فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

قوله: {مَالِ هذا} ما استفهاميةٌ مبتدأةٌ. والجارُّ بعدَها خبرٌ. {ويَأْكل} جملةٌ حاليةٌ، وبها تَتِمُّ فائدةُ الإِخبار كقوله: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ}. وقدت تقدم في النساء أنَّ الجرِّ كُتِبَتْ مفصولةً من مجرورِها وهو خارجٌ عن قياسِ الخطِّ.
والعاملُ في الحالِ الاستقرارُ العاملُ في الجارِّ، أو نفسُ الجارِّ، ذكرَه أبو البقاء.
قوله: {فَيَكُونَ} العامَّةُ على نصبِه. وفيه وجهان، أحدُهما: نصبٌ على جوابِ التحضيضِ. والثاني قال أبو البقاء: فيكونَ منصوبٌ على جوابِ الاستفهام وفيه نظرٌ؛ لأنَّ ما بعدَ الفاءِ لا يَتَرَتَّبُ على هذا الاستفهامِ. وشرطُ النصبِ: أن ينعقدَ منها شرطٌ وجزاءٌ. وقرئ {فيكونُ} بالرفعِ، وهو معطوفٌ على {أُنْزِل}. وجاز عطفُه على الماضي؛ لأنَّ المرادَ بالماضي المستقبلُ، إذ التقدير: لولا نُنَزِّلُ.
قوله: {أَوْ يلقى} {أو تكونُ} معطوفان على {أُنْزِلَ} لِما تقدَّم مِنْ كونِه بمعنى نُنَزِّل. ولا يجوزُ أَنْ يُعْطفا على {فيكونَ} المنصوبِ في الجواب، لأنهما مُنْدَرجان في التحضيض في حكم الواقعِ بعد {لولا}. وليس المعنى على أنهما جوابٌ للتحضيضِ فيعطفا على جوابِه. وقرأ الأعمش وقتادةُ {أو يكونُ له} بالياء من تحتُ؛ لأن تأنيثَ الجنةِ مجازيٌّ.
قوله: {يَأْكُلُ مِنْهَا} الجملةُ في موضعِ الرفعِ صفةً ل {جنةٌ} وقرأ الأخَوان {نَأْكُلُ} بنون الجمعِ. والباقون بالياء من تحتُ أي: الرسول.
قوله: {وَقَالَ الظالمون} وَضَعَ الظاهرَ موضعَ المضمرِ، إذ الأصل: وقالوا. قال الزمخشري: وأرادَ بالظالمين إياهم بأعيانهم. قال الشيخ: وقوله ليس تركيبًا سائغًا، بل التركيبُ العربيُّ أَنْ يقولَ: أرادَهم بأعيانِهم. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في السحر:
قيل: هو مأخوذ من السِّحْر وهو طَرَف الحلقوم والرئة.
قالت عائشة رضي الله عنها: مات رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين سَحْرى ونَحْرى أَى مستنِدًا إِلى صدرى وما يحاذِى سَحْرى.
وقيل: السَحْرُ، ما لصِق بالحُلقوم من أَعلى البطن.
والسُّحَارة: ما يُنزع من السَّحْر عند الَّبح فيُرْمَى به.
وجُعل بناؤه بناءَ النُّفاية والسُّقاطة.
ويقال: انتفخ سَحْره، وانتفخت مساحِره: إِذا ملّ وجَبُنَ.
وانقطع منه سَحْرى، أَى يئست منه.
وأَنا منه غير صَريم سَحْر: غير قانط.
وبلغ سَحَر الأَرض وأَسحارها: أَطرافها وأَواخرها.
وقوله صلَّى الله عليه وسلم: «إِنَّ من البيان لسحْرًا» قيل: معناه: من البيان ما يُكْتَسَبُ به من الإِثم ما يكتسِبه السّاحر بسحره، فيكون في مَعْرِض الذمّ.
ويجوز أَن يكون في معرض المدح؛ لأَنَّه يُستمال به القلوبُ ويُرَضَّى به الساخطُ، ويُستنزَل به الصّعب.
والسِّحْر في كلامهم: صرف الشىء عن وجهه.
والسِّحْر يقال على معان:
الأَوّل: الخداع، وتخييلاتٌ لا حقيقة لها؛ نحو ما يفعله المُشَعْوِذ من صرف الأَبصار عمَّا يفعله بخفّة يد، وما يفعله النمّام بقولٍ مزخرف عائق للاستماع.
وعلى ذلك قوله تعالى: {سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} وقوله: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}، وبهذا النَّظر سمَّوا موسى صلوات الله عليه ساحرًا، فقالوا: {َاأَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ}.
الثَّانى: استجلاب معاونة الشيطان بضرب من / التَّقرّب إِليه، كقوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} وعلى ذلك قوله تعالى: {وَلَاكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} قال الشاعر:
فَوَالله ما أَدْرى وإِنِّى لصادقٌ ** أَداءٌُ عرانى من جَنابكِ أَم سِحرُ

