فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)}.
يريد يومَ القيامة إذا بَدَتْ أهوالُها، وظَهَرت للمبعوثين أحوالُها عَمِلُوا وتحققوا- ذلك اليومَ- أنَّ المُلْكَ للرحمن. ولم يتخصص ملكُه بذلك اليوم، وإنما علْمُهم ويقينهُم حَصَلَ لهم ذلك الوقت.
ويقال تنقطع دواعي الأغيار، وتنتفي أوهامُ الخلْق فلا يتجدَّدُ له- سبحانه- وصفٌ ولكن تتلاشى للخلْق أوصاف، وذلك يومٌ على الكافرين عسير، ودليل الخطاب يقتضي أنَّ ذلك اليوم على المؤمنين يسيرٌ وإلا بطل الفرقُ؛ فيجب ألا يكون مؤمن إلاَّ وذلك اليوم يكون عليه هينًا.
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)}.
يندم الكافر على صحبة الكفار. ودليل الخطاب يتقضي سرورَ المؤمنين بمصاحبة أخدانهم وأحبائهم في الله، وأمَّا الكافر فَيُضِلُّ صاحبَه فيقع معه في الثبور، ولكن المؤمن يهدي صاحبه إلى الرشد فيصل به إلى السرور.
قوله جلّ ذكره: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِ إِنَّ قَوْمِى اتَّخَذُوا هَذَا القُرْءَانَ مَهْجُورًا}.
شكا إلى الله منهم، وتلك سنَّةُ المرسلين؛ أخبر الله عن يعقوب- عليه السلام- أنه قال: {إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّى وَحُزْنِى إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] فَمنْ شكا من الله فهو جاحد، ومنْ شكا إلىلله فهو عارف واجد.
ثم إنه أخبر أنه لم يُخْلِ نبيًا من أنبيائه صلوات الله عليهم إلا سلَّطَ عليه عَدُّوًا في وقته، إلا أنَّه لم يغادِرْ من أعدائِهم أحدًا، وأذاقهم وبالَ ما استوجبوه على كفرهم وغَيَّهم قوله جلّ ذكره: {وَكَفَى بِرَبِكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}.
كفى بربك اليوم هاديًا إلى معرفته، وغدًا نصيرًا على رؤيته.
ويقال آخر فتنة للمؤمنين ما ورد في الخبر: «أن كل أمة ترى في القيامة الصنم الذي عبدوه يتبعونه فيحشرون إلى النار، فيُلْقَوْن فيها ويبقى المؤمنون، فيقال لهم: ما وقفكم؟ فيقولون: إنهم رأوا معبودهم فتبعوه ونحن لم نرَ معبودنا! فيقال لهم: ولو رأيتموه... فهل تعرفونه؟ فيقولون: نعم. فيقال لهم: بِمَ تعرفونه؟ فيقولون: بيننا وبينه علامة. فيريهم شيئًا في صورة شخص فيقول لهم: أنا معبودكم. فيقولون: معاذ الله... نعوذ بالله منك! ما عبدناك. فيتجلَّى الحقُّ لهم فَيَسجدون له». اهـ.

.من فوائد ابن القيم:

قوله في هذه الآية: هجر القرآن أنواع:
أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
والرابع: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها. فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به.
قال: وكل هذا داخل في هذه الآية، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض. انتهى.
وفي الإكليل: إن في الآية إشارة إلى التحذير من هجر المصحف وعدم تعاهد بالقراءة فيه. وكذا قال أبو السعود: فيه تلويح بأن من حق المؤمن أن يكون كثير التعاهد للقرآن، كيلا يندرج تحت ظاهر النظم الكريم. ثم قال: وفيه من التحذير ما لا يخفى. فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إذا شكوا إلى الله تعالى قومهم، عجل لهم العذاب ولم يُنظروا. ثم ذكر تعالى ما يكون أسوة لنبيه، وتسلية له، ووعدًا بالنصرة، بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا}.
أي: إلى ما يبلغك ما تتمناه: {وَنَصِيرًا} أي: لك على كل من يناوئك. اهـ.

.تفسير الآيات (32- 34):

