فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35)}.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وجعلنا معه أخاه هارون وزيرًا} قال: عونًا وعضدًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فدمرناهم تدميرًا} قال: أهلكناهم بالعذاب.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وعادًا وثمودا} ينوّن ثمود.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: {الرس} قرية من ثمود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: {الرس} بئر بأذربيجان.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله: {وأصحاب الرس} قال: قوم شعيب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وأصحاب الرس} قال: حدثنا أن أصحاب الرس كانوا أهل فلج باليمامة، وآبار كانوا عليها.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: {الرس} بئر كان عليها قوم يقال لهم: أصحاب الرس.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: {أصحاب الرس} رسوا نبيهم في بئر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس أنه سأل كعبًا عن أصحاب الرس قال: صاحب البئر الذي {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} فرسه قومه في بئر بالحجار.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: {الرس} بئر قتل به صاحب يس.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي وابن عساكر عن جعفر بن محمد بن علي: أن امرأتين سألتاه هل تجد غشيان المرأة المرأة محرمًا في كتاب الله؟ قال: نعم هن اللواتي كن على عهد تبع، وهن صواحب الرس وكل نهر وبئر رس. قال: يقطع لهن جلباب من نار، ودرع من نار، ونطاق من نار، وتاج من نار، وخفان من نار، ومن فوق ذلك ثوب غليظ جاف جلف منتن من نار، قال جعفر: علموا هذا نساءكم.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن واثلة بن الأسقع رفعه قال: سحاق النساء زنا بينهن.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن كعب بن مالك قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراكبة والمركوبة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: إن أصحاب الأيكة وأصحاب الرس كانتا أمتين، فبعث الله إليهما نبيًا واحدًا شعيبًا وعذبهما الله بعذابين.
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة العبد الأسود، وذلك أن الله تعالى بعث نبيًا إلى أهل قريته فلم يؤمن به من أهلها أحد إلا ذلك الأسود، ثم إن أهل القرية عدوا على النبي فحفروا له بئر، فألقوه فيها، ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم، فكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره، ثم يأتي بحطبه فيبيعه، فيشتري به طعامًا وشرابًا، ثم يأتي به إلى تلك البئر فيرفع تلك الصخرة فيعينه الله عليها، فيدلي طعامه وشرابه، ثم يردّها كما كانت كذلك ما شاء الله أن يكون ثم إنه ذهب يومًا يحتطب كما كان يصنع فجمع حطبه، وحزم حزمته وفرغ منها، فلما أراد أن يحتملها وجد سنة فاضطجع فنام، فضرب على أذنه سبع سنين نائمًا، ثم إنه هب فتمطى، فتحوّل لشقه الآخر فاضطجع، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى، ثم إنه هب فاحتمل حزمته ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار، فجاء إلى القرية فباع حزمته، ثم اشترى طعامًا وشرابًا كما كان يصنع، ثم ذهب إلى الحفرة في موضعها التي كانت فيه، فالتمسه فلم يجده وقد كان بدا لقومه بداء فاستخرجوه فآمنوا به وصدقوه. وكان النبي يسألهم عن ذلك الأسود ما فعل؟ فيقولون له: ما ندري! حتى قبض ذلك النبي فأهب الله الأسود من نومته بعد ذلك؛ إن ذلك الأسود لأول من يدخل الجنة».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أم سلمة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بعد عدنان بن أدد بن زيد بن البراء، واعراق الثرى» قالت: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلك {عادًا وثمودا وأصحاب الرس وقرونًا بين ذلك كثيرًا لا يعلمهم إلا الله} قالت: واعراق الثرى: اسمعيل وزيد وهميسع وبرانيت.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {وقرونًا بين ذلك كثيرًا} قال: كان يقال إن القرن سبعون سنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زرارة بن أوفى قال: القرن مائة وعشرون عامًا قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرن كان آخره العام الذي مات فيه يزيد بن معاوية.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون، وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون» قال أبو سلمة: القرن مائة سنة.