فإِن كان سِحرًا فاعذرينى علىَ الهوى ** وإِن كان داءً غيره فَلَكِ العذر

الثالث: ما يذهب إِليه الأَغتام، وهو اسم لفعل يزعمون أَنَّه من قوَّته يغيّر الصّور والطبائع، فيجعل الإِنسان حمارًا.
ولا حقيقة لذلك عند المحصّلين.
وقد تُصوِّر من السِّحر تارة حُسنهُ، فقيل: إِنَّ من البيان لسحرًا، وتارة دِقَّة فعلِه، حتى قالت الأَطبّاءُ: الطبيعة ساحرة.
وسمّوا الغِذاءَ سِحْرًا من حيث إِنَّه يدقّ ويلطُف تأثيره.
قال تعالى: {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} أَى مصروفون عن معرفتنا بالسّحر، وعلى ذلك قوله: {إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} قيل ممّن جعل له سَحْر، تنبيهًا أَنَّه يحتاج إِلى الغِذاءِ؛ كقوله: {مَالِ هذا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ}، ونبّه أَنَّه كان بَشَرًا، وقيل: معناه: ممّن جُعل له سِحْر يَتوصَّل بلطفه ودقّته إِلى ما يأْتى به ويدّعيه.
وعلى الوجهين حُمل قوله: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلًا مَّسْحُورًا}.
ولقيته سَحَرًا، وسُحْرةً، وبالسّحَر، وفى أَعلى السَّحَرين، وهما سَحَرَان: سَحَر مع الصّبح، وسحر قبله، كما يقال: الفجران: الكاذب والصّادق.
وأَسْحَرْنا مثل أَصبحنا.
اسْتَحَرُوا: خرجوا سَحَرًا.
وتسحّر: أَكل السَحُور، وسحَّرنى فلان.
وإِنما سمّى السَّحَر استعارة لأَنَّه وقت إِدبار الليل وإِقبال النَّهار.
فهو متنفَّس الصّبح.
ويقال إِنَّ السِّحْر في القرآن على سبعة أَوجه:
الأَوّل: بمعنى العِلم، والسّاحر بمعنى العالم الحاذق: {يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} أَى يأَيها العالم.
الثانى: بمعنى الزُّور والكذب: {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} أَى كذب وزُور، {وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}، أَى كذب قوىّ تامّ.
الثالث: بمعنى ربط العيون: {سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ}.
الرَّابع: بمعنى الجنون، والمسحور المجنون: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلًا مَّسْحُورًا}، {إِنِّي لأَظُنُّكَ يامُوسَى مَسْحُورًا}، أَى مجنونًا.
الخامس: بمعنى الصّرف عن الحقّ: {قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}، أَى تصرفون.
السّادس: بمعنى الإِحواج إِلى الطعام والشراب: {إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ}.
والسَّابع: بمعنى آخِر اللَّيل ومقدّمة الصّبح: {نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}، {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ}.
لما عجزوا عن معارضته أخذوا يعيبونه بكونه بَشَرًا من جنسهم يمْشي في الأسواق، ويأكل الطعام، وعابوه بالفقر وقالوا: هَلاَّ نَزَّلَ عليه الملائكةَ فَيُرَوْنَ عيانًا؟ وهلاَّ جعل له الكنوزَ فاستكثر مالًا؟ وهلاَّ خُصَّ بآياتٍ- اقترحوها- فَتَقْطَعَ العُذْرَ وتُزِيلَ عنَّا إشكالًا؟! وما هذا الرجلُ إلا بشرٌ تعتريه مِنْ دواعي السهوات ما يعتري غيره! فأيُّ خصوصيةٍ له حتى تلْزَمَنا متابَعَتهُ ولن يُظْهِرَ لنا حجةً؟ فأجاب الله عنهم وقال: إنَّ الحقَّ قادرٌ على تمليكك ما قالوا وأضعافَ ذلك، وفي قدرته إظهارُ ما اقترحوه وأضعافُ ذلك، ولكن ليس لهم هذا التخير بعدما أزيح العذرُ بإظهار معجزة واحدة، واقترح ما يَهْوَوْنَ تحكُّمٌ على التقدير، وليس لهم ذلك. ثم أخبر أنه لو أظهر تفصيل ما قالوه وأضعافَه لم يؤمنوا؛ لأن حُكْمَ الله بالشقاوة سابق لهم. اهـ.

.تفسير الآيات (10- 14):

قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ثبت أنه لا وجود لهم لأنهم لا علم لهم ولا قدرة، وأنهم لا يمن لهم ولا بركة، لا على أنفسهم ولا غيرهم، أثيت لنفسه سبحانه ما يستحق من الكمال الذي يفيض به على من يشاء من عباده ما يشاء فقال: {تبارك} أي ثبت ثباتًا مقترنًا باليمن والبركة، لا ثبات إلا هو {الذي إن شاء} فإنه لا مكره له {جعل لك خيرًا من ذلك} أي الذي قالوه على سبيل التهكم؛ ثم أبدل منه قوله: {جنات} فضلًا عن جنة واحدة {تجري من تحتها الأنهار} أي تكون أرضها عيونًا نابعة، أي موضع أريد منه إجراء نهر جرى، فهي لا تزال ريًا تغني صاحبها عن كل حاجة ولا تحوجه في استثمارها إلى سقي.
ولما كان القصر- وهو بيت المشيد- ليس مما يستمر فيه الجعل كالجنة التي هذه صفتها، عبر فيه بالمضارع إيذانًا بالتجديد كلما حصل خلل يقدح في مسمى القصر فقال: {ويجعل لك قصورًا} أي بيوتًا مشيدة تسكنها بما يليق بها من الحشم والخدم، قال البغوي: والعرب تسمي كل بيت مشيد قصرًا.