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ذكر سبحانه شكايته من هجرانهم للقرآن، وقرر عداوتهم له ونصرته عليهم، أتبع ذلك بما يدل عليه، فقال عطفًا على ما مضى من الأشباه في الشبه، وأظهر موضع الإضمار تنبيهًا على الوصف الذي حملهم على هذا القول: {وقال الذين كفروا} أي غطوا عدواة وحسدًا ما تشهد عقولهم بصحته من أن القرآن كلام لإعجازه لهم متفرقًا، فضلًا عن كونه مجتمعًا، وغطوا ما وضح لهم من آثاره الظاهرة الشاهد بوحدانيته، وغير ذلك من صفاته العلية: {لولا} أي هلا.
ولما كانوا لشدة ضعفهم لا يكادون يسمحون بتسمية القرآن تنزيلًا فضلًا عن أن يسندوا إنزاله إلى الله سبحانه وتعالى، بنوا للمفعول في هذه الشبهة التي أوردها قولهم: {نُزِّل عليه} ولما عبروا بصيغة التفعيل المشيرة إلى التدريج والتفريق استجلابًا للسامع لئلا يعرض عنهم، أشاروا إلى أن ذلك غير مراد فقالوا: {القرآن} أي المقتضي اسمه للجمع؛ ثم صرحوا بالمراد بقولهم: {جملة} وأكدوا بقولهم: {واحدة} أي من أوله إلى آخره بمرة، ليتحقق أنه من عند الله، ويزول عنا ما نتوهمه من أنه هو الذي يرتبه قليلًا قليلًا، فتعبيرهم بما يدل على التفريق أبلغ في مرادهم، فإنهم أرغبوا السامع في الإقبال على كلامهم بتوطينه على ما يقارب مراده، ثم أزالوا بالتدريج أتم إزالة، فكان في ذلك من المفاجأة بالروعة والإقناط مما أمّل من المقاربة ما لم يكن في {أنزل} والله أعلم.
ولما كان التقدير: وما له ينزل عليه مفرقًا، وكان للتفريق فوائد جليلة، أشار سبحانه إلى عظمتها بقوله معبرًا للإشارة إلى ما اشتملت عليه من العظمة بأداة البعد: {كذلك} أي أنزلناه شيئًا فشيئًا على هذا الوجه العظيم الذي أنكروه {لنثبت به فؤادك} بالإغاثة بتردد الرسل بيننا وبينك، وبتمكينك وتمكين أتباعك من تفهم المعاني، وتخفيفًا للأحكام، في تحميلها أهل الإسلام، بالتدريج على حسب المصالح، ولتنافي الحكمة في الناسخ والمنسوخ، لما رتب فيه من المصالح، وتسهيلًا للحفظ لاسيما والأمة أمية لا تقرأ ولا تكتب، وتلقينًا للأجوبه في أوقاتها، وتعظيمًا للإعجاز، لأن ما تحدى بنجم منه فعجز عنه علم أن العجز عن أكثر منه أولى، فالحاصل أن التفريق أدخل في باب الإعجاز وفي كل حكمة، فعلم أن هذا الاعتراض فضول ومماراة بما لا طائل تحته من ضيق الفطن، وقلة الحلية، وحرج الخطيرة، دأب المقطوع المبهوت، لأن المدار الإعجاز، وأما كونه جملة أو مفرقًا فأمر لا فائدة لهم فيه، وليست الإشارة محتملة لأن تكون للكتب الماضية، لأن نزولها إنما كان منجمًا كما بينته في سورة النساء عن نص التوراة المشير إليه نص كتابنا، لا كما يتوهمه كثير من الناس، ولا أصل له إلا كذبة من بعض اليهود شبهوا بها على أهل الإسلام فمشت على أكثرهم وشرعوا يتكلفون لها أجوبة، واليهود الآن معترفون بأن التوراة نزلت في نحو عشرين سنة والله الموفق.
ولما كان إنزله مفرقًا أحسن، أكده بقوله عطفًا على الفعل الذي تعلق به {كذلك} {ورتلناه ترتيلًا} أي فرقناه في الإنزال إليك تفريقًا في نيف وعشرين سنة؛ وقال البغوي: قال ابن عباس رضى الله عنهما-: بيناه بيانًا، والترتيل: التبين في ترسل وتثبت انتهى.
وأصله ترتيل الأسنان وهو تفليجها كنور الأقحوان.
ولما كان التقدير: قد بطل ما أتوا به هذا الاعتراض، عطف عليه قوله: {ولا يأتونك} أي المشركون {بمثل} أي باعتراض في إبطال أمرك يخيلون به لعقول الضعفاء بما يجتهدون في تنميقه وتحسينه وتدقيقه حتى يصير عندهم في غاية الحسن والرشاقة لفظًا ومعنى {إلا جئناك} أي في جوابه {بالحق} ومن الألف واللام الدالة على الكمال يُعرَف أن المراد به الثابت الذي لا شيء أثبت منه، فيرهق ما أتوا به لبطلانه، ويفتضح بعد ذلك الستر فضيحة تخجّل القائل والسامع القابل.
ولما كان التقدير في الأصل: بأحق منه، وإنما عبر بالحق، لئلا يفهم أن لما يأتون به وجهًا في الحقيقة، عطف عليه قوله: {وأحسن} أي من مثلهم {تفسيرًا} أي كشفًا لما غطى الفهم من ذلك الذي خيلوا به وادعوا أنهم أوضحوا به وجهًا من وجوه المطاعن، فجزم أكثر من السامعين بحسنه.
ولما أنتجت هذه الآيات كلها أنهم معاندون لربهم، وأنهم يريدن بهذه السؤالات أن يضللوا سبيله، ويحتقروا مكانته، ويهدروا منزلته، علم قطعًا أنه يعمر بهم دار الشقاء، وكان ذلك أدل على أنهم أعمى الناس عن الطرق المحسوسة، فضلًا عن الأمثال المعلومة، والتمثيل للمدارك الغامضة، وأنهم أحقر الناس لأنه لا ينتقص الأفاضل إلا ناقص، ولا يتكلم الإنسان إلا فيمن هو خير منه، قال معادلًا لقوله: {أصحاب الجنة يومئذ خير} [الفرقان: 24] واصفًا لما تقدم أنه أظهره موضع الإضمار من قوله: {الذين كفروا} [الفرقان: 32] {الذين يحشرون} أي يجمعون قهرًا ماشين مقلوبين {على وجوههم} أو مسحوبين {إلى جهنم} كما أنهم في الدنيا كانوا يعملون ما كأنهم معه لا يبصرون ولا تصرف لهم في أنفسهم، تؤزهم الشياطين أزًا، فإن الآخرة مرآة الدنيا، مهما عمل هنا رئي هناك، كما أن الدنيا مزرعة الآخرة، مهما عمل فيها جنيت ثمرته هناك روى البخاري عن أنس رضى الله عنهما- أن رجلًا قال: يا نبي الله! كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: «أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ قال قتادة: يعني الراوي عن أنس: بلى وعزة ربنا».
ولما وصف المتعنتين في أمر القرآن بهذا الوصف، استأنف الإخبار بأنهم متصفون بما ألزموا به من أن الإتيان بالقرآن مفرقًا وضع للشيء في غير موضعه فقال: {أولئك} أي البعداء البغضاء {شر} أي شر خلق {مكانًا وأضل سبيلًا} حيث عموا عن طريق الجنة التي لا أجلى منها ولا أوسع، وسلكوا طريق النار التب لا أضيق منه ولا أوعر، وعموا عن أن إنزال القرآن نجومًا أولى لما تقدم من اللطائف وغيرها مما لا يحيط به إلا الله تعالى، {وسبيلًا} تمييز محول عن الفاعل أصله: ضل سبيلهم، وإسناد الضلال إليه من الإسناد المجازي. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{تشقق} بتخفيف الشين على حذف تاء التفعل وكذلك في سورة ق: عاصم وحمزة وعلي وخلف وأبو عمرو. والآخرون بالتشديد للإدغام. {وننزل} من الإنزال {الملائكة} بالنصب: ابن كثير. الباقون {وينزل} ماضيًا مجهولًا من التنزيل {الملائكة} بالرفع. {يا ليتني اتخذت} بفتح ياء المتكلم: أبو عمرو {قومي اتخذوا} بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وسهل ويعقوب. {وثمود} بغير تنوين في الحالين: حمزة وسهل ويعقوب وحفص. الآخرون بالتنوين للمشاكلة، أو بتأويل الحي لا القبيلة، أو لأنه اسم الأب الأكبر. {الريح} على التوحيد: ابن كثير {بشرًا} مذكور في الأعراف. {ميتًا} بالتشديد: يزيد {ونسقيه} بفتح النون: المفضل والبرجمي الباقون بضمها.