وأخرج الحاكم وابن مردويه عن عبد الله بن بسر قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي فقال: «هذا الغلام يعيش قرنًا فعاش مائة سنة».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق محمد بن القاسم الحمصي عن عبد الله بسر المازني قال: وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على رأسي وقال: «سيعيش هذا الغلام قرنًا قلت: يا رسول الله كم القرن؟ قال: مائة سنة. قال محمد بن القاسم: ما زلنا نعد له حتى تمت مائة سنة. ثم مات».
وأخرج ابن مردويه عن أبي الهيثم بن دهر الأسلمى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «القرن خمسون سنة».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمتي خمس قرون القرن أربعون سنة».
وأخرج ابن المنذر عن حماد بن إبراهيم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القرن أربعون سنة».
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القرن أربعون سنة».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال «القرن ستون سنة».
وأخرج الحاكم في الكنى عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى معد بن عدنان أمسك. ثم يقول: «كذب النسابون قال الله تعالى {وقرونًا بين ذلك كثيرًا}».
{وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39)}.
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة {وكلًا ضربنا له الأمثال وكلًا تبرنا تتبيرًا} قال: كل قد أعذر الله إليه وبين له ثم انتقم منه {ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء} قال: قرية لوط {بل كانوا لا يرجون نشورًا} قال: بعثا ولا حسابًا.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {وكلًا تبرنا تتبيرًا} قال: تبر الله كلا بالعذاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: {تبرنا} بالنبطية.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولقد أتوا على القرية} قال: هي سدوم قرية قوم لوط {التي أمطرت مطر السوء} قال: الحجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء {ولقد أتوا على القرية} قال: قرية لوط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ولقد أتوا على القرية} قال: هي بين الشام والمدينة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {لا يرجون نشورًا} قال: بعثًا وفي قوله: {لولا أن صبرنا عليها} قال: ثبتنا. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35)}.
قوله: {هَارُونَ} بدلٌ أو بيانٌ، أو منصوبٌ على القطع. و{وزيرًا} مفعولٌ ثانٍ، وقيل: حالٌ، والمفعولُ الثاني قوله: {معه}.
{فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36)}.
قوله: {فَدَمَّرْنَاهُمْ} العامَّةُ على فَدَمَّرْنا فعلًا ماضيًا معطوفًا على محذوفٍ أي: فَذَهبا فكذَّبُوهما فدَمَّرْناهم. وقرأ عليٌّ كرَّم اللهُ وجهَه {فَدَمِّراهم} أمرًا لموسى وهارون. وعنه أيضًا {فَدَمِّرانِّهم} كذلك أيضًا، ولكنه مؤكَّدٌ بالنونِ الشديدةِ. وعنه أيضًا: {فدَمِّرا بهم} بزيادةِ باءِ الجر بعد فعلِ الأمرِ، وهي تُشْبِهُ القراءةَ قبلَها في الخَط. ونَقَلَ عنه الزمخشري {فَدَمَّرْتُهم} بتاءٍ المتكلِّمِ.
قوله: {وَقَوْمَ نُوحٍ} يجوزُ أَنْ يكونَ منصوبًا، عطفًا على مَفْعول دَمَّرْناهم، ويجوزُ أَنْ يكونَ منصوبًا بفعلٍ مضمرٍ يُفَسِّره قوله: {أغْرَقْناهم}. ويُرَجَّح هذا بتقدُّم جملةٍ فعليةٍ قبلَه. هذا إذا قُلنا: إنَّ {لَمَّا} ظرفُ زمانٍ، وأمَّا إذا قُلْنا إنَّها حرفُ وجوبٍ لوجوبٍ فلا يتأتى ذلك؛ لأنَّ {أَغْرقناهم} حينئذٍ جوابٌ {لَمَّا} وجوابُها لا يُفَسِّر، ويجوزُ أَنْ يكونَ منصوبًا بفعلٍ مقدرٍ لا على سبيلِ الاشتغالِ، أي: اذكرْ قومَ نوحٍ.
قوله: {وَعَادًا} فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أَنْ يكونَ معطوفًا على قومِ نوح، وأنْ يكونَ معطوفًا على مفعولِ {جَعَلْناهم} وأَنْ يكونَ معطوفًا على محلِّ {للظالمين} لأنَّه في قوةِ: وَعَدْنا الظالمين بعذابٍ.
