أو حال ل {أساطير الأولين}.
والاكتتاب: افتعال من الكتابة، وصيغة الافتعال تدل على التكلف لحصول الفعل، أي حصوله من فاعل الفعل، فيفيد قوله: {اكتتبها} أنه تكلف أن يكتبها.
ومعنى هذا التكلف أن النبي عليه الصلاة والسلام لما كان أميًّا كان إسناد الكتابة إليه إسنادًا مجازيًا فيؤول المعنى: أنه سأل من يكتبها له، أي ينقلها، فكان إسناد الاكتتاب إليه إسنادًا مجازيًا لأنه سببه، والقرينة ما هو مقرر لدى الجميع من أنه أميّ لا يكتب، ومن قوله: {فهي تملى عليه} لأنه لو كتبها لنفسه لكان يقرأها بنفسه.
فالمعنى: استنسخها.
وهذا كله حكاية لكلام النضر بلفظه أو بمعناه، ومراد النضر بهذا الوصف ترويج بهتانه لأنه علم أن هذا الزور مكشوف قد لا يُقبل عند الناس لعلمهم بأن النبي أميّ فكيف يستمد قرآنه من كتب الأولين فهيَّأ لقبول ذلك أنه كتبت له، فاتخذها عنده فهو يناولها لمن يحسن القراءة فيملي عليه ما يقصه القرآن.
والإملاء: هو الإملال وهو إلقاء الكلام لمن يكتب ألفاظه أو يرويها أو يحفظها.
وتفريع الإملاء على الاكتتاب كان بالنظر إلى أن إملاءها عليه ليقرأها أو ليحفظها.
والبُكْرة: أول النهار.
والأصيل: آخر المساء، وتقدم في قوله: {بالغدوّ والآصال} في آخر الأعراف (205)، أي تملى عليه طرفي النهار.
وهذا مستعمل كناية عن كثرة الممارسة لتلقي الأساطير.
{قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)}.
لقن الله رسوله الجواب لرد بهتان القائلين إن هذا القرآن إلا إفك، وإنه أساطير الأولين، بأنه أنزله الله على رسوله.
وعبر عن منزل القرآن بطريق الموصول لما تقتضيه الصلة من استشهاد الرسول الله على ما في سره لأن الله يعلم كل سر في كل مكان.
فجملة الصلة مستعملة في لازم الفائدة وهو كون المتكلم، أي الرسول، عالمًا بذلك.
وفي ذلك كناية عن مراقبته الله فيما يبلغه عنه.
وفي ذلك إيقاظ لهم بأن يتدبروا في هذا الذي زعموه إفكًا أو أساطير الأولين ليظهر لهم اشتماله على الحقائق الناصعة التي لا يحيط بها إلا الله الذي يعلم السر، فيُوقِنُوا أن القرآن لا يكون إلا من إنزاله، وليعلموا براءة الرسول صلى الله عليه وسلم من الاستعانة بمن زعموهم يعينونه.
والتعريف في {السر} تعريف الجنس يستغرق كل سر، ومنه إسرار الطاعنين في القرآن عن مكابرة وبهتان، أي يعلم أنهم يقولون في القرآن ما لا يعتقدونه ظلمًا وزورًا منهم، وبهذا يعلم موقع جملة: {إنه كان غفورًا رحيمًا} ترغيبًا لهم في الإقلاع عن هذه المكابرة وفي اتباع دين الحق ليغفر الله لهم ويرحمهم، وذلك تعريض بأنهم إن لم يقلعوا ويتوبوا حَق عليهم الغضب والنقمة. اهـ.

.قال الشنقيطي:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الذين كفروا وكذبوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا في هذا القرآن العظيم، الذي أوحاه الله إليه: {إِنْ هذا إِلاَّ إِفْكٌ افتراه} أي ما هذا القرآن إلا كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم وأعانه عليه على الإفك الذي افتراه قوم آخرون، قيل: اليهود، وقيل: عداس مولى حويطب بن عبد العزى، ويسار مولى العلاء بن الحضرمي، وأبو فكيهة الرومي، قال ذلك النَّصر بن الحر العبدري.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الكفار كذبوه وادعوا عليه أن القرآن كذب اختلقه، وأنه أعانه على ذلك قوم آخرون جاء مبينًا في آيات أخر كقوله تعالى: {وعجبوا أَن جَاءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الكافرون هذا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [ص: 4] وقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ والله أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [النحل: 101] وقوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُواْ بالحق لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ في أَمْرٍ مَّرِيجٍ} [ق: 5] وقوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحق} [الأنعام: 66] الآية. والآيات في ذلك كثيرة معلومة.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنهم افتروا على النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أعانه على افتراء القرآن قوم آخرون جاء أيضًا موضحًا في آيات أخر كقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] وقوله تعالى: [المدثر: 24] أي يرويه محمد صلى الله عليه وسلم عن غيره إن هذا إلا قول البشر، وقوله تعالى: [الأنعام: 105] كما تقدم إيضاحه في الأنعام، وقد كذبهم الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة فيما افتروا عليه من البهتان بقوله: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} قال الزمخشري ظلمهم: أن جعلوا العربي يتلقن من الأعجمي الرومي كلامًا عربيًا أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب والزور هو أن بهتوه بنسبه ما هو بريء منه إليه انتهى. وتكذيبه جل وعلا لهم في هذه الآية الكريمة، جاء موضحًا في مواضع أخر من كتاب الله، كقوله تعالى: {لِّسَانُ الذي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} [النحل: 103] كما تقدم إيضاحه في سورة النحل وقوله: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحق قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: 66] وقوله تعالى: {فَقَالَ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هاذآ إِلاَّ قَوْلُ البشر سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} [المدثر: 2427] الآية، لأن قوله: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} بعذ ذكر افترائه على القرآن العظيم يدل على عظم افترائه وأنه سيصلى بسببه عذاب سقر، أعاذنا الله وإخواننا المسلمين منها، ومن كل ما قرب إليها من قول وعمل.