.الوقوف:

{ربنا} ط {كبيراً}{محجوراً} o {منثوراً} o {مقيلاً} o {تنزيلاً} o {للرحمن} ط {عسيراً} o {سبيلاً} o {خليلاً} o {إذ جاءني} ط لأن ما بعده من أخبار الله تعالى ظاهراً، ويحتمل أن يكون من تتمة حكاية كلام الظالم. {خذولاً} o {مهجوراً} o {المجرمين} o ط {ونصيراً} o {واحدة} ج على تقدير فرقنا إنزاله كذلك أي كما ترى لنثبت وإن وصلت وقفت على {كذلك} والتقدير جملة واحدة كذلك الكتاب المنزل وهو التوراة، ثم اضمرت فعلاً أي فرقناه لنثبت. {ترتيلاً} o {تفسيراً} o ط لأن ما بعده مبتدأ {جهنم} لا لأن ما بعده خبر {سبيلاً} o {وزيراً} o ج للآية ولفاء العطف {بآياتنا} ط للفاء الفصيحة أي فذهبا وبلغا فعصوهما {فدمرناهم تدميراً} o ط لأن {قوم نوح} منصوب بمحذوف أي وأغرقنا قوم نوح أغرقناهم {آية} ط لأن ما بعده مستأنف {أليما} ج للآية ولاحتمال عطف {عاداً} على الضمير في {جعلناهم} واحتمال انتصابه بمحذوف أي وأهلكنا عاداً {كثيراً} o {الأمثال} ز فصلاً بين الأمرين المعظمين مع عطف الجملتين المتفقتين {تتبيراً} o {السوء} {يرونها} لا للعطف مع الإضراب. {نشوراً} o {هزواً} ط لحق المحذوف أي يقولون أهذا الذي {رسولاً} o {عليها} ط لانتهاء مقولهم {سبيلاً} o {هواه} ط {وكيلاً} o لا للعطف {يعقلون} o ج لابتداء النفي {سبيلاً} o {الظل} ج لانتهاء الاستفهام إلى الشرط مع اتحاد المقصود {ساكناً} ج للعدول مع العطف {دليلاً} o {يسيراً} o {نشوراً} o {رحمته} ج للعدول {طهوراً} o ج لتعلق اللام {كثيراً} o {ليذكروا} ز والوصل أولى للفاء {كفوراً} o. اهـ.