قوله: {وَأَصْحَابَ الرس} فيه وجهان، أحدهما: من عَطْفِ المغايِرِ. وهو الظاهرُ. والثاني: أنَّه من عطفِ بعضِ الصفاتِ على بعضٍ. والمرادُ بأصحابِ الرِّسِّ ثمودُ؛ لأنَّ الرَّسَّ البِئْرُ التي لم تُطْوَ، عن أبي عبيد، وثمودُ أصحابُ آبار. وقيل: الرَّسُ نهرٌ بالمشرق، ويقال: إنهم أناسٌ عبدةُ أصنامٍ قَتَلوا نبيَّهم، ورسَوْه في بئرٍ أي: دَسُّوه فيها.
قوله: {بَيْنَ ذَلِكَ} {ذلك} إشارةٌ إلى مَنْ تقدَّم ذكرُه، وهم جماعاتٌ، فلذلك حَسُنَ {بين} عليه.
قوله: {وَكُلًا ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال} يجوزُ نصبُه بفعلٍ يفسِّره ما بعده أي: وحَذَّرْنا أو ذكَّرْنا، لأنهما في معنى: ضَرَبْنا له الأمثالَ. ويجوزُ أَنْ يكونَ معطوفًا على ما تقدَّم، و{ضَرَبْنا} بيانٌ لسببِ إهْلاكهم. وأمَّا {كلًا} الثانيةُ فمفعولٌ مقدمٌ.
قوله: {مَطَرَ السوء} فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه مصدرٌ على حَذْفِ الزوائدِ أي: إمْطار السَّوْء. الثاني: أنه مفعولٌ ثانٍ؛ إذ المعنى: أعطيتُها وأَوْلَيْتُها مطرَ السَّوْء. الثالث: أنه نعتُ مصدرٍ محذوفٍ أي: إمطارًا مثلَ مطرِ السَّوْء.
وقرأ: زيد بن علي {مُطِرَت} ثلاثيًا مبنيًا للمفعولِ ومَطَرَ متعدٍ قال:
كَمَنْ بِوادِيْه بعد المَحْلِ مَمْطورِ

وقرأ أبو السَّمَّال {مَطَرَ السُّوء} بضم السين. وقد تقدَّم الكلامُ على السُّوء والسَّوْء في براءة.
وقوله: {أَتَوْا عَلَى القرية} إنما عدى أتى ب على لأنه ضُمِّنَ معنى مَرَّ. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35)}.
قلَمَّا يجري في القرآن لنبينا صلى الله عليه وسلم ذِكْرٌ إلا ويذكر الله عُقَيْبَه موسى عليه السلام. وتكررت قصته في القرآن في غير موضع تنبيهًا على علو شأنه، لأنه كما أن التخصيص بالذكر يدل على شرف المذكور فالتكرير في الذكر يوجب التفصيل في الوصف؛ لأن القصة الواحدة إذا أعيدت مراتٍ كثيرة كانت في باب البلاغة أتمَّ لاسيما إذا كانت في كل مرة فائدةٌ زائدة.
ثم بيَّن أنه قال لهما: {فَقُلْنَا اذهبآ إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا}.
أي فَذَهبا فَجَحَدَ القومُ فدمرناهم تدميرًا أي أهلكناهم إهلاكًا، وفي ذلك تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يقاسيه من قومه من فنون البلاء، ووَعْدٌ له بالجميل في أنه سَيُهْلك أعداءَه كُلَّهم.
{وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37)}.
أَحْلَلْنا بهم العقوبة كما أحللنا بأمثالهم، وعاملناهم بمثل معاملتنا لقرنائهم. ثم عَقَّبَ هذه الآيات بذكر عادٍ وثمود وأصحاب الرَّسِّ، ومَنْ ذكرهم على الجملة من غير تفصيل، وما أهلك به قوم لوطٍ حيث عملوا الخبائث... كل ذلك تطييبًا لقلبه صلى الله عليه وسلم، وتسكينًا لِسرِّه، وإعلامًا وتعريفًا بأنه سيهلك مَنْ يُعاديه، ويدمِّر مَنْ يناويه، وقد فَعَلَ من ذلك الكثير في حال حياته، والباقي بعد مُضِيِّه- عليه السلام- من الدنيا وذهابه. اهـ.