واعلم أن العرب تستعمل جاء وأتى بمعنى: فعل. فقوله: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} أي فعلوه وقيل بتقدير الباء: أي جاءوا بظلم، ومن إتيان بمعنى فعل قوله تعالى: {لاَ تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ} [آل عمران: 188] الآية. أي بما فعلوه. وقول زهير بن أبي سلمى:
فما يك من خير أتوه فإنما ** توارثه آباء آبائهم قبل

واعلم بأن الإفك هو أسوأ الكذب، لأنه قلب للكلام عن الحق إلى الباطل، والعرب تقول: أفكه بمعنى قلبه. ومنه قوله تعالى في قوم لوط {والمؤتفكات أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبينات} [التوبة: 70] وقوله: {والمؤتفكة أهوى} [النجم: 53] وإنما قيل لها مؤتفكات، لأن الملك أفكها أي قبلها كما أوضحه تعالى بقوله: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [الحجرات: 74].
{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)}.
ذكر جل وعلا في الأولى من هاتين الآيتين أن الكفار قالوا: إنَّ هذا القرآن أساطير الأولين أي مما كتبهن وسطره الأولون كأحاديث رستم واسفنديار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جمعه، وأخذه من تلك الأساطير، وأنه اكتتب تلك الأساطير، قال الزمخشري: أي كتبها لنفسه وأخذها، كما تقول: استكب الماء واصطبه إذا سكبه وصبه لنفسه وأخذه، وقوله: {فَهِيَ تملى عَلَيْهِ} أي تلقى إليه، وتُقرأ عند إرادته كتابتها ليكتبها، والإملاء إلقاء الكلام على الكاتب ليكتبه، والهمزة مبدلة من اللام تخفيفًا، والأصل في الإملال باللام ومنه قوله تعالى: {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الذي عَلَيْهِ الحق} [البقرة: 282] الآية وقوله: {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} البكرة: أول النهار، والأصيل: آخره.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية من أنَّ الكفار قالوا: إن القرآن أساطير الأولين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تعلمه من غيره، وكتبه جاء موضحًا في آيات متعددة كقوله تعالى: {وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هذا إِنْ هاذآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأولين} [الأنفال: 31].
وقد ذكرنا آنفًا الآيات الدالة على انهم افتروا عليه أنه تعلم القرآن من غيره، وأوضحناه تعنتهم، وكذبهم في ذلك في سورة النحل، ودلالة الآيات على ذلك في الكلام على قوله تعالى: {لِّسَانُ الذي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} [النحل: 103] الآية فأغنى ذك عن إعادته هنا.
ومن الآية الدالة على كذبهم في قوله: {اكتتبها فَهِيَ تملى عَلَيْه} قوله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لاَّرْتَابَ المبطلون} [العنكبوت: 48] وقوله تعالى: {الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي} [الأعراف: 157] إلى قوله تعالى: {فَآمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ النبي الأمي} [الأعراف: 58] الآية، والأمي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب وما ذكر جل وعلا في الآية الأخيرة من قوله: {قُلْ أَنزَلَهُ الذي يَعْلَمُ السر فِي السماوات والأرض} الآية. وجاء أيضًا موضحًا في آيات أخر كقوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القدس مِن رَّبِّكَ} [النحل: 102] الآية، وقوله تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله} [البقرة: 97] الآية. وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العالمين نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المنذرين بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 192- 195]، وقوله تعالى: {وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن مِن قَبْلِ إَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: 114] {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فاتبع قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} وقوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العالمين}، وقوله تعالى: {تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَق الأرض والسماوات العلى} [طه: 4] إلى غير ذلك من الآيات، وقوله هنا: {الذي يَعْلَمُ السر فِي السماوات والأرض} أي ومن يعلم السر فلا شك أنه يعلم الجهر.
ومن الآيات الدالة على ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من كونه تعالى يعلم السر في السموات والأرض قوله تعالى: {وَإِن تَجْهَرْ بالقول فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السر وَأَخْفَى} [طه: 7] وقوله تعالى: {وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ اجهروا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} [الملك: 13] وقوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ الله يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ الله عَلاَّمُ الغيوب} [التوبة: 78] وقوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بلى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: 8]، وقوله تعالى: {ذلك عَالِمُ الغيب والشهادة العزيز الرحيم} [السجدة: 6]، وقوله تعالى: {واعلموا أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا في أَنْفُسِكُمْ فاحذروه} [البقرة: 235] الآية، وقوله تعالى: {وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِي السماء والأرض إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [النمل: 75]، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}، قال فيه ابن كثير: هو دعاء لهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار لهم بأن رحمته واسعة، وأن حلمه عظيم، وأن من تاب إليه تاب عليه، فهؤلاء مع كذبهم، وافترائهم، وفجورهم، وبهتانهم، وكفرهم، وعنادهم، وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيهم إلى الإسلام والهدى، وكفرهم، وعنادهم، وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى، كما قال: {لَّقَدْ كَفَرَ الذين قالوا إِنَّ الله ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إله إِلاَّ إله وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 7374] وقال تعالى: {إِنَّ الذين فَتَنُواْ المؤمنين والمؤمنات ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الحريق} [البروج: 10].
قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه، وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة. انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى. وما ذكره واضح.
والآيات الدالة على مثله كثيرة كقوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كفروا إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ} [الأنفال: 38] وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًَا ثُمَّ اهتدى} [طه: 82] الآية، إلى غير ذلك من الآيات. اهـ.